اللبنانيون يسدلون الستار على «الحب الحقيقي» بانتظار «ثورة الفلاحين»

يليه مباشرة عرض مسلسل «كل الحب كل الغرام»

مشهد من مسلسل «ثورة الفلاحين» المتوقع عرضه خلال موسم رمضان المقبل ({الشرق الأوسط})
مشهد من مسلسل «ثورة الفلاحين» المتوقع عرضه خلال موسم رمضان المقبل ({الشرق الأوسط})
TT

اللبنانيون يسدلون الستار على «الحب الحقيقي» بانتظار «ثورة الفلاحين»

مشهد من مسلسل «ثورة الفلاحين» المتوقع عرضه خلال موسم رمضان المقبل ({الشرق الأوسط})
مشهد من مسلسل «ثورة الفلاحين» المتوقع عرضه خلال موسم رمضان المقبل ({الشرق الأوسط})

أسدل اللبنانيون، في 15 يناير (كانون الثاني) الحالي، الستار على مسلسل «الحب الحقيقي»، الذي يتابعونه منذ أكثر من 3 أشهر عبر شاشة «المحطة اللبنانية للإرسال». فلقد دأبوا منذ سبتمبر (أيلول) الماضي على مشاهدته في الثامنة والنصف من مساء 4 ليالٍ متتالية: الأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء، بحيث شكل أبطاله ضيوفاً أعزاء على قلوبهم.
وفي انتظار عرض مسلسل جديد ينتظره اللبنانيون بحماس بعنوان «ثورة الفلاحين»، سيكون لديهم الفرصة لأخذ فترة استراحة رومانسية مع عمل درامي آخر ستعرضه قناة «إل بي سي آي» مباشرة بعد «الحب الحقيقي»، وهو «كل الحب كل الغرام»، من بطولة الثنائي كارول الحاج وباسم مغنية.
كان «الحب الحقيقي» قد حقق نسبة مشاهدة عالية وصلت إلى 18 في المائة، ممّا أدرجه في خانة المسلسلات الناجحة، على الرغم من أنّه يرتكز على عمل درامي مكسيكي طويل يتألف من 200 حلقة قد تختصر إلى 150 بنسختها العربية، عرض منها 50 حلقة حتى الآن. وتشير مي أبي عبود، صاحبة شركة «جي 8» المنتج المنفذ للمسلسل المذكور، إلى أنّ فريق العمل تفاجأ بالنجاح الذي حققه، لا سيما أنّ اللبناني لا يستسيغ كثيراً الأعمال الدرامية الطويلة، وأنّه من النتائج التي أثمرها هذا العمل الذي تحول إلى حديث الصالونات في لبنان تتويجه للممثلين جوليان فرحات وباميلا الكيك نجما دراما بامتياز، على الرغم من أنّه يعد التجربة الأولى من نوعها بالنسبة للأول.
ويحكي المسلسل قصة حب على الطريقة المكسيكية، ترتكز على مواجهة الظلم والطبقية، وقد نفذ برؤية لبنانية.
وتشير مي أبي عبود، خلال حديثها لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن المسلسلات المكسيكية تتمتع بحبكة نص لا تشبه غيرها، بحيث تستطيع شدّ انتباه المشاهد منذ حلقاتها الأولى، وأضافت: «أعتقد أنّنا سبق أن لمسنا ذلك في أعمال مكسيكية عُرّبت، كما في (روبي) الذي شكّل انعطافاً في الدراما العربية، و(مثل القمر) الذي عرض على شاشة (إم تي في)، وحقق نسبة مشاهدة عالية. إلا أن الفرق الوحيد بينه وبين (الحب الحقيقي) هو أنّ هذا الأخير ساهم في صناعة بطل تلفزيوني جديد لوجه تمثيلي صاعد، ألا وهو جوليان فرحات، كما ثبت مكانة باميلا الكيك في مجال التمثيل، لتتحول بدورها إلى نجمة مطلقة لعمل بأكمله».
وترى أبي عبود أنّ أهمية المسلسل تكمن في هذا الخليط من الممثلين المشاركين فيه، بحيث وضع الجيل الجديد منهم وجهاً لوجه أمام باقة من رواد الأعمال الدرامية في لبنان، أمثال نهلة داود وأسعد رشدان وغيرهما، فلمس المشاهد توليفة جديدة في عالم الدراما اللبنانية سهّلت قصته البسيطة المكتوبة بحنكة جذبه إليه دون غيره من المسلسلات المعروضة على شاشات أخرى في الوقت نفسه، مضيفة: «لقد حاولنا قدر الإمكان تدوير الزوايا، والحيلولة دون الاعتماد على المط في المشاهد المتبع في النسخة المكسيكية، من أجل تقديم مادة مركزة للمشاهد اللبناني»، وتابعت: «المسلسلات المكسيكية لا تعتمد على المنطق في تسلسل أحداثها، وهو أمر لا يتقبله المشاهد اللبناني، فأخذنا هذا الأمر بعين الاعتبار وعملنا على تقديمه في قالب يلائم ذوقه عامة».
وتساءلت مي أبي عبود عن سبب رفض اللبناني للأعمال غير المنطقية، وقالت: «لا أعلم لماذا يطالب اللبناني دائماً بعمل منطقي، مع أنّ المسلسل الأميركي (Game of Thrones) مثلاً، الذي تابعه الملايين من المشاهدين في العالم، وبينهم اللبنانيون، لا يرتكز على أي منطق. فبرأيي، ليس المطلوب دائماً أن تكر أحداث عمل درامي في منطق المشاهد فقط، فسر نجاح الأعمال المكسيكية هو دورانها حول نقطة واحدة يتفرع منها أحداث مغايرة. وفي النسخة العربية من هذا العمل، اختصرنا الجزء الأول منه بـ50 حلقة، بدل 70 (حسب النص المكسيكي)، كي نرضي مشاهدنا. ومع ذلك، فإنّ المسلسل سيؤول إلى خاتمة مفتوحة وغير نهائية تهيئ لـ50 حلقة جديدة ستعرض لاحقاً (في موسم رمضان المقبل)، وتقفل معها الخيوط الأساسية للعمل».
وحسب أبي عبود، فإنّ قسم الإنتاج ينوي تصوير الحلقات الجديدة في إطار مغاير، إن من جهة الممثلين المشاركين فيه أو من ناحية إيقاع القصة، موضحة: «ستطل وجوه جديدة تكون بمثابة ضيوف شرف، فلا يقدمون شخصيات رئيسية بل يلونون العمل بإطلالاتهم القيمة. وهذا الأمر سينعكس إيجاباً على العمل ككل، ويولد لذة في متابعته من خلال هذا التنويع الذي نرغب به».
وصوّر حتى الساعة نحو 15 حلقة من الجزء الثاني للمسلسل، تطل بين 5 فيها الممثلة هيام أبو شديد، لتختفي بعدها حسب سياق القصة، ويظهر أحد غيرها. وتؤكد أبي عبود أنه «من الصعب العثور على ممثلين محترفين يقبلون بأدوار صغيرة لا تعتمد على مساحات كبيرة وشخصيات رئيسية، ولديّ رؤية خاصة في هذا الموضوع، وأتمنى أن أستطيع تنفيذها لأفتح الباب على أسلوب جديد في عالم الدراما».
وينتهي عرض «الحب الحقيقي»، ليبدأ آخر بعنوان «كل الحب كل الغرام»، الذي يدور في حقبة تاريخية تعود إلى الأربعينات؛ سيذكرنا بمسلسل «ياسمينا» للثنائي نفسه الذي حصد في عام 2016 أعلى نسبة مشاهدة على شاشة «إل بي سي آي». وينطوي هذا العمل أيضاً على قصة رومانسية وعلى عدد حلقات كثيرة يفوق الـ50، وهو آخر ما كتبه المؤلف التلفزيوني مروان العبد، ومن إخراج إيلي معلوف.
أمّا العمل الذي ينتظره اللبنانيون بفارغ الصبر، بفضل الترويج الإعلاني الذي يرافقه منذ أشهر، فهو مسلسل «ثورة الفلاحين». فتأخير موعد عرضه إلى ما قبل الانتخابات النيابية في شهر مايو (أيار)، ترك علامات استفهام كثيرة لدى منتجه جمال سنان ومخرجه فيليب الأسمر، لأنّهما كانا يمنيان النفس بعرضه مباشرة بعد «الحب الحقيقي»، ليأخذ حقه من قبل الجمهور. ويتردد أنّ مشكلات مادية بين الطرفين (المحطة العارضة والمنتج) قد أعاقت عرضه في هذا الموسم الذي يعدّ الأفضل بالنسبة لهما، خصوصاً أن هذا النوع من الأعمال غائب عن الساحة التلفزيونية منذ فترة، فيما تشير معلومات أخرى إلى أنّ «إل بي سي آي» تعده الحصان الرابح الذي تعقد عليه آمالاً كثيرة، ليدخل حمى مسلسلات موسم رمضان المقبل.
وتصف هذا العمل الشركة المنتجة له «إيغل فيلمز» بالضخم، وبأنّه سيترك علامة فارقة على خريطة الدراما العربية ككل، لا سيما أنّ باقة من الممثلين اللبنانيين أمثال ورد الخال وتقلا شيمعون وسارة أبي كنعان وفادي إبراهيم وباسم مغنية ووسام حنا وكارلوس عازار، إضافة إلى غيرهم، يشاركون فيه تحت إدارة المخرج الشاب فيليب أسمر الذي ترك بصمته على الساحة الدرامية في أكثر من عمل سابق، بينها «جذور» و«عشق النساء» و«يا ريت» وغيرها. وتدور أحداثه التي كتبتها كلوديا مرشيليان حول ثورة الفلاحين التي قادها طانيوس شاهين (زعيم الفلاحين في جبل لبنان) ضد الإقطاعيين ما بين عامي 1858 و1860.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».