أبو لـ «الشرق الأوسط»: «3 دقات» لامست الناحية الإنسانية لدى الناس

حصدت أغنيته 100 مليون مشاهدة حتى اليوم

المغني المصري محمد أبو العينين
المغني المصري محمد أبو العينين
TT

أبو لـ «الشرق الأوسط»: «3 دقات» لامست الناحية الإنسانية لدى الناس

المغني المصري محمد أبو العينين
المغني المصري محمد أبو العينين

«أغنية الموسم»، هو ما يمكن أن نصف به «3 دقات»، للمغني أبو العينين الشهير بـ{أبو} التي استطاعت حصد 100 مليون مشاهدة حتى اليوم. فصحيحٌ أنّ هذه الأغنية ليست الأولى بالنسبة للمغني المصري محمد أبو العينين، إذ سبق وقدّم أعمالاً غنائية أخرى تحاكي واقع المواطن العربي بشكل عام، إلّا أنّها من دون شك، شكّلت منعطفاً أساسياً في مشواره المهني الذي سيتلوها كما ذكر لنا.
فأبو الذي انطلق في عالم الفن منذ اندلاع الثورة المصرية متّبعا نهجاً جديداً في تقديم أعماله ومرتكزاً فيها على كلام ولحن خارجين عن المألوف، يؤكد أنّ أغنية «3 دقات»، لم يقتصر نجاحها على الناحية التجارية فقط، بل إنها لامست الناحية الإنسانية لدى سامعها.
وأوضح خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «تلقيت اتصالات ورسائل إلكترونية عدة من قبل أشخاص لا أعرفهم، راحوا يفضفضون لي ما في قلبهم ويروون لي حكاياتهم مع الحب، مشيرين إلى أنّ الأغنية لامستهم عن قرب ففتحت شهيتهم للتحدث عن همومهم. وأعتقد أنّ هذا هو النجاح الحقيقي الذي يمكن أن يحصده عمل فني ما».
وكانت أغنية «3 دقات»، لاقت نجاحاً تجاوز العالم العربي ليصل إلى روسيا وأميركا وأستراليا وغيرها من البلدان الأجنبية، كما تحتل أعلى مرتبة تداول على مواقع التواصل الاجتماعي.
ويرى المغني الذي سبق وعمل كمدير للتسويق في شركة أميركية لمدة 7 سنوات، أنّ أحداً لا يمكنه ممارسة علم الغيب بالنسبة لعمل جديد يقدمه أو أن يتوقع شهرة واسعة له قائلاً: «لا أحد يملك صيغة محدّدة عن النجاح وإلّا لما كان فشل أي عمل. فيمكن أن نشعر ونتمنى نجاح عمل ما، ولكن أن يتحول إلى (تراند) عالمي، فهو أمر لا يعرفه إلّا رب العالمين». جاء كلام أبو هذا، ردا على توقعاته لعمله الجديد «شربات» الذي سيرى النور مع بداية فبراير (شباط) المقبل. ووصفه بقوله: «هي أغنية كتبتها ولحنتها بنفسي وهي عزيزة جداً إلى قلبي، لا يتملكني القلق حول مصيرها، ولكنّني أؤكّد أنّني لا أقوم إلّا بأعمال مشبعة بالإحساس عندها فقط أقرر تقديمها».
ولكن لماذا لاقت «3 دقات» كل هذا النجاح وهل ذلك يتعلق بعطش المستمع العربي إلى الأغنية الرومانسية الحقيقية؟ يرد: «عندما قرّرنا - رامي سمير (موزع موسيقي) وأنا - تقديمها تمسكنا بمبدأ (الأقل هو الأكثر) (less is more)، بحيث لا نبالغ في استخدام الإيقاع وتكون أجواء الأغنية تدور في فلك البساطة أو كما هو معروف بالسهل الممتنع. فنحن اليوم نفتقد إلى الموسيقى الهادئة في أغانينا، وكوني أميل في طبيعتي إلى الهدوء، ارتكزت على هذه الناحية فيها وهنا يكمن سر نجاح (3 دقات)».
اشتهر أبو في مصر من خلال أغان عدة خاطب فيها جيل الشباب، فتناول مواضيع حساسة تحكي لسان حالهم كما في أغنيته الأولى «الناس ما بترحمش» في عام 2013، ومن بعدها «أكسيجين» و«مش حخاف». وجاء تعاونه مع أحمد عدوية في أغنية من نوع الدويتو بعنوان «مسافر»، بمثابة نموذج حي عن واقع يعيشه شباب اليوم بعد أن نقل هواجسهم حول مستقبل مجهول، فتفاعلوا مع عمله هذا بشكل لافت وحصدت يومها الأغنية نحو المليون مشاهدة.
ولكن هل يخاف أبو من مرحلة أفول نجمه في ظل عصر الأغنية الناجحة وغياب النجومية؟ يرد: «الموضوع بالنسبة لي ليس عملية كسوف بعد ظهور، بل رحلة طويلة تتألف أدواتها من أفكار جديدة وأشخاص داعمين للفنان، وما إلى هناك من عناصر تؤمن استمراريته انطلاقا من جهده الخاص. وأنا شخصيا سأستمر في صناعة موسيقى تصل إلى الناس، وبرأيي فإن سلوك الفنان يلعب دوراً هاماً في عملية استمراريته».
يولي أبو لكلام الأغنية اهتماماً كبيراً، فهو غالبا ما يتعاطى مع نصوص واقعية خاطب فيها الناس عن قرب. وفي هذا الصّدد يقول: «الكلمة هي التي دفعتني لدخول عالم الفن والموسيقى، فهي التي تشكّل الفرق في أي عمل من هذا النوع، وفي إمكانها أن تحبط الناس أو أن تزودهم بالإيجابية. كما أنّها في رأيي أيضاً، باستطاعتها أن تحدّد مصير شعب. فكلام الأغنية يتمتع بقوة خارقة، فإمّا يحفزّ وإمّا يقتل».
تأثر المغني المصري بمطربين مصريين ولبنانيين كثيرين فكان مستمعاً نهماً لأعمالهم أمثال محمد عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ وسيد مكاوي وعمرو دياب من الجيل الجديد، وكذلك إلى فيروز وصباح وزياد الرحباني ويعلق: «تميز الراحل محمد عبد الوهاب في عملية تأليفه ألحانا خاصة بصوته، أمّا السيدة فيروز فهي برأيي (ملكة التعبير)، إذ تستطيع أن تعبّر عن اللحن بصوتها بأقل مجهود ممكن، إن في حالات الحزن أو السعادة والأمل. أمّا زياد الرحباني فهو الفن بحد ذاته ويمثل لي قامة فنية كبيرة. فيما أجد في السيد مكاوي ملحناً ومؤدياً ومغنياً خارجاً عن المألوف، وهو من أهم الفنانين وأقربهم إلى قلبي وليس بالصدفة حمل لقب (أبو اللحن المصري)».
عرف أبو كيف يستفيد من الفن الأصيل بعد أن قاربه مع الحديث منه، فتجربته مع أحمد عدوية في «مسافر»، لاقت صدى طيباً، وكذلك مع الفنانة يسرا في «3 دقات» إذ نجح في إعادتها إلى مجال الغناء بعد 11 سنة من غيابها عنه، بعد أغنية «لا في أن روز» في فيلم «عمارة يعقوبيان». ويعلّق: «السيدة يسرى قامة فنية يحتذى بها، ولقد كنت فخوراً بتعاوني معها في هذه الأغنية، وشكلت واحداً من العناصر الأساسية لنجاحها».
وهل ستتعاون مع قامة فنية أخرى في أعمالك المقبلة؟ يرد: «هو سرٌ أحتفظ فيه لحينه؛ إذ أتوقع أن يحدث تعاوني الجديد في هذا الإطار قد يشكل صدمة إيجابية كبيرة لدى الناس».
وعن مشاريعه الجديدة قال: «لا أملك خطوات معينة للمستقبل بل نوايا أتمسك بها، فبرأيي النية تغلب الخطة، وأنوي مثلا تقديم محتوى موسيقي مسرحي أو لفيلم سينمائي، كما أتمنّى أن أقدّم عملا خاصاً بالأطفال، فللكلمة الجيدة وقعها الخاص على الطفل كونها تحفر في ذاكرته.
وكان أبو (اسمه الدلع منذ صغره)، قد حلّ ضيفا على برنامج «ديو المشاهير» الذي يعرض على شاشة «إم تي في» الذي يتبارى فيه عدد من المشاهير على الغناء مع أسماء معروفة في عالم الفن. «لقد كانت تجربة رائعة استمتعت فيهاً كثيراً، تماماً كتلك التي خضتها في برنامج «لهون وبس» مع هشام حداد على شاشة «إل بي سي آي». فأنا أكن حباً كبيراً للبنان وأهله واعتبره بلدي الثاني، وهناك علاقة غريبة بيني وبين بلدكم بحيث أشعر بالفرح والسعادة وبطاقة إيجابية في كل مرة أزوره».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».