الوجه الحوثي لصنعاء: أسواق ليست للفقراء... وأبرز الزبائن أعضاء الجماعة

سكان في العاصمة اليمنية لـ«الشرق الأوسط»: نعيش عهداً مظلماً

جانب من متجر أغذية في العاصمة اليمنية (أ.ف.ب)
جانب من متجر أغذية في العاصمة اليمنية (أ.ف.ب)
TT

الوجه الحوثي لصنعاء: أسواق ليست للفقراء... وأبرز الزبائن أعضاء الجماعة

جانب من متجر أغذية في العاصمة اليمنية (أ.ف.ب)
جانب من متجر أغذية في العاصمة اليمنية (أ.ف.ب)

«هي صنعاء التي تعرفها، إذا استثنيت ذلك التشوه البصري الذي علق بأسوارها جراء تفشي (لعنة الموت الخمينية)... الأسواق بضوضائها، تعرجات الشوارع المثخنة بالفقد، وفضول المارة وهم يحدقون في واجهات المباني، وكأنهم يعدونها بالخلاص القريب من وعثاء الميليشيات».
«عاد سعر الريال إلى سابق عهده قبل أسبوع، لكن تجار المواد الغذائية يرفضون العودة إلى نفس الأسعار السابقة».
في وسط صنعاء، وتحديداً شارع القصر، يتهافت على المارة «صرافو العملات» المتنقلون، وعلى مقربة منهم تشرع متاجر الصرافة أبوابها عن اليمين وعن الشمال.
استعاد الريال اليمني عافيته لليوم الثالث على التوالي. لكن لم يستعد اليمنيون دولتهم المخطوفة، ولا نمط حياتهم المعيشي الذي بات ذكرى للكثيرين منهم أشبه بحلم لذيذ في ليلة دافئة، به يلوذون لتناسي الكابوس الحوثي المقيم. كانت هذه فواصل من أحاديث صنعانية، خلال جولة ميدانية لـ«الشرق الأوسط» في أسواق العاصمة اليمنية.
يقول أحد العاملين في متاجر الصرافة: «معضلة أخرى نلحظها هنا، تتمثل في عدم انخفاض أسعار السلع والمواد الغذائية بعد الزيادة الأخيرة التي شهدتها مطلع الأسبوع، جراء انهيار سعر الريال، وتجاوزه حاجز الـ500 ريال مقابل الدولار». يتهكم مجدي وهو شاب يعمل في أحد المتاجر بسخرية: «في هذه البلاد لا شيء يعود إلى سابق عهده، حتى لو وصل سعر الدولار إلى ريال واحد ستبقى أسعار السلع كما هي».
يخاطب أحد المتسوقين شخصاً إلى جواره يبدو أنه صديقه بعد أن دخل معه في جدال «خلوا (السيد) يجيب لكم أحجار كريمة» في إشارة ساخرة إلى أحد خطابات زعيم ميليشيا الحوثيين عبد الملك الحوثي قبل انقلابه على السلطة الشرعية، التي زعم فيه أن «الحجارة في اليمن وحدها تكفي للقضاء على الفقر».
تزخر الأسواق بكل شيء، السلع الأساسية، والخضار، وأنواع الفواكه المستوردة والمحلية، ومستلزمات التجميل، ومتطلبات «الطاقة الشمسية» التي استعاض بها سكان العاصمة عن «الكهرباء العمومية».
كل ما يخطر في البال، تراه في هذا الركن من المتجر، أو في ركن مقابل، يقول مجدي: «لا يوجد حصار على اليمن إلا في مخيلة الحوثي وخطاباته التعيسة».
سعر الريال اليمني رسا أمس في متاجر الصرافة ما بين 430 و460 ريالاً للدولار الواحد، ما يعني أنه استعاد نحو 100 ريال من قيمته بعد الوديعة السعودية، إذ بلغ صرف الدولار الواحد قبلها نحو 530 ريالاً.
ويتبرأ أحد تجار الجملة في منطقة شعوب وسط العاصمة اليمنية من مسؤولية ارتفاع الأسعار، ويلقيها على «سياسات الحوثي وعبث ميليشياته التي تفرض إتاوات على أغلب التجار في كل مناسبة، إلى جانب الضرائب والجمارك المضاعفة التي تفرضها الجماعة علينا في مداخل المدن». يضيف بأن «أجور النقل كارثة أخرى واجهتنا بسبب ارتفاع سعر المشتقات النفطية، التي حولها الحوثي إلى سوق سوداء بعد أن قام بتدمير (شركة النفط)، وألغى دورها ليتيح المجال لقياداته لتأسيس شركات خاصة تحتكر استيراد الوقود».
أغلب محطات الوقود في صنعاء مشرعة أبوابها، حتى أيام الإجازات، لا توجد طوابير زحام ولا مخاوف من أزمة محتملة، لكن سعر الـ20 لتراً من البنزين يبلغ نحو 8 آلاف ريال يمني في المتوسط، وهو سعر يزيد عن ضعف السعر الذي كان متداولاً قبل انقلاب الحوثي على السلطة الشرعية في سبتمبر (أيلول) 2014. ليست المشكلة - كما يقول متسوق آخر - «في الحصار المزعوم الذي يصدع رؤوسنا به إعلام الحوثيين ليل نهار، ولكن في انعدام القدرة الشرائية لدى الناس». 16 شهراً مضت، ونحو مليون موظف بلا رواتب، هؤلاء يعولون بحسب تقديرات منظمات الإغاثة نحو 7 ملايين نسمة، ما يعني أن الشق الأغلب من الناس صاروا يعيشون داخل الهاوية التي حفرها الحوثي لهم بجنونه الطائفي وتبعيته للمشروع الإيراني.
خلال 3 سنوات من الانقلاب المشؤوم، جرفت الميليشيات كل شيء، خمسة مليارات دولار على الأقل احتياطي البنك المركزي ونحو ترليوني ريال من العملة المحلية ذهبت كلها أدراج الرياح وإلى جيوب قادة الميليشيا، كما يقول مسؤولو الحكومة الشرعية.
في أحد منعطفات تجوالنا، كان أحد الحلاقين الشهيرين في شارع حدة يقف عند باب صالونه، يتأمل المارة، وكأنه يبحث عن زبونه الموعود الذي طال انتظاره ولم يأت بعد إلى الباب.
يتهكم صاحبنا، الذي فضل عدم ذكر اسمه، من الوضع البائس الذي بات عليه الناس. يقول: «كانت الزبائن قبل دخول الحوثي صنعاء يتأخرون عن موعد الحلاقة المفترض بسبب انشغالهم في الأعمال والوظائف، الآن يتأخرون عن الموعد لأنهم بلا أعمال ولا رواتب يسددون منها أجرة الحلاقة».
يقاطع الحديث معه فجأة، دوي رصاص وألعاب نارية وطبول وأهازيج من مكبرات صوت، وهو مشهد بات اعتيادياً في صنعاء، للمواكب التي ينظمها الحوثيون لقتلاهم حين يعودون بهم إلى أسرهم جثثاً هامدة، وحين يشيعونهم إلى المقابر التي ازدهرت في عهدهم على نحو غير مسبوق.
يعلق الحلاق وهو يشير إلى الموكب: «هؤلاء فقط من بات يملك كل شيء». تعليقه هذا ليس من باب إلقاء الكلام على عواهنه، كما يظن البعض، فأغلب ملاك مكاتب العقارات والأراضي يؤكدون أن أغلب زبائنهم باتوا من قادة الميليشيات الحوثية، وتحديدًا من قيادات صعدة.
الكثير من المواطنين في صنعاء ركنوا سياراتهم أمام منازلهم، أو اضطروا إلى بيعها بأسعار زهيدة، إما لأنهم في حاجة إلى المال لسد بعض متطلبات المعيشة، وإما لأنهم أصبحوا لا يستطيعون شراء الوقود.
يعلق يحيى وهو شاب جامعي بقوله: «توقع حوثياً مرفهاً فقط، حين تمر إلى جوارك سيارة دفع رباعي، أما من ما زال يملك سيارة من ميسوري الحال فهي في الأغلب من النوع الأرخص والأقل استهلاكاً للوقود».
لم ترتفع أسعار الخبز بأنواعه في العاصمة، لكن ملاك الأفران لجأوا كعادتهم بعد ارتفاع سعر القمح مع تدهور العملة إلى تصغير حجم الرغيف. يقول محسن وهو موظف في شركة خاصة: «كنت أكتفي برغيفين عند الغداء، الآن أشتي (أريد) عشرة أرغفة على الأقل لكي أشبع».
أينما وجهت نفسك في شوارع صنعاء، هناك طوابير من المتسولين على غير العادة، رجال ونساء وصغار، أصحاب عاهات وأعضاء مبتورة، في هيئة متشردين بل وفي هيئات محترمة أيضاً! تتوقف في تقاطعات المدينة على وقع إشارة متوسلة من رجل مرور يجاهد للسيطرة على لهفة العربات المستعجلة. في تقاطع شارع القيادة، باعة متجولون يعرضون عليك قناني المياه المعدنية وأقراصاً مدمجة لأهازيج الميليشيات الحوثية. تفتقد تنافس باعة الصحف المتنوعة بتوجهاتها في هذا المكان قبل سنوات، يمر طفل في العاشرة تقريباً خالي الوفاض إلا من الصحيفة الناطقة باسم الحوثيين (صدى المسيرة)، يحاول جاهداً إقناعك بشرائها، وحين يفشل يقول: «خلاص ادي لي (أعطني) عشرين ريال لله».
تغالب دمعتك وأنت تستقرئ نماذج محزنة تعبر عن معضلة 3 ملايين نسمة على الأقل هم في حكم الأسرى تحت قبضة الميليشيات الحوثية.
الجميع يحتاجون طعاماً ودواءً وتعليماً ومياهاً نظيفة للشرب، ولا سلطة تحس بأوجاعهم ولا ضمير يهتز إلا باتجاه محاولة خطف أبنائهم إلى محارق الموت الحوثية.
وعد الحوثي بصرف نصف راتب للموظفين قبل شهرين، لكن لم يفِ بوعده، وفي آخر اجتماع لحكومته الانقلابية هذا الأسبوع قرر أن تكون الأولوية للإنفاق على جبهات القتال.
أحد المعلمين تحول إلى بائع متجول للبطاطس المقلية منزلياً، يقول: «كيف نستطيع أن نذهب لتعليم التلاميذ ولا نملك أجرة المواصلات، وكيف نعود بعد انتهاء اليوم وليس معنا قيمة خبز لمن نعولهم، ومن أين تجد (فكة بسيطة) ترضي بها أصغر أطفالك وهو يتحسس جيبك لشراء حلواه المفضلة».
كل ملامح الحياة في صنعاء قابلة للاستنطاق. مسلحون يجوبون الشوارع، أسواق مكتظة بالسلع وفقر يعصر البطون تكاد تسمعه من خلف الجدران الإسمنتية. خارج نطاق قطاع الموظفين الحكوميين، هناك من صمد لإبقاء عمله الخاص ليقيه شر الفاقة، كما هو حال أصحاب المهن اليدوية. والبعض الآخر ينتظر ما يرسله قريب له يعمل خارج اليمن من وقت لآخر، كما هو حال مازن الذي صادفناه في محل للصرافة يستلم حوالته المرسلة من ابن عمه المغترب في الولايات المتحدة.
وبين هذا وذاك لا يزال الكثير من المواطنين يواجهون مصيرهم منفردين، في واقع تقول خلاصته «إن صنعاء التاريخ والحضارة أصبحت تغرق في أكثر أزمنتها إظلاماً على الإطلاق».


مقالات ذات صلة

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 في وقفة تحدٍ لتحالف الازدهار (غيتي)

تحالف حقوقي يكشف عن وسائل الحوثيين لاستقطاب القاصرين

يكشف تحالف حقوقي يمني من خلال قصة طفل تم تجنيده وقتل في المعارك، عن وسائل الجماعة الحوثية لاستدراج الأطفال للتجنيد، بالتزامن مع إنشائها معسكراً جديداً بالحديدة.

وضاح الجليل (عدن)
شؤون إقليمية أرشيفية لبقايا صاروخ بالستي قال الجيش الإسرائيلي إنه أطلق من اليمن وسقط بالقرب من مستوطنة تسور هداسا (إعلام إسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن

قال الجيش الإسرائيلي في ساعة مبكرة من صباح اليوم (السبت)، إن الدفاعات الجوية الإسرائيلية اعترضت صاروخاً أطلق من اليمن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الخليج جانب من مؤتمر صحافي عقده «فريق تقييم الحوادث المشترك» في الرياض الأربعاء (الشرق الأوسط)

«تقييم الحوادث» في اليمن يفنّد عدداً من الادعاءات ضد التحالف

استعرض الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن عدداً من الادعاءات الموجهة ضد التحالف، وفنّد الحالات، كلٌّ على حدة، مع مرفقات إحداثية وصور.

غازي الحارثي (الرياض)

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى مواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام، أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حزمة من الإجراءات المنسقة لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز المركز القانوني للدولة، وذلك بعد تلقي المجلس تقارير من الأجهزة الرقابية والقضائية حول قضايا فساد كبرى وقعت في الأعوام الأخيرة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه، بناءً على توصيات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، صدرت توجيهات مستعجلة لاستكمال إجراءات التحقيق في القضايا قيد النظر، مع متابعة الجهات المتخلفة عن التعاون مع الأجهزة الرقابية.

وشدد مجلس الحكم اليمني على إحالة القضايا المتعلقة بالفساد إلى السلطة القضائية، مع توجيهات صريحة بملاحقة المتهمين داخل البلاد وخارجها عبر «الإنتربول» الدولي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي (سبأ)

وأمر العليمي -حسب المصادر الرسمية- بتشكيل فريق لتقييم أداء هيئة أراضي الدولة وعقاراتها، التي تواجه اتهامات بتسهيل الاستيلاء على أراضيها من قِبل شخصيات نافذة. كما شدد على إلغاء جميع التصرفات المخالفة للقانون وملاحقة المتورطين.

وبينما تشير هذه الخطوات الجادة من مجلس القيادة الرئاسي إلى التزام الحكومة اليمنية بمكافحة الفساد، وتحسين الأداء المؤسسي، وتعزيز الشفافية، يتطلّع الشارع اليمني إلى رؤية تأثير ملموس لهذه الإجراءات في بناء دولة القانون، وحماية موارد البلاد من العبث والاستغلال.

النيابة تحرّك 20 قضية

ووفقاً لتقرير النائب العام اليمني، تم تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تشمل جرائم الفساد المالي، وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي. ومن بين القضايا التي أُحيلت إلى محاكم الأموال العامة، هناك قضايا تتعلّق بعدم التزام بنوك وشركات صرافة بالقوانين المالية؛ مما أدى إلى إدانات قضائية وغرامات بملايين الريالات.

كما تناولت النيابة العامة ملفات فساد في عقود تنفيذ مشروعات حيوية، وعقود إيجار لتوليد الطاقة، والتعدي على أراضي الدولة، وقضايا تتعلق بمحاولة الاستيلاء على مشتقات نفطية بطرق غير مشروعة.

مبنى المجمع القضائي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (سبأ)

ومع ذلك، اشتكت النيابة من عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع طلبات توفير الأدلة والوثائق، مما أدى إلى تعثر التصرف في قضايا مهمة.

وأوردت النيابة العامة مثالاً على ذلك بقضية الإضرار بمصلحة الدولة والتهرب الجمركي من قبل محافظ سابق قالت إنه لا يزال يرفض المثول أمام القضاء حتى اليوم، بعد أن تمّ تجميد نحو 27 مليار ريال يمني من أرصدته مع استمرار ملاحقته لتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة. (الدولار يساوي نحو 2000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية).

وعلى صعيد التعاون الدولي، أوضحت النيابة العامة أنها تلقت طلبات لتجميد أرصدة أشخاص وكيانات متورطين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبينما أصدرت النيابة قرارات تجميد لبعض الحسابات المرتبطة بميليشيات الحوثي، طلبت أدلة إضافية من وزارة الخزانة الأميركية لتعزيز قراراتها.

تجاوزات مالية وإدارية

وكشف الجهاز المركزي اليمني للرقابة والمحاسبة، في تقريره المقدم إلى مجلس القيادة الرئاسي، عن خروقات جسيمة في أداء البنك المركزي منذ نقله إلى عدن في 2016 وحتى نهاية 2021. وتضمنت التجاوزات التلاعب في الموارد المالية، والتحصيل غير القانوني للرسوم القنصلية، وتوريد إيرادات غير مكتملة في القنصلية العامة بجدة وسفارتي اليمن في مصر والأردن.

وأفاد الجهاز الرقابي بأن التجاوزات في القنصلية اليمنية في جدة بلغت 156 مليون ريال سعودي، تم توريد 12 مليون ريال فقط منها إيرادات عامة، في حين استولت جهات أخرى على الفارق. أما في مصر فتم الكشف عن استيلاء موظفين في السفارة على 268 ألف دولار من إيرادات الدخل القنصلي باستخدام وثائق مزورة.

وفي قطاع الكهرباء، كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن مخالفات جسيمة في عقود توفير المشتقات النفطية، تضمّنت تضخيم تكلفة التعاقدات وإهدار المال العام بقيمة تزيد على 285 مليون دولار. كما أشار التقرير إلى اختلالات في عقود السفينة العائمة لتوليد الطاقة التي تضمنت بنوداً مجحفة وإعفاءات ضريبية وجمركية للشركة المتعاقد معها.

وتحدّث الجهاز الرقابي اليمني عن اعتداءات ممنهجة على أراضي الدولة، تشمل مساحة تزيد على 476 مليون متر مربع، وقال إن هذه الاعتداءات نُفّذت بواسطة مجاميع مسلحة وشخصيات نافذة استغلّت ظروف الحرب لنهب ممتلكات الدولة. كما تم تسليم أراضٍ لمستثمرين غير جادين تحت ذرائع قانونية؛ مما تسبّب في إهدار أصول حكومية ضخمة.

وحسب التقارير الرقابية، تواجه شركة «بترومسيلة» التي أُنشئت لتشغيل قطاع 14 النفطي في حضرموت (شرق اليمن)، اتهامات بتجاوز نطاق عملها الأساسي نحو مشروعات أخرى دون شفافية، إلى جانب اتهامها بتحويل أكثر من مليار دولار إلى حساباتها الخارجية، مع غياب الرقابة من وزارة النفط والجهاز المركزي.