بدء التوغل التركي البري في عفرين بدعم من «الحر»

يلدريم: «غصن الزيتون» على 4 مراحل... ومنطقة عازلة بعمق 30 كم

جنود أتراك فوق عرباتهم العسكرية في ريحانلي قرب الحدود التركية السورية أمس  (إ.ب.أ)
جنود أتراك فوق عرباتهم العسكرية في ريحانلي قرب الحدود التركية السورية أمس (إ.ب.أ)
TT

بدء التوغل التركي البري في عفرين بدعم من «الحر»

جنود أتراك فوق عرباتهم العسكرية في ريحانلي قرب الحدود التركية السورية أمس  (إ.ب.أ)
جنود أتراك فوق عرباتهم العسكرية في ريحانلي قرب الحدود التركية السورية أمس (إ.ب.أ)

مع بدء دخول قوات من الجيش التركي وفصائل من «الجيش السوري الحر» موالية لتركيا، أمس، محيط مدينة عفرين في إطار عملية «غصن الزيتون» العسكرية، أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن «القوات المشاركة في العملية ستسحق مقاتلي وحدات حماية الشعب المدعومة من الولايات المتحدة، وستنهي العملية خلال وقت قريب، وستقوم بملاحقتهم أينما ذهبوا»، في حين قال رئيس الوزراء بن علي يلدريم: إن العملية ستنفذ على 4 مراحل، وتستهدف إقامة منطقة آمنة بعمق 30 كيلومتراً، محذرا من تقديم أي دعم للميليشيات الكردية. وتمت السيطرة أمس على 3 قرى والتقدم 5 كيلومترات... وتعهد إردوغان بانتهائها في أسرع وقت.
واتهم إردوغان، في خطاب أمام تجمع نسائي حاشد لفروع المرأة بحزب العدالة والتنمية الحاكم في مدينة بورصة شمال غربي البلاد، بعض حلفاء تركيا (في إشارة إلى واشنطن) بتزويد وحدات حماية الشعب بألفي طائرة و5 آلاف شاحنة محملة بأسلحة، قائلاً: «يجب ألا تعولوا على دعم واشنطن حتى تتغلبوا على تركيا... بإذن الله ستنتهي هذه العملية خلال وقت قريب جداً».
كما حذر الرئيس التركي أكبر الأحزاب المؤيدة للقضية الكردية في تركيا (حزب الشعوب الديمقراطي) من أي محاولة لتنظيم مظاهرات معارضة للهجوم، قائلاً: «دعوني أؤكد لكم، أنتم مراقبون لحظة بلحظة... أياً كانت الساحة التي ستتجمعون فيها فستداهمكم قواتنا الأمنية… حذار، إذا استجاب البعض لهذه النداءات للتظاهر وارتكبوا خطأ الخروج إلى الشارع فسيدفعون الثمن باهظاً».
وفي وقت سابق، صباح أمس، أعلن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، أن عملية «غصن الزيتون» في عفرين ستجرى على 4 مراحل، وتستهدف إقامة منطقة آمنة بعمق 30 كيلومتراً داخل الأراضي السورية.
وقال يلدريم، في تصريحات لممثلي وسائل الإعلام التركية في لقاء على مائدة إفطار، أمس في إسطنبول: إن العمليات البرية لـ«غصن الزيتون»: «بدأت عند الساعة 11:05 بالتوقيت المحلي (8:05 غرينتش)»، وإن القوات التركية عبرت الحدود من ولاية كيليس نحو منطقة عفرين السورية، في ثاني أيام العملية العسكرية».
ميدانياً، دخلت قوات برية تابعة للقوات المسلحة التركية معززة بقوات من «الجيش السوري الحر» إلى مناطق يسيطر عليها الاتحاد الديمقراطي في عفرين شمال غربي سوريا، أمس، وقالت مصادر تركية: إن القوات توغلت إلى عمق 5 كيلومترات، وباشرت التقدم في المنطقة، واستولت على 3 قرى في محيط عفرين.
وسبق ذلك إعلان رئاسة هيئة أركان الجيش التركي بدء العملية العسكرية البرية في عفرين، في إطار عملية «غصن الزيتون»، وقالت في بيان: إن عملية «غصن الزيتون» التي انطلقت أول من أمس (السبت)، مستمرة حسب الخطة المرسومة لها. وأضاف البيان: إن «غصن الزيتون» تستهدف فقط «الإرهابيين» ومخابئهم، ومواقعهم، وأسلحتهم، وعرباتهم ومعداتهم، ويتم إبداء الحساسية اللازمة لعدم إلحاق الأذى بالمدنيين والأشخاص الأبرياء.
في الوقت نفسه، واصل الجيش التركي طوال الليلة قبل الماضية وحتى فجر أمس، إرسال تعزيزات جديدة لقواته العاملة على الحدود مع سوريا. وتحركت الوحدات العسكرية والمعدات القتالية من مناطق الريحانية وكريك خان، باتجاه النقاط الحدودية مع سوريا.
تدمير 153 هدفاً
وخلال ساعات الليل، استهدفت المدفعية التركية نقاطاً عسكرية لوحدات حماية الشعب الكردية في عفرين، كما قصفت مقاتلات تركية، أمس، مواقع جديدة وشوهدت أعمدة الدخان المتصاعدة من عفرين من داخل الأراضي التركية، وسُمع أيضاً دوي انفجارات كبيرة نتيجة استهداف المقاتلات التركية لمواقع الوحدات الكردية في عفرين.
وقالت رئاسة أركان الجيش التركي في بيان ثان: إن «72 طائرة تابعة لسلاح الجو شاركت في انطلاق عملية (غصن الزيتون) ضد التنظيمات الإرهابية في عفرين مساء أول من أمس (السبت)، وتمكنت من تدمير 108 أهداف في 7 مناطق بعفرين، وإن جميع الطائرات عادت إلى قواعدها بسلام». وذكر بيان صادر لرئاسة الأركان مساء أمس (الأحد) أن المقاتلات التركية دمرت أيضاً 45 هدفاً عسكرياً لوحدات حماية الشعب الكردية ليرتفع عدد الأهداف التي تم تدميرها إلى 153 هدفاً.
وواصلت المقاتلات التركية تحركاتها المكثفة في قاعدة إنجيرليك بولاية أضنة جنوبي البلاد، ضمن إطار عملية «غصن الزيتون»، حيث أقلع منها عدد من الطائرات، في حين يواصل عدد آخر الانتظار على أهبة الاستعداد. كما تستمر حركة قدوم ومغادرة طائرات الشحن العسكرية إلى مطار إنجيرليك.
في المقابل، أصيب شخص بجروح طفيفة، فجر أمس، جراء سقوط 4 قذائف صاروخية من الأراضي السورية على مدينة كليس جنوب تركيا. وقال والي كليس، محمد تكين أرسلان: إن القذائف سقطت على المدينة عند الساعة 01.40 بالتوقيت المحلي، وإن قذيفتين أصابتا منزلاً في حين أصابت قذيفة ثالثة محلاً تجارياً، وسقطت الرابعة في أرض خالية.
وأشار إلى أن شخصاً أصيب بجروح طفيفة جراء شظايا زجاج أصابت وجهه، نقل على إثرها إلى مستشفى المدينة. ولفت إلى أن قوات الأمن التركية ردت بالمثل على مصادر إطلاق القذائف في إطار قواعد الاشتباك. كما ذكرت تقارير إعلامية أن 4 قذائف أخرى سقطت على بلدة الريحانية في هطاي.
وتواصل المدفعية التركية، قصفها المكثف على مواقع وأهداف عسكرية في عفرين، في حين قالت رئاسة الأركان التركية: إن وحدات حماية الشعب الكردية تستخدم المدنيين دروعاً بشرية.
وقصفت المدفعية التركية المتمركزة في بلدات الريحانية وكريك خان وهصا في هطاي (غرب عفرين)، مواقع وأهداف الوحدات الكردية رداً على استهداف نقطة مراقبة للجيش التركي في منطقة خفض التصعيد بمحافظة إدلب شمال غربي سوريا. كما تقصف الوحدات العسكرية التركية المنتشرة في منطقة درع الفرات (شرق عفرين) الأهداف العسكرية للوحدات الكردية رداً على هجماتها. وأغلقت الوحدات الكردية المستشفى الميداني في عفرين، وبدأت نقل الجرحى للعلاج في مستشفيات مدنية. وأكد رئيس أركان الجيش التركي خلوصي أكار، أن عملية «غصن الزيتون» تستهدف الإرهابيين فقط، وأن الجيش التركي يولي أعلى درجات الاهتمام بتجنب المدنيين.
اتصال تركي - إيراني
وأجرى أكار، أمس، اتصالاً هاتفياً مع نظيره الإيراني اللواء محمد باقري حول عملية عفرين وتطوراتها. وذكر بيان لرئاسة الأركان، أن أكار أجرى اتصالاً هاتفياً مع باقري، تبادلا خلاله وجهات النظر حول القضايا الأمنية في سوريا، والتعاون في مجال مكافحة المنظمات الإرهابية.
في السياق ذاته، نقلت وكالة «الأناضول» عن مسؤول حلف شمال الأطلسي «ناتو»، لم تذكر اسمه، تأكيده دعم الحلف لتركيا في عملية «غصن الزيتون». وقال المسؤول: إن تركيا تقع في منطقة تسودها الفوضى، وإنها تعرضت لخسائر كبيرة بسبب الإرهاب، وشدد في هذا الإطار على أن «جميع الدول تتمتع بحق الدفاع عن النفس، لكن يجب أن تقوم بذلك بشكل متوازن ومعتدل». وأشار إلى أن تركيا زودت حلفاءها في الناتو بمعلومات حول عملية «غصن الزيتون». ولفت إلى أن الأمين العام للناتو، ينس ستولتنبرغ، في حالة اتصال مستمر مع المسؤولين الأتراك، حيث أجرى اتصالاً بالرئيس رجب طيب إردوغان، الثلاثاء الماضي.
في سياق متصل، أكد نائب رئيس الوزراء التركي هاكان جاويش أوغلو، أن عملية «غصن الزيتون» في عفرين لا تستهدف وحدة الأراضي السورية، وأن تركيا كانت وما زالت تحرص على وجوب مراعاة وحدة الأراضي السورية. وشدّد جاويش أوغلو، على أن تركيا «لن تسمح أبداً بتشكيل حزام إرهابي قرب حدودها الجنوبية، ولن ترضخ لسياسة الأمر الواقع في هذا الخصوص». وتابع قائلاً: «الهدف الرئيسي من هذه العملية، منع قيام حزام إرهابي قرب حدودنا الجنوبية، وبالتالي حماية حدود الناتو من خطر الإرهاب، وكذلك إنقاذ الأكراد والعرب والتركمان من ممارسات الميليشيات الكردية في تلك المناطق».
أكد وزير الخارجية التركي، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره العراقي إبراهيم الجعفري، على ضرورة تطهير جميع الأراضي السورية والعراقية والجبال في جنوب شرقي تركيا من التنظيمات الإرهابية. وتواصلت أمس الاتصالات الدبلوماسية من جانب أنقرة بشأن عملية عفرين، وأجرى وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو اتصالاً هاتفياً مع نظيره الفرنسي جان إيف لودريان أطلعه خلاله على معلومات حول العملية.
وأطلعت وزارة الخارجية التركية أمس سفراء كل من السعودية والأردن والعراق ولبنان وقطر والكويت على معلومات عن عملية «غصن الزيتون».
وأول من أمس، أطلعت الخارجية التركية، رؤساء البعثات الدبلوماسية للدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي: الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين، بالإضافة لإيران، على معلومات حول العملية.



طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

TT

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)
قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)

قال الجيش السوري ومصادر من قوات المعارضة إن قوات جوية روسية وسورية قصفت مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة، شمال غربي سوريا، قرب الحدود مع تركيا، اليوم (الخميس)، لصد هجوم لقوات المعارضة استولت خلاله على أراضٍ لأول مرة منذ سنوات.

ووفقاً لـ«رويترز»، شن تحالف من فصائل مسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام هجوماً، أمس (الأربعاء)، اجتاح خلاله 10 بلدات وقرى تحت سيطرة قوات الرئيس السوري بشار الأسد في محافظة حلب، شمال غربي البلاد.

وكان الهجوم هو الأكبر منذ مارس (آذار) 2020، حين وافقت روسيا التي تدعم الأسد، وتركيا التي تدعم المعارضة، على وقف إطلاق نار أنهى سنوات من القتال الذي تسبب في تشريد ملايين السوريين المعارضين لحكم الأسد.

وفي أول بيان له، منذ بدء الحملة المفاجئة قال الجيش السوري: «تصدَّت قواتنا المسلحة للهجوم الإرهابي الذي ما زال مستمراً حتى الآن، وكبَّدت التنظيمات الإرهابية المهاجمة خسائر فادحة في العتاد والأرواح».

وأضاف الجيش أنه يتعاون مع روسيا و«قوات صديقة» لم يسمِّها، لاستعادة الأرض وإعادة الوضع إلى ما كان عليه.

وقال مصدر عسكري إن المسلحين تقدموا، وأصبحوا على مسافة 10 كيلومترات تقريباً من مشارف مدينة حلب، وعلى بُعد بضعة كيلومترات من بلدتَي نبل والزهراء الشيعيتين اللتين بهما حضور قوي لجماعة «حزب الله» اللبنانية المدعومة من إيران.

كما هاجموا مطار النيرب، شرق حلب، حيث تتمركز فصائل موالية لإيران.

وتقول قوات المعارضة إن الهجوم جاء رداً على تصعيد الضربات في الأسابيع الماضية ضد المدنيين من قبل القوات الجوية الروسية والسورية في مناطق جنوب إدلب، واستباقاً لأي هجمات من جانب الجيش السوري الذي يحشد قواته بالقرب من خطوط المواجهة مع قوات المعارضة.

وفي الوقت نفسه، ذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية، اليوم (الخميس)، أن البريجادير جنرال كيومارس بورهاشمي، وهو مستشار عسكري إيراني كبير في سوريا، قُتل في حلب على يد قوات المعارضة.

وأرسلت إيران آلاف المقاتلين إلى سوريا خلال الصراع هناك. وبينما شمل هؤلاء عناصر من الحرس الثوري، الذين يعملون رسمياً مستشارين، فإن العدد الأكبر منهم من عناصر جماعات شيعية من أنحاء المنطقة.

وقالت مصادر أمنية تركية اليوم (الخميس) إن قوات للمعارضة في شمال سوريا شنَّت عملية محدودة، في أعقاب هجمات نفذتها قوات الحكومة السورية على منطقة خفض التصعيد في إدلب، لكنها وسَّعت عمليتها بعد أن تخلَّت القوات الحكومية عن مواقعها.

وأضافت المصادر الأمنية أن تحركات المعارضة ظلَّت ضمن حدود منطقة خفض التصعيد في إدلب التي اتفقت عليها روسيا وإيران وتركيا في عام 2019، بهدف الحد من الأعمال القتالية بين قوات المعارضة وقوات الحكومة.

وقال مصدر بوزارة الدفاع التركية إن تركيا تتابع التطورات في شمال سوريا عن كثب، واتخذت الاحتياطات اللازمة لضمان أمن القوات التركية هناك.

ولطالما كانت هيئة تحرير الشام، التي تصنِّفها الولايات المتحدة وتركيا منظمة إرهابية، هدفاً للقوات الحكومية السورية والروسية.

وتتنافس الهيئة مع فصائل مسلحة مدعومة من تركيا، وتسيطر هي الأخرى على مساحات شاسعة من الأراضي على الحدود مع تركيا، شمال غربي سوريا.

وتقول قوات المعارضة إن أكثر من 80 شخصاً، معظمهم من المدنيين، قُتلوا منذ بداية العام في غارات بطائرات مُسيرة على قرى تخضع لسيطرة قوات المعارضة.

وتقول دمشق إنها تشن حرباً ضد مسلحين يستلهمون نهج تنظيم القاعدة، وتنفي استهداف المدنيين دون تمييز.