«الحر» والقوات التركية يسيطران على جبل برصايا الاستراتيجي في عفرين

إردوغان يؤكد استمرار «غصن الزيتون» حتى تطهير كامل حدود تركيا

قوات تركية وأخرى سورية داعمة لها سيطرت أمس على جبل برصايا الاستراتيجي (أ.ف.ب)
قوات تركية وأخرى سورية داعمة لها سيطرت أمس على جبل برصايا الاستراتيجي (أ.ف.ب)
TT

«الحر» والقوات التركية يسيطران على جبل برصايا الاستراتيجي في عفرين

قوات تركية وأخرى سورية داعمة لها سيطرت أمس على جبل برصايا الاستراتيجي (أ.ف.ب)
قوات تركية وأخرى سورية داعمة لها سيطرت أمس على جبل برصايا الاستراتيجي (أ.ف.ب)

حققت القوات المشاركة في عملية «غصن الزيتون» العسكرية في عفرين، تقدما أمس مع دخول العملية يومها التاسع، مستغلة تحسن الظروف الجوية. وأعلن الجيش التركي سيطرة قوات الجيش السوري الحر المدعومة من تركيا على جبل برصايا الاستراتيجي شمال شرقي عفرين وقرية قسطل جندو الواقعة إلى جنوبه، في الوقت الذي أعلن فيه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن العملية ستستمر حتى تطهير حدود تركيا بالكامل، مما يرجح طول أمدها.
وشنت المدفعية التركية أمس قصفا عنيفا على جبل برصايا بعد استهدافه بضربات جوية ومدفعية مكثفة طوال ليل السبت - الأحد، وأعلن الجيش التركي لاحقا سيطرة الجيش السوري الحر والقوات التركية على الجبل الاستراتيجي.
وتعود أهمية جبل برصايا إلى إطلالته على مدينتي أعزاز السورية وكليس جنوب تركيا حيث كانت «وحدات حماية الشعب» الكردية تستخدمه لقصف المدينتين بالصواريخ وقذائف الهاون.
وقبل تحرير برصايا، وخلال الأيام الثمانية الماضية، سيطرت القوات التركية و«الجيش الحر» على 18 نقطة خاضعة لسيطرة «وحدات حماية الشعب» الكردية؛ هي 14 قرية، ومزرعة، و3 تلال. واحتفلت القوات المسلحة التركية والجيش السوري الحر بالسيطرة على جبل برصايا برفع العلم التركي وعلم الثورة السورية على قمة الجبل.
وأعلنت رئاسة الأركان التركية في بيان بدء تمشيط جبل برصايا بعد السيطرة عليه، وأكّدت أن عملية «غصن الزيتون» مستمرة بنجاح وفق المخطط، مدعومة بغطاء جوي ومروحيات هجومية وطائرات من دون طيار مسلحة فضلاً عن القصف البري.
في المقابل، سقطت قذيفة صاروخية، أمس، على هاطاي جنوب تركيا، انطلقت من عفرين وسقطت في حديقة منزل بقرية فيدانلك التابعة لمدينة ريحانلي في هاطاي، وتسببت في أضرار مادية بالمنزل وبعض المنازل المجاورة، دون أنباء عن إصابات أو خسائر بشرية.
وأعلنت رئاسة الأركان التركية أمس ارتفاع عدد مقاتلي الميليشيات الكردية الذين تمّ «تحييدهم» في إطار عملية «غصن الزيتون»، منذ انطلاقتها في 20 يناير (كانون الثاني) الحالي، إلى 484 مقاتلا. وقالت في بيان إنّ 7 مقاتلات تركية استهدفت، ليلة أول من أمس، مواقع في منطقة عفرين، ودمرت مستودعات أسلحة وملاجئ.
وأكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن عملية «غصن الزيتون» ستستمر حتى تطهير الحدود التركية بالكامل. وأضاف، في خطاب أمام تجمع لأنصار حزب العدالة والتنمية الحاكم، بولاية أماسيا شمال البلاد، أمس، أن تركيا ليست لديها أطماع لاقتطاع أراضٍ من سوريا، مضيفا: «بلدنا يستضيف 3.5 مليون سوري، ونعمل على تأمين عودتهم إلى ديارهم».
وشدّد على أن «من يقول (لا للحرب) بالنسبة لعملية (غصن الزيتون)، يقول (نعم للظلم ونعم لسيطرة تنظيم إرهابي وتسلطه على رقاب وأعراض الأبرياء)» وأضاف: «هل تعلمون ماذا يقول أهالي عفرين بعد سماعهم تطهير جيش بلادنا قراهم من الإرهابيين؟ يقولون: جاء الأتراك نحن في أمانٍ الآن».
وأكد إردوغان أن عملية «غصن الزيتون» ستشمل مدينة منبج شمال سوريا، و«سيدفع (الإرهابيون) ثمناً باهظاً نتيجة اعتدائهم على الحدود التركية». وأشار خلال حديثه في تجمع آخر للحزب الحاكم في مدينة تشوروم وسط البلاد، إلى أن بلاده تعمل على استعادة جندي تركي أسير بيد الميليشيات الكردية مقابل أسرى بيد القوات التركية.
وذكر أن القوات التركية فقدت 7 من الجنود، كما قتل 20 من الجيش السوري الحر في عملية «غصن الزيتون» مقابل تحييد 484 من «العناصر الإرهابية».
في الوقت نفسه، وجه نائب رئيس الوزراء المتحدث باسم الحكومة التركية بكير بوزداغ انتقادات حادة للإدارة الأميركية على خلفية مواقفها وأفعالها المتناقضة من الميليشيات الكردية، مشدداً على أن بلاده سوف تنظر من الآن فصاعدا إلى الأفعال وليس الأقوال. وذلك في إشارة إلى التناقض المتزايد بين تصريحات الإدارة الأميركية التي تقول إنها تقف إلى جانب حماية الأمن التركي، وبين استمرارها في تسليح «وحدات حماية الشعب» الكردية.
وأضاف بوزداغ: «مع الأسف؛ حتى الآن التصريحات والوعود التي يعطيها المسؤولون الأميركيون لتركيا لم تتطابق بتاتاً مع تصرفاتهم على الأرض. كل فعل على الأرض كذّب تصريحاً أو وعداً قدم لنا من الإدارة الأميركية».
من جانبه، قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين، إنه ينبغي على الدول الحلفاء أن يدعموا تركيا في محاربة الإرهاب، مثلما تدعمهم هي، سواء كان مصدره تنظيم داعش، أو «الوحدات» الكردية أو «العمال الكردستاني»... أو غيرها.
وأضاف، في مقال نشرته صحيفة «ديلي صباح» التركية أمس، أنه «بينما يرى بعض الحلفاء الغربيين أن عملية (غصن الزيتون) تصرف الانتباه عن القتال ضد (داعش)، فإننا نرى أنها تتفق تماماً مع هدف القضاء على جميع التهديدات الإرهابية في سوريا، وخطوة في الاتجاه الصحيح لحماية وحدة أراضي سوريا».
وعدّ أنه ليس من حق أي دولة أن «تشكّك في مشروعية عملية (غصن الزيتون)»، لافتا إلى أن بعض الدول «أعربت عن مخاوفها إزاء حجم ومدة تلك العملية، وطلبت من تركيا تجنب إيقاع خسائر في صفوف المدنيين».
وتابع: «ليس هناك أي أساس لإثارة تلك المخاوف؛ فسجل تركيا في عملية (درع الفرات) واضح جداً، فالقوات التركية طهّرت المناطق بين جرابلس والباب من إرهابيي (داعش)، وتجنبت إيقاع خسائر في صفوف المدنيين، وأعادت المنطقة إلى أصحابها الحقيقيين». وحذّر متحدث الرئاسة التركية من أن «أولئك الذين يفشلون في رؤية تهديد (وحدات حماية الشعب) الكردية يرتكبون خطأ تاريخياً».
في سياق متصل، بحث وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، في اتصال هاتفي أمس، تطورات عملية «غصن الزيتون» في عفرين، وترتيبات مؤتمر الحوار الوطني السوري المقرر عقده في مدينة سوتشي الروسية اليوم الاثنين وغدا الثلاثاء.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.