دمشق تركز على مثلث حماة ـ حلب ـ إدلب

دمشق تركز على مثلث حماة ـ حلب ـ إدلب
TT

دمشق تركز على مثلث حماة ـ حلب ـ إدلب

دمشق تركز على مثلث حماة ـ حلب ـ إدلب

قسّم النظام السوري مناطق العمليات العسكرية في الشمال إلى جبهات منفصلة، يشعل إحداها ويتقدم على أخرى، بهدف استعادة السيطرة على مثلث حماة - إدلب - حلب، ساعياً للسيطرة على بادية إدلب، والتقدم منها إلى طريق حمص - حلب الدولي الخاضع لسيطرة المعارضة منذ 5 سنوات، مدفوعاً بمخاوف المعارضين من أن تسفر عن سيطرته على المنطقة، تكراراً لسيناريو الخروج من حلب مطلع العام الماضي.
واستأنف النظام عمليته العسكرية التي أحرز فيها تقدماً خلال اليومين الماضيين، بعدما تعرض لانتكاسة بالغة الأسبوع الماضي، وذلك بالتزامن مع حشد تركيا قواتها على الحدود مع سوريا تمهيداً لإطلاق معركة ضد الوحدات الكردية في عفرين في شمال حلب. ويربط المعارضون تلك التطورات العسكرية على الجانبين، لتتفاقم المخاوف من أن يكون ذلك «ناتجاً عن اتفاق تركي – روسي، يفضي أخيراً إلى ما أسفرت إليه المحادثات لإخراج المعارضة من أحياء حلب الشرقية» في ديسمبر (كانون الأول) 2016، وأوائل يناير (كانون الثاني) 2017.
وقال مصدر عسكري سوري معارض لـ«الشرق الأوسط» إن تقدم النظام الذي يخوض أعنف المعارك «يثير المخاوف من اتفاق روسي - تركي، قد لا يعارض تقدم النظام مقابل منح أنقرة غطاء للتقدم إلى عفرين وطرد الوحدات الكردية منها»، في إشارة إلى أن الأكراد في عفرين كانوا يحظون بحماية روسية في وقت سابق، أثمر تواصلاً بينهم وبين النظام السوري واتفاقات ميدانية في أحياء حلب الشرقية. وقال المصدر: «نتخوف أن يتكرر سيناريو حلب مرة أخرى»، مشيراً إلى أن النظام «يتحرك تحت غطاء روسي، ويقاتل الإيرانيون وميليشيات أخرى تابعة لهم على جبهات في المعركة ضد فصائل المعارضة».
هذا التقدير، لم ينفه مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن الذي قال إن غضّ النظر التركي عن تقدم النظام «يشير إلى تغير في المعادلة الميدانية القائمة»، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «يبدو أن قوات النظام أخذت ضوءاً أخضر للتقدم، يشبه الضوء الأخضر الذي حصلت عليه في معركة حلب العام الماضي، مقابل تمدد قوات درع الفرات في ريف حلب الشمالي». لكتنه أكد أن الضوء الأخضر «لا يعني أن المعركة ستنتهي عن حدود سيطرة النظام على المنطقة الواقعة شرق سكة حديد الحجاز التي تربط دمشق بحلب، ذلك أن تحركات النظام ووتيرة القصف تشير إلى أنه يسعى لاستعادة السيطرة على طريق حمص - حلب الدولي» الخاضع لسيطرة المعارضة، و«إنشاء عمق أمني غرب الأوتوستراد يصل إلى مناطق في محافظة إدلب على الأقل».
ويطال القصف الجوي المكثف أهدافاً في عمق المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، وتبعد عن الجبهة المشتعلة أكثر من 10 كيلومترات، مثل خان شيخون الواقعة بمحاذاة أوتوستراد حمص - حلب الدولي، بموازاة القصف العنيف الذي يطال مناطق سيطرة المعارضة في القرى القريبة من الجبهة.
استراتيجية الجزر المعزولة
ويتبع النظام استراتيجية التقسيم الجغرافي لمناطق العمليات على شكل دوائر صغيرة، يستطيع أن يحاصرها، تمهيدا لتحولها إلى جزر معزولة تدفع المعارضة للخروج منها قبل إحكام الحصار، أو التفاوض للخروج منها في مرحلة لاحقة، وهي الاستراتيجية التي يتبعها قائد عمليات النظام العميد سهيل الحسن المعروف بالنمر، كما قالت مصادر عسكرية في المعارضة لـ«الشرق الأوسط»، مشيرة إلى أن حشد القوى النظامية وحلفائها «يمنحها قدرة على إشعال الجبهات من أكثر من موقع، في ريفي إدلب وحلب».
من جهته، قال عبد الرحمن إن «القوات الإيرانية تتسلم ضفة القتال من الشمال في ريف حلب الجنوبي، بينما يقاتل النمر وقواته على الجهة الجنوبية»، لافتاً إلى أن «الحزب الإسلامي التركستاني يعتبر رأس الحربة على كل الجبهات، ولا يقتصر وجوده على مطار أبو الظهور العسكري فقط». وقال إن قوات النظام «استطاعت أن تسيطر على 260 قرية وبلدة منذ بدء الهجوم العنيف في ريفي إدلب وحلب في 25 ديسمبر (كانون الأول) الماضي».
وعن مقاتلي «داعش» الذين يقول معارضون إنهم تمددوا في وقت سابق في مناطق «هيئة تحرير الشام» في شمال غربي محافظة حماة، وفي ريف إدلب الجنوبي الشرقي، بعدما تسربوا من مناطق سيطرة النظام، فقال عبد الرحمن إن هؤلاء «يحاصرهم النظام الآن بعد قضم 6 قرى تخضع لسيطرتهم، تمهيداً لتسوية معهم في وقت لاحق، تشبه تسويات أخرجتهم من مناطق كانوا يحاصرون فيها».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».