مصادر سلام تنفي دعوات أميركية لرفض إقامة مخيمات على الأراضي اللبنانية

وزير الشؤون الاجتماعية قال لـ («الشرق الأوسط») إن مقر إقامة مراكز إيواء للاجئين السوريين لم يحسم

مصادر سلام تنفي دعوات أميركية لرفض إقامة مخيمات على الأراضي اللبنانية
TT

مصادر سلام تنفي دعوات أميركية لرفض إقامة مخيمات على الأراضي اللبنانية

مصادر سلام تنفي دعوات أميركية لرفض إقامة مخيمات على الأراضي اللبنانية

لم تتخذ الحكومة اللبنانية بعد قرارا موحدا بشأن إمكانية إقامة مخيمات إيواء جماعية على الحدود اللبنانية السورية، من أجل تخفيف عبء اللجوء السوري عن الداخل اللبناني. وقال وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن «مكان إقامة هذه التجمعات لم يحسم بعد، بمعنى أنه لا اتفاق داخل مجلس الوزراء بعد على مكان إقامة هذه التجمعات، سواء في مناطق عازلة على الحدود، أم في الجانبين؛ اللبناني أو السوري».
وشدد درباس على أن قرار الحكومة اللبنانية «حاسم» فيما يتعلق بتنظيم دخول اللاجئين، وقد أبلغه أمس إلى مدير اللجنة التنفيذية لمفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، وممثلة مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين نينات كيلي، التي زارته على رأس وفد من الدول المانحة. وأوضح أن «السماح بدخول لاجئين سوريين جدد إلى لبنان بات مرهونا بوجود قتال في المناطق التي يقيمون فيها أو المحاذية لها»، مشددا على أن «لبنان يتعاطى في هذا الملف، طبقا لبنود معاهدة جنيف عام 1951، وإن كان غير موقع عليها، وتحديدا المادة الأولى التي تعد كل من لا يستطيع ولا يرغب بالعودة إلى دولته بسبب التخوف من الاضطهاد، لاجئا، لأسباب ترجع لدينه أو عرقه أو انتمائه أو آرائه السياسية». وبالتالي، أشار درباس إلى أن «كل من بإمكانه العودة إلى بلده لا يمكن وصفه لاجئا»، لافتا إلى «أعداد النازحين تتكاثر، وقضيتهم أصبحت سياسية أكثر منها اقتصادية».
وبحسب الإحصاءات الأخيرة لمفوضية شؤون للاجئين، يستضيف لبنان حاليا مليون و93 ألف سوري، فيما تقدر السلطات اللبنانية وجود عدد أكبر من السوريين على أساس أن قسما كبيرا من العمال السوريين والمقيمين على نفقتهم الخاصة في لبنان غير مسجلين لدى مفوضية اللاجئين. ويبدي وزير الشؤون الاجتماعية في هذا السياق أسفه لكون «الدول المانحة لم تلب نداءات التمويل التي أطلقتها وكالات الأمم المتحدة والحكومة اللبنانية لإغاثة النازحين، بقيمة 1,72 مليار دولار». ووفق مفوضية اللاجئين «لم تحصل وكالات الأمم المتحدة إلا على 390 مليون دولار منها، أي ما يعادل 23 في المائة من إجمالي النداء حتى الثالث من الشهر الحالي».
ويعيش 57 في المائة من اللاجئين السوريين في لبنان في شقق مستأجرة، وهم يتقاسمون مع اللبنانيين خدمات البنى التحتية من مياه وكهرباء وشبكات صرف صحي، في حين يعيش 40 في المائة في أماكن أقل من المستوى المطلوب. وبحسب إحصاءات المفوضية «يعيش 25 في المائة من اللاجئين في كاراجات ومستودعات ومواقع العمل، في حين يتوزع 15 في المائة على مخيمات عشوائية لا تستوفي الشروط الأدنى».
ويقول درباس في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» إنه أعرب لوفد مفوضية اللاجئين والدول المانحة أمس عن «قناعة السلطات اللبنانية بأن العلاج الإنساني لقضية اللجوء السوري بات غير مجد، لأنه يعالج الأثر ولا يعالج الفعل، مطالبا بأن يلحظ الدعم المجتمعات اللبنانية المضيفة بشكل أكبر». وينقل عن الوفد الدولي تأكيده «العمل من أجل تحريض الدول والجهات المانحة على الإيفاء بالتزاماتها المالية لإغاثة اللاجئين السوريين في لبنان والمنطقة».
وفي حين نقل مصدر مقرب من مرجعية سياسية لبنانية لـ«الشرق الأوسط» أنباء عن رسالة أبلغها وزير الخارجية الأميركية جون كيري إلى السلطات اللبنانية خلال زيارته الأسبوع الماضي، تحذر من تداعيات الموافقة على إقامة مراكز أو مخيمات لجوء سوريا على الأراضي اللبنانية، نفت مصادر رئيس الحكومة تمام سلام لـ«الشرق الأوسط» أن يكون كيري حمل هذه الرسالة. وأوضحت بأن «التوجه الرسمي اللبناني هو إقامة مخيمات خارج الحدود اللبنانية أو في مناطق عازلة ترفع علم الأمم المتحدة، وليس على الأراضي اللبنانية إطلاقا».
وفي الإطار ذاته، قالت الناطقة الإعلامية باسم مفوضية شؤون اللاجئين دانا سليمان لـ«الشرق الأوسط» إن «موضوع إقامة مخيمات ليس مطروحا في الوقت الراهن، لأنه يحتاج لقرار لبناني رسمي غير متوافر، ونحن نعمل تحت غطاء الحكومة اللبنانية». وذكّرت بأنه سبق للمفوضية أن اقترحت إقامة مراكز استقبال وليس مخيمات، على ألا تتعدى قدرتها الاستيعابية أكثر من 20 ألف لاجئ، وجرى تحديد الأراضي المناسبة، لكن لم يحرز أي تقدم بسبب غياب القرار الرسمي اللبناني».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.