تونس: رئيس الحكومة يتعهد بالمضي في الإصلاحات بعد انحسار الاحتجاجات

نشطاء ومعارضون يدعون إلى مزيد من الإضرابات حتى إسقاط قانون المالية

يوسف الشاهد
يوسف الشاهد
TT

تونس: رئيس الحكومة يتعهد بالمضي في الإصلاحات بعد انحسار الاحتجاجات

يوسف الشاهد
يوسف الشاهد

تعهَّد يوسف الشاهد، رئيس الحكومة التونسية، أمس، بالمضي قدماً في إقرار الإصلاحات الاقتصادية بعد هدوء موجة الاحتجاجات العنيفة، التي اجتاحت البلاد، الأسبوع الماضي.
وقال الشاهد، أمس، بمناسبة انتخابات منظمة «الأعراف» الممثلة لرجال الأعمال، إحدى المنظمات الفائزة ضمن رباعي الحوار الوطني بنوبل السلام عام 2015، إن «الوضع الصعب في البلاد دفع الحكومة إلى البدء أولا بإصلاح المالية العمومية».
وأوضح الشاهد لوكالة الصحافة الألمانية أنه «من دون تعافي المالية العمومية لا يمكن الحديث عن النمو والاستثمار. وهذا ما جعل قوانين المالية في 2017 و2018 صعبة على الجميع».
وأقر قانون مالية الجديد لعام 2018 زيادات في الأسعار لم تشمل المواد المدعومة، لكنها مسَّت الكثير من المواد ذات الصلة بالحياة اليومية، إلى جانب زيادات في الضرائب واقتطاعات من الأجور، الموجهة لسد العجز لدى الصناديق الاجتماعية.
وفجرت تلك الإجراءات، وغيرها من القرارات القاسية، موجةَ احتجاجات عنيفة في عدة مدن، الأسبوع الماضي، شابتها عمليات تخريب أدت إلى اعتقال أكثر من 800 شخص، قبل أن يسود الهدوء تدريجيّاً بدءاً من الخميس الماضي.
وأضاف الشاهد أن «كلفة غياب الإصلاحات كانت باهظة، ونحن اليوم مطالبون بمعالجتها، وسنواصل الإصلاحات، وليس لدينا خيار آخر. وأي صعوبات لن تثنينا عن التراجع».
وكان رئيس الدولة الباجي قائد السبسي قد أقر أثناء الاحتفاء بالذكرى السابعة للثورة بأن هناك بطئاً كبيراً في إرساء الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، في ظل نسب بطالة كبيرة في صفوف الشباب.
وفيما يبدو وكأنه ردّ مباشر على المعارضة التي ظلَّت تنتقد أداء الحكومة، أوضح الشاهد أن «تونس نجحت في انتقالها الديمقراطي، وهي اليوم من بين الدول الديمقراطية، غير أن ذلك لا يجب أن يحجب الكثير من التحديات.. فالكثير يرى أن الحفاظ على نجاحنا الديمقراطي وتطويره أصبح مرتبطاً بمدى نجاحنا في الفترة المقبلة على المستوى الاجتماعي والاقتصادي»، لكنه أشار في الوقت ذاته إلى انتعاش المؤشرات الاقتصادية.
وتعهد الشاهد بالعمل على تخفيض الضغوط الضريبية على المؤسسات خلال العام الحالي، مع إحراز تقدم في محاربة عمليات التهرب الضريبي والتجارة الموازية، وذلك بهدف منح دفعة للاستثمار وخلق فرص عمل، وقال خلال انتخابات منظمة الأعراف: «المؤشرات الاقتصادية بدأت تمر إلى اللون الأخضر. ونأمل أن نكون قد تجاوزنا الفترة الأصعب».
وعاد، أمس، الهدوء إلى البلاد، لكن الحكومة ما زالت تحت ضغط اجتماعي قوي، رغم أنها قررت رفع مساعدتها الاجتماعية للعائلات الفقيرة ومحدودي الدخل بنحو 70 مليون دولار. كما قررت أيضاً أن يتمتع العاطلون عن العمل بمجانية العلاج في المستشفيات العمومية.
لكنَّ فشل تسع حكومات، تولَّت زمام البلاد منذ ثورة الياسمين في 2011، في علاج المشكلات الاقتصادية المتزايدة خلق ضيقاً لدى جل التونسيين، مع ارتفاع معدلات البطالة إلى ما يزيد على 15 في المائة، وإلى نحو 30 في المائة في صفوف الشبان. كما ارتفع التضخم إلى 6.4 في المائة، وهو أعلى معدل منذ أربع سنوات.
وزاد الوضع الاقتصادي سوءاً مع تعرّض صناعة السياحة إلى ضربات قوية في 2015، بعد أن استهدف متطرفون سياحاً في متحف باردو وفندق بمنتجع بسوسة، قتل فيه عشرات السياح الغربيين، إضافة إلى تراجع حجم إنتاج الفوسفات. لكن الهدوء الذي عمَّ البلاد يبدو هشّاً بعد أن تعهد نشطاء ومعارضون بتنظيم مزيد من الاحتجاجات حتى إسقاط قانون المالية، الذي وصفته الجبهة الشعبية المعارضة بأنه «جائر ويزيد من معاناة وتفقير التونسيين».
وبنهاية الشهر الحالي، ستخفض الحكومة رواتب كل الموظفين في البلاد بنسبة واحد في المائة، كمساهمات اجتماعية لسد العجز في تمويل صناديق الضمان الاجتماعي. وفي حين ترى الحكومة أن القرار ضروري للحفاظ على التوازنات المالية للبلاد، فإن كثيراً من التونسيين يقولون إنه سيقوِّض بشكل أكبر قدرتهم الشرائية المنهارة أصلاً.
لكن الحكومة تعاني أيضاً من ضغط صندوق النقد الدولي لتنفيذ مزيد من الإصلاحات الجريئة قصد الحصول على قسط ثالث بقيمة 320 مليون دولار من إجمالي خط تمويل بقيمة 2.8 مليار دولار. وسيتيح صرف القسط الثالث لتونس الحصول على الضوء الأخضر لنيل تمويلات مهمة من البنك الدولي والاتحاد الأوروبي. وفي هذا السياق، تخطط الحكومة أيضاً لتسريح نحو عشرة آلاف موظف بشكل طوعيّ هذا العام، سعياً لخفض كتلة الأجور المرتفعة إلى نحو 12.5 في المائة خلال عامين، من نحو 15 في المائة الآن. في حين يشدد صندوق النقد على أن خفض كتلة الأجور تبقى من أهم الإصلاحات التي يتعين تنفيذها قبل صرف القسط الثالث بنهاية فبراير (شباط) المقبل.
وقال مسؤولون إن الحكومة قد تضطر لرفع سعر البنزين مرة أخرى هذا العام مع ارتفاع سعر النفط العالمي إلى حدود 70 دولاراً، بينما وضعت تونس ميزانية 2018 على أساس 55 دولاراً للبرميل.
ووسط هذه الأخبار السيئة بالنسبة للتونسيين، حذر الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل من أن الاحتقان ما زال عارماً في صفوف العاطلين والمهمَّشين والطبقات الضعيفة، التي تعاني من غلاء الأسعار.
وقال إن الإجراءات الحكومية مهمة، ولكنها غير كافية، مضيفاً أنه يتعين على الحكومة مكافحة التهرب الجبائي لأن الجزء الكبير من الضرائب مسلَّط على الموظفين. ودعا الطبوبي الحكومة إلى ميزانية تكميلية تأخذ بالاعتبار الطبقات الضعيفة، وتتخذ مزيداً من الإجراءات الاجتماعية لهذه الفئات.
ومن المتوقَّع أيضاً أن تبدأ الحكومة خلال عام 2018 في مراجعة منظومة الدعم لتنفيذها في 2019 على الأرجح، وهي خطوة شديدة الحساسية ولكنها من بين الإصلاحات الضرورية التي يطالب بها المقرضون.



الإمارات ترحب بإعلان غروندبرغ الاقتصادي وتصف الاتفاق بالخطوة الإيجابية

الإمارات ترحب بإعلان غروندبرغ الاقتصادي وتصف الاتفاق بالخطوة الإيجابية
TT

الإمارات ترحب بإعلان غروندبرغ الاقتصادي وتصف الاتفاق بالخطوة الإيجابية

الإمارات ترحب بإعلان غروندبرغ الاقتصادي وتصف الاتفاق بالخطوة الإيجابية

وصفت الخارجية الإماراتية الاتفاق اليمني الاقتصادي بين الحكومة والحوثيين بالخطوة الإيجابية في طريق الحل السياسي في اليمن.

وفي بيان نشرته الخارجية الإماراتية في وكالة الأنباء الرسمية «وام»، قالت الإمارات إنها ترحب «ببيان المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ بشأن التوصل إلى اتفاق بين الأطراف اليمنية حول الخطوط الجوية والقطاع المصرفي».

ووفق البيان: «أثنت الوزارة على الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص للوصول إلى حل شامل ومستدام للأزمة اليمنية، بما يعزز السلام والاستقرار في اليمن والمنطقة».

وقالت الخارجية الإماراتية إنها تجدد التأكيد «على دعم جميع الجهود الإقليمية والدولية المبذولة لإحلال الاستقرار في اليمن»، وعلى وقوفها إلى جانب الشعب اليمني، ودعم طموحاته المشروعة في التنمية والازدهار.

وجرى اتفاق بين الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية، الثلاثاء، على تدابير للتهدئة وخفض التصعيد الاقتصادي بينهما تمهيداً لمحادثات اقتصادية شاملة بين الطرفين.

ويشمل الاتفاق، إلغاء الإجراءات الأخيرة ضد البنوك من الجانبين، واستئناف طيران «الخطوط الجوية اليمنية» للرحلات بين صنعاء والأردن، وزيادة عدد رحلاتها إلى 3 يومياً، وتسيير رحلات إلى القاهرة والهند يومياً، أو حسب الحاجة.

كما يشمل الاتفاق البدء في عقد اجتماعات لمناقشة القضايا الاقتصادية والإنسانية كافة، بناءً على خريطة الطريق.

وكان مجلس التعاون الخليجي رحب بإعلان غروندبرغ، وعبّر أمينه العام جاسم البديوي عن دعم المجلس الجهود الإقليمية والدولية والجهود التي يقودها المبعوث «الرامية إلى تحقيق السلام والأمن في اليمن»، مؤكداً أن صدور هذا الإعلان يأتي تأكيداً للأهمية التي يوليها المجتمع الدولي للأزمة اليمنية.

وعبّر الأمين عن أمله أن يسهم الإعلان في تهيئة الأجواء للأطراف اليمنية لبدء العملية السياسية برعاية الأمم المتحدة.

وجدد تأكيد استمرار دعم مجلس التعاون ووقوفه الكامل إلى جانب اليمن وحكومته وشعبه، وحرصه على تشجيع جميع جهود خفض التصعيد والحفاظ على التهدئة للوصول إلى السلام المنشود.