إضاءة على مُبدع: كارولينا هيريرا... «فارسة» دخلت مجال التصميم من باب مخملي

كارولينا هيريرا جعلت من القميص الأبيض ماركتها المسجلة  -  تصاميمها تتميز ببصمات أنثوية واضحة
كارولينا هيريرا جعلت من القميص الأبيض ماركتها المسجلة - تصاميمها تتميز ببصمات أنثوية واضحة
TT

إضاءة على مُبدع: كارولينا هيريرا... «فارسة» دخلت مجال التصميم من باب مخملي

كارولينا هيريرا جعلت من القميص الأبيض ماركتها المسجلة  -  تصاميمها تتميز ببصمات أنثوية واضحة
كارولينا هيريرا جعلت من القميص الأبيض ماركتها المسجلة - تصاميمها تتميز ببصمات أنثوية واضحة

كارولينا هيريرا، مصممة فينزويلية الأصل، لم تدرس تصميم الأزياء؛ لكنها دخلت المجال من باب الهواية. كانت تعشق الفروسية وتمارسها. في الـ13 من عمرها رافقت جدتها إلى باريس، لحضور عرض كريستوبال بالنسياجا؛ لكن النقلة الحقيقية كانت عندما بلغت الـ15 من عمرها، حيث تغيرت نظرتها تماما، ووقعت في حب عالم الأزياء. السبب أنها حصلت على أول قطعة فُصلت خصيصا على مقاسها، وكانت من دار «لانفان»، فتحت عيونها على جمال الموضة عموما. لكن طوال فترة الصبا وبداية الشباب اقتصر هذا الحب على متابعة الموضة وارتدائها؛ خصوصا أن إمكاناتها كانت تسمح بذلك. فقد كانت تنحدر من أسرة غنية، وكان والدها حاكم كاراكاس. لكنها في الستينات التحقت للعمل بدار «إيمليو بوتشي».
بعد 30 عاما على حادثة حصولها على أول قطعة «هوت كوتير»، انتقلت كارولينا هيريرا إلى نيويورك، وسرعان ما أصبحت واحدة من سيدات المجتمع المخملي فيها، وأكثرهن أناقة. بدأت تفكر في تأسيس دار متخصصة بالأقمشة؛ لكن بتشجيع من دايانا فريلاند، التي كانت أهم امرأة مؤثرة في صناعة الموضة آنذاك، دخلت مجال التصميم. تعترف أنها لم تكن تتوقع النجاح الذي حققته عندما قدمت أول تشكيلة لها؛ لكن لحسن حظها أنها كانت تتمتع بحس أنثوي قوي لا يزال حتى الآن مكمن قوتها، عدا أنها كانت تعرف ما تريده بنات جنسها من أناقة راقية وهادئة في الوقت ذاته، وحتى الآن لا يزال هذان العنصران هما ما يحددان أسلوبها. فهي لم تخضع لإملاءات الموضة ولم تُغير جلدها حتى مع اشتداد الأزمات الاقتصادية، حيث ظل أسلوبها مطبوعا بالفخامة التي تحترم أنوثة المرأة من دون أن تستغلها أو تُرخصها، وهو ما يظهر في التنورات المستديرة والفساتين الطويلة والبنطلونات المستقيمة والجاكيتات المفصلة والقميص الأبيض، وغيرها من القطع.
غني عن القول إن هذا الأسلوب لمس وترا حساسا في نفوس ثريات وأنيقات العالم، كذلك سيدات البيت الأبيض، من باربرا بوش، وهيلاري كلينتون، وميشيل أوباما، إلى ميلانيا ترمب.
هذا العام ستحتفل بمرور 36 عاما على إطلاقها دار «كارولينا هيريرا». ورغم أن عالم الموضة يعرف أسلوبها جيدا؛ فإن هناك حقائق تحتاج إلى إضاءات، مثل: - في عام 1980 انتقلت من فنزويلا إلى نيويورك. في العام نفسه حصلت على لقب أكثر النساء أناقة على المستوى العالمي، الأمر الذي شجعها على أن تدخل مجال الأزياء كمصممة. وتعترف بأن الفضل الكبير في ذلك يعود إلى دايانا فريلاند، التي ظلت تُلح عليها إلى أن انصاعت للفكرة. «قلت مع نفسي إذا آمنت دايانا بقدراتي وبأني يمكنني أن أنجح، فلم لا أحاول على الأقل؟» حسب ما قالت في إحدى مقابلاتها.
- في عام 1981، وعندما قدمت عرضها بنيويورك، كان من بين ضيوفها الفنان آندي وورهول، وبيانكا جاغر، ولفيف من سيدات المجتمع النيويوركي، الأمر الذي يدل على ما كانت تتمتع به من علاقات جيدة مع الفنانين والمؤثرين. غني عن القول، إن التشكيلة قوبلت بترحاب كبير، حيث وصفتها دايانا فريلاند بأنها «اكتشاف جديد»، بينما أطلقت مجلة «ويمنز وير دايلي» على المصممة لقب «سيدة الأكمام الطويلة». ما أكدته منذ البداية أنها كانت تريد أن تختلف عن الآخرين والموضة الدارجة، عدا أنها تُكرر دائما أنها تكره أسلوب «المينماليزم».
- ربطتها بالمصور الفوتوغرافي الراحل روبرت مابلثورب علاقة صداقة، بدأت في عام 1976 في جزيرة «موستيك». كانت هي في إجازة استجمام وهو في رحلة عمل. بذرة العلاقة كانت صورة «بورتريه» التقطها لها في الجزيرة، وأصبحت أيقونية. بدت في الصورة وكأنها إيفيتا.
- إلى جانب سيدات البيت الأبيض، ارتدت ملايين العرائس فساتين هيريرا. من بينهن كارولين كينيدي في عام 1986، والممثلة سارة جيسيكا باركر في دور كاري برادشو، في السلسلة الشهيرة «سيكس آند ذي سيتي».
- إذا كانت «شانيل» تشتهر بجاكيت التويد، و«ديور» بالتنورة المستديرة، فإن كارولينا هيريرا جعلت من القميص الأبيض ماركتها المسجلة. الجميل في هذه القطعة أنها تبدو في منتهى الأناقة والرقي مع تنورة طويلة وفخمة للمناسبات الكبيرة، أو مع بنطلون جينز لفتاة صغيرة، وهذا ما اكتشفه كثير من المصممين بعدها؛ لكن لا أحد يمكن أن يسرق منها حقها الأدبي والفني بهذا الخصوص.


مقالات ذات صلة

درجة العام الجديد «موكا موس»… ما لها وما عليها

لمسات الموضة «موكا موس» له تأثير حسي دافئ ولذيذ من دون بهرجة (برونيللو كوتشينيللي)

درجة العام الجديد «موكا موس»… ما لها وما عليها

الألوان مثل العطور لها تأثيرات نفسية وعاطفية وحسية كثيرة، و«موكا موس» له تأثير حسي دافئ نابع من نعومته وإيحاءاته اللذيذة.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة لقطة أبدعت فيها «ديور» والمغنية لايدي غاغا في أولمبياد باريس (غيتي)

2024... عام التحديات

إلى جانب الاضطرابات السياسية والاقتصادية، فإن عودة دونالد ترمب للبيت الأبيض لا تُطمئن صناع الموضة بقدر ما تزيد من قلقهم وتسابقهم لاتخاذ قرارات استباقية.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة ماثيو بلايزي مصمم «بوتيغا فينيتا» سابقاً (غيتي)

2024...عام الإقالات والتعيينات

تغييرات كثيرة شهدتها ساحة الموضة هذا العام، كانت من بينها إقالات واستقالات، وبالنتيجة تعيينات جديدة نذكر منها:

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)

الجينز الياباني... طرق تصنيعه تقليدية وأنواله هشة لكن تكلفته غالية

على الرغم من تعقيد الآلات المستعملة لصنعه، فإن نسيجه يستحق العناء، ويتحول إلى قماش ناعم جداً بمجرّد تحويله إلى سروال جينز.

«الشرق الأوسط» (لندن)

نهاية عام وصلت فيه الموضة إلى القمر وتوهجت فيه المنطقة العربية

لقطة أبدعت فيها «ديور» والمغنية لايدي غاغا في أولمبياد باريس (غيتي)
لقطة أبدعت فيها «ديور» والمغنية لايدي غاغا في أولمبياد باريس (غيتي)
TT

نهاية عام وصلت فيه الموضة إلى القمر وتوهجت فيه المنطقة العربية

لقطة أبدعت فيها «ديور» والمغنية لايدي غاغا في أولمبياد باريس (غيتي)
لقطة أبدعت فيها «ديور» والمغنية لايدي غاغا في أولمبياد باريس (غيتي)

اليوم وعلى الساعة الثانية ليلاً، سيودع عالم الموضة عاماً كان حافلاً بالأحداث والتحديات. عام تراجعت فيه أرباح المجموعات الضخمة بشكل لم تشهده منذ عقود، واهتزت كراسي أدت إلى استقالات، بعضها طوعي كما هو الحال بالنسبة للبلجيكي دريس فان نوتن، وأخرى مفروضة كما هو الحال بالنسبة لبييرباولو بيكيولي، مصمم دار «فالنتينو» السابق وغيره. كل هذه التغييرات ترافقت بتعيينات جريئة من شأنها أن تُغيّر مشهد الموضة بشكل أو بآخر، وإن كانت الدراسات التي قام بها هذا القطاع تفيد بأن 2025 لن يكون أفضل حالاً.

إلى جانب الاضطرابات السياسية والاقتصادية التي عانوا منها في السنوات الأخيرة، فإن عودة دونالد ترمب للبيت الأبيض لا تُطمئنهم بقدر ما تزيد من قلقهم وتسابقهم لاتخاذ قرارات جذرية وسريعة تحسُّباً للآتي. والمقصود هنا الضرائب الجمركية التي يهدد ترمب بفرضها على الصين تحديداً، التي تعتبر إلى حد الآن من أهم الأسواق التي يعتمدون عليها، صناعة وتجارة، إضافة إلى قوانين الهجرة التي ستؤثر على اليد العاملة في هذا المجال.

استراتيجيات مبتكرة... مطلوبة

حتى الآن لا تزال «هيرميس» تحتفظ بالصدارة فيما يتعلق بالحرفية و«صنع باليد» (هيرميس)

وكأن هذا لا يكفي، فإن أحد أهم التحديات التي يواجهونها حالياً سلوكيات المستهلك التي تغيّرت وزعزعت الكثير من المفاهيم التقليدية. فهذا المستهلك لم يعد يُقبل على الصرعات الموسمية، ويفضل عليها منتجات مصنوعة بحرفية تدوم أطول مدة من دون أن تفقد جاذبيتها وعمليتها، وهو ما يتناقض إلى حد كبير مع فلسفة الموضة القائمة أساساً على التغيير كل بضعة أشهر حتى تبقى حركة البيع منتعشة. المحك الآن أمام أغلب الرؤساء التنفيذيين هو كيف يمكنهم تحقيق المعادلة بين الحرفي والتجاري، والمستدام والاستهلاكي.

العمل على هذه المعادلة بدأ بعد جائحة كورونا بافتتاح محلات تتعدى عرض الأزياء والإكسسوارات إلى توفير مطاعم وفضاءات استراحة وتدليل، لاستقطاب الزبائن. لكن رغم ذلك وشعارات «صنع باليد»، يبقى الأكسجين الذي تتنفس منه الموضة كينونتها هو الإبداع الذي من شأنه أن يُحرك المشاعر ومن ثم الرغبة في الشراء. وهذا الإبداع يحتاج إلى مدير فني له القدرة على قراءة نبض الشارع، ثم استدراجه لهذه المحلات، أو الأصح إلى هذه الفضاءات المليئة بالمغريات.

ليس كل ما هو أسود يدعو للتشاؤم

من آخر تشكيلة قدمها بييرباولو بيكيولي لدار «فالنتينو» (فالنتينو)

لم يكن هذا العام سيئاً بالمطلق. فبينما تعاني دار «بيربري» من تراجع مبيعاتها بشكل مخيف وخفوت نجم دار «غوتشي» وطرح «فيرساتشي» للبيع، وصلت «برادا» إلى القمر. فقد ساهمت في التحضيرات لرحلة «أرتميس 3» التابعة لـ«ناسا» المرتقبة في شهر سبتمبر (أيلول) من عام 2026. وتعتبر هذه أول مرة يتم فيها التعامل بين دار أزياء و«ناسا» بشكل مباشر. الهدف منها إلهام أكبر شريحة من الناس لاستكشاف الفضاء، وفي أن تتحول هذه الرحلات إلى مغامرات عادية لمن لهم القدرات المادية العالية والرغبة في اختراق الآفاق.

أولمبياد الرياضة

سيلين ديون في أولمبياد باريس تظهر بفستان من دار «ديور» (غيتي)

كان من البديهي أن يكون لدورة الألعاب الأوروبية الأخيرة، وبطولة ويمبلدون للتنس، وأخيراً وليس آخراً ألعاب الأولمبياد التي استضافتها باريس تأثيراتها على منصات عروض الأزياء، التي غلبت عليها تصاميم تجمع «السبور» بالأناقة. أما في حفل الأولمبياد، فاحتفظت الموضة بشخصيتها من خلال فساتين مفصلة على مقاس النجمات اللواتي ظهرن بها. كان لدار «ديور» نصيب الأسد، كونها تنضوي تحت راية مجموعة «إل في آم آش» الراعية للفعالية. ولم تُقصر في استعراض إمكانيات ورشاتها الخاصة ومهارات أناملها الناعمة.

لا بأس من التنويه هنا بأن العلاقة بين الموضة والأولمبياد بدأت فعلياً في عام 1992 في دورة برشلونة، عندما تبرّع الياباني إيسي مياكي، لتصميم أزياء فريق ليتوانيا. كان هذا الأخير يشارك كبلد مستقل بعد تفكك الاتحاد السوفياتي، وبالتالي يحتاج إلى دعم. حازت التصاميم الكثير من الإعجاب، ليتحول ما أراده مياكي تبرعاً مجانياً إلى تقليد تجاري.

الموضة العربية تتوهج

في الوقت الذي تعاني منه صناعة الموضة والترف بتذبذبات وتحديات، تشهد الساحة العربية انتعاشاً يتمثل في تألق مصممين عرب وفعاليات مهمة، أهمها:

أول نسخة من عروض «الريزورت» في جدة

لقطة لأسبوع البحر الأحمر في نسخته الأولى (من الأرشيف)

في شهر مايو (أيار) تم إطلاق النسخة الأولى من معروض خط الـ«كروز» أو الـ«ريزورت» في مدينة جدة. كما يشير الاسم، فإن الأزياء التي شارك بها مصممون سعوديون من أمثال تيما عابد وتالة أبو خالد، فضلاً عن علامات مثل «أباديا» و«لومار» وغيرها، تتوجه إلى البحر وأجواء الصيف. لم يكن الهدف من هذه الفعالية منافسة أسبوع الرياض الرسمي، الذي شهد دورته الثانية هذا العام، بل تنويع المجالات الاقتصادية وتطوير القطاعات الثقافية. وطبعاً الاندماج في السوق العالمية والدخول في منافسة مبنية على الندّية، تماشياً مع «رؤية 2030».

ليلة إيلي صعب في موسم الرياض

من عرض إيلي صعب في الرياض صب فيها كل رومانسيته (رويترز)

في منتصف شهر نوفمبر (تشرين الثاني) وفي الرياض، كان العالم على موعد مع عرض ضخم التقى فيه الجمال والأناقة بالترفيه والموسيقى. ليلة أحياها نجوم من أمثال سيلين ديون، وجينفر لوبيز، وعمرو دياب ونانسي عجرم، اعترافاً بإيلي صعب كمصمم مبدع وكإنسان. الممثلة هالي بيري حضرت هي الأخرى، وهي تختال على منصة العرض بالفستان الأيقوني ذاته، الذي ارتدته في عام 2002 وهي تتسلم الأوسكار بوصفها أول ممثلة سمراء تحصل على هذه الجائزة. صدى هذه الفعالية وصل إلى العالم، ليؤكد أن المصمم الذي وضع الموضة العربية على الخريطة العالمية لا تزال له القدرة على أن يُرسّخها للمرة الألف.

في مراكش... تألقت النجوم

الأخوات سبنسر بنات أخ الأميرة ديانا في حفل «فاشن تراست أرابيا» بمراكش (فاشن تراست أرابيا)

لأول مرة منذ 6 سنوات، انتقلت فعالية «فاشن تراست أرابيا» من مسقط رأسها الدوحة بقطر إلى مدينة مراكش المغربية، تزامناً مع العام الثقافي «قطر - المغرب 2024». هذه الفعالية التي اختارت لها كل من الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني وتانيا فارس، الشهر العاشر من كل عام للاحتفال بالمصممين الناشئين من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أصبحت من المبادرات المهمة في عالم الموضة العربية. فإلى جانب مبالغ مالية مهمة تتراوح بين 100 ألف و200 ألف دولار، يتلقى الفائزون تدريبات في بيوت أزياء عالمية، وتُعرض إبداعاتهم في منصات ومحال عالمية مثل «هارودز». هذا العام كانت الجوائز من نصيب 7 مشاركين، هم نادين مسلم من مصر في جانب الأزياء الجاهزة، وياسمين منصور، أيضاً من مصر عن جانب أزياء السهرة، في حين كانت جائزة المجوهرات من نصيب سارة نايف آل سعود ونورا عبد العزيز آل سعود ومشاعل خالد آل سعود، مؤسسات علامة «APOA) «A Piece of Art) من المملكة العربية السعودية.