البطالة الألمانية عند أدنى مستوياتها... لكن العمالة الماهرة قليلة

750 ألف وظيفة شاغرة في ثاني أكبر اقتصاد أوروبي

البطالة الألمانية عند أدنى مستوياتها... لكن العمالة الماهرة قليلة
TT

البطالة الألمانية عند أدنى مستوياتها... لكن العمالة الماهرة قليلة

البطالة الألمانية عند أدنى مستوياتها... لكن العمالة الماهرة قليلة

ارتفع عدد العمال في ألمانيا إلى مستوى قياسي، ففي العام 2017 زاد العدد بنسبة 1.5 في المائة وهذه الزيادة هي الأبرز منذ عام 2007، ليصل العدد الإجمالي إلى أعلى سقف له منذ إعادة توحيد ألمانيا في عام 1990.
ويرافق هذا التطور انخفاض نسبة البطالة العمالية أكثر فأكثر على مر السنين، ولقد رست عام 2016 على 3.9 في المائة لتواصل تراجعها إلى 3.7 في المائة في العام المنصرم.
ويقول يورغن كلومسكي، خبير سوق العمل لدى المكتب الفيدرالي للإحصائيات الألمانية، إن العدد الإجمالي للعمال في ألمانيا وصل إلى 44.3 مليون في العام الفائت. علما بأن عدد سكان ألمانيا يبلغ اليوم 82.5 مليون.
ولا يعود السبب الجوهري في زيادة عدد العمال إلى الشباب أو الطلاب الجامعيين، بل يتمحور من جهة حول المشاركة العالية للمسنين والنساء اللواتي قررن العودة ثانية إلى العمل بعد انقطاع مؤقت، وتدفق المهاجرين إلى أسواق العمل المحلية من جهة أخرى.
لكن الخبير ينبه إلى أن أسواق العمل المحلية لم تنجح مؤخرا في اللحاق بسرعة نمو الاقتصاد الألماني، إذ نجد أن الناتج القومي لا يتوقف عن الارتفاع، ومن المتوقع أن ينمو نقطتين إضافيتين هذا العام، مع ذلك تحسب ألمانيا ألف حساب للفجوة الحاصلة بين العرض والطلب من جراء توغل ظاهرة الشيخوخة عند الألمان.
ووفق بيانات المكتب الفيدرالي للإحصائيات بلغ إجمالي الوظائف الشاغرة في ألمانيا 750 ألفا خلال العام الماضي، أي بزيادة رست على 11.3 في المائة مقارنة بالعام 2016.
وثمة عشر مهن تعتبر ذات أهمية قصوى لحكومة برلين في الوقت الراهن، ومن أبرزها الأعمال المتعلقة بقطاعي النقل واللوجستيات، فهي المحرك الرئيسي للقدرة الألمانية التنافسية لسلسلة التموين. وفي هذين القطاعين يوجد حاليا 57.2 ألف وظيفة شاغرة، وهذه زيادة نسبتها 23 في المائة مقارنة بعام 2016.
وفيما يتعلق بسائقي العربات ووسائل النقل الأخرى فهم الأوفر حظا في إيجاد عمل لهم بسرعة فائقة. فعدد الوظائف الشاغرة قفز إلى 44.3 وظيفة، بزيادة 14.7 في المائة مقارنة بالعام 2016.
وفي هذا الصدد تقول بياتي غليتزا، الخبيرة بسوق العمل لدى شركة ديستاتيس، إن ثمة قطاعات استراتيجية تبحث دوما عن اليد العاملة المتخصصة. ففي قطاعات الإنتاج ومعالجة المعادن والبناء ارتفع عدد الوظائف الشاغرة 22 في المائة إلى 55.8 ألف وظيفة.
أما الشواغر الوظيفية الخاصة بتقنيات العربات وإنتاج الماكينات فزادت 21.2 في المائة ليصل إجماليها إلى 53.1 ألف وظيفة. وعلى صعيد القطاع الميكاتروني الذي يجمع بين الميكانيك والإلكترونيات إضافة إلى قطاعي الطاقة والكهرباء زاد عدد الوظائف الشاغرة مقارنة بعام 2016 بمعدل 14.8 في المائة، أي 50.4 وظيفة. كما تحتاج ألمانيا إلى أكثر من 52 ألف موظف جديد في قطاع المبيعات، وهذه زيادة بنسبة 18.9 في المائة مقارنة بعام 2016.
وهذا ينطبق أيضا على القطاع الصحي الذي رفع نسبة وظائفه الشاغرة 5.7 في المائة، أي 41 ألف وظيفة، وقطاع المساعدات الاجتماعية للمسنين وقطاع التقنيات الطبية، ما إجماليه 36.7 ألف وظيفة شاغرة بزيادة 8.4 في المائة. ونفس الحال في قطاعي السياحة والفندقية، فهناك 31.9 ألف وظيفة شاغرة بزيادة ترسو على 6.2 في المائة مقارنة بعام 2016.
وإلى جانب اليد العاملة في قطاع الصحة والصناعات فإن ألمانيا تحتاج إلى الكثير من الأكاديميين أيضا بخلفية مهنية جيدة، فنظرا لتزايد رقمنة الاقتصاد بالدرجة الأولى في مجال المهنيين الدوليين، فإن سوق العمل الألمانية بحاجة إلى عاملين لديهم خبرة في مجال تطوير وإنتاج وتشغيل وبرمجة المعدات التقنية الحديثة، وهذا لا يكتسبه المرء إلا من خلال دراسته المدرسية، وهو أمر غير متوفر بالتحديد لدى الكثير من اللاجئين السياسيين، وبهذا تكون ألمانيا قد خسرت الرهان على اليد العاملة الماهرة في صفوف الذين قبلت البلاد قدومهم بعشرات الآلاف.
وفي هذا الصدد حذر الكثير من خبراء سوق العمل من أن عدد العمال المهرة المفقودين في ألمانيا يمكن أن يزيد عشرة أضعاف في الـ20 سنة المقبلة مما يؤثر بشكل مباشر على مركز ألمانيا الصناعي والاقتصادي، وعليه يجب أن تعتمد سياسة هجرة كما هي الحال في كندا والولايات المتحدة، فالمتقدم بطلب الهجرة يجب أن تتوفر لديه شروط ومؤهلات عمل وتخصص تكون مرغوبة ومطلوبة في سوق العمل الألمانية، بدلا من أن يتكدس القادمون غير المؤهلين من دون عمل إلى حين تأهيلهم، فهذا يتطلب وقتا طويلا وأموالا طائلة.



«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.