وفد من «طالبان» في إسلام آباد لبحث مفاوضات مع حكومة كابل

طائرات «درون» أميركية تقتل شخصين بضربات على الحدود الباكستانية - الأفغانية

موظفة في قطاع الصحة الأفغاني تقدّم لقاحاً ضد مرض شلل الأطفال لطفل خلال حملة تطعيم في قندهار بحنوب أفغانستان أمس (أ.ف.ب)
موظفة في قطاع الصحة الأفغاني تقدّم لقاحاً ضد مرض شلل الأطفال لطفل خلال حملة تطعيم في قندهار بحنوب أفغانستان أمس (أ.ف.ب)
TT

وفد من «طالبان» في إسلام آباد لبحث مفاوضات مع حكومة كابل

موظفة في قطاع الصحة الأفغاني تقدّم لقاحاً ضد مرض شلل الأطفال لطفل خلال حملة تطعيم في قندهار بحنوب أفغانستان أمس (أ.ف.ب)
موظفة في قطاع الصحة الأفغاني تقدّم لقاحاً ضد مرض شلل الأطفال لطفل خلال حملة تطعيم في قندهار بحنوب أفغانستان أمس (أ.ف.ب)

قال مسؤولون في إسلام آباد، أمس (الأربعاء)، إن مفاوضين عن حركة «طالبان» الأفغانية يجرون في باكستان مشاورات بشأن استئناف محادثات السلام مع حكومة كابل، في وقت نقلت وكالة «رويترز» عن بيان لوزارة الخارجية الروسية إن موسكو تدعو إلى إجراء محادثات عاجلة بين الحكومة الأفغانية و«طالبان»، وإنها مستعدة لاستضافتها.
وأضافت الخارجية الروسية: «نحث بقوة على أن تبدأ المفاوضات في أسرع وقت ممكن... لوضع نهاية للحرب الأهلية».
وأوردت وسائل إعلام باكستانية أمس أن وفداً يضم ثلاثة مسؤولين في حركة «طالبان» يمثلون مكتبها في الدوحة، وصل إلى إسلام آباد لإجراء محادثات مع مسؤولين باكستانيين بهدف البحث في مبادرة جديدة للحوار مع كابل. ويضم الوفد شهاب الدين ديلاوار وهو مسؤول كبير في مكتب «طالبان» في الدوحة.
وأثيرت المعلومات عن زيارة الوفد «الطالباني» لإسلام آباد في جلسات لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ، حيث سُئل وزير الخارجية خواجة آصف عن هذا الموضوع، فرَدَّ بالقول إنه ليس على دراية بزيارة وفد من «طالبان» للعاصمة الباكستانية.
لكن وسائل الإعلام المحلية استمرَّت في ترويج معلومات عن وجود وفد الحركة الأفغانية، وهو أمر أكدته مصادر رسمية في إسلام آباد لكنها رفضت التكهن بالمهمة التي جاء أعضاء الوفد من أجلها.
وسهّلت باكستان في الماضي أكثر من جلسة محادثات بين الحكومة الأفغانية و«طالبان». وتوقفت آخر تلك الجلسات في يناير (كانون الثاني) 2016 بعدما تسرب إلى وسائل إعلامية أن زعيم «طالبان» الملا عمر متوفى منذ عامين نتيجة أسباب طبيعية، وأن الحركة تُخفي الخبر.
وكانت المحادثات بين الطرفين غالباً ما تجري برعاية مسؤولين في جهاز الاستخبارات الباكستاني (آي إس آي).
وستُجرى المحادثات الحالية في بلدة مري القريبة من العاصمة إسلام آباد، وهي ذات البلدة التي عقدت فيها الجولة السابقة من المحادثات بين «طالبان» ومسؤولين من باكستان وأفغانستان في يوليو (تموز) 2015، التي توقفت لاحقاً بعد كشف خبر وفاة الملا عمر. وقال مسؤول كبير في الحكومة الباكستانية إن الفارق هذه المرة بين المحادثات الحالية المزمعة والمحادثات السابقة أن الحالية تتمّ بناء على جهود تقوم بها «أربع دول» وجّهت الدعوة خصيصاً لـ«طالبان» للحضور إلى طاولة المفاوضات. وأضاف أن هناك «أساساً قوياً» الآن للمحادثات بين كابل و«طالبان». ويبدو أن هذا «الأساس القوي» هو ما أشار إليه السفير الأفغاني لدى إسلام آباد جنان موسى زاي، الذي أكد أن حكومة الرئيس أشرف غني تعتقد أنه ليس هناك من حل عسكري صِرْف للأزمة الأفغانية، رغم تأكيده أن الحكومة الحالية هي الحكومة الشرعية في البلد.
وستُعقد المحادثات الحالية في وقت يبدو أن الأميركيين - الذين ينتقدون علناً حكومة إسلام آباد بحجة أنها لا تقوم بما يكفي لمكافحة المتطرفين على أراضيها - سحبوا دعمهم لدور باكستاني في تسهيل الحوار بين حكومة كابل و«طالبان».
من جهتها، نقلت وكالة «رويترز»، أمس، عن مسؤولين كبيرين في «طالبان» أن الوفد الذي زار إسلام آباد هذا الأسبوع جاء بموافقة من زعيم الحركة بهدف إجراء محادثات تستهدف استكشاف فرص استئناف مفاوضات السلام لإنهاء الحرب المستمرة منذ 16 عاماً في أفغانستان.
وأشارت الوكالة إلى أنه لم يتضح إن كانت المحادثات غير الرسمية التي جرت مع مندوب عن سياسي أفغاني بارز تمخضت عن تقدم. وفشلت محاولات كثيرة سابقة في إحياء المحادثات المباشرة التي انتهت فور بدايتها في 2015.
وذكرت «رويترز» أن محادثات إسلام آباد يوم الاثنين جاءت بعد اجتماع آخر جرى عبر قناة خلفية في تركيا، مطلع الأسبوع، بين أفراد على صلة بحركة «طالبان» ومندوبين من «الحزب الإسلامي». ويقود هذا الحزب قيادي سابق كان متحالفاً مع «طالبان» قبل أن يلقي السلاح، العام الماضي، وينضمَّ للساحة السياسية في أفغانستان.
وقال متحدث باسم الرئيس الأفغاني أشرف غني الأربعاء إنه لا علم له بمحادثات إسلام آباد، بينما لم ترد حركة «طالبان» على طلبات للتعقيب. ونفى الجانبان يوم الاثنين المشاركة في محادثات تركيا.
لكن مسؤولين كبيرين من «طالبان» طلبا عدم نشر اسميهما قالا لـ«رويترز» إن الزعيم الأعلى للحركة هيبة الله أخونزاده وافق على اجتماع يوم الاثنين في إسلام آباد. وأضافت الوكالة أنه يُعتقد على نطاق واسع أن أخونزاده يختبئ في مكان ما بباكستان.
ومن ناحية أخرى، قال المتحدث باسم «طالبان» ذبيح الله مجاهد إن اجتماع تركيا لم يحضره «ممثل شرعي» عن «طالبان». وقال في بيان: «هذه لعبة مخابرات تهدف إلى تشويه عملية السلام الحقيقية في أفغانستان والإضرار بها». وتطرق البيان إلى موقف «طالبان» بأنه لا يمكن إجراء مفاوضات حقيقية إلا بعد رحيل كل القوات الأجنبية عن أفغانستان.
وذكر المصدران لـ«رويترز» أن وفد «طالبان» المؤلَّف من ثلاثة أشخاص، الذين قدموا من قطر ضم شهاب الدين ديلاور وجان محمد مدني من المكتب السياسي للحركة بالعاصمة القطرية الدوحة، بالإضافة إلى صهر الملا يعقوب ابن مؤسس «طالبان» الراحل الملا محمد عمر. واجتمع الثلاثة مع ممثلين للسياسي الأفغاني بير سيد حامد جيلاني زعيم الرابطة الوطنية الإسلامية الأفغانية، بحسب ما أكد مساعد كبير لجيلاني طلب عدم نشر اسمه. ولم يرد مكتب جيلاني على طلبات للتعقيب.
ووفقاً للمصدرين ومساعد جيلاني، فقد أفرجت شبكة حقاني التابعة لـ«طالبان»، الأسبوع الماضي، عن 14 جندياً أفغانياً في إقليم بكتيا بشرق البلاد في بادرة حسن نية قبل المحادثات.
على صعيد آخر، أوردت وكالة الأنباء الألمانية أن ما لا يقل عن شخصين قُتلا في هجومين متتالين لطائرتين دون طيار (درون) يُعتقد أنهما أميركيتان في شمال غربي باكستان بالقرب من الحدود الأفغانية أمس (الأربعاء).
وقالت مصادر أمنية للوكالة الألمانية: «وقع هجومان لطائرات دون طيار في منطقة كورام، وقتل شخصان في الهجوم الثاني». وأضافت المصادر أنه من غير المعلوم بعد هوية من قُتِلا في الهجومين.
وقال أشفق حسين، وهو مسؤول بمقاطعة كورام القبلية، لوكالة الأنباء الألمانية إن الهجوم الأول وقع في منطقة كورام القبلية المتمتعة بنظام يشبه الحكم الذاتي في باكستان، وتقع المنطقة على الحدود الباكستانية - الأفغانية. وأضاف أن شخصاً أُصِيب في هذا الهجوم.
وكورام واحدة من سبع مما يطلق عليها وكالات في المناطق القبلية المضطربة التي تحد أفغانستان، حيث يشن مسلحو «طالبان» حرباً ضد الحكومة وحلفائها الدوليين.
واتهمت أفغانستان والولايات المتحدة باكستان بدعم مسلحي «طالبان»، ومنحهم إمكانية الوصول إلى ملاذات آمنة على الجانب الباكستاني من الحدود التي يفتقر جزء كبير منها للإجراءات الأمنية الكافية.
وفي أفغانستان، نقلت الوكالة الألمانية عن شرطة ولاية غزني إن سبعة على الأقل من «طالبان» قُتِلوا بعدما هاجم مسلحو الحركة مواقع تفتيش أمنية في ولاية غزني، شرق أفغانستان، طبقاً لما ذكرته قناة «تولو نيوز» التلفزيونية الأفغانية، أمس (الأربعاء). وأضافت الشرطة أن مسلحي «طالبان» هاجموا مواقع تفتيش أمنية نحو الساعة الثانية والنصف بالتوقيت المحلي بمنطقة جيرو، لكن قوات الأمن صدتهم. وتابعت أن الاشتباك استمرّ حتى السادسة صباحاً. وقالت الشرطة إن تسعة مسلحين آخرين أصيبوا في الاشتباك، وإن كمية كبيرة من الأسلحة صادرتها قوات الأمن التي عثرت على جثث ثلاثة من مقاتلي «طالبان» على أرض المعركة. ولم يصدر تعليق فوري من «طالبان».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».