ملك الأردن: السعودية ترسم الخطوط الحمراء لنشاط إيران في المنطقة

قال إن الجميع ينتظر إعلان الأميركيين خطتهم بشأن القدس

العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني خلال حديثه في منتدى دافوس أمس (أ ف ب)
العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني خلال حديثه في منتدى دافوس أمس (أ ف ب)
TT
20

ملك الأردن: السعودية ترسم الخطوط الحمراء لنشاط إيران في المنطقة

العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني خلال حديثه في منتدى دافوس أمس (أ ف ب)
العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني خلال حديثه في منتدى دافوس أمس (أ ف ب)

قال العاهل الأردني عبد الله الثاني أمس، إن السعودية تنتهج سياسية المبادرة في الشرق الأوسط، وإنها ترسم «خطوطا حمراء» لأنشطة إيران المقلقة.
وذكر الملك عبد الله الثاني في جلسة حوارية مع صحافي شبكة «سي إن إن» فريد زكريا في إطار منتدى دافوس للاقتصاد العالمي أمس، أن السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز تنتهج سياسية المبادرة، بشكل لم نشهده منذ فترة. ولفت إلى تدخل السياسات الإيرانية في عدد من الدول العربية، محذرا من خطر استخدامها للميليشيات وإقحام الدين في قضايا المنطقة. وأضاف أن السعودية ليست الوحيدة القلقة من أنشطة إيران المزعزعة، بل جميع الدول في المنطقة، «خاصة بعدما رأينا تداعيات هذه السياسات في سوريا والعراق واليمن ولبنان». وتابع: «أعتقد أن سياسة السعودية تقوم على رسم الخطوط الحمراء».
وعن تكهنات حول تغيير إيران استراتيجيتها في المنطقة بعد موجة الاحتجاجات التي اجتاحت مدنها أخيرا، استبعد الملك الأردني أن تغير إيران السياسة الخارجية التي اعتمدتها منذ عقود. وأوضح أنه لا يعتقد أن سياسات إيران تشهد تغييرا كبيرا، وأن مقاربتيها الداخلية والخارجية مختلفتان. وتابع: «نؤمن في الأردن بأن الحوار هو أفضل طريقة لحل المشكلات، لكن سياسة إيران تطرح تحديات كبرى في سوريا ولبنان واليمن»، لافتاً إلى أن «هناك قلقا حول مستقبل لبنان التي عانت بشكل كبير خلال العقود الماضية، ولا نريد أن تتسبب هذه التوجهات (الإيرانية) في خلق مشكلات جديدة بالداخل اللبناني».
وعن القدس، قال العاهل الأردني إن الفلسطينيين لا يرون في الولايات المتحدة وسيطا عادلا، بعد إعلان واشنطن القدس عاصمة لإسرائيل وقرارها نقل سفارتها من تل أبيب، مجددا تمسكه بحل ملف القدس في إطار حل شامل بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وقال الملك إن «الجميع ينتظر إعلان الأميركيين خطتهم»، مضيفا أن «المشكلة الآن الإحباط الكبير الذي يعانيه الفلسطينيون الذين لا يشعرون بأن الولايات المتحدة وسيط عادل، لكنهم في الوقت ذاته توجهوا للأوروبيين؛ وهذا يدل على أنهم متمسكون بالسلام».
ورأى الملك أنه «لا يمكن أن تكون هناك عملية سلام أو حل سلمي من دون دور الولايات المتحدة»، مؤكدا أهمية العمل على «بناء الثقة بين الفلسطينيين وواشنطن لنتمكن من إعادة الأميركيين والفلسطينيين والإسرائيليين إلى طاولة المفاوضات».
وشكك العاهل الأردني في مدى قبول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حل الدولتين لتسوية النزاع مع الفلسطينيين. وقال الملك عبد الله الثاني، ردا على سؤال حول ما إذا كان يعتقد أن نتنياهو «يؤمن أو آمن يوما بحل الدولتين»، إن «مما نراه اليوم، ولا أريد أن نطلق أحكاما، لدي شك بذلك». وأضاف أنه «حتى في الوقت الذي يرينا الأميركيون فيه الجزء الآخر من الخطة، أعتقد أن التحدي الذي يواجهونه مع الإسرائيليين هو، إذا صح القول، إعطاء شيء جيد للفلسطينيين. وأعتقد أنه، آنذاك، سنرى إذا كان الإسرائيليون سيقبلون».
كما شدد الملك عبد الله الثاني على أهمية القدس بالنسبة لجميع الأديان، ودورها المركزي لدى المسلمين والمسيحيين واليهود، لافتا إلى ضرورة النظر إلى القدس كـ«مدينة أمل» تجمع الناس، ومحذرا من أن «القدس إذا لم تجمعنا، فإنها ستخلق المزيد من العنف كما لم نرَ سابقا».
وعن سوريا، شدد العاهل الأردني على ضرورة التمسك بمسار جنيف وإحيائه، معتبرا إياه الطريق الوحيد للوصول إلى حل سياسي، وداعيا نظام بشار الأسد إلى المشاركة فيه. وردا على ما إذا كانت روسيا انتصرت في سوريا، قال الملك إنه لا يوجد رابح في سوريا. وأشار إلى نجاح الأردن والولايات المتحدة وروسيا في إنشاء مناطق خفض التصعيد في جنوب سوريا، معتبرا أن التحدي الآن هو المضي قدما في العملية السياسية ضمن «جنيف».
وناقش ملك الأردن وزكريا كذلك الخطاب الأميركي حول الإسلام، وتغريدات نشرها الرئيس الأميركي دونالد ترمب في السابق التي قد تبدو محرضة على هذه الديانة. وقال الملك عبد الله الثاني إن الإسلام ليس دين كراهية، لافتا إلى أن المسلمين يؤمنون بكل الأنبياء وأنهم يكررون عشرات المرات يوميا تحية «السلام عليكم»، مضيفا أن المسلمين، مثل غيرهم من المواطنين في الولايات المتحدة والعالم، يبحثون عن العيش الكريم.
في المقابل، أشار الملك إلى ما وصفه بـ«حرب أهلية داخل الإسلام» بين المسلمين والمتشددين، الذين يشكلون خطرا على المسلمين وغير المسلمين. وحذر الملك من عزل مسلمي أميركا وشعورهم بالعزلة بسبب طبيعة الخطاب السياسي، مشيرا إلى أن ذلك قد يؤدي إلى تعقيد التحديات الموجودة.
وعن اليمن، أشار الملك إلى الاجتماع الذي نظمته السعودية أخيرا حول معالجة الأزمة الإنسانية، والتي أعلنت خلاله عن تخصيص 1.5 مليار دولار لهذه الجهود. وقال إن دول مجلس التعاون تعمل على إيجاد حل سياسي لإنهاء الحرب في اليمن، وإنه يجب دعمهم في ذلك.
إلى ذلك، تطرق الملك في الجلسة الحوارية إلى ما يسمى بـ«الربيع العربي»، وقال إنه كان تعبيرا من شباب المنطقة عن حاجتهم إلى التغيير الذي يستحقونه، إلا أن تنظيمات دينية تحمل أجندة متطرفة «خطفت» هذا التحرك. ولفت العاهل الأردني إلى أن أفريقيا تمثل نموذجا جيدا للشرق الأوسط، وقال إن «الدول الأفريقية تتحدث بينها، وتتشارك في التجارة ومكافحة الإرهاب (...) إنهم يدلوننا إلى الطريق الصحيح».



«هدنة غزة»: الوسطاء يضغطون لإبرام اتفاق رغم «تهديدات نتنياهو»

فتيات فلسطينيات ينظرن إلى أنقاض مبانٍ دمرتها غارات إسرائيلية في بيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)
فتيات فلسطينيات ينظرن إلى أنقاض مبانٍ دمرتها غارات إسرائيلية في بيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)
TT
20

«هدنة غزة»: الوسطاء يضغطون لإبرام اتفاق رغم «تهديدات نتنياهو»

فتيات فلسطينيات ينظرن إلى أنقاض مبانٍ دمرتها غارات إسرائيلية في بيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)
فتيات فلسطينيات ينظرن إلى أنقاض مبانٍ دمرتها غارات إسرائيلية في بيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)

​ «مساعٍ حثيثة» من الوسطاء لعودة التهدئة في قطاع غزة، تقابلها تهديدات من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بـ«سحق حماس»، ورفض إقامة دولة فلسطينية، وتسريبات بوسائل إعلام بلاده عن رفض مقترح الحركة بصفقة شاملة لتبادل الرهائن والأسرى تصل إلى 5 سنوات.

ذلك التباين الذي يصل إلى ذروته مع قرب زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بعد نحو أسبوعين، يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، محاولة متعمدة من نتنياهو لعدم تهديد مستقبله السياسي الذي يقف على حافة الانهيار، غير أنهم يرون أن ضغوط واشنطن، وتكثيف الوسطاء الجهود لحلول توافقية، مع دعم دولي قبل الزيارة المرتقبة للمنطقة، ستسهم في الذهاب لاتفاقات مرحلية وهدنة إنسانية وأخرى مؤقتة مع تضمينها إنهاء الحرب، خصوصاً أن البيت الأبيض غير راغب في صراع مفتوح من دون سقف، حرصاً على مصالحه بالشرق الأوسط.

ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، الاثنين، عن مصدر سياسي ببلادها، قوله إن حكومة نتنياهو «ترفض مقترحاً لوقف إطلاق النار بغزة 5 سنوات يشمل إعادة كل المخطوفين»، مؤكداً أنه «لا فرصة للسماح لـ(حماس) بعودة التسلح والانتعاش».

فلسطينيون يصلّون بجانب جثامين قتلوا في غارات إسرائيلية ببيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يصلّون بجانب جثامين قتلوا في غارات إسرائيلية ببيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)

وجاء الرفض بعد ساعات من خطاب مطول ألقاه نتنياهو، أكد خلاله أمرين هما: «سحق حماس» و«رفض الدولة الفلسطينية»، قائلاً: «فكرة أن الدولة الفلسطينية ستجلب السلام هي فكرة هراء، ولقد جربناها في غزة، سيتم سحق (حماس)، ولن نضع السلطة الفلسطينية هناك. لن نستبدل بنظام يريد تدميرنا، آخر يريد القيام بذلك».

لكن عائلات الأسرى الإسرائيليين، رفضت في بيان صحافي الاثنين، مسار نتنياهو الذي وصل إلى ذروته برفض المقترح، مع استمرار العد التنازلي لزيارة ترمب للسعودية، وقطر، والإمارات، في الفترة من 13 إلى 16 مايو (أيار) المقبل، حسب إعلان البيت الأبيض أخيراً، وقالت العائلات: «نطالب بإعادة المخطوفين دفعة واحدة وإنهاء الحرب، وندعو للتظاهر مساء الأربعاء في تل أبيب للمطالبة بإعادة المخطوفين».

وكان مصدر مطلع بـ«حماس» كشف لـ«الشرق الأوسط»، الأحد، أن الحركة «قدمت عبر الوسيط المصري، خلال لقاء السبت، رؤيتها الشاملة لإنهاء الحرب»، متضمنة مبادرة متكاملة تنص على «تنفيذ صفقة تبادل تشمل جميع الأسرى الإسرائيليين مقابل وقف العدوان، وانسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة، وتأمين الإغاثة العاجلة للشعب الفلسطيني، والقبول بهدنة طويلة الأمد تتراوح بين 5 إلى 7 سنوات».

وتتضمن الرؤية «الالتزام بالرؤية المصرية لإدارة قطاع غزة من خلال (لجنة إسناد مجتمعي)، مع تأكيد (حماس) عدم مشاركتها في هذه الإدارة ودعم جهود إعادة الإعمار، وتقديم ضمانات واضحة وقابلة للتنفيذ، بما يسهّل تطبيق الاتفاق»، بحسب المصدر المطلع.

وجاءت زيارة «حماس» إلى القاهرة للمرة الثانية خلال أسبوع، بعد أيام من زيارة لتركيا ولقاء وزير الخارجية التركي، وتلاه تأكيد مصدرين من الحركة لـ«الشرق الأوسط»، وقتها، أن الحركة تريد دعماً من تركيا، لنقل رؤيتها إلى إدارة ترمب بشأن «الصفقة الشاملة» في ظل «العلاقات الجيدة بينهما».

الخبير المختص في الأمن الإقليمي والدولي اللواء أحمد الشحات، يرى أن ما يصدر عن إسرائيل هو إصرار على استمرار الحرب والتوسع في احتلال غزة، ومحاولة لإفشال ضغوط الوسطاء التي تتواصل، ومحاولة لـ«استفزاز حماس» للتعنت وتحميلها أمام ترمب فشل أي مفاوضات.

وبرأي المحلل السياسي الفلسطيني في الشأن الإسرائيلي، نهرو جمهور، فإن تهديدات نتنياهو والتسريبات الإسرائيلية محاولة لإعاقة جهود الوسطاء والإبقاء على الحرب ولو لمائة عام، بهدف منع أي اتفاق شامل قد يجعل رئيس وزراء إسرائيل في مواجهة مساءلات داخلية تهدد بقاءه السياسي، مشيراً إلى أنه يدرك أن صفقة الـ5 سنوات كفيلة بأن تزيله هو شخصياً، وتجعله تحت المساءلة، وبالتالي يرفضها كلياً، وقد يرغب في اتفاق مرحلي للتهدئة دون التزام بوقف إطلاق النار استجابة لترمب قبل زيارته المنطقة.

في المقابل، لا يزال الوسطاء يتمسكون بممارسة مزيد من الضغوط وسط دعم دولي يتوسع لدعم ذلك المسار، وقال رئيس الوزراء القطري ووزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في كلمة بمؤتمر بالدوحة الاثنين، إن قطر ستواصل بالشراكة مع مصر والولايات المتحدة والشركاء الإقليميين جهودها الحثيثة للتوصل إلى وقف دائم وشامل لإطلاق النار في غزة، وتأمين تدفق المساعدات دون عوائق إلى القطاع.

وبالتزامن، دعت الحكومة الفرنسية نظيرتها في إسرائيل، إلى وقف «المذبحة» التي تجري في غزة، وأكدت «الخارجية» البريطانية أنه سيتم توقيع مذكرة تفاهم «تاريخية» مع الجانب الفلسطيني، تُكرّس الالتزام بتعزيز الدولة الفلسطينية في إطار حل الدولتين، بحسب وسائل إعلام غربية.

وانهار اتفاق لوقف إطلاق النار في 18 مارس (آذار) الماضي، عندما استأنفت إسرائيل قصف غزة، ورفضت دخول المرحلة الثانية الممهدة لإنهاء الحرب، ولم تنجح مقترحات مصرية وإسرائيلية وأميركية في مارس الماضي، وأوائل أبريل (نيسان) الحالي، في حلحلة الأزمة، بخلاف رفض «حماس» في 17 أبريل الحالي، اقتراحاً إسرائيلياً يتضمَّن هدنةً لمدة 45 يوماً، في مقابل الإفراج عن 10 رهائن أحياء.

ويرى اللواء الشحات أن الوسطاء يحاولون حشد المجتمع الدولي والإقليمي، ويحثون واشنطن للضغط على إسرائيل في بند الملف الإنساني لترجمته لهدنة إنسانية في أقرب وقت، مع كبح جماحها في الحرب وتقديم مقترحات توافقية تستغل زيارة ترمب للمنطقة، ورغبته في تحقيق نصر سياسي له بالضغط على نتنياهو للذهاب لاتفاق مرحلي، متضمناً بحث إنهاء الحرب، مؤكداً أن الأخير وصل بهذا الرفض إلى الذروة، وقد يسفر عنه تدخل ترمب ليعلن أنه صاحب تحقيق الهدنة.

وبحسب نهرو جمهور، فإن الوسطاء سيواصلون الضغط لإقناع الطرف الفلسطيني بإبرام اتفاقات مرحلية تمهد لاتفاق شامل، وكذلك بالضغط على الجانب الأميركي لتحجيم رغبات نتنياهو في استمرار الحرب، معتقداً أن واشنطن ليست لديها رغبة في استمرار الصراع لما لا نهاية، وقد تنتصر للمعارضة الإسرائيلية بترتيبات جديدة بالمنطقة؛ منها اتفاق شامل لو استمر تعنت نتنياهو، أو إجباره على اتفاق ولو بشكل مرحلي.