العلاقات الأميركية ـ الروسية بين تصريحات «تطبيعية» وواقع «تصعيدي»

روسيا ترد على الاتهامات الأميركية بشأن التعاون العسكري مع ميانمار

وزير الدفاع الفيتنامي نغو شوان ليتش (يمين) مصافحاً نظيره الروسي سيرغي شويغو في هانوي يوم الأربعاء الماضي (إ.ب.أ)
وزير الدفاع الفيتنامي نغو شوان ليتش (يمين) مصافحاً نظيره الروسي سيرغي شويغو في هانوي يوم الأربعاء الماضي (إ.ب.أ)
TT

العلاقات الأميركية ـ الروسية بين تصريحات «تطبيعية» وواقع «تصعيدي»

وزير الدفاع الفيتنامي نغو شوان ليتش (يمين) مصافحاً نظيره الروسي سيرغي شويغو في هانوي يوم الأربعاء الماضي (إ.ب.أ)
وزير الدفاع الفيتنامي نغو شوان ليتش (يمين) مصافحاً نظيره الروسي سيرغي شويغو في هانوي يوم الأربعاء الماضي (إ.ب.أ)

واصلت العلاقات الأميركية - الروسية تأرجحها بين تصريحات سياسية تؤكد ضرورة التطبيع والتعاون بين البلدين، وخطوات عملية تجعل التطبيع المأمول أبعد من أي وقت مضى، وفي غضون ذلك تنضم إلى الخلافات بين البلدين ملفات جديدة، مثل ميانمار والتعاون العسكري الروسي معها، ما أدى إلى تصعيد حدة السجال بين موسكو وواشنطن. وكان لافتا أن أعلنت وزارة الخزينة الأميركية أمس عن توسيع عقوباتها ضد روسيا، وإضافة 21 شخصية طبيعية و21 شخصية اعتبارية إلى قائمة العقوبات، بالتزامن مع عرض السفير الأميركي في موسكو، رؤيته لما يجب أن تكون عليه العلاقات بين البلدين. وفي مقال نشره في صحيفة «موسكو تايمز» الروسية، الصادرة باللغة الإنجليزية، قال جون هانستمان إن العلاقات بين البلدين بلغت مستويات متدنية للغاية، وأضاف: رغم ذلك «أنا على يقين بأنه ليس فقط بوسعنا تحسين العلاقات، بل ويتحتم علينا فعل ذلك».
وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين أمس الجمعة إن روسيا ملتزمة بقواعد القانون الدولي، وذلك ردا على سؤال بشأن الاتهامات الموجهة لموسكو بإعادة تصدير فحم من كوريا الشمالية. وأضاف بيسكوف مخاطبا الصحافيين في مؤتمر عبر الهاتف «روسيا عضو مسؤول بالمجتمع الدولي». وكانت رويترز قد ذكرت في وقت سابق أن كوريا الشمالية شحنت فحما إلى روسيا العام الماضي جرى تسليمه بعد ذلك إلى كوريا الجنوبية واليابان في انتهاك على الأرجح لعقوبات الأمم المتحدة على بيونغ يانغ.
في غضون ذلك يستمر السجال وتبادل الاتهامات حول أكثر من ملف، في الواقع العملي للعلاقات بين البلدين. وأصدرت وزارة الخارجية الروسية بيانا أمس ردت فيه على تصريحات هيذر نورت، المتحدة الرسمية باسم وزارة الخارجية الأميركية، التي انتقدت صادرات الأسلحة الروسية إلى حكومة ميانمار، وقالت إن مثل هذه الأمر من شأنه تعميق الأزمة هناك. وأثار الإعلان الروسي عن التعاون العسكري مع ميانمار، وتزويدها بأسلحة حديثة فتاكة، استياء عدد من دول العالم، التي عبرت عن قلقها إزاء الخطوة الروسية، في ظل استمرار النزاع في ميانمار بن السلطات وأقلية الروهينغا المسلمة، وسط أنباء حول مجازر جماعية بحق تلك الأقلية. وانتقدت الولايات المتحدة التعاون العسكري بين البلدين، وقالت هيذر نويرت، المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، في تصريحات لوكالة «ريا نوفوستي»: «بينما تسعى غالبية دول العالم لتسوية سياسية للنزاع في ميانمار، هناك دول مستعدة لاتخاذ خطوات قد تؤدي إلى تعميق المعانة وعدم الاستقرار»، في إشارة منها لروسيا، وأضافت أن الوضع في تلك البلد «يشكل فرصة لروسيا كي تظهر التضامن عبر المساعدات الإنسانية، لا أن تزيد من خطورة الوضع على حساب بيع السلاح». وأكدت أن بلادها جمدت منذ زمن تقديم مساعدات عسكرية لسلطات ميانمار، وأن الولايات المتحدة تريد من العسكريين هناك أن يقوموا بخطوات جدية تؤكد مراعاتهم لحقوق الإنسان وسعيهم للمصالحة الوطنية والديمقراطية.
وفي ردها على تصريحات هيذر، قالت الخارجية الروسية إن «روسيا تشارك بفعالية في جهود المجتمع الدولي الرامية إلى تطبيع الوضع في ميانمار، وتساهم بالوسائل السياسية، وباحترام سيادة ميانمار، في حل المشاكل المعقدة في إقليم الروهينغا». ودافعت الخارجية الروسية في بيانها عن التعاون العسكري مع ميانمار، وقالت إنه «مكون شرعي للعلاقات بن الدول، ما دام لا يشكل الأمر انتهاكا لقرارات مجلس الأمن الدولي»، وبررت خطوتها وتصدير أسلحة لميانمار بأنها «خاضعة لإملاءات الهدف بتعزيز القدرات الدفاعية لتلك البلد». وسخر البيان من تصريحات المتحدثة باسم الخارجية الأميركية وقال: «إن رؤية رابط بين تصدير أسلحة روسية إلى ميانمار، وزيادة معاناة المدنيين هناك، أمر لا يقدر عليه سوى الزملاء من الخارجية الأميركية أصحاب المخيلة الغنية». وفي الختام أشارت الخارجية الروسية إلى صادرات الأسلحة الأميركية إلى دول جنوب - شرقي آسيا، وقالت إن واشنطن ما زالت تصدر الأسلحة إلى دول المنطقة، وتعزز وجودها العسكري هناك.
وانطلق الجدل بين موسكو وواشنطن حول هذه القضية، على خلفية زيارة أجراها وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو إلى ميانمار في 20 يناير (كانون الثاني) الجاري، ومحادثاته هناك مع قائد القوات المسلحة أونغ هلاين، التي أكد في ختامها أن «التعاون العسكري بين البلدين يسجل وتيرة إيجابية ملحوظة».
وبعد أيام على تلك الزيارة، كشف ألكسندر فومين، نائب وزير الدفاع الروسي عن قرار بتسليم ميانمار ست مقاتلات حديثة روسية الصنع من طراز «سو - 30»، وقال إن السلطات في ميانمار تبدي كذلك اهتماماً بأنواع أخرى من الأسلحة الروسية، من بينها الزوارق الحربية، والمعدات البحرية والبرية، ولفت إلى أن المقاتلات الروسية «سو - 30» ستشكل قوة أساسية في سلاح الجوي لميانمار، ورأى أن هذا من شأنه تعزيز قدراتها على مكافحة الإرهاب. وعبر عن قناعته بأن التعاون بين البدين في المجال التقني - العسكري سيسهم في تحسين وضع قوات ميانمار، وتزويدها بأسلحة روسية حديثة.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.