فلسطين تتقدم ببلاغ لـ«الجنائية الدولية» حول انتهاك حقوق الأطفال

TT

فلسطين تتقدم ببلاغ لـ«الجنائية الدولية» حول انتهاك حقوق الأطفال

دعا رياض المالكي، وزير الخارجية الفلسطيني، المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودة إلى ممارسة ولايتها القانونية، «دون إبطاء»، وذلك لمنع استمرار الجرائم المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني.
وجاءت دعوة المالكي أثناء تقديمه بلاغاً إلى بنسودة حول تصاعد الجرائم الإسرائيلية في أرض فلسطين، في الذكرى الثالثة لبدء الفحص الأولي للحالة في فلسطين، علماً أن فلسطين كانت قد انضمت رسمياً إلى محكمة الجنايات الدولية في أبريل (نيسان) 2014.
وركز البلاغ الجديد على حالات «انتهاكات حقوق الأطفال»، حيث استشهد المالكي بالاعتقال والاحتجاز التعسفي للطفلة عهد التميمي (16 عاماً) من النبي صالح، والمعتقلة منذ 19 من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، «في انتهاك واضح للقانون الدولي لحقوق الإنسان، وخصوصاً اتفاقات حقوق الطفل ومناهضة التعذيب، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، إضافة إلى انتهاك القانون الإنساني الدولي واتفاقية جنيف الرابعة، والقانون الجنائي الدولي، كما ترقى هذه الجرائم إلى مستوى الجرائم التي تقع ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، وتلك المنصوص عليها في نظام روما الأساسي».
وقال المالكي إن اعتقال الطفلة عهد مجرد «دليل آخر على السياسات والجرائم الإسرائيلية المتمثلة في الحرمان الشديد، والتمييز ضد الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني وأطفال فلسطين»، مؤكداً «أن هذه الجرائم الممنهجة وواسعة النطاق، تشكل جزءاً لا يتجزأ من نظام القمع والعنصرية الذي تستخدمه الحكومة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني».
وتحتجز إسرائيل الطفلة عهد بعد تمديد اعتقالها عدة مرات. وقد جددت محكمة «عوفر» العسكرية الأربعاء الماضي تمديد فترة اعتقالها مع والدتها ناريمان للمرة الرابعة على التوالي، وحددت جلسة استماع لها في 31 من الشهر الحالي، وجلسة استماع مماثلة لوالدتها في اليوم الثاني من شهر فبراير (شباط) المقبل.
واعتقلت إسرائيل عهد بعد ظهورها في شريط فيديو إلى جانب صديقتها، وهما تمنعان جنديين إسرائيليين من التقدم، وتقومان بصفعهما والسخرية منهما قبل أن تطردهما من المكان، ويتراجعان إلى الخلف. وقد أثار الفيديو، الذي انتشر على نطاق واسع، إعجاب الفلسطينيين والعرب، لكنه أثار جدلاً في إسرائيل حول عدم ردة فعل الجنود، وخلق جواً من التحريض الكبير ضد الفتاتين وعموم الفلسطينيين.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه اعتقل عهد بسبب مشاركتها في مظاهرات عنيفة في بلدة النبي صالح، وبعد أيام جرى اعتقال والدتها أثناء محاولتها زيارتها.
وهذه المواجهة ليست الأولى للفتاة عهد، التي تحولت إلى أيقونة المقاومة الشعبية. ففي سنة 2012 قادت مجموعة من الأطفال الفلسطينيين، من ضمنهم شقيقها محمد، نقاشاً حاداً مع بعض الجنود الإسرائيليين، وظهرت وهي تلوح بقبضتها أمام جندي كأنها تريد ضربه، في صورة اشتهرت على نطاق واسع، وصنعت شهرتها أيضاً.
وطالب المالكي مكتب المدعي العام بإعلان موقفه إزاء هذه الجرائم المستمرة، التي ترتكب ضد الشعب الفلسطيني، بما يتماشى مع الممارسة المتبعة في هذا الصدد، مشدداً على أهمية «إجراء كل الخطوات الممكنة لضمان مساءلة مجرمي الحرب الإسرائيليين على جرائمهم واحتلالهم، وفي الوقت نفسه تأمين الحماية للأطفال وللمدنيين الفلسطينيين».
ودعا المالكي إلى «ضرورة الإسراع في فتح تحقيق جنائي، بما يساهم في ردع مجرمي الحرب، وتحقيق العدالة في أرض دولة فلسطين المحتلة، من خلال عدم السماح بالإفلات من العقاب، ورفع الحصانة عن المسؤولين والمجرمين الإسرائيليين».
وتأتي خطوة السلطة الفلسطينية منسجمةً مع دعوة المجلس المركزي الفلسطيني في جلسته الأخيرة، التي عقدها منتصف يناير (كانون الثاني) الحالي، بإحالة ملفات الاستيطان والأسر والعدوان الإسرائيلي على غزة إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وتعتقل إسرائيل نحو 400 قاصر فلسطيني دون سن الـ18، بين نحو 7000 أسير، موزعين على سجون مختلفة. ويتعرض الأطفال وفق تقارير رسمية فلسطينية، وأخرى دولية، إلى معاملة قاسية وظروف غير إنسانية منذ لحظة اعتقالهم، مروراً بمحاكماتهم وطبيعة السجون التي يعتقلون بداخلها.
وأمس أعلنت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني بأن المعتقل حسين حسني عطا الله (57 عاماً)، من نابلس، قضى في مستشفى «أساف هروفيه» الإسرائيلي بعد معاناة مع مرض السرطان، وإهمال طبي تعرض له في سجون الاحتلال. وأشار البيان الصادر عن هيئة الأسرى ونادي الأسير إلى أن المعتقل عطا الله، والمحكوم بالسّجن لـ32 عاماً قضى منها 21 سنة، اكتشف إصابته بالسرطان منذ نحو أربعة شهور في خمسة أماكن من جسده، فتقدم محامي هيئة الأسرى بأكثر من طلب للإفراج المبكّر عنه، إلّا أن محكمة الاحتلال المركزية في الّلد، رفضت الطّلبات المتكرّرة، رغم تقرير طاقم طبي من الصليب الأحمر وطبيب السجن بخطورة وضعه الصحي.



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.