«داعش» ما زال قادراً على استعادة السيطرة على مناطق عراقية

نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤولين وخبراء، أمس، أن متشددي تنظيم داعش ما زالوا قادرين على استعادة السيطرة على مناطق في العراق، خصوصاً تلك القريبة من الحدود السورية، وذلك بعد شهر على إعلان «تحرير» البلد من «داعش».
وأكد علي البياتي، وهو آمر أحد ألوية «الحشد الشعبي» في ناحية نمرود الأثرية جنوب الموصل، أن «أمن المدينة هش، ويمكن أن ينهار في أي لحظة». وفي الصيف الماضي، احتفلت السلطات العراقية بـ«تحرير» الموصل المجاورة، في شمال البلاد. لكن الآن، فإن «عناصر وجيوب وجماعات مسلحة هربت من الموصل» ما زالت ناشطة في المنطقة، وفق ما قال البياتي. وقال هذا القيادي في «الحشد الشعبي» لوكالة الصحافة الفرنسية إن هؤلاء «يختبئون في مناطق صحراوية غرب الموصل» تمتد على آلاف الكيلومترات المربعة الحدودية مع سوريا، و«ينفذون هجمات تستهدف القوات الأمنية والأهالي على حد سواء».
وتابع بأن هؤلاء المسلحين «يستغلون المناطق الصحراوية والوديان والهضاب والحفر والمخابئ التي سبق أن حفروها (قبل استعادة الموصل)، وقد هيأوا كافة احتياجاتهم من الأسلحة والأعتدة والماء والوقود والغذاء بما يوفر لهم إمكانية الاختباء لفترات طويلة».
وتقع نمرود جنوب الموصل، في محافظة نينوى، حيث «تم اعتقال أكثر من 4000 عنصر من تنظيم داعش» منذ استعادة ثاني أكبر مدن البلاد في العاشر من يوليو (تموز) 2017، وفق ما نقلت الوكالة الفرنسية عن قائد شرطة نينوى اللواء واثق الحمداني.
وقبل أيام، دعا رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إلى «ملاحقة الخلايا الإرهابية النائمة» للمتشددين، بعد هجوم انتحاري طال العاصمة العراقية وأسفر عن مقتل 31 شخصاً، وهي الحصيلة الأعلى منذ تحرير الموصل.
لكن الباحث في شؤون الجماعات المسلحة هشام الهاشمي قال لوكالة الصحافة الفرنسية: «يمكننا القول الآن إن مصطلح خلايا نائمة هو مصطلح خاطئ، بل هذه الخلايا ناشطة وقادرة على شن هجمات وأيضاً استعادة السيطرة على بعض النواحي والقرى». ولفت إلى أن «هناك ضبابية واضحة وعدم رؤية كاملة للأجهزة الاستخباراتية والمعلوماتية العراقية عن هذه الخلايا».
وتعرض عدد من أهالي مدينة الموصل نفسها للاستهداف، بحسب ما قال عضو مجلس محافظة نينوى عايد اللويزي لوكالة الصحافة الفرنسية. وأوضح اللويزي: «بحسب المعلومات التي وصلتنا، تعرضت مناطق إلى هجوم في جنوب الموصل (...) كما تعرض مواطنون داخل مدينة الموصل إلى عمليات سطو واغتيالات، وقسم من المعتدين (كانوا) يرتدون زياً عسكرياً». وأكد أن «غالبية الهجمات يشنها بقايا عناصر تنظيم داعش يوجدون في مناطق الجزيرة شمال الحضر وباتجاه قضاء تلعفر وناحية تل عبطة وحدود محافظة الأنبار».
وفي هذا الإطار، اعتبر الهاشمي أن «هذا دليل على أن إعلان العراق للنصر العسكري على (داعش) يعني أنه لم يعد لهم مبان سكنية أو حكومية أو مأهولة ترفع عليها راياتهم فقط».
ورأت وكالة الصحافة الفرنسية أن هذا يشير إلى وجد متشددين في مناطق لا تزال تخضع لضربات من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة. ويوضح المتحدث باسم التحالف راين ديلون أن التحالف الدولي يدعم القوات العراقية بضربات في مناطق جنوب الموصل «ضد مخابئ عتاد ومتفجرات وقذائف». لكن المشكلة، بحسب اللويزي، هي أن «التحرير حرر الأرض جغرافياً وسيطر عليها، لكن لم يتم القضاء على عناصر (داعش) بشكل كامل». ولهذا السبب، يضيف اللويزي: «عادت إلى الواجهة الظروف الأمنية نفسها التي أدت إلى سقوط الموصل بيد (داعش) في العام 2014».
ولتجنب السقوط في أخطاء الماضي، أقدم التحالف منذ أشهر على تدريب «القوات العراقية لتنتقل من مرحلة القتال إلى مرحلة عمل الشرطة ومواجهة المخاطر المحدقة».
وتؤكد قوات «الحشد الشعبي»، المنتشرة على طول الحدود العراقية - السورية، أنها تُفشل يومياً محاولات تسلل للمتشددين. وفي اتجاه الشرق، في منطقة الحويجة التي كانت واحدة من آخر معاقل تنظيم داعش في العراق، ما زال المتشددون يواصلون عمليات التصفية والقتل. ومنذ بداية العام، قتل ثلاثة مدنيين على الأقل ومقاتل واحد على الأقل من «الحشد الشعبي»، وفق ما نقلت الوكالة الفرنسية عن مصادر أمنية. في المقابل، أشارت المصادر نفسها إلى أن نحو 60 متشدداً قتلوا في تلك الاشتباكات.