انقلابيو اليمن يهددون بتصفية المعتقلين من عائلة صالح

الميليشيات تفرج عن مختطف أميركي

TT

انقلابيو اليمن يهددون بتصفية المعتقلين من عائلة صالح

أفادت مصادر في حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء بأن ميليشيا جماعة الحوثيين الانقلابية هددت بتصفية أقارب الرئيس الراحل علي عبد الله صالح المعتقلين لديها ردا على أي تحرك سياسي أو عسكري مناهض للجماعة يقوده نجل صالح الأكبر أحمد علي أو ابن أخيه طارق صالح.
وكشفت المصادر نفسها أن الميليشيات الحوثية منعت أول من أمس قادة قبليين في حزب «المؤتمر الشعبي» من مغادرة صنعاء على متن الطائرة العمانية التي أقلت المتحدث باسم الجماعة محمد عبد السلام إلى مسقط رفقة مواطن أميركي كانت الجماعة اعتقلته قبل أشهر، إلى جانب عشرات الجرحى من عناصر الجماعة.
ويتكهن مراقبون أن الجماعة أبرمت صفقة مع واشنطن بوساطة عمانية لإطلاق المواطن الأميركي داني لافون الذي كان يعمل في اليمن لدى شركة صافر النفطية مقابل السماح بنقل نحو مائتي جريح من عناصرها للعلاج في مستشفيات السلطنة.
وتزامنت مغادرة المتحدث الحوثي صنعاء إلى مسقط مع تحركات بريطانية يقودها وزير الخارجية بدأها من مسقط ضمن جولة خليجية تشمل السعودية، حيث يرجح أنه يحمل مبادرة للسلام في اليمن وأنه أوعز إلى المسؤولين العمانيين مناقشة خطوطها العريضة مع الميليشيات الحوثية.
وقالت المصادر التي فضلت عدم التصريح باسمها لأسباب أمنية لـ«الشرق الأوسط» إن قادة الميليشيا الحوثية أبلغوا قيادات قبلية في حزب «المؤتمر الشعبي» بأن الجماعة لن تسمح بأي دور سياسي مستقبلي لنجل الرئيس السابق أحمد علي عبد الله صالح كما هددت في الوقت نفسه بتصفية أقارب صالح المعتقلين إذا انخرط ابن أخيه طارق صالح في مواجهة الجماعة عسكريا إلى جانب قوات التحالف العربي وقوات الحكومة الشرعية.
ويقيم نجل صالح الأكبر في دولة الإمارات العربية منذ انتهاء عمله سفيرا لليمن لديها، في وقت تقود فيه قيادات في حزب «المؤتمر الشعبي» الذي أسسه والده تحركات مستمرة بين عدة عواصم خليجية وعربية في محاولة للدفع به إلى واجهة العمل السياسي ضمن قيادات الحزب المناهضة للوجود الحوثي.
وتتضمن التحركات جهودا دبلوماسية موازية لدى سفراء الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي لرفع العقوبات الأممية المفروضة على أحمد علي صالح والتي تتضمن المنع من السفر وتجميد الأرصدة حتى يتمكن من ممارسة نشاطه المرتقب في مواجهة الميليشيات الحوثية التي قتلت والده ونكلت بأقاربه في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وكان طارق محمد صالح الذي تولى في السابق حراسة عمه علي عبد الله صالح وقيادة القوات الموالية له نجا من قبضة الحوثيين وظهر بعد نحو شهر من مقتل عمه في محافظة شبوة مؤكدا أنه سيمضي على دربه ملتزما بوصيته التي دعا فيها إلى مواجهة الحوثيين وفتح صفحة جديدة مع دول التحالف العربي لإحلال السلام في اليمن.
ويقول مقربون من طارق إنه بدأ فعليا في تجميع القوات الموالية له من عناصر ما كان يعرف بـ«الحرس الجمهوري» و«القوات الخاصة» في معسكرات أعدت في منطقة خاضعة للحكومة الشرعية وقوات التحالف لاستقبال الجنود والضباط الفارين في مناطق سيطرة الحوثيين تمهيدا للانخراط في المعركة ضد الميليشيات الانقلابية في سياق الثأر لعمه.
وتتخوف الجماعة الموالية لإيران من أي تحرك لنجل صالح الأكبر يؤدي إلى توحيد شتات حزب «المؤتمر الشعبي» الذي تحاول الجماعة في صنعاء أن تجعل من جناحه الموالي للرئيس السابق ذراعا سياسية تابعة لها بما في ذلك نواب البرلمان وبقية القيادات التي بات أغلبها - كما يقول ناشطو الحزب - في حكم المقيمين إجباريا تحت سطوة الميليشيات مما يجعل أي مواقف لهم غير معبرة عن إرادتهم الحقيقية.
وفي سياق المساعي التي يعتقد أنها ترمي إلى إبراز نجل صالح إلى الواجهة السياسية في اليمن جاءت أول من أمس زيارة نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف لنجل صالح في أبوظبي.
وأفادت وكالة الأنباء الإماراتية بأن بوغدانوف قدم خلال الزيارة لأحمد علي صالح «واجب العزاء في وفاة والده الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح الذي اعتبر فقدانه خسارة كبيرة بوصفه شخصية محورية في اليمن والمنطقة وأهم مفاتيح الحل للقضية اليمنية».
وقالت الوكالة إن المسؤول الروسي «شدد على الدور الذي يمكن أن يلعبه حزب المؤتمر الشعبي العام من أجل التوصل إلى حل في اليمن... ونوه في الوقت نفسه إلى دعم روسيا للجانب الإنساني في اليمن لرفع المعاناة عن شعبها».
ولا يزال المتمردون الحوثيون يعتقلون نجلي الرئيس السابق مدين وصلاح، وابن شقيقه محمد محمد صالح، وابن نجل شقيقه، عفاش طارق صالح، ويرفضون الإفراج عنهم منذ اعتقالهم الشهر الماضي عقب المواجهات الدامية التي قتل فيها الرئيس السابق وعدد من أنصاره الحزبيين والعسكريين.
وتحت إلحاح من قيادات قبلية وحزبية وافقت الجماعة أخيرا على تحسين ظروف اعتقالهم حيث أفادت مصادر في حزب «المؤتمر» أن الميليشيات نقلت أقارب صالح الأربعة إضافة إلى أقارب له من الدرجة الثانية إلى معتقل خاص في أحد المنازل ووضعتهم تحت حراسة مشددة.


مقالات ذات صلة

«مركز الملك سلمان» يوقع اتفاقيات لتعزيز التعليم والصحة في اليمن

العالم العربي مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)

«مركز الملك سلمان» يوقع اتفاقيات لتعزيز التعليم والصحة في اليمن

وقع «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، اتفاقيات متنوعة لتعزيز القطاع التعليمي والطبي في محافظات يمنية عدة يستفيد منها ما يزيد على 13 ألف فرد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي انتهاكات جسيمة بحق الصحافة والصحافيين ارتكبتها الجماعة الحوثية خلال سنوات الانقلاب والحرب (إعلام محلي)

تأسيس شبكة قانونية لدعم الصحافيين اليمنيين

أشهر عدد من المنظمات المحلية، بالشراكة مع منظمات أممية ودولية، شبكة لحماية الحريات الصحافية في اليمن التي تتعرّض لانتهاكات عديدة يتصدّر الحوثيون قائمة مرتكبيها.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أطفال مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خلال مشاركتهم في مخيم ترفيهي (فيسبوك)

الموت يهدّد آلاف مرضى السرطان في إب اليمنية

يواجه الآلاف من مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خطر الموت بسبب إهمال الرعاية الطبية وسط اتهامات للجماعة الحوثية بنهب الأدوية والمعونات

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي طالبات جامعة صنعاء في مواجهة قيود حوثية جديدة (غيتي)

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

بدأت الجماعة الحوثية إجراءات جديدة لتقييد الحريات الشخصية للطالبات الجامعيات والتضييق عليهن، بالتزامن مع دعوات حقوقية لحماية اليمنيات من العنف.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».