«حزب الله» يخذل عون انتخابياً في جزين

بري يسعى للانتقام... وبهية الحريري وأسامة سعد يحسمان فوزهما

الرئيس اللبناني ميشال عون التقى بالجالية اللبنانية خلال زيارته إلى الكويت أول من أمس (أ.ف.ب)
الرئيس اللبناني ميشال عون التقى بالجالية اللبنانية خلال زيارته إلى الكويت أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

«حزب الله» يخذل عون انتخابياً في جزين

الرئيس اللبناني ميشال عون التقى بالجالية اللبنانية خلال زيارته إلى الكويت أول من أمس (أ.ف.ب)
الرئيس اللبناني ميشال عون التقى بالجالية اللبنانية خلال زيارته إلى الكويت أول من أمس (أ.ف.ب)

تُعتبر دائرة صيدا – جزين الانتخابية إحدى أبرز الدوائر الـ15 التي ستشهد معركة تتخذ طابع «تصفية حسابات» بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والمجلس النيابي نبيه بري، ما سيضع «حزب الله» في موقف لا يُحسد عليه، خاصة أنّه سيُضطر لتجيير أصوات مناصريه لإحدى اللائحتين التي ستكون إحداهما مدعومة من «التيار الوطني الحر» والأخرى من حركة «أمل».
وقد خُصص للدائرة المذكورة والتي تشمل وفق القانون الانتخابي الجديد قضاءي صيدا وجزين، 5 مقاعد انتخابية موزعة ما بين 2 للسنة، 2 للموارنة ومقعد للكاثوليك. ويؤكد خبراء انتخابيون أن توزيع الحصص بين القوى السياسية شبه محسوم، على أن تكون المعركة على مقعد واحد، يُرجح أن يكون المقعد الماروني الثاني الذي سيشهد على تجدد الصراع بين عون وبري خاصة أن الأخير يدعم علنا المرشح إبراهيم عازار فيما يدعم الأول مرشحي «التيار الوطني الحر» زياد أسود وأمل أبو زيد.
وقد انتهى الصراع الانتخابي بين الزعيمين في عام 2009 لمصلحة عون، لذلك يصب رئيس البرلمان كل جهوده لـ«الانتقام من الخسارة السابقة وتصفية حسابات كثيرة مع رئيس الجمهورية، لعل آخرها مرتبط بأزمة مرسوم ضباط دورة 1994».
ويصوت في دائرة صيدا - جزين نحو 121 ألف ناخب موزعين ما بين 62 ألفا في صيدا و59 ألفا في جزين. ويتركز الثقل المسلم في صيدا بمقابل ثقل مسيحي في جزين.
ويتحدث الباحث في «الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين عن معركة على مقعد واحد في هذه الدائرة باعتبار أن آخر المعطيات تفيد عن تشكيل ما بين 5 و6 لوائح، أبرزها لائحة تضم تيار «المستقبل» إلى «التيار الوطني الحر» ستكون قادرة على تأمين 3 مقاعد من أصل 5، ولائحة تضم الأمين العام للتنظيم الشعبي الناصري أسامة سعد إلى المرشح إبراهيم عازار وهي لائحة ستكون مدعومة وبشكل رئيسي من حركة «أمل»، وستتمكن بحسب شمس الدين من كسب مقعدين. ويشير شمس الدين في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «في اللائحة الأولى يُمكن حسم فوز النائب بهية الحريري وأحد النواب الموارنة، فيما يُمكن حسم فوز أسامة سعد في الثانية، على أن ينحصر الصراع حول أحد المقاعد الكاثوليكي أو الماروني، علما بأن عون وبري يركزان اهتمامهما على كسب المقعد الماروني».
ولا تقتصر المعركة الانتخابية في دائرة الجنوب الأولى (صيدا - جزين) على اللائحتين المذكورتين، إذ يُتوقع أن تشكل «الجماعة الإسلامية» لائحة كما «القوات اللبنانية»، إلا أن شمس الدين يستبعد أن تتمكن أي من هذه اللوائح أو غيرها من تأمين الحاصل الانتخابي الذي يبلغ نحو 14 ألف صوت والذي يخولها بإيصال نائب على الأقل إلى الندوة البرلمانية.
وتتجه الأنظار في هذه الدائرة إلى ترجيح اصطفاف «حزب الله» إلى جانب «أمل» بوجه «الوطني الحر»، علما بأن الحزب حاول في معظم الدوائر تفادي إحراجه باتخاذ موقع مماثل إلا أنه لا يبدو أنه سينجح بذلك في دائرة صيدا – جزين نظرا لتعقيداتها. وتقول مصادر في قوى 8 آذار مقربة من «حزب الله» أن الحزب حسم موقفه لجهة عدم إعطاء أصواته لأي لائحة تضم تيار «المستقبل» وإن كانت تضم حليفه الوطني الحر». وأضافت المصادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «هذا موقف مبدئي بالنسبة للحزب ويأتي ردا على الموقف الذي اتخذه (المستقبل) في هذا المجال حين كان سباقا برفض أي تحالفات انتخابية ولو موضعية مع الحزب، وبالتالي لا شك أن هذا القرار سينسحب على الدائرة المذكورة والتي سيدعم فيها الحزب بوضوح اللائحة التي تضم النائب السابق أسامة سعد».
وتشير الأرقام إلى وجود 10 آلاف ناخب شيعي في دائرة الجنوب الأولى موزعين ما بين 2000 أو 2500 في صيدا ونحو 7000 في جزين بينهم 5000 محسوبون على «حزب الله»، سيكون صوتهم مؤثرا في حسم هوية المرشح الماروني الثاني كما الكاثوليكي.
ويعتبر الخبير الانتخابي أنطوان مخيبر أن تيار «المستقبل» قادر وحده على تأمين مقعد سني وآخر ماروني في هذه الدائرة، فيما «الوطني الحر» غير قادر وحده إلا على الفوز بمقعد ماروني واحد، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه لا حظوظ لا لـ«القوات» ولا للمجتمع المدني في صيدا - جزين لعدم قدرتهما على تأمين الحاصل الانتخابي. ويضيف: «كذلك هناك مشكلة داخلية يواجهها التيار الوطني الحر الذي حسم على ما يبدو ترشيح النائبين زياد أسود وأمل أبو زيد، ولم يحسم بعد مرشحه عن المقعد الكاثوليكي»، وإن كان يتم التداول الجدي باسم جاد صوايا.
ويتخوف بعض العونيين من حصول صراع بين أسود وأبو زيد إذا ما سعى كل منهما لحث الناخبين العونيين على منحه صوتهم التفضيلي، في حال اقتناعها بإمكانية نجاح مرشح «أمل»، إبراهيم عازار، بحصد أحد المقعدين المارونيين، لتتحول المعركة بذلك إلى داخلية حزبية على المقعد الثاني.



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».