المغرب: المالية والمركزي يدافعان عن قرار «مرونة الدرهم» أمام البرلمان

استغربا الحديث عن «التعويم» ونفيا أي أثر للإجراء على التضخم

عبد اللطيف الجواهري محافظ بنك المغرب
عبد اللطيف الجواهري محافظ بنك المغرب
TT

المغرب: المالية والمركزي يدافعان عن قرار «مرونة الدرهم» أمام البرلمان

عبد اللطيف الجواهري محافظ بنك المغرب
عبد اللطيف الجواهري محافظ بنك المغرب

استغرب محمد بوسعيد، وزير المالية والاقتصاد المغربي، الحديث عن «تعويم الدرهم المغربي»، مشيرا إلى أن القرار الذي اتخذته الحكومة، ودخل حيز التطبيق قبل أربعة أيام، يتعلق فقط بإدخال هامش أكبر من المرونة على سعر صرف الدرهم، من خلال توسيع نطاق تقلبه إلى «+ 2.5» في المائة كحد أقصى و«- 2.5» في المائة كحد أدنى، وذلك حول سعره المحوري الذي سيستمر بنك المغرب المركزي في تحديده على أساس سلة من العملات تتكون من اليورو بنسبة 60 في المائة ومن الدولار بنسبة 40 في المائة.
وأكد بوسعيد، الذي كان يتحدث مساء أول من أمس في البرلمان، خلال اجتماع مشترك للجنتي المالية بمجلسي النواب والمستشارين حول موضوع تحرير سعر الصرف، أن «إصلاح نظام سعر الصرف يشكل خطوة جديدة في اتجاه تعزيز تموقع اقتصاد المغرب في مصاف الدول الصاعدة»، مبرزا أن «هذا الإصلاح يكرس الإنجازات التي تم تحقيقها على مستوى كل من الإطار الماكرو - اقتصادي والإصلاحات الهيكلية والقطاعية ومسلسل انفتاح اقتصاد المملكة على الخارج».
وأوضح بوسعيد أن الإجراء الذي اتخذ الاثنين الماضي يشكل مرحلة أولى للانتقال التدريجي إلى نظام أكثر مرونة، مبرزا أن المغرب اختار منهجية تدريجية وحذرة مع اعتماد استراتيجية تواصلية ملائمة، في كل مراحل الإصلاح، مع جميع الفاعلين الاقتصاديين لتشجيعهم على الانخراط الفعلي في هذا الورش وتمكينهم من التكيف تدريجيا مع النظام الجديد، ومن إدارة أفضل للمخاطر المحتملة المرتبطة به.
وأكد بوسعيد حرص الحكومة على أن يتم الانتقال إلى نظام سعر صرف أكثر مرونة بسلاسة، مشيرا إلى أن المرور من مرحلة إلى أخرى سيكون رهينا بالتقييم الإيجابي لكل مرحلة وتوفر الشروط اللازمة لضمان نجاح المرحلة الموالية.
وقال بوسعيد إن هذا الإصلاح يهدف إلى تقوية مناعة الاقتصاد الوطني في مواجهة الصدمات الخارجية ودعم تنافسيته والمساهمة في الرفع من مستوى النمو، مضيفا أن الإصلاح سيمكن من مواكبة التحولات الهيكلية التي عرفها الاقتصاد الوطني خلال السنوات الأخيرة، خاصة فيما يتعلق بتنويع مصادر نموه وانفتاحه واندماجه في الاقتصاد العالمي.
وأضاف أن الظروف الاقتصادية الحالية للمغرب يمكن اعتبارها جد ملائمة للشروع في هذا الإصلاح، بالنظر إلى صلابة القطاع المالي الوطني وقوة الأسس الاقتصادية، لا سيما المستوى الملائم للاحتياطات من العملة الصعبة واستمرار التحكم في مستوى التضخم.
وقلل بوسعيد من الآثار المحتملة لهذا الإجراء على القدرة الشرائية للمواطنين، مشيرا إلى أن النسبة المعتمدة لحصر نطاق التذبذب في 2.5 في المائة خلال هذه المرحلة الأولى تعتبر جد ضعيفة قياسا مع التقلبات التي عرفتها قيمة العملة المغربية، والتي تراجعت خلال سنة 2017 بنسبة 5.1 في المائة مقابل اليورو وبنسبة 7.6 في المائة مقابل الدولار. وأضاف أنه سيتم تكثيف التنسيق مع بنك المغرب من أجل تتبع تطورات سعر صرف الدرهم واتخاذ كل الإجراءات الملائمة لمواكبة هذا الانتقال، مضيفا أن الحكومة ستواصل الإصلاحات الهيكلية والقطاعية الهادفة إلى تقوية تنافسية الاقتصاد الوطني ونهج سياسات ماكرو اقتصادية سليمة لدعم نجاح هذا الإصلاح.
من جانبه، أكد عبد اللطيف الجواهري، والي (محافظ) بنك المغرب أن قرار إصلاح نظام الصرف قرار سيادي ومستقل، مشيرا إلى أن المغرب لم يخضع في هذا المجال لأي ضغوط خارجية. واستغرب الجواهري من جهته ربط بعض الجهات لاتخاذ هذا القرار بشروط صندوق النقد الدولي. وقال إن هذا القرار «لم تفرضه أي مؤسسة مالية دولية ولم يتخذ تحت ضغط أي أزمة صرف كما حدث في عدة بلدان»، مشيرا إلى أن المغرب بدأ التهيؤ لهذا الإصلاح مند أمد طويل، وأن مساهمة صندوق النقد في هذا المجال اقتصرت على توفير الدعم الفني.
وأشار الجواهري إلى أن المغرب اختار بشكل إرادي القيام بهذا الإصلاح، الذي يعتبر ضروريا، وذلك وفق منهجية تدرجية ومتحكم فيها، خلافا لبعض الدول التي وجدت نفسها مضطرة للقيام به قسريا في سياق أزمة عملات.
وحول الأمد المتوقع لهذا الانتقال، أشار الجواهري إلى أن عملية التجارب الدولية المماثلة استغرقت ما بين 5 و15 سنة، مضيفا أن المغرب لم يحدد أي أجل لإتمام هذا الإصلاح، وأن كل مرحلة من مراحله ستأخذ الوقت اللازم لتعطي أكلها.
وبخصوص وقع الإجراء على معدل التضخم، أشار الجواهري إلى أن الدراسات التي قام بها بنك المغرب أبرزت أنه في حالة بلوغ تقلب الدرهم حده الأقصى، أي 2.5 في المائة، فإن وقع ذلك على معدل التضخم لن يتجاوز 0.4 في المائة، مشيرا إلى أن معدل التضخم المرتقب خلال العام الحالي لن يتجاوز 2 في المائة.
وحول تطور قيمة الدرهم مند اتخاذ قرار توسيع هامش تقلبه الاثنين الماضي، أشار الجواهري إلى أن تذبذب الدرهم خلال هذه الفترة بقي محصورا في مستوى أدنى من 0.3 في المائة، وهو نطاق ضعيف جدا مقارنة مع هامش 2.5 في المائة الذي حددته الحكومة. وأضاف أن سعر تداول الدرهم مقابل الأوراق البنكية الأجنبية ظل خلال هذه الفترة في نفس المستوى المسجل قبل مرحلة الإصلاح، مشيرا إلى أن هذا الأمر يدل على أن البنوك والفاعلين الاقتصاديين قد استوعبوا فحوى هذا الإصلاح.
وأكد الجواهري أن البنك المركزي سيحرص على تتبع تنفيذ هذا الإصلاح عن كثب، خصوصا مع البنوك، لافتا إلى أنه أصدر مناشير تلزم البنوك بموافاة بنك المغرب يوميا بجميع المعلومات المتعلقة بعملياتها بالعملات الأجنبية، خصوصا تلك التي تتم لحساب المقاولات الصغيرة جدا والمتوسطة والأفراد، مشيرا إلى أن السلطات النقدية ستستمر في التواصل أيضا مع البرلمان والفاعلين الاقتصاديين وعموم المواطنين حول موضوع الإصلاح.



الاقتصاد الألماني يخشى «ضربة محتملة» من ترمب

ترام يسير في أحد شوارع مدينة هامبورغ الألمانية (د.ب.أ)
ترام يسير في أحد شوارع مدينة هامبورغ الألمانية (د.ب.أ)
TT

الاقتصاد الألماني يخشى «ضربة محتملة» من ترمب

ترام يسير في أحد شوارع مدينة هامبورغ الألمانية (د.ب.أ)
ترام يسير في أحد شوارع مدينة هامبورغ الألمانية (د.ب.أ)

قال رئيس البنك المركزي الألماني يواكيم ناغل، يوم الجمعة، إن اقتصاد ألمانيا سينكمش للعام الثاني على التوالي هذا العام، وسيكون تعافيه باهتاً، وربما يتفاقم بسبب حرب تجارية مع الولايات المتحدة.

وتعاني ألمانيا، أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، منذ سنوات، منذ أن فقد قطاعها الصناعي القوي القدرة على الوصول إلى الطاقة الروسية الرخيصة، وأيضاً مع تضاؤل ​​شهية الصين للصادرات الألمانية.

ومن المتوقع الآن أن يشهد الاقتصاد الألماني ركوداً خلال أشهر الشتاء ثم يتعافى بأبطأ وتيرة ممكنة؛ حيث سيكون الارتفاع المتوقع في الاستهلاك الخاص أقل ما كان مرتقباً، وقد يضعف سوق العمل أكثر وتتعافى استثمارات الأعمال ببطء.

وقال ناغل: «الاقتصاد الألماني لا يكافح فقط الرياح الاقتصادية المعاكسة المستمرة، ولكن أيضاً المشاكل البنيوية. كما تستجيب سوق العمل الآن بشكل ملحوظ للضعف المطول للنشاط الاقتصادي».

ويتوقع البنك المركزي الألماني الآن انكماش الاقتصاد الألماني بنسبة 0.2 في المائة هذا العام، بعد أن توقع في يونيو (حزيران) توسعاً بنسبة 0.3 في المائة، بينما تم خفض توقعات النمو لعام 2025 إلى 0.2 في المائة من 1.1 في المائة سابقاً.

ولكن حتى هذه الأرقام قد تكون مفرطة في التفاؤل، كما حذر البنك، نظراً للتهديدات الناجمة عن الحمائية المتزايدة والصراعات الجيوسياسية وتأثير التغيير الهيكلي على الاقتصاد الألماني.

وأضاف البنك المركزي الألماني أن محاكاة الرسوم الجمركية المتزايدة المتوقعة من إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، تظهر أن الولايات المتحدة ستعاني من أكبر ضربة للنمو، ولكن ألمانيا ستخسر أيضاً ما بين 1.3 و1.4 في المائة من الناتج حتى عام 2027، وقد يرتفع التضخم أيضاً بسبب هذه التدابير.

وقال البنك المركزي الألماني إن التضخم سيرتفع بنسبة 0.1 إلى 0.2 في المائة سنوياً حتى عام 2027 بسبب سياسة الحماية التي ينتهجها ترمب، لكن نموذج المعهد الوطني للاقتصاد القياسي العالمي توقع انخفاضاً بنسبة 1.5 في المائة العام المقبل، و0.6 في المائة في عام 2026. وقال البنك المركزي الألماني: «المخاطر التي تهدد النمو الاقتصادي حالياً تميل إلى الجانب السلبي، والمخاطر التي تهدد التضخم تميل إلى الجانب الإيجابي»، مضيفاً أن الانتخابات الفيدرالية الألمانية في الأشهر المقبلة قد تغير التوقعات المالية.

وهذا الضعف المستمر هو أحد الأسباب الرئيسية وراء خفض البنك المركزي الأوروبي لأسعار الفائدة يوم الخميس، والتلميح إلى المزيد من التيسير في المستقبل، مع تراجع مخاوف التضخم إلى حد كبير وتحول التركيز نحو النمو.

لكن البنك المركزي الألماني ليس مستعداً بعد لإعلان الفوز في معركة التضخم؛ حيث قال يوم الجمعة إن تضخم أسعار المواد الغذائية قد يقفز، وإن تضخم الخدمات سيظل مرتفعاً، مما يبقي الزيادات في الأسعار أعلى من متوسط ​​منطقة اليورو.

وفي غضون ذلك، أظهرت البيانات يوم الجمعة تراجع الصادرات الألمانية على نحو ملحوظ في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وأعلن مكتب الإحصاء الاتحادي في فيسبادن أن الصادرات انكمشت في أكتوبر بنسبة 2.8 في المائة مقارنة بسبتمبر (أيلول) السابق عليه، إلى 124.6 مليار يورو. كما انخفضت الصادرات بنفس النسبة على أساس سنوي.

وانخفضت الصادرات إلى الولايات المتحدة، أكبر سوق للصادرات الألمانية، بنسبة 14 في المائة على أساس شهري لتصل إلى 12.2 مليار يورو. وفي الوقت نفسه، انخفضت الصادرات الألمانية إلى الصين بنسبة 3.8 في المائة. وفي التجارة مع دول الاتحاد الأوروبي، انخفضت الصادرات الألمانية بنسبة 0.7 في المائة.

وكتب كبير الاقتصاديين في مصرف «في بي»، توماس جيتسل، أن بداية الربع الأخير من عام 2024 لا تبشر بالخير مع الانخفاض الذي سجلته الصادرات في أكتوبر الماضي، وأضاف: «حتى لو كان الانخفاض الكبير في الصادرات إلى الولايات المتحدة يتعلق على الأرجح بالطلبيات الكبيرة، فإن التراجع يعطي لمحة عما يمكن أن يحدث في حالة حدوث نزاعات جمركية كبيرة مع الولايات المتحدة».

وتسببت المنافسة المتزايدة في الأسواق العالمية من الصين، على سبيل المثال، فضلاً عن مشكلات هيكلية في الصناعة الألمانية، مثل ارتفاع تكاليف الطاقة والأعباء البيروقراطية الكثيرة، في إنهاك ألمانيا بوصفها دولة تصديرية لفترة طويلة. وكانت الصادرات قد انخفضت بالفعل في سبتمبر الماضي.

وانخفضت الواردات إلى ألمانيا بنسبة 0.1 في المائة في أكتوبر مقارنة بسبتمبر إلى 111.2 مليار يورو. وبالمقارنة مع الشهر نفسه من العام الماضي، كانت هناك زيادة بنسبة 1.7 في المائة. وكان الميزان التجاري إيجابياً عند 13.4 مليار يورو.