«رئاسية مصر»: ترشح عنان يعيد «الإخوان» إلى دائرة السجال السياسي

ملصق إعلاني ضخم يحمل صورة الرئيس المصري السيسي وشعار حملة «علشان تبنيها» ضمن تأييده في حملة الانتخابات الرئاسية بوسط القاهرة أمس (أ.ب)
ملصق إعلاني ضخم يحمل صورة الرئيس المصري السيسي وشعار حملة «علشان تبنيها» ضمن تأييده في حملة الانتخابات الرئاسية بوسط القاهرة أمس (أ.ب)
TT

«رئاسية مصر»: ترشح عنان يعيد «الإخوان» إلى دائرة السجال السياسي

ملصق إعلاني ضخم يحمل صورة الرئيس المصري السيسي وشعار حملة «علشان تبنيها» ضمن تأييده في حملة الانتخابات الرئاسية بوسط القاهرة أمس (أ.ب)
ملصق إعلاني ضخم يحمل صورة الرئيس المصري السيسي وشعار حملة «علشان تبنيها» ضمن تأييده في حملة الانتخابات الرئاسية بوسط القاهرة أمس (أ.ب)

أعاد إعلان الفريق سامي عنان، رئيس أركان الجيش المصري الأسبق، عزمه الترشح في انتخابات الرئاسة المصرية، المقررة نهاية مارس (آذار) المقبل، جماعة «الإخوان المسلمين»، إلى دائرة السجال السياسي مرة أخرى، بعد ما يقرب من 5 سنوات على عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي ومحاكمته.
وقال الدكتور حازم حسني، أحد مساعدي عنان والمتحدث باسمه لـ«الشرق الأوسط» أمس: «الإخوان يرون في ترشح الفريق عنان انفراجة ما أو شيئاً إيجابياً»، لكنه نفى أي اتصال مع الجماعة أو سعي الحملة لأصواتهم. وكان عنان قد أعلن، في الساعات الأولى من صباح يوم السبت الماضي، ترشحه للانتخابات الرئاسية، عقب ساعات من إعلان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي القرار ذاته في مؤتمر حاشد حضره معظم رموز الدولة.
وبدا لافتاً مع إعلان عنان ترشحه، ارتياحاً واضحاً لدى الأوساط الإسلامية بشكل عام، و«الإخوان» بشكل خاص، إذ انتشرت دعوات تشجع على تأييده، على أمل التخلص من الوضع الراهن.
وتحظر السلطات المصرية «الإخوان» وتصنفها رسمياً جماعة «إرهابية». فيما يخضع الآلاف من قادتها وأنصارها لمحاكمات، ما بين مدنية وعسكرية، في تهم تتعلق بارتكاب أو التحريض على أعمال العنف، التي حدثت في البلاد منذ عزل مرسي، في يوليو (تموز) 2013.
وزاد من قبول ترشح عنان لدى أنصار الإخوان، إعلانه تشكيل فريق رئاسي مدني (حال فوزه)، يضم كلاً من المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات السابق، والدكتور حازم حسني الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، باعتبارهما قريبين من الجماعة ومن أبرز معارضي السيسي.
وأشيعت أنباء عن علاقة بين جنينة و«الإخوان»، إذ عُين في منصبه السابق بقرار من مرسي قبل أن يعزله السيسي عام 2016. أما حسني، فهو معارض بارز، وضيف دائم على شاشات الفضائيات التابعة للإخوان.
وفي رسالة وصفها بأنها «شخصية» ولا تمثل جماعة الإخوان، قال القيادي الإخواني البارز يوسف ندا، المفوض السابق للعلاقات الدولية بالجماعة، إنهم «قد يقبلون انتخاب عنان شرط التزام الأخير بـ6 شروط».
وأوضح ندا شروطه وهي «عودة الجيش لخدمة الشعب وحمايته وحماية الدولة»، و«إعادة الاعتبار لنتائج الانتخابات والطلب من رئيسها المنتخب محمد مرسي (محبوس حالياً) التنازل لصالح الأمة، بجانب تطهير القضاء وإلغاء الأحكام المسيسة والإفراج عن المعتقلين وتعويضهم، وتطهير الشرطة وإعادة النظر في القرارات المتعلقة بثروة مصر وحدودها».
ولم تعلن «الإخوان» إلى الآن موقفاً رسمياً بخصوص انتخابات الرئاسة، لكن ندا لمح في رسالته، التي نشرتها وكالة «الأناضول» التركية أمس، إلى إمكانية أن يقوم بدور الوساطة بين عنان والإخوان، مخاطباً المرشح الرئاسي المحتمل: «ليس من العسير أن تجد الوسيلة للتواصل معي من أجل الخير لبلادنا العزيزة».
في المقابل، قال الدكتور حسني لـ«الشرق الأوسط» إنه «لم يحدث أي اتصال مع جماعة الإخوان، وأن عنان أو حملته لم يطلبوا أي تعاون معهم على الإطلاق»، مضيفاً أنه «من الواضح أنهم يرون في الفريق عنان انفراجة ما أو شيئاً إيجابياً، لكنهم للأسف الشديد يحاولون فرض مطالبهم القديمة».
وأعلن حسني رفضه تلك المطالب، قائلاً: «نحن لا نطلب دعماً من أحد ولا نقبل شروطاً من أحد... فقد عرف الفريق عنان توجهه وشرح الملامح الأساسية لبرنامجه، وهي توجهات في مجملها تحافظ على الدولة المصرية وعلى الجيش المصري ومستقبل الدولة، ومن أراد أن يقف على هذه الأرضية، أو تناسبه فأهلاً وسهلاً، فهذا مكسب للدولة المصرية أن يقف الجميع على أرض جامعة».
وتابع: «في حين من أراد أن يُعرف الأرضية التي يقف عليها من جديد بناء على مرجعياته، ويريد منا أن نتبعه، فعليه أن يقف بمفرده... وبالتأكيد لن نستجيب لمثل هذه الشروط».
ويظل تعامل الرئيس القادم مع جماعة الإخوان مسار جدل في مصر. وأجاب الرئيس السيسي يوم الجمعة الماضي، عن سؤال يتعلق بإمكانية الإفراج عنهم في ولايته الثانية حال فوزه، قائلاً: «نضطر إلى الحزم في التعامل مع من يهدد مصر بالإرهاب... الدولة لن تتعرض لأي شخص يريد أن يعيش بسلام وأمان ولا يريد الخراب للدولة، ولكن تلك الجماعات هي من بدأت بالخراب والدمار وتسعى لهدم الدولة، ونحن لم ولن نتركهم وذلك للحفاظ على الدولة».
وأشار إلى أنه «على أتم استعداد لأن يفرج عن هؤلاء الأشخاص ولكن بعد مطلب من المصريين، وبعد هذا المطلب لن أكون مسؤولاً عن أي شيء بالدولة؛ من أمن وأمان أو استقرار».
في المقابل، قال حسني: «إذا فاز الفريق عنان بالرئاسة سوف يتعامل مع الإخوان مثل باقي المصريين لا إقصاء لأحد، ما دام أنه يقف على أرض الدولة المصرية وفقاً لقواعد الدولة المصرية، ويكون هناك خضوع للقانون المصري». وأوضح: «بالنسبة إلينا نتعامل مع الكيانات القانونية التي تخضع للقانون فقط».
وحول إمكانية العفو عن مرسي وقادة الجماعة، قال: «إذا كان هناك أي مظلوم قيد الحبس سيتم رفع الظلم عنه، وليس هناك أي وضع خاص للجماعة أو مرسي... لن نقدم إليهم وعوداً». وتابع: «ما يحكمنا هو الدستور والقانون ومصلحة الدولة المصرية ورفع المظالم عبر محاكمات عادلة وهي قواعد لا تغضب أحداً».
وشدد حسني على أن «الإخوان ليسوا هدفاً للحملة، فنحن نخاطب الشعب المصري كتلة واحدة بجميع طوائفه وتوجهاته، وهذه هي الطريق الوحيدة لبناء الدولة»، مشيراً إلى وجود حملة لـ«تشويه الفريق عنان».
وأكد أن عنان مستمر ومصر على ترشحه مهما كانت الظروف، وأن الحملة ما زالت تجمع التوكيلات اللازمة بكل قوة، رغم المضايقات، ولن تلجأ إلى الحصول على تزكية أعضاء في البرلمان.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.