بدء التوغل التركي البري في عفرين بدعم من «الحر»

يلدريم: «غصن الزيتون» على 4 مراحل... ومنطقة عازلة بعمق 30 كم

جنود أتراك فوق عرباتهم العسكرية في ريحانلي قرب الحدود التركية السورية أمس  (إ.ب.أ)
جنود أتراك فوق عرباتهم العسكرية في ريحانلي قرب الحدود التركية السورية أمس (إ.ب.أ)
TT

بدء التوغل التركي البري في عفرين بدعم من «الحر»

جنود أتراك فوق عرباتهم العسكرية في ريحانلي قرب الحدود التركية السورية أمس  (إ.ب.أ)
جنود أتراك فوق عرباتهم العسكرية في ريحانلي قرب الحدود التركية السورية أمس (إ.ب.أ)

مع بدء دخول قوات من الجيش التركي وفصائل من «الجيش السوري الحر» موالية لتركيا، أمس، محيط مدينة عفرين في إطار عملية «غصن الزيتون» العسكرية، أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن «القوات المشاركة في العملية ستسحق مقاتلي وحدات حماية الشعب المدعومة من الولايات المتحدة، وستنهي العملية خلال وقت قريب، وستقوم بملاحقتهم أينما ذهبوا»، في حين قال رئيس الوزراء بن علي يلدريم: إن العملية ستنفذ على 4 مراحل، وتستهدف إقامة منطقة آمنة بعمق 30 كيلومتراً، محذرا من تقديم أي دعم للميليشيات الكردية. وتمت السيطرة أمس على 3 قرى والتقدم 5 كيلومترات... وتعهد إردوغان بانتهائها في أسرع وقت.
واتهم إردوغان، في خطاب أمام تجمع نسائي حاشد لفروع المرأة بحزب العدالة والتنمية الحاكم في مدينة بورصة شمال غربي البلاد، بعض حلفاء تركيا (في إشارة إلى واشنطن) بتزويد وحدات حماية الشعب بألفي طائرة و5 آلاف شاحنة محملة بأسلحة، قائلاً: «يجب ألا تعولوا على دعم واشنطن حتى تتغلبوا على تركيا... بإذن الله ستنتهي هذه العملية خلال وقت قريب جداً».
كما حذر الرئيس التركي أكبر الأحزاب المؤيدة للقضية الكردية في تركيا (حزب الشعوب الديمقراطي) من أي محاولة لتنظيم مظاهرات معارضة للهجوم، قائلاً: «دعوني أؤكد لكم، أنتم مراقبون لحظة بلحظة... أياً كانت الساحة التي ستتجمعون فيها فستداهمكم قواتنا الأمنية… حذار، إذا استجاب البعض لهذه النداءات للتظاهر وارتكبوا خطأ الخروج إلى الشارع فسيدفعون الثمن باهظاً».
وفي وقت سابق، صباح أمس، أعلن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، أن عملية «غصن الزيتون» في عفرين ستجرى على 4 مراحل، وتستهدف إقامة منطقة آمنة بعمق 30 كيلومتراً داخل الأراضي السورية.
وقال يلدريم، في تصريحات لممثلي وسائل الإعلام التركية في لقاء على مائدة إفطار، أمس في إسطنبول: إن العمليات البرية لـ«غصن الزيتون»: «بدأت عند الساعة 11:05 بالتوقيت المحلي (8:05 غرينتش)»، وإن القوات التركية عبرت الحدود من ولاية كيليس نحو منطقة عفرين السورية، في ثاني أيام العملية العسكرية».
ميدانياً، دخلت قوات برية تابعة للقوات المسلحة التركية معززة بقوات من «الجيش السوري الحر» إلى مناطق يسيطر عليها الاتحاد الديمقراطي في عفرين شمال غربي سوريا، أمس، وقالت مصادر تركية: إن القوات توغلت إلى عمق 5 كيلومترات، وباشرت التقدم في المنطقة، واستولت على 3 قرى في محيط عفرين.
وسبق ذلك إعلان رئاسة هيئة أركان الجيش التركي بدء العملية العسكرية البرية في عفرين، في إطار عملية «غصن الزيتون»، وقالت في بيان: إن عملية «غصن الزيتون» التي انطلقت أول من أمس (السبت)، مستمرة حسب الخطة المرسومة لها. وأضاف البيان: إن «غصن الزيتون» تستهدف فقط «الإرهابيين» ومخابئهم، ومواقعهم، وأسلحتهم، وعرباتهم ومعداتهم، ويتم إبداء الحساسية اللازمة لعدم إلحاق الأذى بالمدنيين والأشخاص الأبرياء.
في الوقت نفسه، واصل الجيش التركي طوال الليلة قبل الماضية وحتى فجر أمس، إرسال تعزيزات جديدة لقواته العاملة على الحدود مع سوريا. وتحركت الوحدات العسكرية والمعدات القتالية من مناطق الريحانية وكريك خان، باتجاه النقاط الحدودية مع سوريا.
تدمير 153 هدفاً
وخلال ساعات الليل، استهدفت المدفعية التركية نقاطاً عسكرية لوحدات حماية الشعب الكردية في عفرين، كما قصفت مقاتلات تركية، أمس، مواقع جديدة وشوهدت أعمدة الدخان المتصاعدة من عفرين من داخل الأراضي التركية، وسُمع أيضاً دوي انفجارات كبيرة نتيجة استهداف المقاتلات التركية لمواقع الوحدات الكردية في عفرين.
وقالت رئاسة أركان الجيش التركي في بيان ثان: إن «72 طائرة تابعة لسلاح الجو شاركت في انطلاق عملية (غصن الزيتون) ضد التنظيمات الإرهابية في عفرين مساء أول من أمس (السبت)، وتمكنت من تدمير 108 أهداف في 7 مناطق بعفرين، وإن جميع الطائرات عادت إلى قواعدها بسلام». وذكر بيان صادر لرئاسة الأركان مساء أمس (الأحد) أن المقاتلات التركية دمرت أيضاً 45 هدفاً عسكرياً لوحدات حماية الشعب الكردية ليرتفع عدد الأهداف التي تم تدميرها إلى 153 هدفاً.
وواصلت المقاتلات التركية تحركاتها المكثفة في قاعدة إنجيرليك بولاية أضنة جنوبي البلاد، ضمن إطار عملية «غصن الزيتون»، حيث أقلع منها عدد من الطائرات، في حين يواصل عدد آخر الانتظار على أهبة الاستعداد. كما تستمر حركة قدوم ومغادرة طائرات الشحن العسكرية إلى مطار إنجيرليك.
في المقابل، أصيب شخص بجروح طفيفة، فجر أمس، جراء سقوط 4 قذائف صاروخية من الأراضي السورية على مدينة كليس جنوب تركيا. وقال والي كليس، محمد تكين أرسلان: إن القذائف سقطت على المدينة عند الساعة 01.40 بالتوقيت المحلي، وإن قذيفتين أصابتا منزلاً في حين أصابت قذيفة ثالثة محلاً تجارياً، وسقطت الرابعة في أرض خالية.
وأشار إلى أن شخصاً أصيب بجروح طفيفة جراء شظايا زجاج أصابت وجهه، نقل على إثرها إلى مستشفى المدينة. ولفت إلى أن قوات الأمن التركية ردت بالمثل على مصادر إطلاق القذائف في إطار قواعد الاشتباك. كما ذكرت تقارير إعلامية أن 4 قذائف أخرى سقطت على بلدة الريحانية في هطاي.
وتواصل المدفعية التركية، قصفها المكثف على مواقع وأهداف عسكرية في عفرين، في حين قالت رئاسة الأركان التركية: إن وحدات حماية الشعب الكردية تستخدم المدنيين دروعاً بشرية.
وقصفت المدفعية التركية المتمركزة في بلدات الريحانية وكريك خان وهصا في هطاي (غرب عفرين)، مواقع وأهداف الوحدات الكردية رداً على استهداف نقطة مراقبة للجيش التركي في منطقة خفض التصعيد بمحافظة إدلب شمال غربي سوريا. كما تقصف الوحدات العسكرية التركية المنتشرة في منطقة درع الفرات (شرق عفرين) الأهداف العسكرية للوحدات الكردية رداً على هجماتها. وأغلقت الوحدات الكردية المستشفى الميداني في عفرين، وبدأت نقل الجرحى للعلاج في مستشفيات مدنية. وأكد رئيس أركان الجيش التركي خلوصي أكار، أن عملية «غصن الزيتون» تستهدف الإرهابيين فقط، وأن الجيش التركي يولي أعلى درجات الاهتمام بتجنب المدنيين.
اتصال تركي - إيراني
وأجرى أكار، أمس، اتصالاً هاتفياً مع نظيره الإيراني اللواء محمد باقري حول عملية عفرين وتطوراتها. وذكر بيان لرئاسة الأركان، أن أكار أجرى اتصالاً هاتفياً مع باقري، تبادلا خلاله وجهات النظر حول القضايا الأمنية في سوريا، والتعاون في مجال مكافحة المنظمات الإرهابية.
في السياق ذاته، نقلت وكالة «الأناضول» عن مسؤول حلف شمال الأطلسي «ناتو»، لم تذكر اسمه، تأكيده دعم الحلف لتركيا في عملية «غصن الزيتون». وقال المسؤول: إن تركيا تقع في منطقة تسودها الفوضى، وإنها تعرضت لخسائر كبيرة بسبب الإرهاب، وشدد في هذا الإطار على أن «جميع الدول تتمتع بحق الدفاع عن النفس، لكن يجب أن تقوم بذلك بشكل متوازن ومعتدل». وأشار إلى أن تركيا زودت حلفاءها في الناتو بمعلومات حول عملية «غصن الزيتون». ولفت إلى أن الأمين العام للناتو، ينس ستولتنبرغ، في حالة اتصال مستمر مع المسؤولين الأتراك، حيث أجرى اتصالاً بالرئيس رجب طيب إردوغان، الثلاثاء الماضي.
في سياق متصل، أكد نائب رئيس الوزراء التركي هاكان جاويش أوغلو، أن عملية «غصن الزيتون» في عفرين لا تستهدف وحدة الأراضي السورية، وأن تركيا كانت وما زالت تحرص على وجوب مراعاة وحدة الأراضي السورية. وشدّد جاويش أوغلو، على أن تركيا «لن تسمح أبداً بتشكيل حزام إرهابي قرب حدودها الجنوبية، ولن ترضخ لسياسة الأمر الواقع في هذا الخصوص». وتابع قائلاً: «الهدف الرئيسي من هذه العملية، منع قيام حزام إرهابي قرب حدودنا الجنوبية، وبالتالي حماية حدود الناتو من خطر الإرهاب، وكذلك إنقاذ الأكراد والعرب والتركمان من ممارسات الميليشيات الكردية في تلك المناطق».
أكد وزير الخارجية التركي، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره العراقي إبراهيم الجعفري، على ضرورة تطهير جميع الأراضي السورية والعراقية والجبال في جنوب شرقي تركيا من التنظيمات الإرهابية. وتواصلت أمس الاتصالات الدبلوماسية من جانب أنقرة بشأن عملية عفرين، وأجرى وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو اتصالاً هاتفياً مع نظيره الفرنسي جان إيف لودريان أطلعه خلاله على معلومات حول العملية.
وأطلعت وزارة الخارجية التركية أمس سفراء كل من السعودية والأردن والعراق ولبنان وقطر والكويت على معلومات عن عملية «غصن الزيتون».
وأول من أمس، أطلعت الخارجية التركية، رؤساء البعثات الدبلوماسية للدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي: الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين، بالإضافة لإيران، على معلومات حول العملية.



الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
TT

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)

رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية، الجمعة، بتبني الجمعية العامة بأغلبية ساحقة خمسة قرارات لصالح الشعب الفلسطيني، من بينها تجديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».

وقالت الوزارة، في بيان، إن هذه القرارات «تعكس تضامناً واسعاً من جميع أنحاء العالم مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتمثل إقراراً بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات السياسية والإنسانية، بما فيها حق لاجئي فلسطين».

وأضافت أن هذا التضامن يؤكد دعم العالم لوكالة «الأونروا» سياسياً ومالياً، ولحماية حقوق اللاجئين وممتلكاتهم وإدانة الاستيطان الإسرائيلي.

وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن هذا التصويت «تعبير إضافي عن رفض المجتمع الدولي للضم والاستيطان والتهجير القسري والعقاب الجماعي والتدمير الواسع للبنية التحتية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والإبادة في قطاع غزة».


حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات بشأن تنفيذ ذلك.

هذا الحديث الغامض من ترمب، يفسره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأنه سيكون تغييراً في تنفيذ بنود الاتفاق، فبدلاً من الذهاب لانسحاب إسرائيلي من القطاع الذي يسيطر فيه على نسبة 55 في المائة، ونزع سلاح «حماس»، سيتم الذهاب إلى «البند 17» المعني بتطبيق منفرد لخطة السلام دون النظر لترتيباتها، وتوقعوا أن «المرحلة الثانية لن يتم الوصول إليها بسهولة في ظل عدم إنهاء ملفات عديدة أهمها تشكيل مجلس السلام ولجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار».

و«البند 17» في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ينص على أنه «في حال أخّرت (حماس) أو رفضت هذا المقترح، فإنّ العناصر المذكورة أعلاه، بما في ذلك عملية المساعدات الموسّعة، ستنفّذ في المناطق الخالية من الإرهاب التي يسلّمها الجيش الإسرائيلي إلى قوة الاستقرار الدولية».

و«وثيقة السلام» التي وُقعت في أكتوبر الماضي بين «حماس» وإسرائيل تناولت فقط النقاط المتعلقة بما يسمى «المرحلة الأولى»، وتشمل الهدنة الأولية وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، وشروط تبادل الأسرى والمحتجزين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بشأن «المرحلة الثانية» المتعلقة بإدارة غزة بعد الحرب.

وأعلن ترمب في تصريحات نقلت، الخميس، أن المرحلة الثانية من خطته للسلام في غزة «ستخضع للتعديل قريباً جداً»، وسط تصاعد القلق من تعثرها وعدم إحرازها تقدماً ملموساً في التنفيذ، دون توضيح ماهية تلك التعديلات.

المحلل في الشأن الإسرائيلي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن التعديل الذي يمكن أن يرتكز عليه ترمب للحيلولة دون انهيار الاتفاق كما يعتقد هو اللجوء لـ«البند 17» الذي يرسخ لتقسيم غزة، لغزة قديمة وجديدة، وهذا ما كان يطرحه المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف الشهر الماضي في عدد من لقاءاته.

وأشار إلى أن هذا التعديل هو المتاح خاصة أن الاتفاق أقر في مجلس الأمن الشهر الماضي، ويمكن أن يعاد تفعيل ذلك البند تحت ذرائع عدم استجابة «حماس» لنزع السلاح أو ما شابه، متوقعاً أن يقود هذا الوضع لحالة لا سلم ولا حرب حال تم ذلك التعديل.

رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية بخان يونس (أ.ف.ب)

ويرجح المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه في ظل عدم توضيح ماهية تعديلات ترمب بشأن المرحلة الثانية، فإن «هناك مخاوف من ترسيخ تقسيم غزة يمكن أن نراها في التعديل مع رغبة إسرائيلية في استمرار بقائها في القطاع، تطبيقاً لما يتداول بأن هذا غزة جديدة وأخرى قديمة».

ووسط ذلك الغموض بشأن التعديل، أفاد موقع «أكسيوس» بأن ترمب يعتزم إعلان انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، والكشف عن هيكل الحكم الجديد في القطاع قبل 25 ديسمبر (كانون الأول) الجاري. ونقل الموقع، الخميس، عن مسؤولَين أميركيين قولهما إن «تشكيل القوة الدولية وهيكل الحكم الجديد لغزة في مراحله الأخيرة»، متوقعين أن يعقد الرئيس الأميركي اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قبل نهاية ديسمبر الجاري لمناقشة هذه الخطوات.

غير أن الرقب يرى أن المرحلة الثانية أمامها عقبات تتمثل في «عدم تشكيل مجلس السلام وحكومة التكنوقراط، وعدم تشكيل الشرطة التي ستتولى مهامها وقوة الاستقرار، وأن أي تحركات لن ترى النور قبل يناير (كانون الثاني) المقبل».

ولا يرى عكاشة في المستقبل القريب سوى اتساع احتلال إسرائيل للمناطق التي تقع تحت سيطرتها في القطاع لتصل إلى 60 في المائة مع استمرار تعثر تنفيذ الاتفاق دون تصعيد كبير على نحو ما يحدث في جنوب لبنان من جانب إسرائيل.

فلسطينيون يسيرون أمام الخيام الممتدة على طول الشوارع وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا (أ.ف.ب)

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليوني فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً. كما نقلت صحيفة «تلغراف» البريطانية، عن دبلوماسيين غربيين أن الخطة الأميركية بشأن غزة تنطوي على خطر تقسيم القطاع إلى جزأين للأبد، ما يؤسّس لوجود قوات الاحتلال بشكل دائم في القطاع المنكوب.

وقبل نحو أسبوع، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء ببرشلونة مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على وحدة الأراضي الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة ورفض مصر أي إجراءات من شأنها تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وغزة أو تقويض فرص حل الدولتين على الأرض.

وأعاد عبد العاطي، التأكيد على ذلك في تصريحات، الأربعاء، قائلاً إنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة، فغزة هي وحدة إقليمية متكاملة، وجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية القادمة، جنباً إلى جنب مع الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهذه هي قرارات الشرعية الدولية وبالتأكيد يتعين الالتزام بذلك»، مؤكداً أنه إلى الآن يجرى التشاور بشأن لجنة إدارة قطاع غزة مع الأطراف المعنية، حتى تتولى هذه اللجنة الإدارية من التكنوقراط مهام العمل على الأرض. وأشار عكاشة إلى أن الجهود المصرية ستتواصل لمنع حدوث تقسيم في قطاع غزة أو حدوث تعديل يؤثر على الاتفاق، لافتاً إلى أن السيناريوهات مفتوحة بشأن التطورات المرتبطة بخطة ترمب.


«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
TT

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد المخصصة لهذه الفئة إلى قنوات تخدم مشروعها العسكري والآيديولوجي.

ومع استمرار انقطاع البرامج الحكومية والدعم الدولي، يجد المعاقون أنفسهم أمام واقع قاسٍ تتضاعف فيه الاحتياجات وتتراجع فيه فرص العلاج والرعاية.

مصادر محلية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية كثفت خلال الأسابيع الأخيرة من ممارساتها التي تستهدف ذوي الإعاقة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، سواء عبر استغلالهم في فعاليات ومناسبات سياسية، أو من خلال إجبار عشرات الأطفال على حضور دورات تعبئة فكرية تستند إلى خطاب طائفي، في مخالفة صريحة لأبسط قواعد الرعاية الإنسانية.

وتشير المصادر إلى أن ما تبقى من المراكز والمنشآت المتخصصة التي كانت تقدم خدمات طبية وتأهيلية للمعاقين، تحوّل إلى أماكن شبه مهجورة بعد إغلاقات تعسفية ووقف شبه تام للبرامج الفنية والدعم الخارجي، نتيجة استحواذ الجماعة على المخصصات والموارد المالية.

مبنى «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وكشف سكان في صنعاء أن مئات المعاقين فقدوا مصادر دخلهم المحدودة. ومع غياب برامج الدعم، اضطرت كثير من الأسر إلى إرسال أبنائها من ذوي الإعاقة إلى شوارع المدينة، بحثاً عن أي مساعدة تساهم في تغطية احتياجاتهم الغذائية أو تكاليف العلاج باهظة الثمن.

وتؤكد أسرة تقيم في ضواحي صنعاء أن اثنين من أبنائها من ذوي الإعاقة لم يعودا قادرين على تلقي جلسات العلاج الطبيعي أو الحصول على أجهزة طبية مساعدة، مثل الأطراف الصناعية أو السماعات، بعد ارتفاع أسعارها وغياب الدعم المخصص لهم من «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع لسيطرة الحوثيين.

وتضيف الأسرة أن الصندوق ـ الذي كان يعد المتنفس الوحيد لهذه الفئة ـ توقف عن تقديم معظم خدماته التعليمية والتأهيلية، مما أدى إلى حرمان مئات الأطفال من ذوي الإعاقة من حقهم في التعليم المتخصص.

ضحايا بلا رعاية

تقدّر مصادر يمنية حقوقية أن عدد ذوي الإعاقة في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين يتجاوز 4.5 مليون معاق، بينهم مصابون بإعاقات خلقية، وآخرون نتيجة الحرب التي أشعلتها الجماعة منذ انقلابها. وتؤكد التقديرات أن أكثر من 70 في المائة منهم محرومون من الحصول على أهم الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الكراسي المتحركة، والأجهزة التعويضية، وجلسات العلاج الطبيعي، وبرامج التأهيل المهني.

جانب من زيارة قيادات حوثية لـ«صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» في صنعاء (إعلام حوثي)

وأكد عاملون في «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً حاداً في الخدمات المقدمة، مشيرين إلى أن الصندوق يستقبل شهرياً نحو 800 حالة جديدة، معظمها تحتاج إلى رعاية طويلة المدى لا يستطيع الصندوق تلبيتها حالياً. وقالوا إن سيطرة الحوثيين على موارد الصندوق وقراراته أدت إلى إيقاف عشرات المراكز وتجميد برامج التأهيل، إضافة إلى تحويل جزء كبير من الدعم لصالح الجرحى والمقاتلين العائدين من الجبهات.

وأشار العاملون إلى أن المساعدات النقدية والأجهزة التعويضية تُمنح بشكل شبه حصري لعناصر الجماعة وجرحاها، في الوقت الذي يُترك فيه آلاف المعاقين المدنيين لمواجهة مصيرهم دون أي دعم.

تعبئة فكرية

وسط هذا الانهيار الإنساني، تواصل الجماعة الحوثية إخضاع عشرات الأطفال من ذوي الإعاقة في صنعاء لدورات فكرية وتعبوية تحت اسم «دورات توعوية»؛ إذ أفادت مصادر مطلعة بأن الجماعة جمعت خلال الأيام الماضية أطفالاً ومراهقين من تسعة مراكز وجمعيات متخصصة، تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، وأخضعتهم لمحاضرات تهدف إلى غرس أفكارها العقائدية.

وتقول المصادر إن هذه هي المرة الثالثة منذ مطلع العام التي يتم فيها إخضاع قاصرين معاقين لمثل هذه الأنشطة، في خطوة أثارت سخطاً واسعاً بين أسر الضحايا، الذين اعتبروا ذلك استغلالاً فجاً لفئة يُفترض حمايتها وتمكينها بدلاً من تجييرها لصالح مشروع سياسي.

ويأتي ذلك بعد زيارة مفاجئة للقيادي الحوثي محمد مفتاح، القائم بأعمال رئيس حكومة الانقلاب، إلى مقر الصندوق، وهي زيارة رأى فيها مراقبون محاولة لشرعنة ممارسات الجماعة لا أكثر.

فتيات معاقات لدى مشاركتهن في برنامج تعبوي نظمه الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)

ويحذر مختصون اجتماعيون في صنعاء من أن استمرار الإهمال وغياب برامج الدعم قد يدفعان بمزيد من ذوي الإعاقة إلى دوامة الفقر المدقع، ويعمق من معاناتهم الصحية والإنسانية. ويتهمون الجماعة الحوثية بأنها حولت هذه الفئة من مواطنين يحتاجون إلى رعاية إلى وسيلة للابتزاز السياسي والاستغلال الإعلامي.

ويطالب المختصون المؤسسات الدولية والمانحين بضرورة إعادة تفعيل برامج الدعم والتأهيل وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيداً عن تدخّلات الحوثيين، داعين إلى وضع آلية رقابة مستقلة على البرامج الموجهة لذوي الإعاقة.

ويؤكد المختصون أن إنقاذ هذه الفئة يتطلب جهوداً عاجلة، خصوصاً في ظل الانهيار المتواصل للخدمات الصحية وارتفاع تكاليف العلاج وتوقف التمويل المحلي والدولي عن معظم المراكز.