عراقيون يطلقون مبادرة سلام من بيت النبي إبراهيم الخليل في الناصرية

إطلاق حمائم بيض وتراتيل وصلاة موحدة شارك فيها المسلمون والصابئة قرب زقورة أور التاريخية

مسيحيون ومسلمون وصابئة عراقيون يحيون مبادرة للسلام قرب زقورة أور التاريخية موطن النبي إبراهيم (رويترز)
مسيحيون ومسلمون وصابئة عراقيون يحيون مبادرة للسلام قرب زقورة أور التاريخية موطن النبي إبراهيم (رويترز)
TT

عراقيون يطلقون مبادرة سلام من بيت النبي إبراهيم الخليل في الناصرية

مسيحيون ومسلمون وصابئة عراقيون يحيون مبادرة للسلام قرب زقورة أور التاريخية موطن النبي إبراهيم (رويترز)
مسيحيون ومسلمون وصابئة عراقيون يحيون مبادرة للسلام قرب زقورة أور التاريخية موطن النبي إبراهيم (رويترز)

إلى الغرب من مدينة الناصرية، مركز محافظة ذي قار في جنوب العراق، وتحديدا عند زقورة أور الشهيرة، وقفت الحاجة المسيحية إيفان ناجي، وهي تتأمل بقايا حضارة غمرت التاريخ والإنسانية بحجم إنجازاتها.. حضارة علمت البشرية الكتابة.
إيفان حالها كحال كثير من الحجيج المسيحيين الذين قصدوا بيت النبي إبراهيم الخليل في مدينة أور التي يرجع تاريخها إلى ستة آلاف عام، بهدف إحياء طقوس إنسانية ودينية قرب بيت «أبو الأنبياء»، وإطلاق مبادرة سلام قد تكون الأولى من نوعها منذ سنوات بهدف الحث على السلم والتعايش جنوب العراق.
وفي الوقت الذي شارك فيه أكثر من 150 مسيحيا بأداء الحج الروحاني قرب بيت النبي إبراهيم الخليل (18 كم غرب مدينة الناصرية، 375 كم جنوب بغداد)، حيث شرع الملك كلكامش في رحلة خلوده وصولا إلى بيت أوتونابشتم، قام عدد من المسلمين والصابئة المندائيين بإطلاق حمامات السلام قرب زقورة أور الشهيرة، فيما أدت عائلات مسيحية قادمة من مدن البصرة والعمارة تراتيل وقداس كمبادرة قد تعيد السلم الأهلي إلى محافظاتهم.
وقال الخور قس عماد عزيز البنا، المدير البطرياركي للرئاسة الأسقفية الكلدانية في جنوب العراق لـ«الشرق الأوسط» إن: «الحجيج المسيحي جاء إلى بيت النبي إبراهيم في نهاية السنة الإيمانية وهم يرفعون أيديهم بالدعاء ليحل السلام على مدنهم التي يعيشون فيها منذ مئات السنين».
وأضاف أن «الأسقفية الكلدانية في جنوب العراق ترفع صوتها عاليا لتكون أور التي ذكرت في الكتب المقدسة مقصدا للحجيج المسيحي من كل أنحاء العالم».
وتابع أن «مسيحيي جنوب العراق جاءوا إلى بيت النبي إبراهيم وهم يحملون مبادرة للسلم والتعايش بين جميع الطوائف والأديان حتى يكونوا محفزا لجميع مسيحيي العالم لحج هذا المكان المقدس».
من جانبه، قال محافظ ذي قار يحيي الناصري، إن: «الحكومة المحلية في ذي قار ترحب بمبادرة الأسقفية الكلدانية في جنوب العراق، وستكون داعما أساسيا من خلال توفير مناخ آمن لغرض تأمين أي فوج حجيج مسيحي يرغب في زيارة مدينة أور التاريخية».
وأضاف أن «الحكومة المحلية في ذي قار أولت مدينة أور الأثرية وبيت النبي إبراهيم الخليل أهمية خاصة وسعة ليكون هذا الموقع المقدس قبلة للسياح والحجيج».
وتابع أن «جموع المسلمين والمسيحيين والصائبة الذي حضروا في أور يسعدنا رؤيتهم مجتمعين، ونأمل بأن تكون هذه المبادرة منطلقا لحوار الأديان ورسالة تسامح ومحبة وسلام».
إلى ذلك، قالت رئيسة لجنة السياحة والآثار في مجلس محافظة ذي قار منى الغرابي، إن: «ذي قار تنتظر كثيرا من الوفود المسيحية حيث تحمل بين طيات ترابها كثيرا من الآثار والأماكن المقدسة لكل الديانات».
وأضافت أن «وفد البصرة وميسان هو بداية لعمل متواصل بين كثير من الجهات والذي قد يسفر قريبا عن زيارة لوفد من الفاتيكان لزقورة أور».
وتابعت أن «ذي قار ترحب بجميع الزائرين وأن أبواب الزقورة وآثارها مفتوحة أمام الحجيج المسيحي وفي أي وقت من السنة، كما نثمن دور الأسقفية الكلدانية جنوب العراق بحث الجميع على زيارة بيت النبي إبراهيم».
وقد شهدت فعاليات الاحتفالية إقامة قداس وصلوات وتراتيل دينية، كما ألقيت كثيرا من الكلمات بالمناسبة وإطلاق بالونات ملونة وزرع شتلات، فيما قامت عدد من العائلات المسيحية بإطلاق حمامات بيضاء تعبيرا عن السلام بمشاركة مسلمين وصابئة مندائيين.
وقال موريس علاء، حاج مسيحي من البصرة، إن: «السومريين أصحاب حضارة كبيرة وأور كانت رمزا للسلم والتعايش بين الجميع».
وأضاف: «حجنا لبيت أبونا النبي إبراهيم جاء للتعبير عن قدسية هذا المكان والذي كان الحج له يعتبر حلما لكل مسيحي تحقق اليوم»، مبينا أن «مسيحيي البصرة وميسان لم يترددوا لحظة واحدة في تلبية دعوة الحج وهنا رسالة للجميع بأن مسيحيي جنوب العراق هم محبو السلام ولن يتخلوا عن أرضهم».
من جانبه، قال محيي نعيم، صابئي مندائي من الناصرية، إن: «عددا من أبناء طائفة الصابئة المندائيين جنوب العراق جاءوا إلى زقورة أور لمشاركة إخوانهم المسيحيين بحج بيت النبي إبراهيم تعبيرا منهم عن المحبة التي تجمعهم».
وأضاف أن «المبادرة التي أطلقت اليوم ما هي إلا تعبير عن مدى الترابط الموجود ورسالة حب وسلام على الجميع أن يفهمها فأرض العراق للجميع وتسع الكل».
إلى ذلك، قال حيدر حسن، مسلم من محافظة ذي قار، إن «أور مدينة محبة وسلام وإبراهيم الخليل أب لكل الأنبياء، لذا وجدنا في مبادرة الأخوة المسيحيين رسالة قد تصل ويعم خيرها على الجميع».
وأضاف أن «أهالي ذي قار يرحبون بكل ضيف ومن أي جنس أو قومية أو ديانة، ومشاركتنا اليوم ما هي إلا دليل واضح على الترابط بين أبناء الوطن الواحد».
وتضم محافظة ذي قار كثيرا من المواقع الأثرية التي تعود لعصر فجر السلالات السومرية ومملكة (أوما) التي ظهرت في الألفية الثالثة قبل الميلاد، وأهم تلك المواقع زقورة أور وبيت النبي إبراهيم الخليل وتل جوخا أو كما يسمى بـ(يوخا) الواقع شمال الناصرية، مركز المحافظة، ويبلغ مساحته نحو (10 كلم) ويضم أكثر من سبعة مواقع أثرية منها (تل فروة) و(تل بنات الشيخ) و(تل أبو الجرابيع) وتعرض للسرقة لمرات كثيرة.
يذكر أن الحجيج المسيحي الذي أقام القداس قرب بيت النبي إبراهيم الخليل، يعد الأول من نوعه من ناحية الحجم منذ عام 2003، في الوقت الذي يواجه فيه مسيحيو جنوب العراق تناقصا بالأعداد بسبب الهجرة القسرية التي تعرضوا لها منذ موجة العنف الطائفي التي ضربت العراق أواسط عام 2005، حيث يقدر أعدادهم في محافظة البصرة بـ1350 فردا بعد أن كانوا 3200 فرد قبل عام 2003 بحسب إحصائيات شبه رسمية، فيما لم يبق في مدينة العمارة مركز محافظة ميسان سوى 20 عائلة، بينما لا توجد في محافظة ذي قار سوى عائلتين اثنين.



الببغاوات لا تمتلك الخبرة الكافية للعيش في البرية

التدريب على الطيران الحر يُعيد الببغاوات إلى البرية (جامعة تكساس إيه آند إم)
التدريب على الطيران الحر يُعيد الببغاوات إلى البرية (جامعة تكساس إيه آند إم)
TT

الببغاوات لا تمتلك الخبرة الكافية للعيش في البرية

التدريب على الطيران الحر يُعيد الببغاوات إلى البرية (جامعة تكساس إيه آند إم)
التدريب على الطيران الحر يُعيد الببغاوات إلى البرية (جامعة تكساس إيه آند إم)

يعمل الباحثون في كلية الطب البيطري والعلوم الطبية الحيوية في جامعة تكساس إيه آند إم بالولايات المتحدة مع خبراء الطيران الحر للببغاوات والشركاء في البرازيل، في محاولة لزيادة معدّل نجاح إطلاق الببغاوات الأسيرة في البرية.

في دراستهم المَنشورة في مجلة «بيردز» (Birds)، أطلق الفريق بنجاح قطيعاً صغيراً من ببغاوات المكاو الزرقاء والصفراء، بهدف التّعرض التدريجي للبيئة الطبيعية، من أجل إعداد هذه الببغاوات للبقاء على قيد الحياة في البرية.

وبعد عامين، لا تزال جميع الطيور الستة قيد الدراسة على قيد الحياة، كما أنها نجت حتى من حريق غابات كان قد حدث في المنطقة.

قال الدكتور دونالد برايتسميث، أستاذ في قسم علم الأمراض البيطرية في جامعة تكساس إيه آند إم: «الببغاوات هي واحدة من أكثر مجموعات الطيور المهددة بالانقراض في العالم».

وأضاف في بيان صادر الثلاثاء: «بالنسبة للعديد من الأنواع، فإن أفضل أمل لدينا لزيادة أعدادها هو تربيتها في الأسر ومن ثَمّ إطلاق سراحها. لكن بعض البرامج تنفق آلاف، بل وملايين الدولارات على تربية الببغاوات في الأسر، فقط لتكتشف أن هذه الطيور غير قادرة على البقاء على قيد الحياة في البرية لأنها لا تمتلك ما يكفي من «الخبرة في العالم الحقيقي».

وتستخدم الطريقة الجديدة استراتيجية «تدريب الطيران الحر» الواعدة لأنها تستفيد من التّطور الطبيعي للببغاوات مع السّماح للباحثين بالتحكم في متغيرات معينة مثل الموقع، على سبيل المثال.

«نحن نسهل على الببغاوات الصغيرة تعلّم الطيران والانضمام إلى القطعان والهرب من الحيوانات المفترسة من خلال تعريضها بعناية للمواقف التي قد تواجهها عادةً على أي حال، ويجري كل ذلك بما يتناسب مع كل مرحلة من مراحل النمو»، كما قال كريس بيرو من منظمة «أجنحة الحرية» (Liberty Wings).

وشدّد الدكتور كوني وودمان، مدير برنامج منح الابتكار في مجال الحفاظ على البيئة التابع لوزارة الزراعة الأميركية في جامعة تكساس إيه آند إم، على أن «هذه الطريقة فعالة بشكل لا يصدق لأنها لا تتطلّب أجيالاً من النوع نفسه تعلم كيفية البقاء في بيئة معينة عن طريق التجربة والخطأ».

وأوضح: «من خلال التحليق في بيئة الإطلاق ومشاهدة البالغين المدربين، يمكن لطيورنا التي أُطلق سراحها أن تتعلّم بسرعة مهارات البقاء الأساسية وزيادة فرص بقائها بشكل كبير».

يبدأ إعداد طيور الببغاوات الأسيرة للبقاء في البرية عندما تكون الطيور صغيرة، في الوقت الذي تبدأ فيه النظر بفضول حول العالم خارج العش.

«قبل أن يبدأ الببغاء الصغير في التحليق يبدأ بالتسلق والنظر إلى العالم الخارجي»، كما قال بيرو. «بالفعل، يقوم هذا الفرخ بإنشاء قاعدة بيانات ذهنية لما هو طبيعي في عالمه. إذا رأى حيواناً مفترساً، فسيكون ذلك خارجاً عن المألوف، لذا على الفرخ أن يتعلّم كيفية الرد على التهديدات».

في مرحلة لاحقة من النمو، تُشجّع الفراخ على المشي على عصي مصمّمة لهذا الغرض، ثم القفز إلى عصي أخرى قريبة. ومن هناك، تبدأ في تعلّم الطيران.

«لمساعدة الفراخ على تعلّم الطيران سرباً، نُدرّبها حتى مع الفراخ الأخرى والطيور البالغة المدربة، حتى تتعلّم الانتقال من (النقطة أ) إلى (النقطة ب) معاً وفي أسراب»، كما قال برايت سميث.

وفي الليل وبين جلسات التدريب، تستريح الببغاوات بأمان في القفص، حيث تتلقى الطعام والماء. ولكن مع مرور الوقت، تقضي الطيور الصغيرة وقتاً أقل فأقل في القفص ومع الطيور البالغة، كما تتعلم كيفية العثور على الطعام والماء بنفسها.

قال برايتسميث: إن «جزءاً رئيسياً من هذه العملية هو في الواقع كسر الرابط بين الببغاوات والبشر الذين كانوا يطعمونها».

وأوضح أنه في عمله مع الببغاوات، اكتشف كريس بيرو أنه عندما يبلغ عمر الكتاكيت الصغار نحو 8 أشهر، فإنها تبدأ بالابتعاد عن والديها وتصبح مستقلة. نتأكد من فطام الطيور عن التغذية اليدوية بحلول هذا الوقت حتى تنتقل إلى أن تكون طيوراً برّية مستقلة، تماماً كما تفعل مع والديها».