روسيا تسلم الصين أول دفعة من منظومة «إس ـ 400»

صواريخ «إس - 400» الروسية كما عرضت بالساحة الحمراء في موسكو مايو 2017 (أ.ب)
صواريخ «إس - 400» الروسية كما عرضت بالساحة الحمراء في موسكو مايو 2017 (أ.ب)
TT

روسيا تسلم الصين أول دفعة من منظومة «إس ـ 400»

صواريخ «إس - 400» الروسية كما عرضت بالساحة الحمراء في موسكو مايو 2017 (أ.ب)
صواريخ «إس - 400» الروسية كما عرضت بالساحة الحمراء في موسكو مايو 2017 (أ.ب)

باشرت روسيا تسليم الصين منظومة صواريخ «إس - 400 تريومف» للدفاع الجوي. ونقلت وكالة «تاس» الروسية عن مصدر مقرب من مؤسسة التعاون العسكري - التقني الروسية قوله إن تنفيذ الصفقة قد بدأ، وجرى إرسال أول شحنة إلى الصين. ووفقاً للمصدر، فإن الشحنة تتضمن محطة مراقبة ومحطة رادار، ومعدات طاقة ودعم، وقطع غيار وأدوات متعددة، وغيرها من مكونات نظام «إس - 400».
وأوضح المصدر أن الصفقة مع الصين لا تتضمن نقل التكنولوجيا أو رخصة إنتاج. وقامت روسيا خلال عام 2017 بتدريب مجموعة من العسكريين الصينيين على استخدام المنظومة الصاروخية الحديثة. وكانت وسائل إعلام روسية قد أكدت في خريف عام 2014 أن «روس أوبورون إكسبرت»، المؤسسة الروسية المتخصصة بتصدير السلاح، وقعت صفقة مع وزارة الدفاع الصينية لتزويدها بمنظومة «إس - 400»، بقيمة 3 مليارات دولار أميركي، على أن يبدأ تسليم أول دفعة في عام 2017، أي بعد أن تستكمل روسيا تزويد قواتها بكامل احتياجاتها من تلك المنظومات الصاروخية. وتأكدت الصفقة رسمياً بعد أن أعلن الكرملين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وافق ربيع عام 2014 على تصدير «إس - 400» إلى الصين. وقال سيرغي إيفانوف، مدير الديوان الرئاسي حينها، إن الصين ستكون أول دولة تطرح طلبية لامتلاك هذه الصواريخ الروسية.
وإذ يجمع المراقبون على أن تسليم «إس - 400» للصين في هذه الفترة تحديدا غير متصل بالتطورات في المنطقة، لا سيما التوتر في شبه الجزيرة الكورية، فإنهم يشيرون في الوقت ذاته إلى عدة مسائل، منها أن الصفقة بحد ذاتها مؤشر على طبيعة الشراكة الاستراتيجية بين موسكو وبكين.
ومن الناحية العسكرية، فإن استخدام القوات الصينية لمثل هذه المنظومة الصاروخية سيعزز من قدراتها الدفاعية، في الوقت الذي تواصل فيه واشنطن نشر مكونات منظومة الدرع الصاروخية، بما في ذلك في اليابان. وفضلاً عن ذلك، سيكون لدخول المنظومة الروسية الخدمة القتالية في القوات الصينية تأثيره على موازين القوى في النزاع الصيني - الياباني حول مجموعات الجزر في بحر الصين الشرقي.
وتصنف منظومات الدفاع الجوي «إس - 400 تريومف»، أو (نشوة الانتصار)، على أنها من أقوى الأنظمة الصاروخية الحديثة عالمياً، وهي أنظمة صاروخية تتمتع بقدرة فائقة على ملاحقة أهداف عدة في آن واحد، ومصممة لتدمير طائرات وصواريخ استراتيجية وتكتيكية، وصواريخ باليستية وأهداف تفوق سرعتها سرعة الصوت، ووسائل أخرى معدة لهجوم جوي. وتستطيع المنظومة الروسية العمل وإصابة أهدافها في ظروف الدفاع الكيميائي الإلكتروني والتشويش وغيره، ويصل مداها إلى 400 كيلومتر، وهي قادرة على تدمير أهداف على ارتفاعات تصل إلى 30 كيلومتراً، وقد دخلت خدمة القوات المسلحة الروسية عام 2007.
وتعتمد الصين من الحقبة السوفياتية على التعاون التقني - العسكري مع موسكو، ورغم المستويات العالية لصناعاتها العسكرية، فإنها تشتري دوماً منظومات أسلحة روسية. وتشير بعض التقارير إلى أن مجمع الصناعات الحربية الروسي تمكن من الصمود خلال فترة عدم الاستقرار في التسعينات بفضل الطلبيات العسكرية الصينية. ولا تبدو صفقة «إس - 400» جديدة لجهة «الصفقات الصاروخية» بين موسكو وبكين، إذ تعتمد الصين إلى حد ما، منذ سنوات، على منظومات الدفاع الجوي الروسية من سلالة «إس» إن جاز التعبير، وكانت أول «زبون» خارجي يشتري منظومات هذه السلالة من روسيا.
ففي عام 1993، كانت الصين أول دولة من خارج حلف وارسو تزودها روسيا بمنظومة «إس - 300 بي إم أو». وفي عام 1994، اشترت الصين من روسيا منظومة «إس - 300 بي إم أو - 1». وفي عام 2003، منظومة «إس - 300 بي إم أو - 2»، المعروفة أيضاً باسم «فافوريت». وفي عام 2007، وقع البلدان صفقة تسلم روسيا بموجبها للصين 15 كتيبة صواريخ من طراز «إس - 300 بي إم أو - 2». وتم تنفيذ الصفقة كاملة بحلول شهر أبريل (نيسان) 2010.
ووضعت وزارة الدفاع الصينية تلك المنظومات ضمن شبكة الدفاع الجوي الخاصة بالعاصمة بكين، وفي شنغهاي ومراكز حيوية أخرى في البلاد. وكل هذه المنظومات هي أجيال قديمة من «إس - 400» التي ما زالت حتى اليوم الأقوى، بينما تستعد مؤسسة «الماز أنتي» للتصنيع الحربي لإنتاج جيل جديد من هذه المنظومة، يحمل اسم «إس - 500».



معدات عسكرية أميركية يصعب على الأوروبيين تعويضها لأوكرانيا

سيكون لتجميد المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا لفترة طويلة تأثير كبير في المجالات التي يصعب على الأوروبيين تعويضها (أ.ب)
سيكون لتجميد المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا لفترة طويلة تأثير كبير في المجالات التي يصعب على الأوروبيين تعويضها (أ.ب)
TT

معدات عسكرية أميركية يصعب على الأوروبيين تعويضها لأوكرانيا

سيكون لتجميد المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا لفترة طويلة تأثير كبير في المجالات التي يصعب على الأوروبيين تعويضها (أ.ب)
سيكون لتجميد المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا لفترة طويلة تأثير كبير في المجالات التي يصعب على الأوروبيين تعويضها (أ.ب)

لا شك في أن تجميد المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا لفترة طويلة سيكون له تأثير كبير في المجالات التي يصعب على الأوروبيين التعويض عنها، لكن بعض المجالات أسهل من غيرها مثل القذائف، وفقاً لخبراء قابلتهم «وكالة الصحافة الفرنسية».

يرى «معهد كيل» الألماني أن الولايات المتحدة قدمت بمفردها نحو نصف قيمة المساعدات العسكرية لأوكرانيا في المدة من 2022 إلى 2024.

ويقول مصدر عسكري أوروبي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن جزءاً من المساعدات سُلم بالفعل، ولكن إذا لم يشهد الوضع على الجبهة تحولاً في مواجهة الروس، «فسيكون الأمر معقداً في مايو (أيار) ويونيو (حزيران) المقبلين دون مساعدات جديدة» بالنسبة إلى الأوكرانيين.

ويقول المحلل الأوكراني، فولوديمير فيسينكو، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «إذا أخذنا في الحسبان ما تم تسليمه، وما لدينا، وما ننتجه، فإننا قادرون على دعم المجهود الحربي لـ6 أشهر على الأقل من دون تغيير طبيعة الحرب بشكل كبير».

ويرى يوهان ميشال، الباحث في جامعة «ليون3» أنه «في معادلة حرب الاستنزاف: أنت تضحي؛ إما بالرجال، وإما بالأرض، وإما بالذخيرة. وإذا نفدت ذخيرتك، فإنك إما تنسحب، وإما تضحي بالرجال».

وفي ما يلي 4 مجالات عسكرية قد تتأثر بتعليق المساعدات الأميركية:

الدفاع المضاد للطائرات

تتعرض أوكرانيا باستمرار لوابل من الصواريخ والمُسيَّرات ضد مدنها وبلداتها وبنيتها التحتية. تؤدي هذه الهجمات الكبيرة إلى إنهاك الدفاعات الأوكرانية وإجبارها على استخدام كميات كبيرة من الذخيرة.

بعيداً من خط المواجهة، تمتلك أوكرانيا 7 أنظمة «باتريوت» أميركية حصلت عليها من الولايات المتحدة وألمانيا ورومانيا، ونظامين أوروبيين من طراز «إس إيه إم بي/ تي (SAMP/T)» حصلت عليهما من روما وباريس لتنفيذ عمليات اعتراض على ارتفاعات عالية. ولدى كييف قدراتها الخاصة، وحصلت على أنظمة أخرى تعمل على مدى أقل.

يقول الباحث الأوكراني ميخايلو ساموس، مدير «شبكة أبحاث الجغرافيا السياسية الجديدة»، وهي مؤسسة بحثية في كييف، إن «الصواريخ الباليستية مهمة جداً لحماية مدننا، وليس قواتنا. لذا، فإن ترمب سيساعد بوتين على قتل المدنيين».

ويشرح ليو بيريا بينييه من «مركز إيفري الفرنسي للأبحاث»: «مع (باتريوت)، كما هي الحال مع جميع الأنظمة الأميركية، لدينا مشكلتان، مشكلة الذخائر، ومشكلة قطع الغيار للصيانة. في ما يخص قطع الغيار، هل سنتمكن من شرائها من الأميركيين وتسليمها للأوكرانيين أم إن الأميركيين سيعارضون ذلك؟ لا نعلم».

لتوفير ذخائر الـ«باتريوت»، تبني ألمانيا أول مصنع لها خارج الولايات المتحدة، ولكن من غير المتوقع أن يبدأ الإنتاج قبل عام 2027. وسوف تجد أوروبا صعوبة في تعويض أي نقص في هذا المجال.

ويقول ميشال إن «أوروبا تعاني من بعض القصور في هذا المجال؛ فأنظمة (إس إيه إم بي/ تي - SAMP/T) جيدة جداً، ولكنها ليست متنقلة، ويجري إنتاجها بأعداد صغيرة جداً. لا بد من زيادة الإنتاج، حتى ولو كان ذلك يعني تصنيعها في أماكن أخرى غير فرنسا وإيطاليا». لكن الأمر سيستغرق بعض الوقت. ويؤكد بيريا بينييه أن «العملية كان ينبغي أن تبدأ قبل عامين».

ويضيف يوهان ميشال أن «إحدى طرق التعويض تتمثل في توفير مزيد من الطائرات المقاتلة لتنفيذ عمليات اعتراض جوي وصد القاذفات الروسية التي تضرب أوكرانيا»، فالأوروبيون زودوا أوكرانيا بطائرات «إف16» و«ميراج 2000-5»، وأن لديهم فرصة لزيادة جهودهم في هذا المجال.

ضربات في العمق

يمكن للأسلحة الأميركية توجيه ضربات من مسافة بعيدة خلف خط المواجهة، مما يجعلها بالغة الأهمية بفضل صواريخ «أتاكمس (ATACMS)» أرض - أرض التي تطلقها راجمات «هيمارس (Himars)» التي أعطت واشنطن نحو 40 منها لأوكرانيا.

ويشير ميشال إلى أنها «إحدى المنصات القليلة في أوروبا». ويقول بيريا بينييه إن «أولئك الذين يملكونها يبدون مترددين في التخلي عنها، مثل اليونانيين».

ويقترح ميشال «أنظمة تشيكية، ولكنها أقل شأناً. يتعين على الأوروبيين أن يطوروا بسرعة أنظمة خاصة بهم، أو؛ إذا كانوا غير قادرين على ذلك، أن يشتروا أنظمة كورية جنوبية».

ويشير ساموس إلى أن هناك إمكانية لتوجيه ضربات عميقة من الجو، ولدى «الأوروبيين والأوكرانيين الوسائل التي تمكنهم من ذلك»، مثل صواريخ «سكالب» الفرنسية، و«ستورم شادو» البريطانية. ولكن بيريا بينييه ينبه إلى أن «المشكلة هي أننا لسنا متأكدين على الإطلاق من أن هناك أوامر أخرى صدرت بعد تلك التي أُعلن عنها».

القذائف المدفعية والأنظمة المضادة للدبابات

في هذا المجال، الأوروبيون في وضع أفضل. يقول ميشال: «ربما يكون مجال الأسلحة المضادة للدبابات هو الذي طور فيه الأوكرانيون أنظمتهم الخاصة. فالصواريخ، مثل صواريخ (جافلين) الشهيرة التي زودتهم بها الولايات المتحدة، تكمل أنظمة المُسيَّرات (إف بي في - FPV) بشكل جيد».

وفي ما يتعلق بالمدفعية، يشير بيريا بينييه إلى أن «أوروبا حققت زيادة حقيقية في القدرة الإنتاجية، وأوكرانيا في وضع أقل سوءاً».

في أوروبا، تسارعت وتيرة إنتاج القذائف وتسليمها إلى أوكرانيا، ويخطط الاتحاد الأوروبي لإنتاج قذائف عيار 155 مليمتراً بمعدل 1.5 مليون وحدة بحلول عام 2025، وهذا يزيد على 1.2 مليون وحدة تنتجها الولايات المتحدة.

الاستطلاع والاستعلام

تشتد الحاجة إلى الولايات المتحدة في هذا المجال الأساسي بفضل أقمارها الاصطناعية وطائراتها ومُسيَّراتها التي تجمع المعلومات وتعالجها.

ويقول فيسينكو: «من المهم جداً أن نستمر في تلقي صور الأقمار الاصطناعية».

ويشير ميشال إلى أن «الأوروبيين لديهم بعض الأدوات، ولكنها ليست بالحجم نفسه على الإطلاق، وكثير منهم يعتمد بشكل كامل على الولايات المتحدة في هذا المجال».