العبادي والجبوري يلجآن إلى «الاتحادية» لحسم موعد الانتخابات

قيادي سني: الحكومة تتذرع بنا لعدم جاهزيتها

TT

العبادي والجبوري يلجآن إلى «الاتحادية» لحسم موعد الانتخابات

رغم التحشيد والتحشيد المقابل من قِبل الكتل الشيعية باتجاه إجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها المقرر في الثاني عشر من شهر مايو (أيار) المقبل والكتل السنية باتجاه التأجيل ستة شهور، هرع كل من رئيس الوزراء حيدر العبادي، ورئيس البرلمان سليم الجبوري، كلاً على انفراد إلى المحكمة الاتحادية لغرض الاستفسار بشأن الموعد النهائي للانتخابات أم إمكانية التأجيل.
بدوره، كشف القيادي البارز في تحالف القوى العراقية وعضو البرلمان العراقي ظافر العاني لـ«الشرق الأوسط»، عن أن «القوى السنية رغم مشكلات النزوح، وهي مشكلات ليست بسيطة جاهزة لخوض الانتخابات في موعدها المقرر؛ لأننا الأكثر حاجة إلى التغيير بعد كل ما حصل لأهلنا جراء احتلال تنظيم داعش محافظاتنا، وما ترتب على ذلك من مآس أدت إلى نزوح أكثر من 4 ملايين سني من منازلهم». وأضاف العاني: إن «المشكلة بالحكومة وليست بنا؛ فهي ليست جاهزة من نواح كثيرة لإجراء الانتخابات في مواعيدها الدستورية، ولأنها هي التي ألزمت نفسها عبر الشروط التي وضعتها على نفسها بإجراء الانتخابات مع تحقيق تلك الشروط، بينما واقع الحال يشير إلى أن الشروط تلك لم تتحقق على أرض الواقع بما يتناسب مع التعهدات وحجم المشكلات في المحافظات الغربية». وأوضح إن «المشكلة ليست فقط في نازحي المحافظات التي احتُلت من (داعش) والتي تجري عملية إعادة نازحيها وفق ما هو مقرر، لكن هناك نازحين تحررت مدنهم قبل نحو 3 سنوات ولم تتم إعادتهم إليها مثل جرف الصخر ويثرب وصلاح الدين وديالي، حيث ما زالت الميليشيات تسيطر على هذه المناطق وترفض عودة أهاليها إليها، إضافة إلى استمرار المظاهر المسلحة وعدم حصول تقدم في عملية إعادة الإعمار في المناطق التي تحررت من (داعش)»، مبيناً أن «هذه ظروف ضاغطة تتحمل الحكومة مسؤوليتها وليس نحن».
وبينما رفع البرلمان العراقي جلسته إلى يوم غد (الاثنين) فقد تقرر أن تتكثف خلال اليوم الاجتماعات الخاصة بين رئاسات الكتل للتوصل إلى حل وسط بشأن إجراء الانتخابات أم تأجيلها في وقت ظهر مقترح جديد من نائب بالتحالف الوطني مقرب من رئيس الوزراء حيدر العبادي يقضي بتأجيل انتخابات مجالس المحافظات عن موعدها المقررة، أيضاً، في 12 مايو مع إجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها.
وفي حين يتوقع المراقبون السياسيون في بغداد أن تتم الموافقة على عملية تأجيل الانتخابات المحلية، فإن عدداً من القادة السنة عبروا عن جاهزية كتلهم لإجراء الانتخابات رغم أنهم يملكون مبررات موضوعية للتأجيل؛ وهو ما يعني سحب البساط من المحاولات الجارية رمي كرة التأجيل في الملعب السني. فمن جهته، أكد القيادي البارز في حزب متحدون للإصلاح، أثيل النجيفي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «السنة في الكثير من المناطق جاهزون لإجراء الانتخابات، وإن عملية النزوح ليست حجة كاملة للتأجيل» مبيناً أن «المجتمع السني يسعى للتغيير، وإنه لم يعد أمامه من وسيلة لذلك إلا الانتخابات». ويشاطره الرأي نفسه محمد الكربولي، عضو البرلمان العراقي عن محافظة الأنبار وأمين عام حزب الحل، في تصريح مماثل لـ«الشرق الأوسط»، قال فيه: إن «العرب السنة في الأنبار جاهزون لإجراء الانتخابات بما فيها انتخابات مجالس المحافظات وفي موعدها المقرر». ويضيف الكربولي: إن «من يريد التأجيل هم ليس السنة فقط وإن كانت الحجة هي النازحين، بل هناك شيعة يريدون التأجيل وأكراد لأن كل من ليس واثقاً من نفسه يبحث عن التأجيل لكن الحجة الجاهزة هي موضوع النازحين، حيث تجري عمليات تشجيع مبطن لبعض القيادات السنية بالمطالبة بالتأجيل لصالح أطراف أخرى».
شيعياً، فإن الكتل المنضوية في التحالف الوطني بدأت تعلن جميعها مواقف مؤيدة بقوة لإجراء الانتخابات عقب تهديدات بإعلان أسماء النواب من التحالف الوطني الشيعي الذين يؤيدون بالباطن تأجيل الانتخابات. ويقول رئيس كتلة الحكمة النيابية حبيب الطرفي أن «محاولة تأجيل الانتخابات بحجة النازحين لا ترتقي إلى مستوى التأجيل، بل العكس أن البرلمان الجديد سيكون أكثر فائدة للنازحين على عكس حكومة تصريف الأعمال التي لا تستطيع أن تحرك ساكناً».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.