قائد «الوحدات» الكردية: موسكو متواطئة مع أنقرة

تحدث لـ {الشرق الأوسط} بعد عودته من روسيا

TT

قائد «الوحدات» الكردية: موسكو متواطئة مع أنقرة

قال قائد «وحدات حماية الشعب» الكردية سبان حمو في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن روسيا «خانت وغدرت» بأكراد سوريا لدى سماحها بالعملية التركية في عفرين شمال غربي حلب، لافتا إلى أن دمشق أبلغت «الوحدات» بأن موسكو منعت قوات الحكومة السورية من الرد على الجيش التركي وأنها منعت تقديم الدعم لـ«الوحدات».
وكشف حمو أنه زار موسكو أول من أمس والتقى رئيس الأركان الروسي فاليري غيراسيموف ومسؤولي الاستخبارات العسكرية، بعد محادثات رئيس الأركان التركي خلوصي أكار في العاصمة الروسية لوضع اللمسات الأخيرة على عملية «غصن الزيتون» للجيش التركي وفصائل سورية معارضة في عفرين.
وقال حمو: «إن الجانب الروسي أبلغنا بأنه من حق تركيا الدفاع عن أمن حدودها»، لافتا إلى أن غيراسيموف أبلغه بسحب عسكريين روس من عفرين باتجاه تل رفعت في ريف حلب، وأن «الجيش الروسي لن يتدخل في العملية التركية».
وأضاف: «طلبت غطاء جوياً ومنع تركيا من قصفنا، لكن الروس لم يوافقوا. الآن الوضع سيئ والقصف مستمر ولم يتوقف خلال الـ24 ساعة الماضية».
وبحسب معلومات متطابقة، فإن 3 نقاط كانت محل نقاش معمق بين موسكو وأنقرة حتى اللحظة الأخيرة؛ تتعلق باستعمال الطائرات التركية، وعمق التوغل البري، وهوية المقاتلين الذين سيدخلون إلى عفرين.
وأوضح مسؤول غربي لـ«الشرق الأوسط» موافقة موسكو على استعمال الطيران، وتقدم قواتها لدعم فصائل معارضة في عفرين، مع احتمال إقامة نقاط مراقبة على أطراف المدينة وإقامة «شريط آمن» داخل سوريا.
وقال حمو: «هناك تواطؤ روسي مع تركيا، بل هناك خيانة وغدر من روسيا»، لافتا إلى أنه لاحظ خلال محادثاته في موسكو أول من أمس اختلاف الموقف الروسي عن زياراته السابقة؛ إذ إن «الروس باتوا يتحدثون عن فصائل معتدلة في المعارضة السورية، وعن حق تركيا في تأمين حدودها.
كما طرحوا موضوع حزب العمال الكردستاني وحق تركيا في قتاله، فقلنا لهم إنه ليس هناك وجود لمقاتلين من حزب العمال الكردستاني بيننا. كما تساءلنا: ماذا كان يفعل الروس خلال وجودهم الطويل في عفرين؟». وتابع أن المسؤولين الروس «غيروا مواقفهم بين ليلة وضحاها، وصاروا يتحدثون عن قرار (الرئيس فلاديمير) بوتين»، لافتا إلى أنه عاد من موسكو بـ«قناعة بأن روسيا جزء من المؤامرة ضدنا».
وكانت موسكو أعربت مرات عدة عن دعم «فيدرالية الشمال» السوري، كما ضغطت على دمشق للحوار مع الإدارات الذاتية الكردية شمال سوريا.
ونصت مسودة روسية للدستور السوري على حقوق الأكراد والإدارات المحلية، إضافة إلى رغبة موسكو في مشاركة «الاتحاد الديمقراطي الكردي»، الذراع السياسية لـ«الوحدات»، في مؤتمر الحوار السوري في سوتشي نهاية الشهر، الأمر الذي اعترضت عليه أنقرة.
وكان لافتا أن «وحدات حماية الشعب» الكردية أصدرت بيانا ضد روسيا، قالت فيه: «نحن نعلم جيدا بأنه لولا موافقة روسيا على هذه الهجمات الجوية (التركية)، لما أقدمت الطائرات الحربية على قصف عفرين، ولما أمكن لهذه القوات التركية أن تتجرأ على تنفيذ هذه الهجمات. نؤكد هنا أن روسيا تتحمل مسؤولية هذه الهجمات، بقدر تحمل تركيا لهذه المسؤولية. لهذا نرى أن روسيا ستكون مسؤولة عن كل المجازر التي سترتكب في مقاطعة عفرين».
وقال حمو إن قياديين في «الوحدات» تواصلوا مع مسؤولين أمنيين وعسكريين في دمشق: «وتبلغنا بأنهم يريدون صد تركيا، وهم أصدروا بيانات، لكن قالوا لنا إن روسيا تمنعهم من ذلك».
وأشار إلى عبور عشرات المقاتلين والمعدات من منبج شمال شرقي حلب إلى عفرين لـ«دعم المقاتلين والمقاومة» بعد المرور بمناطق سيطرة النظام. وزاد: «لا داعي لوساطة روسية واللقاء في قاعدة حميميم الروسية، هناك تواصل مع دمشق، لكن موسكو متفاهمة مع أنقرة وتمنع القيادة السورية من الرد على العدوان التركي».
ولاحظ مراقبون تزامن الهجوم التركي على عفرين مع سيطرة قوات النظام وحلفائها من فصائل تدعمها إيران على مطار أبو الضهور العسكري في إدلب، ومع لقاءات تركية - روسية - إيرانية للاتفاق على قائمة المدعوين إلى «مؤتمر الحوار الوطني السوري» في سوتشي في 29 يناير (كانون الثاني) الحالي. وقال قيادي كردي أمس: «يبدو أن هناك تفاهمات كبرى تتعلق بصفقات استراتيجية لها علاقة بالغاز والسلاح».
من جهته، أشار حمو إلى أن هدف تركيا هو التقدم إلى عفرين و«ضمها إلى تركيا ثم السيطرة على حلب بعد أعزاز والباب وعفرين». واستبعد تقدم فصائل تدعمها تركيا إلى مدينة منبج التي تقيم فيها أميركا قاعدة عسكرية صغيرة لدعم «قوات سوريا الديمقراطية» الكردية - العربية.
وأوضح: «هناك نقطة روسية في منطقة عريما جنوب منبج، قد يسمح الروس لتركيا بالوصول إليها». وأشار إلى أن التحالف الدولي ضد «داعش» بقيادة أميركا، قال إن منطقة عفرين ليست ضمن نطاق عملياته العسكرية.
وزاد: «هذا موقف أميركي قديم. قالوا لنا إن عفرين تحت النفوذ الروسي».
وأقامت أميركا قاعدة التنف في زاوية الحدود السورية - العراقية - الأردنية، إضافة إلى 5 قواعد عسكرية رئيسية و6 متنقلة شرق نهر الفرات وقاعدة مطار الطبقة غرب النهر لدعم «قوات سوريا الديمقراطية» التي بدأت بتخريج «حرس حدود» تدربوا في معسكرات أميركية للانتشار قرب حدود العراق وتركيا ونهر الفرات في مواجهة قوات دمشق.
ويُعتقد أن قرار واشنطن بتدريب «حرس الحدود» ساهم في تسريع التدخل التركي في عفرين، وتضييق الفجوة بين أنقرة من جهة وموسكو وطهران داعميْ دمشق من جهة ثانية.
وأعربت أنقرة عن عدم الثقة في تطمينات أميركية خصوصاً مع زيادة الدعم لـ«فيدرالية الشمال» التي شهدت انتخابات وتأسيس إدارات محلية، إضافة إلى حديث وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون عن وجود طويل الأمد شرق الفرات لدعم «قوات سوريا الديمقراطية» وإعمار الرقة ومنع ظهور «داعش». ويعتقد أن أنقرة ترمي حالياً إلى تفكيك إقليم عفرين على حدودها.
وقال حمو أمس: «لدينا مقاتلون للدفاع عن عفرين، لكننا قلقون على المدنيين»، مشيرا إلى وصول تعزيزات من «الوحدات» من منبج إلى عفرين. وزاد: «سنقاوم، والمقاومة موضوع حتمي».



مصر تؤكد رفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية

وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
TT

مصر تؤكد رفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية

وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)

أكدت مصر «موقفها الثابت والرافض للمساس بسيادة لبنان ووحدة وسلامه أراضيه، فضلاً عن دعم المؤسسات الوطنية للاضطلاع الكامل بمسؤولياتها في الحفاظ على أمن واستقرار لبنان». وشددت على «ضرورة منع التصعيد واحتوائه، ورفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية».

جاء ذلك خلال لقاء وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مع مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط، كلير لوجندر، على هامش «منتدى صير بنى ياس» في الإمارات، السبت.

وثمن عبد العاطي العلاقات الاستراتيجية بين مصر وفرنسا، معرباً عن التطلع لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري وزيادة الاستثمارات الفرنسية في مصر، فضلاً عن تعزيز التعاون في مختلف المجالات وفى مقدمتها قطاعات الصناعة والنقل والسياحة والثقافة والتعليم. كما رحب بقرب انعقاد الجولة الأولى من الحوار الاستراتيجي بين وزارتي الخارجية المصرية والفرنسية.

وفيما يتعلق بتطورات القضية الفلسطينية، رحب وزير الخارجية المصري بالموقف الفرنسي الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، مبرزاً الجهود التي تقوم بها مصر لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة. وأكد «ضرورة تضافر الجهود الدولية لضمان تنفيذ قرار مجلس الأمن 2803 وسرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية في غزة للاضطلاع بمسؤوليتها ومهامها».

ونوه عبد العاطي بأهمية المضي في خطوات تشكيل لجنة التكنوقراط الفلسطينية لإدارة قطاع غزة. ولفت إلى أهمية ضمان نفاذ المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق إلى قطاع غزة في ظل تفاقم الأوضاع الإنسانية، مشدداً على أهمية خلق الأفق السياسي للتوصل إلى تسوية عادلة ومستدامة للقضية الفلسطينية من خلال تنفيذ حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

الشيخ عبد الله بن زايد خلال لقاء وزير الخارجية المصري في الإمارات (الخارجية المصرية)

ووفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية، السبت، تم التطرق خلال اللقاء إلى الأوضاع في السودان، حيث أطلع الوزير عبد العاطي المسؤولة الفرنسية على الجهود المصرية في إطار الرباعية بهدف تحقيق وقف إطلاق النار بما يسمح بإطلاق عملية سياسية سودانية شاملة، مؤكداً على ثوابت الموقف المصري بشأن حماية سيادة السودان، ووحدة وسلامة أراضيه، ورفض التقسيم، ودعم مؤسسات الدولة. وشدد على ضرورة توحيد الجهود الإقليمية والدولية لدفع مسار التهدئة والتوصل إلى وقف لإطلاق النار ونفاذ المساعدات الإنسانية. كما حرص وزير الخارجية على إطلاع المسئولة الفرنسية على نتائج زيارته الأخيرة للبنان.

وقال وزير الخارجية المصري خلال زيارته إلى العاصمة اللبنانية بيروت، الشهر الماضي، إن بلاده تنظر إلى لبنان بعدّه ركناً أساسياً في منظومة الأمن والاستقرار الإقليمي، مؤكداً على أن صون سيادته واستقلال قراره الوطني يظلان أولوية ثابتة في السياسة الخارجية المصرية.

في سياق آخر، التقى عبد العاطي، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الإماراتي، الشيخ عبد الله بن زايد، مساء السبت. وتناول اللقاء آفاق تعزيز العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين الشقيقين والبناء على ما تشهده من زخم إيجابي في مختلف المجالات، في ضوء ما يجمع القيادتين والشعبين من روابط راسخة وشراكة استراتيجية.

وبحسب «الخارجية المصرية»، السبت، تبادل الجانبان الرؤى حول عدد من القضايا والملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والأوضاع في الضفة الغربية وتنفيذ المرحلة الثانية من خطة الرئيس ترمب للسلام في قطاع غزة، فضلاً عن تطورات الأوضاع في السودان والتنسيق القائم في إطار الرباعية، والأوضاع في اليمن وسوريا وليبيا. واتفق الوزيران على «أهمية مواصلة التنسيق والتشاور لدعم جهود تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة وتعزيز العمل العربي المشترك».


«قوة استقرار غزة»... اجتماع مرتقب بالدوحة لسد الفجوات

أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
TT

«قوة استقرار غزة»... اجتماع مرتقب بالدوحة لسد الفجوات

أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)

تستضيف العاصمة القطرية، الدوحة، اجتماعاً عسكرياً، الثلاثاء، لبحث «تشكيل قوة الاستقرار» في قطاع غزة التي تنص عليها خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام، التي دخلت حيز التنفيذ 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ولاقت دعماً من مجلس الأمن في نوفمبر (تشرين الثاني) الفائت.

ذلك الاجتماع المرتقب يأتي وسط ضبابية بشأن مستقبل تلك القوات وتعثر الانتقال للمرحلة الثانية، ويراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» محاولة لسد فجوات، منها مهام تعترض عليها فصائل فلسطينية مرتبطة بالوجود داخل القطاع أو نزع السلاح، بخلاف وجود «فيتو إسرائيلي» على مشاركة دول بينها تركيا، وسط تباين بشأن قدرة الاجتماع على تقديم حلول ناجزة، في ظل عدم اتفاق سياسي على الانتقال للمرحلة الثانية، وترقب نتائج لقاء ترمب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أواخر هذا الشهر.

وتوقع مسؤولون أميركيون نشر هذه القوات مطلع العام المقبل، بعد بحث التفاصيل خلال اجتماع للقيادة المركزية الأميركية، بمشاركة عدد من الدول، في العاصمة القطرية، الدوحة، الثلاثاء، وفق ما أوردت وكالة «رويترز».

وقال مسؤولان أميركيان للوكالة، أخيراً، إنه من المتوقع أن ترسل أكثر من 25 دولة ممثلين عنها للمشاركة في الاجتماع الذي «سيتضمن جلسات لمناقشة هيكل القيادة، وقضايا أخرى متعلقة بقوة الاستقرار في غزة»، لافتين إلى أن «قوة الاستقرار الدولية لن تقاتل حركة (حماس)، وأن دولاً كثيرة أبدت رغبتها في المساهمة فيها».

ونقل موقع «أكسيوس»، الجمعة، أن مندوب الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، مايك والتز، الذي زار إسرائيل أخيراً، أبلغ نتنياهو ومسؤولين آخرين بأن إدارة ترمب ستتولى قيادة ما تُعرف باسم «قوة الاستقرار الدولية» وستعين جنرالاً قائداً لها.

ويعطي قرار تبناه مجلس الأمن الدولي في 17 نوفمبر الماضي تفويضاً «لمجلس سلام» في غزة والدول التي تتعاون معه، من أجل تأسيس «قوة استقرار دولية» مؤقتة في القطاع.

وسبق أن تحدثت القناة الـ«14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر الماضي، بأن الولايات المتحدة الأميركية حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة لإمكانية تأجيله مجدداً.

صبيَّان يحتميان من المطر وهما جالسان على عربة يجرُّها حمار في دير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

رئيس «المؤسسة العربية للتنمية والدراسات الاستراتيجية»، العميد سمير راغب، يرى أن اجتماع الدوحة سيركز على «سد الفجوات» مثل عدم تعيين قائد للقوة، رغم أن التسريبات تشير إلى أنه أميركي، فلا مهام محددة بشأن القوة حتى الآن، كما أنه لم يتم تشكيل «مجلس السلام» الذي صدر له التفويض الأممي بتشكيل القوة، بجانب وجود «فيتو إسرائيلي» على مشاركة تركيا، وهذا يعرقل مسار تحديد الدول، بخلاف عدم حسم قضايا سياسية مرتبطة بنزع السلاح.

وأشار إلى أن حديث انتشار القوات بداية العام يكون صحيحاً إذا كنا قد عرفنا الآن مهام وتسليح القوات، وباتت تتجمع هذه الأيام، وبالتالي نحن بصدد ترتيبات ستأخذ ربما شهرين لتحقيق انتشار لو حُسمت الملفات السياسية.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، نزار نزال، أن اجتماع الدوحة بشأن تلك القوات يناقش سد الفجوات «لكنه يشكل إطاراً عاماً للتعايش معها، وليس لحلها»، موضحاً أن الفجوات تتعلق بكيفية الانتشار ومهام القوات، وهل ستنزع سلاح «حماس» وتبدأ الانسحابات. ونبه إلى أن هذا الاجتماع قد يحسم التشكيل والتمويل، و«لا يعني مشاركة 25 دولة فيه أن هناك موافقة على الانخراط في القوة؛ لكن ستتم مناقشة الخطوط الأولية».

منظر عام لمخيَّم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بغزة (أ.ف.ب)

وعلى هامش مشاركته في «منتدى صير بني ياس» بالإمارات، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت: «ضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وأهمية تشكيل قوة الاستقرار الدولية»، وذلك خلال لقاء المدير العام لـ«أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية»، والمنسق الأممي الخاص السابق لعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، وفق بيان لـ«الخارجية المصرية».

وهذا التأكيد ليس الأول من نوعه من جانب مصر؛ حيث أعلنته أكثر من مرة أخيراً.

وردت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، على الصحافيين أخيراً بشأن تطورات اتفاق غزة، قائلة إن «هناك كثيراً من التخطيط الهادئ الذي يجري خلف الكواليس في الوقت الحالي للمرحلة الثانية من اتفاق السلام... نريد ضمان سلام دائم ومستمر».

وأوضح راغب أن المرحلة الأولى لم تنتهِ بعد، وهناك أمور سياسية لم تُحَل، لافتاً إلى أن «قمة ترمب-نتنياهو» المقررة نهاية هذا الشهر ستكون فاصلة في المرحلة الثانية، وتشكيل القوات، ورفع «الفيتو»، وإنهاء الفجوات.

أما نزال فيرى أن المرحلة الثانية لم تنضج بعد، والهدوء الأميركي في المناقشات محاولة لتفادي الفشل من أي إعلان قد يُحدث ضجة عند أي طرف، في ظل ريبة فلسطينية مما يُعد في الكواليس، متوقعاً أن تزداد مساعي الوسطاء تجاه الانتقال للمرحلة الثانية بأقل تكلفة ومخاطرة، وهذا سيتضح عقب لقاء ترمب بنتنياهو.


حراك سياسي وعسكري مكثف لإنهاء التوترات في شرق اليمن

جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
TT

حراك سياسي وعسكري مكثف لإنهاء التوترات في شرق اليمن

جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)

يترقَّب الشارع اليمني أن تُكلَّل الجهود التي تقودها السعودية، بشراكة مع الإمارات، بنزع فتيل التوتر وإنهاء التصعيد في حضرموت والمهرة على خلفية التحركات الأحادية الميدانية التي قام بها المجلس الانتقالي الجنوبي في الأيام الماضية، التي أدت إلى إرباك معسكر الشرعية اليمنية، وسط مخاوف من أن يقود ذلك إلى تبعات اقتصادية وإنسانية وأمنية في ظل تربص الجماعة الحوثية بالمناطق المُحرَّرة.

جاء ذلك غداة حراك سياسي وعسكري مكثَّف في إطار الجهود السعودية - الإماراتية الرامية إلى احتواء التوتر في المحافظات الشرقية، وذلك مع وصول فريق عسكري مشترك إلى عدن، وعقد لقاءات رسمية مع قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي، بالتوازي مع لقاءات في حضرموت مع قيادات محلية وقبلية، في مسعى لإعادة تطبيع الأوضاع ومنع انزلاقها إلى مزيد من التصعيد.

وجاءت هذه التحركات في وقت تشهد فيه محافظتا حضرموت والمهرة توتراً متزايداً على خلفية تحركات ميدانية للمجلس الانتقالي الجنوبي، وما أعقبها من مواجهات وأحداث أمنية، دفعت «تحالف دعم الشرعية» إلى تكثيف مساعيه السياسية والعسكرية لفرض التهدئة، والحفاظ على وحدة مؤسسات الدولة في المناطق المُحرَّرة.

الزبيدي استقبل في عدن وفداً عسكرياً سعودياً إماراتياً مشتركاً (سبأ)

في هذا السياق، استقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اللواء عيدروس قاسم الزُبيدي، وهو رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، في القصر الرئاسي بعدن، قيادة القوات المشتركة لـ«تحالف دعم الشرعية»، يتقدمهم اللواء الركن سلطان العنزي، واللواء الركن عوض الأحبابي، بحضور عضو مجلس القيادة عبد الرحمن المحرمي، ورئيس هيئة التشاور والمصالحة محمد الغيثي، ورئيس اللجنة العسكرية والأمنية المشتركة العليا اللواء هيثم قاسم طاهر.

ووفق مصادر رسمية، ناقش اللقاء سبل توحيد الجهود لمواجهة التحديات التي تهدِّد أمن اليمن والمنطقة، وفي مقدمتها الإرهاب، وتهريب الأسلحة، والتهديدات التي تمس المصالح الدولية وحرية الملاحة، إلى جانب آليات تعزيز التنسيق العسكري والأمني بين القوات اليمنية والتحالف.

وأشاد الزُبيدي بالدور الذي تضطلع به دول التحالف بقيادة السعودية والإمارات، مؤكداً أهمية الشراكة القائمة في دعم القوات اليمنية، بينما أكدت قيادة القوات المشتركة دعمها المستمر للقوات المسلحة اليمنية في مواجهة الميليشيات الحوثية، ومكافحة الإرهاب، وتعزيز الاستقرار في المرحلتين الحالية والمستقبلية.

بيان رئاسي

بالتوازي مع هذه التحركات، جدَّد مصدر مسؤول في مكتب الرئاسة اليمني الإشادة بجهود السعودية لخفض التصعيد وإعادة تطبيع الأوضاع في المحافظات الشرقية، وذلك بعد وصول الفريق العسكري السعودي - الإماراتي إلى عدن.

وأوضح المصدر أن الزيارة تأتي ضمن جهود الرياض وأبوظبي لتعزيز وحدة مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، ومعالجة تداعيات الإجراءات الأحادية الأخيرة، بما يضمن عودة الأوضاع إلى مسارها الطبيعي، وتمكين السلطات المحلية والحكومة من أداء مهامها وفقاً للدستور والقانون.

وأشار البيان إلى أن المشاورات الجارية تتناول معالجة مسألة القوات المُستقدَمة من خارج المحافظات الشرقية، وسبل مغادرتها، إضافة إلى تمكين مؤسسات الدولة من ممارسة صلاحياتها الحصرية، واحترام المرجعيات الحاكمة للمرحلة الانتقالية، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض.

مناصرون للمجلس الانتقالي الجنوبي خلال حشد في عدن (أ.ف.ب)

وحذَّر المصدر من أن أي تصعيد إضافي من شأنه تبديد المكاسب المُحقَّقة، وصرف الانتباه بعيداً عن المعركة ضد جماعة الحوثي، وتقويض جهود الإصلاحات الاقتصادية، ومفاقمة الأزمة الإنسانية في البلاد، مؤكداً حرص قيادة الدولة على تغليب الحلول السياسية، ودعم الجهود السعودية - الإماراتية، والعمل الوثيق مع الشركاء الإقليميين والدوليين.

آليات مرتقبة للحل

أفادت مصادر مطلعة بأن الفريق العسكري السعودي - الإماراتي يبحث وضع آليات تنفيذية لخروج القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي من محافظتَي حضرموت والمهرة، وإعادتها إلى مواقعها السابقة، إلى جانب ترتيبات لتسليم بعض المواقع لقوات «درع الوطن»، في إطار إجراءات منسقة تهدف إلى إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل التصعيد.

كما عقد الوفد السعودي، برئاسة اللواء الدكتور محمد القحطاني، لقاءً موسعاً في حضرموت مع قيادة السلطة المحلية برئاسة المحافظ سالم الخنبشي، وقيادات الكتلة البرلمانية ومجلس الشورى، ومرجعيات قبائل حضرموت، ومشايخ وأعيان الوادي والصحراء.

وأكد المحافظ الخنبشي أن زيارة الوفد السعودي تمثل دعامةً لأواصر الأخوة بين البلدين، مشيداً بمواقف المملكة الداعمة لحضرموت في هذه الظروف، بينما شدَّد رئيس الوفد السعودي على أن اللقاءات تأتي في إطار فرض التهدئة، ورفض أي تشكيلات عسكرية خارج نطاق الدولة، والحفاظ على أمن واستقرار المحافظة.

رئيس الوفد السعودي في حضرموت اللواء محمد القحطاني يلتقي قيادات قبلية ومحلية (سبأ)

وأشادت القيادات البرلمانية والقبلية بالموقف السعودي، عادّةً أن هذه التحركات تمثل تطميناً للمواطنين، وتؤكد الحرص على معالجة تداعيات دخول قوات من خارج المحافظة، والحفاظ على النسيج الاجتماعي.

في المقابل، نعت رئاسة هيئة الأركان العامة اليمنية عدداً من منتسبي المنطقة العسكرية الأولى، الذين سقطوا خلال مواجهات وصفتها بأنها اعتداءات نفَّذتها مجاميع تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، مشيرةً إلى سقوط 32 قتيلاً و45 جريحاً، إضافة إلى مفقودين، ومؤكدة التزام القوات المسلحة بواجباتها تحت قيادة الدولة ووفقاً للدستور والقانون.

وفي موقف سياسي لافت دعا أحمد علي عبد الله صالح، وهو النجل الأكبر للرئيس اليمني الأسبق، جميع الأطراف اليمنية، إلى وقف التصعيد وضبط النفس، والعودة إلى الحوار، محذِّراً من أن استمرار التوتر في المحافظات الشرقية لا يخدم استقرار البلاد، ولا جهود توحيد الصف في مواجهة الحوثيين والتنظيمات الإرهابية.