سنوات السينما

Ace in the Hole
(1951)
جشع الصحافي الذي أودى بحياة ضحيته
الثناء الكبير الذي حصده فيلم بيلي وايلدر هذا، ورد في معظمه بعد سنوات طويلة من تحقيق هذا الفيلم. لكن في مطلع الخمسينات، كان عدد المعجبين بهذا العمل من النقاد محدوداً، وعدد الرواد الداخلين إلى صالاته قليلاً، أمّا عدد الأوسكارات التي حصل عليها فمعدوم.
إنّه يتحدث عن صحافي اسمه تشاك تاتوم (كيرك دوغلاس)، كان يعمل لصحيفة نيويوركية كبيرة، لكنّها طردته لشربه كما سبق وطردته صحف أخرى لأسباب مختلفة. يقول ذلك لرئيس تحرير صحيفة محلية في بلدة صغيرة في ولاية نيو مكسيكو، بعدما جاء يبحث عن عمل ويعده بأنّه سيرفع شأنها بسبب خبرته. بعد سنة ما زال الحال على ما هو عليه وتشاك يتذمر من رتابة الحياة في بلدة لا يقع فيها حدث يُذكر.
فجأة ما تتغير الأمور. بينما كان يقصد مع محرر شاب مباراة صيد ثعابين الكوبرا يكتشف أنّ رجلاً يملك متجر بيع هدايا وأيقونات، سقط في حفرة عميقة داخل جبل، وذلك خلال بحثه عن أيقونات هندية يدفنها المواطنون الأصليون مع موتاهم في ذلك الجبل. ليو (رتشارد بندكت) لا يستطيع الخروج من الحفرة التي سقط فيها. مساعد الشريف لا يدري ما يفعل. تشاك يهب إلى المساعدة وينزل إلى حيث ليو حبيس أنقاض انهارت عليه. حين استمع إلى وصف ليو لما حدث معه، تخطر ببال تشاك فكرة مفادها أنّه عوض المساعدة على إخراج ليو من محنته سريعاً، عليه أن يستغل مأساته لاستعادة مكانته الصحافية، وذلك بإطالة مدّة معاناته تحت الأنقاض.
يرتب تشاك مع الشريف (راي تيل) منع الصحافيين الآخرين من تغطية الحدث مقابل تحويله إلى بطل إعلامي، وهذا يقبل بسبب اقتراب موعد انتخابات، يود النجاح فيها. يسعى تشاك أيضاً لدى المهندس المشرف على عملية الإغاثة ويفرض عليه القيام بشق طريقه إلى ليو المنكوب من قمّة الجبل، وليس من جانبه، مدركاً أنّ ذلك سيأخذ وقتاً أطول قبل وصول المنقذين إلى الضحية. لجانب ما سبق، يمنع زوجة ليو (جان سترلينغ) من هجرة زوجها والمكان لأنه يحتاج إلى توظيفها في مقالاته كجرعة عاطفية كاذبة كما يتوقع القرّاء من الزوجة أن تكون. وما يخطط له تشاك يقع، وها هي الصحف الكبرى تتصل به بعدما فشلت في تغطية الحدث الكبير وتعرض عليه العمل لديها.
يعيش تشاك فوق السحاب لمعظم أحداث الفيلم. إنّه رجل مدفوع بحس الانتقام ممّا خسره عندما فقد وظائفه والحياة المريحة في المدينة، وبالشهوة لتحقيق النجاح حتى ولو على حساب حياة مهددة. عندما يثوب إلى رشده حال موت ليو متأثراً بجراحه بعد سبعة أيام من المعاناة، يستيقظ ضميره مدركاً أنّه السبب فيما حدث.
كل هذا يصنع فيلماً ساخراً وقاسياً من تلك التي كان داوم وايلدر يريد تحقيقها من قبل. النقد هنا لا يطال ما فعله تشاك والفساد الذاتي المستشري فيه وفي الزوجة والشريف على حد سواء فقط، بل المجتمع العريض نفسه. فما إن ينتشر خبر سقوط الرجل البريء في الحفرة حتى يتراكض الأميركيون للفرجة (3 آلاف نفر كما يقول الفيلم). يرفعون الشوادر والخيام، يقبلون على المتجر الذي يدر مالاً لم تحلم به الزوجة من قبل بل ويقيمون مدينة ملاه لهذا الجمع.
إنّها فكرة جيدة مع سؤال درامي حول الأخلاق المهنية ولماذا ينام الضمير وكيف يستيقظ، لكنّ المغالاة في وصف الحال وتعميم النقد ليشمل الناس جميعاً، يخرج من الواقع ليحط في خيال هوليوودي مفجع. لو أخذنا بما يفترض الفيلم وقوعه فإنّ الفيلم يخسر من قوة الواقع لحساب جنوح الخيال.