العبادي يتهم تركيا بازدواجية المعايير في التعامل مع الملف الكردي

قيادي في حزب بارزاني: لسنا ذيلاً لأنقرة

صورة من موقع رئاسة الوزراء العراقية لرئيس الحكومة حيدر العبادي  لدى استقباله وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الأحد الماضي
صورة من موقع رئاسة الوزراء العراقية لرئيس الحكومة حيدر العبادي لدى استقباله وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الأحد الماضي
TT

العبادي يتهم تركيا بازدواجية المعايير في التعامل مع الملف الكردي

صورة من موقع رئاسة الوزراء العراقية لرئيس الحكومة حيدر العبادي  لدى استقباله وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الأحد الماضي
صورة من موقع رئاسة الوزراء العراقية لرئيس الحكومة حيدر العبادي لدى استقباله وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الأحد الماضي

اتهم رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي تركيا بازدواجية المعايير في تعاملها مع الملف الكردي في العراق، فيما استجابت أنقرة لطلب عراقي بتأجيل ملء خزانات سد «أليسو» التركي على نهر دجلة بسبب موجة الجفاف التي تضرب العراق.
وقال العبادي خلال استقباله وفدا إعلاميا كويتيا يزور بغداد حاليا إن «الأتراك كانوا يتعاملون بازدواجية في الملف الكردي؛ فكانوا يدعمون أكراد العراق ويتعاملون معهم خارج إطار الحكومة الاتحادية، فيما يمنعون حقوق الأكراد الأتراك عندهم حتى جاءت قضية الاستفتاء وشعروا بالتهديد فغيرت وجهة نظر الأتراك نحو التقارب مع بغداد». ولفت العبادي إلى أن «هذا لا يعني موقفا سلبيا من حكومته ضد الأكراد العراقيين؛ بل إنهم مواطنون في بلدهم لهم حقوق المواطنة وعليهم واجباتها». وبين العبادي أن «الأتراك لهم مخاوف كبيرة من منظمة حزب العمال الكردستاني في شمال العراق» مؤكداً أن «بلاده لا تدعم هذه المنظمة ولا تريدها أن تتخذ من الأراضي العراقية منطلقا للاعتداء على تركيا».
وبخصوص العلاقة مع إقليم كردستان، قال العبادي إن حكومته نجحت في تجاوز أزمة الاستفتاء على الانفصال من دون إراقة دماء.
وفي هذا السياق، أكد القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني وعضو البرلمان العراقي السابق شوان محمد طه، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «أي حديث عن الأكراد سواء في العراق أو سوريا أو تركيا أو إيران ما لم يأخذ بعين الاعتبار خصوصية كل واحد منهم، يكون بمثابة خلط غير صحيح للأوراق، لأننا بصفتنا أكرادا عراقيين ننظر إلى أن القضية الكردية في كل هذه البلدان مشروعة، لكن لكل جهة كردية خصوصية في التعامل مع القضية دون أن تنسحب بالضرورة على الآخرين».
وبشأن طبيعة العلاقة بين تركيا وإقليم كردستان، قال طه إن «تعامل تركيا معنا لم يكن من وجهة نظرنا ازدواجية معايير، لأن الدستور العراقي يتيح لنا حق التعامل الخارجي بحدود المصالح المشتركة التي لا تعني التمدد على سيادة الدولة». وبشأن إشارة العبادي إلى تغيير تركيا موقفها من أكراد العراق بعد الاستفتاء، قال طه إن «هذا الكلام يثبت صحة توجهاتنا في إطار علاقتنا مع تركيا، ويثبت أننا لسنا ذيلا لتركيا ولم نأخذ رأيها حين أقدمنا على إجراء الاستفتاء، وهو ما يعني عدم وجود علاقة سياسية مع تركيا بقدر ما هي علاقة مصالح اقتصادية وتجارية مشتركة».
من جانبه، عدّ حسن توران، نائب رئيس الجبهة التركمانية وعضو البرلمان العراقي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الوقت اليوم ليس وقت الحديث عن قضايا خلافية مع تركيا؛ بل نحن اليوم في مرحلة تتطلب بناء علاقات مثمرة مع تركيا في أخطر ثلاثة ملفات تهمنا جدا؛ وهي الطاقة، والمياه، ومحاربة الإرهاب». وأضاف توران أن «منظمة حزب العمال الكردستاني (البككا) استغلت مرحلة ما بعد هزيمة (داعش) لكي تتمدد في المناطق المتنازع عليها داخل العراق، وباتت تمثل تهديدا جديا لنا نحن التركمان بالدرجة الأساس في كل من قضاء تلعفر وقضاء طوزخورماتو». واتهم توران «البككا» بمحاولة «اغتيال قيادي بارز في الجبهة التركمانية في قضاء الطوز مؤخرا».
وبالعودة إلى تصريحات العبادي وردا على سؤال حول ترشحه للانتخابات وتزعمه «ائتلاف النصر»، أوضح أن رؤيته كانت مشابهة لرؤيته لإدارة المعركة ضد «داعش»، مضيفا: «كما نجحنا بتوحيد القوات النظامية التي كانت ضعيفة في البداية مع المتطوعين المتحمسين، فاستفدنا من انضباط الجيش وحماس ‏المتطوعين، كذلك فكرنا بدخول المتطوع إلى جانب السياسي في الانتخابات». وشدد العبادي على أنه لا يرفض التحالف مع أي جهة؛ شريطة الالتزام بالمنهاج الثابت لقائمته الذي يستند على رفض المحاصصة ورفض الطائفية، مؤكدا أن «الطائفيين سقطوا في نظر الشارع اليوم»، ومحذرا في الوقت نفسه من «محاولات البعض خلال المرحلة المقبلة خلط الحقائق عبر مواقع التواصل الاجتماعي» التي وصفها بـ«السلاح الذي يمكن أن يستخدمه البعض لأغراض تدميرية».
وأشار العبادي إلى أنه ليس ضد حرية التعبير؛ «إلا أن مواقع التواصل الاجتماعي صارت اليوم بلا ضوابط وبلا محددات»، داعيا إلى «موقف عربي موحد وضاغط على إدارات تلك المواقع لإرغامها على تنظيم عملها، لأنها ببساطة أصحبت وسائل ومسببات للقتل».
وبخصوص «الحشد الشعبي»، قال العبادي إن إقرار «قانون الحشد» سيمكن الدولة من السيطرة على الفصائل المسلحة في بغداد وإخضاعها للقوانين الحكومية والعسكرية. وكشف أن حكومته لم تكن راغبة بسحب السلاح وحصره بيد الدولة في المدة السابقة؛ «لأن تهديد (داعش) كان قائما، أما الآن فهناك رغبة حقيقية من كل الكتل السياسية بسحب السلاح»، مبيناً أن «المناطق ذات المكون الشيعي التي ينتمي إليها معظم (الحشد) هي أكثر المناطق رغبة بذلك، لأنهم لا يريدون سلاحا غير منضبط». وأشار العبادي إلى أن «البعض يريد أن يسرع بحل مسألة (الحشد الشعبي)»، إلا أنه لا يريد «‏حركة خارج وحدة البلد، ولا تصان، والحل قادم بطريقة نوعية وعبر دمج (الحشد) بالمنظومة الأمنية».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم