مدينة بني ملال للباحثين عن جمال الطبيعة والهدوء وسط المغرب

جولة في عين أسردون الساحرة

عين أسردون من أهم معالم المدينة السياحية والترفيهية
عين أسردون من أهم معالم المدينة السياحية والترفيهية
TT

مدينة بني ملال للباحثين عن جمال الطبيعة والهدوء وسط المغرب

عين أسردون من أهم معالم المدينة السياحية والترفيهية
عين أسردون من أهم معالم المدينة السياحية والترفيهية

ليست مدينة ساحلية على المحيط الأطلسي أو البحر المتوسط، تحظى بسمعة وشهرة كبيرة داخل المغرب وخارجها، لكنها مدينة داخلية تتوسط المملكة الواقعة في أقصى شمال غربي القارة الأفريقية، إنها مدينة بني ملال، التي تزينها الجبال الشاهقة، وعيون المياه العذبة الطبيعية، والوديان الخضراء الواسعة المزروعة بأشجار الزيتون، التي تخطف الأبصار من الوهلة الأولى. بني ملال، مدينة قديمة يجتمع فيها التراث والتاريخ، مع الجمال الطبيعي، حيث استطاعت أخيرا جذب آلاف السياح الباحثين عن الطبيعة الخلابة والهدوء، وتتمتع بمناخ صحي معظم شهور السنة نظرا لكثافة الأشجار بمحيط المدينة، وأعلى مرتفعات بعض أجزاء سلسلة جبال الأطلس.
تبعد بني ملال نحو 200 كيلومتر، عن مدينة الدار البيضاء (العاصمة الاقتصادية والتجارية للمغرب)، وللوصول إلى بني ملال، من تلك المدينة الكبيرة المعروفة أيضا باسم «كازابلانكا»، من الممكن أن يسلك الزائرون طريقين، الأول الطريق «السيّار»، كما يطلقون عليه في المغرب، وهو طريق سريع وجديد، ومراقب بشكل جيد من قبل عناصر الشرطة والمرور، لمراقبة تجاوز السرعات المقررة، وهو طريق اقتصادي برسوم مادية، بينما يوجد طريق «وطني» آخر، دون رسوم مالية، يمر من مدن وقرى كثيرة، وهو ملاذ جيد للمسافرين والمواطنين غير الراغبين في دفع رسوم الطريق «السيّار»، التي تزيد عن 50 درهما للسيارة الواحدة في اتجاه واحد.

الطريق إلى بني ملال

من محطة «أولاد زيان» للحافلات، غادرت مدينة الدار البيضاء، متوجها إلى مدينة بني ملال... معظم الحافلات الموجودة بالمحطة تتبع القطاع الخاص، والأتوبيسات جيدة ونظيفة. ويبلغ ثمن التذكرة الواحدة لبني ملال 60 درهما مغربيا نحو (6.6 دولار أميركي)، الحافلات جيدة ونظيفة، وتتحرك بشكل دوري في اتجاه المدينة الداخلية.
مثل أغلبية المدن العربية العتيقة، يصعد الباعة المتجولون إلى الحافلة، ويعرضون بضائعهم من المأكولات الخفيفة والمشروبات الغازية على الزبائن والركاب، لكنهم ينصرفون قبيل تحرك الحافلة. خلال الرحلة التي تبلغ مسافتها نحو 200 كيلومترا، يستطيع السائح رؤية الأراضي الزراعية الشاسعة المزروعة بالقمح، والتي تعتمد في ريها على هطول الأمطار. المزارعون المغاربة شكوا من تأخر سقوط الأمطار هذا الموسم لنحو شهرين، رغم قيامهم بتجهيز الأراضي وحرث التربة قبل سقوط الأمطار بنحو شهرين. بعد 100 كيلومتر، يتوقف الأتوبيس في محطة مدينة خريبكة للحافلات بوسط المدينة، لنزول بعض المسافرين، وركوب آخرين جدد متوجهين لبني ملال.
بعد مرور نحو ساعتين ونصف، من مغادرة كازابلانكا، وصلت الحافلة أخيرا إلى المحطة الرئيسية في بني ملال، وخلال الطريق الطويل شاهدت عددا كبيرا من عصارات زيت الزيتون، التي تأخذ المدينة شهرة واسعة من توريد كميات كبيرة من هذا الصنف، إلى باقي المدن المغربية الأخرى، ويباع كيلو الزيت الواحد بنحو 60 درهما مغربيا، وهذا سعر جيد، بالقياس إلى متوسط دخل المواطن المغربي الآخذ في التحسن.
شوارع المدينة القديمة، ليست متسعة، لكنها منظمة وأنيقة، رغم وجود عدد كبير من الباعة المتجولين على جانبي الشارع الرئيسي المؤدي إلى وسط المدينة، الذي توجد به استراحة عامة كبيرة، ملتصق بها سور تاريخي قديم يفصل بين هذه الاستراحة والسوق القديمة التي يتم بيع الملابس فيها.

عين أسردون

تاكسي المدينة الداخلي، لونه أصفر ومميز جدا، وتعريفته الموحدة داخل أنحاء المدينة 10 دراهم فقط، وتزيد في الفترة المسائية لتصل إلى 15 درهما، وتعد منطقة عين أسردون الطبيعية والجبال الخضراء المحيطة بها من أهم معالم المدينة السياحية والترفيهية، ويقصدها سكان المدينة للتنزه في العطلات الأسبوعية والسنوية. ويصعد «طاكسي» المدينة (تاكسي، أو سيارات الأجرة الداخلية)، إلى أقرب نقطة من شلال عين أسردون الطبيعية. ومعظم السائقين يتحدثون بلهجة مغربية سريعة، غير مفهومة للسائح الأجنبي أو العربي، لكنهم يحاولون التحدث ببطء وباللغة العربية الواضحة من أجل الحفاظ على التواصل بين الجانبين.
عكس باقي المدن العربية أو المغربية الأخرى، لا يسعى كثير من سائقي التاكسي إلى استغلال الأجانب أو السياح ماديا، بل يعاملونهم بلطف واحترام شديدين، ويشيدون بما تمتلكه المدينة من مقومات سياحية وترفيهية يصل إلى حد الفخر.
كلمة عين أسردون تتكون من كلمتين، عين بالعربية أي منبع، وأسردون بالأمازيغية وتعني البغل، وبالتالي يعني الاسم «عين البغل».
منطقة عين أسردون المزينة بأشكال متنوعة من الأشجار، هي لوحة خضراء جميلة عندما تراها للمرة الأولى، إذ تجتمع بها كل عناصر الجمال والطبيعة الخلابة التي يبحث عنها بعض العاشقين والمولعين بالهدوء والاستجمام. وبينما يكون الليل شديد البرودة، تمد أشعة الشمس الساطعة نهارا أجساد السائحين المحليين والأجانب بالدفء النسبي، في موسم الشتاء.
من داخل باطن الجبل تتدفق عين مياه طبيعية نحو الوادي بشكل دائم، وقامت السلطات المغربية المحلية باستغلالها جيدا، وأقامت شلالا صغيرا يضفي إلى تلك المنطقة الرائعة المزيد من الجمال، وأحاطته بمناطق خضراء منسقة جدا على طراز الحدائق الأندلسية، وأمام هذا الشلال الطبيعي يلتقط كثير من الزوار الصور التذكارية، وبإمكانهم أيضا الصعود إلى أعلى ومشاهدة خروج المياه من باطن الجبل في شكل انسيابي رائع، لا يتوقف. وخصصت السلطات أيضا قناة ضيقة لجمع المياه المتدفقة من أعلى بجانب الطريق الرئيسي المؤدي إلى عين أسردون، للاستفادة بها في الشرب وإعادة ضخها على شبكة المياه العمومية بالمدينة من خلال محطة معالجة تقع في الوادي.
في زاوية متسعة من مدخل منطقة عين أسردون، توجد سلالم خرسانية على الجهة اليمنى، يصعد من خلالها الزائرون نحو قمة الجبل، حيث توجد قلعة عين أسردون التاريخية أو «قصبة عين أسردون»، مثلما يُطلق عليها سكان المدينة. على جانب السلم الطويل، يوجد مخر مائي جاف يحمل مياه الأمطار المتساقطة من الأعلى للأسفل، فيما لا يعيق انحدار السلم، الزائرون من الرجال أو السيدات من مواصلة رحلتهم للأعلى وسط الأشجار الخضراء والمناظر الطبيعية الرائعة. وخلال تلك الرحلة القصيرة، تظهر كل جوانب مدينة بني ملال بوضوح، إذ تبرز مئذنة مرتفعة من وسط المدينة، على الطراز الإسلامي الأندلسي بلونها المميز المائل للحمرة.
المدينة من أعلى تبدو جزيرة حمراء متشابكة الألوان، تتوسط مساحات خضراء شاسعة من حدائق الزيتون الخضراء. ويتمتع سكان الطوابق العليا بالمدينة برؤية مناظر جبلية رائعة مكسوة بالخضرة، طوال شهور السنة.

قلعة تاريخية

بعد الصعود إلى أعلى تظهر قصبة عين أسردون التاريخية بلونها الأصفر المميز، الذي يضفي إليها مزيدا من القدم، وتعتبر القلعة التي سُميت على اسم المنبع المائي المجاور لها، موقعاً تراثياً وتاريخياً متميزاً في مدينة بني ملال. حيث يعود تاريخ إنشائها، إلى نحو قرنين من الزمن، بعدما شهدت صراعات بين قبائل أمازيغية وعربية.
ورغم أن بني ملال مدينة مغربية حديثة النشأة، تقع في الوسط الغربي للمملكة المغربية بين الأطلس المتوسط و«سهل تادلة»، فإنها تُعد عاصمة إقليم غني بالثروات الفلاحية (الزراعية). ويحد إقليم بني ملال، من الجنوب الشرقي إقليم «الراشيدية»، ومن الشمال الشرقي إقليم «خنيفرة»، ومن الشمال الغربي إقليم خريبكة، وإقليم قلعة السراغنة من الجنوب الغربي. ويبلغ عدد سكانها، وفق آخر الإحصاءات الرسمية نحو 200 ألف نسمة. وشيدت القلعة على قمة الجبل لحماية عين المياه وتأمينها، وهي مبنية من الأحجار الكبيرة، وخضعت لعملية ترميم قبل عدة سنوات، وتحافظ على طرازها المعماري الفريد.
إلى جوار جدران القلعة، كان يجلس بعض الباعة الذين يبيعون الهدايا التذكارية المغربية، بينما كان ينشغل بعض السياح العرب، بالتقاط الصور التذكارية من الأعلى، بجانب جلوس آخرين، للاستمتاع بأشعة الشمس الدافئة بعد ساعات الليل قاسية البرودة. والقلعة مربعة الشكل، وبها 4 بروج قصيرة، تحتوي على كثير من فتحات المراقبة والتصويب، ولها بوابتان حديديتان مغلقتان، لكن لا يوجد خارجها أي لوحة تبين أهميتها التاريخية.
ويؤكد مجموعة من المؤرخين والباحثين في تاريخ المغرب القديم، أن بني ملال من أقدم الأماكن التي عمرها الإنسان في شمال أفريقيا، ورغم أن الحفريات لم تبدأ بشكل فعلي في المدينة، فإن انتشار الكهوف بها يؤكد ذلك، إذ يتضح من خلال أشكالها، ومواقعها بأنها من صنع الإنسان، وليس نتيجة عوامل طبيعية، فأثر استعمال الأدوات الحديدية في عملية الحفر والثقب بادية على جدران الكهوف وواجهاتها، وتفصيلاتها وأشكالها الهندسية، فهي في مجملها تقدم لنا أنماطا فريدة من أشكال التعمير البدائي القديم بأقبيتها، وغرفها، وأشكالها الهندسية المتميزة والفريدة.
وتتميز بني ملال بمآثرها التاريخية... حيث يوجد بها أسوار قديمة تعود إلى عهد «مولاي إسماعيل»، والمنارة الشهيرة بها يعود تاريخ بنائها إلى عهد «الموحدين» (القرن الثاني عشر الميلادي). وهي من ضمن أجمل المدن المغربية، ورغم أن مناخها قاري (شديد الحرارة في الصيف وشديد البرودة في الشتاء). فإنها تعد من أهم المدن المغربية الداخلية، حيث أصبحت ولاية وعاصمة لجهة بني ملال خنيفرة. وفيما يخص سكانها فهم مزيج من الأمازيغ والعرب، مما أعطى تنوعا ثقافيا من حيث اللغة والتراث والتقاليد.

شلالات «أوزود»

إلى جنوب مدينة بني ملال، تقع شلالات «أوزود» الشهيرة والمعروفة بجمالها الخلاب، ويفصل بينهما نحو 80 كيلومتر فقط، تقطعها السيارة في نحو ساعة ونصف أو ساعتين بسبب الطرق المتعرجة والضيقة. وتعطي سلسلة جبال الأطلس الشامخة الممتدة في عمق المغرب متعة للعين وسنداً للأراضي والبيوت والسهول، وهى وجهة سياحة رائعة مكملة لعين أسردون، وتلتقي تدفقات وادي «أوزود»، الذي يتشكل من ثلاثة منابع، في مجرى واحد، يصب بعد نحو كيلومتر، في وادي العبيد، الرافد الأساسي لنهر أم الربيع، أهم أنهار المغرب. ويقوم زوار المنطقة بالترجل بسبب الطبيعة الجبلية، قبل أن يسلكوا مسارات تقودهم إلى أسفل للاستمتاع بمشاهد خلابة.
ونظراً لتضاريس وطبيعة المنطقة الجبلية، الواقعة بالأطلس المتوسط، فإن من عادة زوار شلالات «أوزود» أن يستمتعوا بجمال وطبيعة المنطقة راجلين، حيث يقومون بركن السيارات والحافلات بساحة واسعة قبل التوجه إلى المسالك المدرجة التي تنزل بالزوار إلى الأسفل، حيث مياه الشلالات، التي يمكن الاستحمام فيها، والاستظلال بالأشجار الوارفة، التي توفرها أشجار الزيتون المنتشرة في جنباتها في فصل الصيف.
يوجد في بني ملال، وحدات فندقية في مستوى استقبال السياح الراغبين في خدمة تساير تطلعاتهم وتمنحهم إمكانات مهمة للزيارة والسياحة، مثل فنادق «الشمس» و«تازركونت» و«أوزود» و«البساتين»، والمنطقة معروفة بهدوئها وقدرتها على توفير الأمن والأمان لزوارها. وتتفاوت مستوى الفنادق في تلك المنطقة حسب إمكانيات كل سائح.


مقالات ذات صلة

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

الاقتصاد سياح صينيون يزورون مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء (رويترز)

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

أعلنت وزارة السياحة المغربية، الاثنين، أن عدد السياح الذين زاروا المغرب منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بلغ 15.9 مليون سائح.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
سفر وسياحة من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد» إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست».

عادل عبد الرحمن (لندن)
يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)
من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)
TT

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)
من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد»، إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست»، يحتوي متحف بريطاني يعرض حيثيات أشهر الجرائم الأكثر إثارة للرعب على بعض من أكثر القطع الأثرية إزعاجاً والتي تعيد عقارب الساعة إلى الوراء وتشعرك بأحلك اللحظات في التاريخ.

ويعتبر «متحف الجريمة» (المتحف الأسود سابقاً) عبارة عن مجموعة من التذكارات المناطة بالجرائم المحفوظة في (نيو سكوتلاند يارد)، المقر الرئيسي لشرطة العاصمة في لندن، بإنجلترا.

مقتنيات استحوذ عليها المتحف من المزادات والتبرعات (متحف الجريمة)

وكان المتحف معروفاً باسم «المتحف الأسود» حتى أوائل القرن الحادي والعشرين، وقد ظهر المتحف إلى حيز الوجود في سكوتلاند يارد في عام 1874. نتيجة لحفظ ممتلكات السجناء التي تم جمعها بعد إقرار قانون المصادرة لعام 1870 وكان المقصود منه مساعدة عناصر الشرطة في دراستهم للجريمة والمجرمين. كما كان المتحف في البداية غير رسمي، لكنه أصبح متحفاً رسمياً خاصاً بحلول عام 1875. لم يكن مفتوحاً أمام الزوار والعموم، واقتصر استخدامه كأداة تعليمية لمجندي الشرطة، ولم يكن متاحاً الوصول إليه إلا من قبل المشاركين في المسائل القانونية وأفراد العائلة المالكة وغيرهم من كبار الشخصيات، حسب موقع المتحف.

جانب من القاعة التي تعرض فيها أدوات القتل الحقيقية (متحف الجريمة)

ويعرض المتحف الآن أكثر من 500 قطعة معروضة، كل منها في درجة حرارة ثابتة تبلغ 17 درجة مئوية. وتشمل هذه المجموعات التاريخية والمصنوعات اليدوية الحديثة، بما في ذلك مجموعة كبيرة من الأسلحة (بعضها علني، وبعضها مخفي، وجميعها استخدمت في جرائم القتل أو الاعتداءات الخطيرة في لندن)، وبنادق على شكل مظلات والعديد من السيوف والعصي.

مبنى سكوتلاند يارد في لندن (متحف الجريمة)

يحتوي المتحف أيضاً على مجموعة مختارة من المشانق بما في ذلك تلك المستخدمة لتنفيذ آخر عملية إعدام على الإطلاق في المملكة المتحدة، وأقنعة الموت المصنوعة للمجرمين الذين تم إعدامهم في سجن «نيوغيت» وتم الحصول عليها في عام 1902 عند إغلاق السجن.

وهناك أيضاً معروضات من الحالات الشهيرة التي تتضمن متعلقات تشارلي بيس ورسائل يُزعم أن جاك السفاح كتبها، رغم أن رسالة من الجحيم سيئة السمعة ليست جزءاً من المجموعة. وفي الداخل، يمكن للزوار رؤية الحمام الذي استخدمه القاتل المأجور جون تشايلدز لتمزيق أوصال ضحاياه، وجمجمة القاتل والمغتصب «لويس ليفيفر»، والحبل الذي استخدم لشنق المجرمين. وقال جويل غريغز مدير المتحف لـ«الشرق الأوسط» إن المتحف هو بمثابة واقع وجزء من التاريخ، مضيفاً: «لا أعتقد أنه يمكنك التغاضي عن الأمر والتظاهر بأن مثل هذه الأشياء لا تحدث. هناك أشخاص سيئون للغاية».

وقال جويل إنه لا يريد الاستخفاف بالرعب، وقال إنهم حاولوا تقديم المعروضات بطريقة لطيفة، وأضاف: «عندما أنظر إلى مجلات الجريمة في المحلات التجارية، فإنها تبدو مثل مجلات المسلسلات ومجلات المشاهير، لذلك يُنظر إليها على أنها نوع من الترفيه بطريقة مماثلة».

وتُعرض البراميل الحمضية الأسيدية المستخدمة من قبل جون جورج هاي، والمعروف باسم قاتل الحمامات الحمضية، في كهف خافت الإضاءة. وهو قاتل إنجليزي أدين بقتل 6 أشخاص، رغم أنه ادعى أنه قتل 9. وفي مكان آخر، يمكن للزوار مشاهدة رسائل حب كان قد أرسلها القاتل الأميركي ريتشارد راميريز إلى مؤلفة بريطانية تدعى ريكي توماس، وكان يعرف راميريز باسم «المطارد الليلي»، لسكان كاليفورنيا بين عامي 1984 و1985 وأدين بـ13 جريمة قتل وسلسلة من اقتحام المنازل والتشويه والاغتصاب. وكشفت ريكي، التي كتبت عدداً من الكتب الأكثر مبيعاً عن القتلة المحترفين، أنها اتصلت بالقاتل في مرحلة صعبة من حياتها وشعرت بجاذبية جسدية قوية ناحيته. ووصفت رسالتها الأولى إلى راميريز بأنها «لحظة جنون». وقالت في حديثها إلى صحيفة «سوسكس بريس» المحلية: «كان رجلاً جيد المظهر، لكنني لم أشعر قط بأنني واحدة من معجباته». وقررت المؤلفة التبرع بالرسائل للمتحف عام 2017 لإعطاء فكرة عن عقلية الوحش.

من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

وفي الوقت نفسه، يعرض متحف الجريمة أيضاً السراويل البيضاء التي كانت ترتديها القاتلة روز ويست، والتي تم شراؤها بمبلغ 2500 جنيه إسترليني في المزاد. وحصل على تلك السراويل ضابط سجن سابق كان يعمل في برونزفيلد، حيث سجنت ويست لمدة 4 سنوات حتى عام 2008. وقامت روزماري ويست وزوجها فريد بتعذيب وقتل ما لا يقل عن 10 فتيات بريطانيات بين عامي 1967 و1987 في غلوسترشير. واتهم فريد بارتكاب 12 جريمة قتل، لكنه انتحر في السجن عام 1995 عن عمر 53 عاماً قبل محاكمته. وقد أدينت روز بارتكاب 10 جرائم قتل في نوفمبر (تشرين الثاني) 1995 وهي تقضي عقوبة بالسجن مدى الحياة.

يعرض المتحف الآن أكثر من 500 قطعة (متحف الجريمة)

تم التبرع بمعظم القطع الأثرية للمتحف، وقام أيضاً جويل بشراء الكثير منها في مزادات علنية.

في مكان آخر في المتحف المخيف يمكن للزوار رؤية السرير الحقيقي للموت بالحقنة القاتلة والقراءة عن الضحايا والمشتبه بهم الذين لهم صلة بجاك السفاح بين عامي 1878 إلى 1898.

الأسلحة التي استخدمت في الجريمة (متحف الجريمة)

وفي الوقت نفسه، يضم المتحف قفازات الملاكمة التي تحمل توقيع رونالد وريجينالد كراي، والمعروفين أيضاً باسم «التوأم كراي». كان روني وريجي المخيفان يديران الجريمة المنظمة في منطقة إيست إند في لندن خلال الخمسينات والستينات قبل أن يسجن كل منهما على حدة في عام 1969 ثم انتقل كلاهما إلى سجن باركهرست شديد الحراسة في أوائل السبعينات. وتوفي روني في نهاية المطاف في برودمور عام 1995، عن عمر 62 عاماً. في أغسطس (آب) 2000. تم تشخيص ريجي بسرطان المثانة غير القابل للجراحة، وتوفي عن 66 عاماً بعد وقت قصير من الإفراج عنه من السجن لأسباب إنسانية.