الصومال: «الشباب» تهدر دم قيادي منشق وتصفه بـ«المرتد»

معارك عنيفة جنوب غربي البلاد... وإصابة جنود بانفجار لغم أرضي

«أبو منصور»
«أبو منصور»
TT

الصومال: «الشباب» تهدر دم قيادي منشق وتصفه بـ«المرتد»

«أبو منصور»
«أبو منصور»

في مؤشر على المشكلات التي تعانيها حركة «الشباب» المتشددة في الصومال، صنفت الحركة قياديا سابقا بها انشق عنها وانضم إلى صفوف الحكومة، على أنه «مرتد يجوز قتله». وقال علي محمد راجي المتحدث باسم الحركة في فيديو نشر مساء أول من أمس: «لو كان مختار روبو يظن أن بإمكانه تدمير الشريعة والمجاهدين فهو واهم، سيحمي الله الإسلام ولن يتوقف الجهاد بسببك أنت وأمثالك ممن انضموا إلى صفوف الأعداء». واعتبر أنه «ما من شك أن مختار روبو خرج عن الدين وانضم للكفرة، والأعداء ما زالوا هم الأعداء»، وتابع: «كل من ينضم لصف غير المسلمين مرتد يجوز قتله».
ودب الخلاف عام 2013 بين الحركة، التي نفذت عدة تفجيرات في العاصمة مقديشو، ومختار روبو أبو منصور المتحدث السابق باسمها ونائب زعيمها الذي انضم إلى صفوف الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة في أغسطس (آب) الماضي. وإثر الخلاف اختفى روبو عن الأنظار في الغابات مع قواته، بينما شن المتطرفون عدة هجمات لمحاولة قتله أو القبض عليه.
وجاء انشقاقه بعد شهرين من إلغاء الولايات المتحدة مكافأة قيمتها خمسة ملايين دولار مقابل القبض عليه ورفعها اسمه من قائمة رعاة الإرهاب بعد خمس سنوات من وضعه عليها.
وأوردت منظمة هيومن رايتس ووتش المعنية بحقوق الإنسان تقريرا قالت فيه إن حركة الشباب هددت وخطفت مدنيين بمنطقة باي الصومالية في الشهور الأخيرة لإجبار المجتمعات المحلية على تسليم أطفالها لتجنيدهم فكريا وعسكريا.
وقالت ليتيشا بدر كبيرة الباحثين في الشؤون الأفريقية بالمنظمة: «حملة التجنيد الوحشية التي تنفذها الشباب تأخذ أطفال الريف من آبائهم حتى يخدموا هذه الجماعة المسلحة المتشددة».
من جهة أخرى، انفجر لغم أرضي أمس بموكب لقوات الأمن الصومالية بضواحي العاصمة مقديشو، حيث ذكر شهود عيان أن خمسة جنود على الأقل أصيبوا.
وطبقا لما ذكرته «إذاعة شبيلي» الصومالية فقد وقع الحادث في بلدة «هانتا دير» بمنطقة دينيلي بعد أن انفجر لغم أرضي، تم التحكم فيه عن بعد في مركبة عسكرية، تقل ضابطا بالجيش وحراسه الأمنيين.
وفي أعقاب الهجوم، طوق الجنود الصوماليون الموقع وأجروا عملية مطاردة، لكن لم يتم اعتقال أحد حتى الآن. وانفجر اللغم الأرضي في السيارة، ما أدى لإصابة خمسة جنود، نقلوا إلى مستشفى قريب على الفور للخضوع لعلاج طبي، طبقا لشهود عيان.
وأوضح مسؤول بالشرطة أن الموكب لامس اللغم الأرضي بمنطقة واردهيجلي في مقديشو، لكنه قال إنه لا يستطيع تأكيد عدد الضحايا، مضيفا: «تلقينا تقارير عن انفجار لغم أرضي استهدف قوات الأمن في واردهيجلي إلا أننا لا نستطيع حاليا تحديد ما إذا كان هناك قتلى أو جرحى».
وقال مصطفى محيي الدين تاجر بمنطقة هارار يالي إن الانفجار كان ضخما وأثار الفزع بالمنطقة، وأضاف: «زرت مكان الحادثة لكنني لم أر أي قتلى. وكان الانفجار ضخما للغاية ما دفع المواطنين للفرار لأماكن آمنة».
يأتي الحادث بعد ثلاثة أيام من وقوع هجوم مشابه تسبب في سقوط جرحى في صفوف قوات الأمن في منطقة داينيل في مقديشو.
إلى ذلك، نفى ناطق باسم قيادة القوات الأميركية العاملة في أفريقيا «أفريكوم» لـ«الشرق الوسط»، أن يكون الجيش الأميركي شن غارات جوية جديدة على الجماعات المتطرفة في الصومال خلال اليومين الماضيين.
وقالت روبين ماك الناطقة باسم «أفريكوم» في بيان مقتضب عبر الإيميل من مقرها في مدينة شتوتغارت الألمانية: «لم تكن هناك أي غارات جوية أميركية في الصومال خلال الـ48 ساعة الماضية».
وكانت تقارير صحافية تحدثت عن قيام طائرات حربية مجهولة بقصف مواقع لحركة الشباب بالقرب من مديرية عيل واق التابعة لإقليم غذو، حيث قال رئيس المديرية حسن، إن القصف استهدف عناصر من الشباب كانوا يختبئون في المنطقة، مؤكدا أن العملية التي تمت لم تسفر عن إلحاق أي ضرر للمدنيين.
ولفت إلى أنه لم يتم بعد معرفة حجم الخسائر الناجمة عن هذا القصف، لكنه أشار إلى أن عناصر من حركة الشباب بدأت بالفرار جراء القصف المتواصل.
في السياق ذاته، قال مسؤولون إن مسلحين من حركة الشباب قتلوا خلال قتال عنيف بين الجيش الوطني الصومالي وجماعة مسلحة بالقرب من مدينة بايداو بجنوب غربي الصومال.
وقال حسن حسين محمد وزير الأمن بالولاية الواقعة بجنوب غربي الصومال، إنه تم إحباط محاولة المسلحين للاستيلاء على منطقتين، وأضاف: «هاجم المسلحون قواعد تابعة للجيش الوطني الصومالي في منطقتي داينوني وجوف - جودود بشمال وشرق مدينة بايدوا ولكن تم إحباط محاولتهم للسيطرة على المنطقتين».
وقال سكان إن المسلحين سيطروا على منطقة جوف - جودود قبل أن تستعيدها القوات الإقليمية، مشيرين إلى أن القوات في منطقة داينوني حافظت على مواقعها وأحبطت الهجوم.
وادعت حركة الشباب سيطرتها على منطقة داينوني الواقعة على بعد 25 كيلومترا شرق مدينة بايدوا وموقع جوف - جودود على بعد 30 كيلومترا شمال بايدوا.
وجاء الهجوم الأخير الذي شنته قوات الأمن وسط زيادة الهجمات التي تشنها المجموعة المسلحة المتحالفة مع تنظيم القاعدة التي تستهدف الحكومة وقواعد تابعة للاتحاد الأفريقي في الصومال. وتم طرد الحركة المتحالفة مع تنظيم القاعدة من العاصمة مقديشو عام 2011، حيث فقدت منذ ذلك الحين أيضا ما يقرب من كل الأراضي الأخرى التي سيطرت عليها وذلك بعد هجوم نفذته قوات الحكومة الصومالية وقوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي (أميصوم).
ومع ذلك، فما زالت حركة الشباب تشكل تهديدا كبيرا ونفذت تفجيرات في العاصمة مقديشو وبلدات أخرى لضرب أهداف عسكرية ومدنية.
وتقاتل الحركة منذ سنوات من أجل الإطاحة بالحكومة المركزية في الصومال وفرض سيطرتها على الدولة الواقعة في منطقة القرن الأفريقي وحكمها وفقا لتفسيرها المتشدد للشريعة الإسلامية.


مقالات ذات صلة

محكمة تركية ترفض طلباً للإفراج عن دميرطاش

شؤون إقليمية جانب من احتجاجات كوباني في مدينة ديار بكر جنوب شرقي تركيا في أكتوبر 2014 (أرشيفية - رويترز)

محكمة تركية ترفض طلباً للإفراج عن دميرطاش

رفضت محكمة تركية طلباً تقدّم به حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب بالإفراج عن سياسيين أكراد بارزين، بموجب قرار من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
يوميات الشرق علي الهلالي بطل الفيلم التونسي «الذراري الحمر» للمخرج لطفي عاشور (إنستغرام)

رغم الرأس المقطوع... «الذراري الحمر» يتكلّم لغة الرِقّة والخيال

من قسوة قصة الراعي التونسي الصغير الذي قُطع رأسه، خرج فيلم ما زال يجول المهرجانات ويحصد الجوائز. حوار مع مخرج «الذراري الحمر» لطفي عاشور.

كريستين حبيب (بيروت)
شؤون إقليمية جانب من اجتماع رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش ونوابه (البرلمان التركي - «إكس»)

«الكردستاني» يرهن نزع أسلحته بخطوات من تركيا أولاها الإفراج عن أوجلان

بدأ البرلمان التركي مشاوراته بشأن تشكيل لجنة لوضع الأساس القانوني لـ«عملية السلام والحل الديمقراطي» لمواكبة عملية حل حزب «العمال الكردستاني» وإلقاء أسلحته.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الولايات المتحدة​ جنود أميركيون خلال تدريبات (موقع العمليات الخاصة للجيش الأميركي)

العمليات الخاصة الأميركية تُحذّر متقاعديها من تهديد إرهابي

أصدرت قيادة العمليات الخاصة في الجيش الأميركي تحذيراً لبعض كبار العسكريين المتقاعدين الذين خدموا في العراق أو سوريا بأنهم هدف محتمل لتهديد إرهابي.

علي بردى (واشنطن)
شؤون إقليمية أفراد من قوات الدرك التركية يقتادون عناصر من «داعش» إلى إحدى مديريات الدرك (حساب وزير الداخلية التركي في «إكس»)

تركيا توقف 153 من عناصر «داعش» في عمليات أمنية موسعة

أوقفت قوات الأمن التركية 153 من عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي في حملات شملت عدة ولايات.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

الحوثيون يهاجمون وإسرائيل تنشد تحالفاً أميركياً

إطلاق صاروخ اعتراضي من طراز «أرو» في إسرائيل (وزارة الدفاع الإسرائيلية)
إطلاق صاروخ اعتراضي من طراز «أرو» في إسرائيل (وزارة الدفاع الإسرائيلية)
TT

الحوثيون يهاجمون وإسرائيل تنشد تحالفاً أميركياً

إطلاق صاروخ اعتراضي من طراز «أرو» في إسرائيل (وزارة الدفاع الإسرائيلية)
إطلاق صاروخ اعتراضي من طراز «أرو» في إسرائيل (وزارة الدفاع الإسرائيلية)

أعلنت الجماعة الحوثية، الجمعة، استهداف مطار بن غوريون الإسرائيلي بصاروخ باليستي فرط صوتي نوع (فلسطين 2)، في حين تقدمت إسرائيل بطلب إلى الولايات المتحدة للتحالف لتوجيه ضربات مشتركة وقوية ضد الحوثيين، بالتعاون مع دول أخرى بعد التصعيد الحوثي الأخير ضدها والعودة لاستهداف الملاحة في البحر الأحمر.

وذكر القيادي يحيى سريع، الناطق العسكري باسم الجماعة، في بيان له، أنه تم تنفيذ عملية عسكرية نوعية استهدفت مطار في منطقة يافا بصاروخ باليستي فرط صوتي نوع (فلسطين 2)، زاعماً أنها «حققت هدفها بنجاح»، وتسببت في هروب الملايين من الإسرائيليين إلى الملاجئ وتوقف حركة المطار.

وجدّد سريع تأكيده استمرار العمليات العسكرية للجماعة ضد الأهداف الإسرائيلية «حتى وقف العدوان على غزة ورفع الحصار عنها»، مطالباً من سماهم «أبناء الأمة العربية والإسلامية» بـ«الخروج دعماً وإسناداً لسكان غزة»، ومحذراً «الأمة العربية والإسلامية» من تمكن إسرائيل من تنفيذ مخططها في غزة.

واعترف الجيش الإسرائيلي بوقوع الهجوم الحوثي، مؤكداً اعتراض صاروخ أُُطلق من اليمن، ما استدعى إطلاق صفارات الإنذار، في حين أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن صفارات الإنذار سُمِعت في أكثر من 250 مدينة وبلدة، من بينها القدس وتل أبيب، إلى جانب توقف مؤقت لحركة الملاحة الجوية في مطار بن غوريون.

كما اعترف الإعلام العبري بتوجه الإسرائيليين إلى الملاجئ نتيجة التحذيرات من الهجوم الحوثي الثالث خلال يومين.

زعيم الجماعة الحوثية تعهد مراراً باستمرار الهجمات على إسرائيل (غيتي)

وكان سريع قد أعلن الأربعاء الماضي تنفيذ عملية عسكرية نوعية بأربع هجمات متنوعة استهدفت فيها الجماعة الحوثية مطار بن غوريون بصاروخ باليستي نوع «ذو الفقار»، «حققت هدفها بنجاح»، وتسببت في هروب الملايينِ من الإسرائيليين إلى الملاجئ وتوقف حركة المطار، حسب ادعائه، إلى جانب 3 هجمات بأربع طائرات مسيَّرة استهدفت منطقة النقب ومطار بن غوريون وميناء إيلات، حققت أهدافها بنجاح أيضاً.

مناشدة إسرائيلية

خلال الأيام الماضية تقدمت إسرائيل بطلب إلى الولايات المتحدة لتنفيذ ضربات مشتركة وقوية ضد الجماعة الحوثية في اليمن، بمشاركة تحالف دولي واسع.

وكشفت وسائل إعلام عبرية، الخميس الماضي، عن أن إسرائيل أكدت للولايات المتحدة، أخيراً، الحاجة إلى مضاعفة الضربات المشتركة والقوية ضد الحوثيين، مع عدم الاكتفاء بضربات سلاح الجو الإسرائيلي، وتجديد الهجمات الأميركية وإشراك دول أخرى ضمن التحالف ضد الجماعة التي تواصل تهديداتها لإسرائيل والملاحة في البحر الأحمر.

إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة الأميركية إنشاء تحالف لمواجهة تهديدات المتمردين الحوثيين (إ.ب.أ)

وبحسب هيئة البث الإسرائيلية، فإن الطلب الإسرائيلي جاء عبر رسائل عدة بعد تزايد عمليات إطلاق الصواريخ من اليمن باتجاه إسرائيل، والتصعيد الحوثي الكبير بمهاجمة السفن في البحر الأحمر، وإغراق اثنتين، ما أدى إلى مقتل واختفاء بحارة إحداهما، واختطاف آخرين.

ووفقاً للهيئة؛ فإن إسرائيل بررت إلحاحها على الولايات المتحدة عقب الهجمات الحوثية، بأن الضرر الذي لحق بالممرات الملاحية يُمثّل مشكلةً عالميةً، ولا بدّ أن يؤدي إلى زيادة الهجمات وتكثيفها.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) من العام قبل الماضي، تشن الجماعة الحوثية هجمات بالصواريخ الباليستية والطيران المسيّر والزوارق البحرية ضد السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي بمزاعم تبعيتها لإسرائيل، بالإضافة إلى توجيه ضربات على مواقع إسرائيلية تحت شعار مناصرة أهالي غزة.

عنصر حوثي يحمل نموذجاً لصاروخ في وقفة لأنصار الجماعة الحوثية ضد إسرائيل (أ.ف.ب)

وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية خلال الأيام الماضية عن قرار رسمي بإيقاف ميناء إيلات عن العمل بداية من الأحد المقبل، بعد عجزه عن سداد ديونه المتراكمة جراء انخفاض حاد في إيراداته.

ونقلت وسائل الإعلام تلك عن بلدية إيلات أنها اضطرت إلى الحجز على حسابات الميناء، بعد وصول مديونيته إلى نحو 3 ملايين دولار (قرابة 10 ملايين شيقل)، وعدم قدرته على دفع الضرائب للبلدية.

وأرجعت انخفاض إيرادات الميناء إلى النشاط العسكري للحوثيين في البحر الأحمر، ما دفع إلى تحويل السفن التي كانت تصل إليه إلى ميناءي أشدود وحيفا على البحر الأبيض المتوسط.