صادق لاريجاني يلوّح برد إيراني على العقوبات ضده

في أول رد من رئيس القضاء الإيراني صادق لاريجاني على إدراجه بقائمة العقوبات الأميركية بسبب انتهاكات حقوق الإنسان، قال إن فرض العقوبات عليه بوصفه رئيساً للسلطة القضائية «تجاوز» لن تظل إيران صامتة عليه، إلا أنه في الوقت نفسه أعلن أنه «يتفاخر»، عادّاً إياه دليلاً على «صحة المسار» في القضاء الإيراني. وبينما قال المدعي العام في طهران عباس جعفري دولت آبادي إن أغلب المتظاهرين كانوا من الطبقة الفقيرة، أعلن نائب رئيس البرلمان الإيراني علي مطهري فشل المساعي البرلمانية لدخول سجن إيفين بهدف الاطلاع على أوضاعه، في حين رفع برلمانيون مطالب بتشكيل «لجنة تقصي حقائق» للوقوف على أسباب وفاة متظاهرين في السجن.
وقال لاريجاني حول العقوبات الأميركية التي شملته هذه المرة: «شخصيا؛ أفتخر بهذه القضية، لكني أعتقد أن هذه الخطوة دليل على صحة المسير والطريق الذي سلكناه، لهذا السبب؛ لا قيمة للخطوة الأميركية».
ويعد لاريجاني أعلى مسؤول إداري يتعين بمرسوم مباشر من المرشد الإيراني علي خامنئي ويدرج على لائحة العقوبات الأميركية. وقبل ذلك في مارس (آذار) 2012 فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على لاريجاني لانتهاكه حقوق الإنسان.
ولم يقتصر رد لاريجاني على العقوبات المفروضة عليه، وشدد، في تعليق على تهديد الرئيس الأميركي بالانسحاب من الاتفاق النووي، على ضرورة «تنفيذ الاتفاق النووي في شكله الحالي، وهو غير قابل للتغيير، ولا يمكن ربطه بالملفات والقضايا الأخرى».
وفي إشارة إلى الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها إيران، تحدث لاريجاني عن أهمية مجال الإنترنت في إيران قائلا: «بغض النظر عن القضايا الفنية، ما يهمنا في الإنترنت هو الأمن». ورفض لاريجاني ضمنا الانتقادات الموجهة للقضاء حول فرض القيود على الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، وعدّها «تحليلات خاطئة». لكنه اتهم أعداء بلاده بالسعي إلى التأثير على الداخل الإيراني عبر الإنترنت. وفي هذا الصدد استند المسؤول الإيراني على شهادات الأجهزة الأمنية الإيرانية في الاحتجاجات التي ضربت أكثر من 80 مدينة إيرانية. وقال: «على هذا الأساس، نعتقد أنه يجب ألا نفسح المجال للأعداء».
واتهم لاريجاني ضمنا الأجهزة الحكومية المسؤولة عن الإنترنت بالإهمال. وعن موقف القضاء الإيراني، قال: «بعض الأجهزة الطويلة والعريضة التي تأخذ الضرائب وتدار من (بيت المال) يجب أن تعد طرقا آمنة في الإنترنت، وألا يجبروا على استخدام مجال بيد الأعداء. هل تركنا خيارا للشعب غير طريق التحكم به من الأعداء».
ورغم مرور أكثر من أسبوع على عودة الهدوء إلى المدن الإيرانية التي ضربها زلزال الاحتجاجات الشعبية، فإن الهزات الارتدادية ما زالت متواصلة خصوصا بعد تسجيل وفيات في السجون الإيرانية بين المعتقلين.
في هذا الإطار، قال مدعي عام طهران عباس جعفري دولت آبادي أمس إن أكثر المعتقلين خلال الاحتجاجات الأخيرة من «الطبقات الفقيرة» في إيران.
وصرح جعفر آبادي أثناء حضوره مؤتمرا للادعاء العام حول الأحداث الأخيرة، بأن «أكثر المتهمين المعتقلين تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عاما، ومن الطبقات الفقيرة في المجتمع الإيراني». وتابع: «لا نرى بين المتهمين عددا من النخب، وإن كانوا حاضرين، فإن عددهم قليل جدا» بحسب ما نقلت «رويترز».
وقال دولت آبادي بعد أكثر من أسبوع من تراجع الاحتجاجات إن «بعض ما قام به الموقوفون مثل حرق العلم وتخريب ممتلكات بيت المال، يتعارض مع المصالح القومية» بحسب ما نقلت عنه وكالة «إيسنا». وأفاد دولت آبادي بأن السلطات أطلقت سراح نحو 440 من الموقوفين خلال الاحتجاجات الأخيرة في طهران.
بدوره، قال نائب رئيس البرلمان الإيراني علي مطهري أمس إن طلب كتلة «الأمل» الإصلاحية لدخول النواب إلى سجن إيفين لم يؤدِّ إلى نتيجة. وأفاد موقع البرلمان الإيراني «خانه ملت» نقلا عن مطهري بأن «عددا من النواب طلبوا دخول سجن إيفين للاطلاع على وضع المعتقلات»، لافتا إلى أن رئاسة البرلمان الإيراني تدرس تشكيل «لجنة تقصي حقائق» حول وضع السجون ووفاة عدد من المتظاهرين في السجن.
أتى ذلك، عقب تقارير حول ارتفاع عدد الوفيات في السجون بين المعتقلين خلال الاحتجاجات الأخيرة، وحذرت نوابا في البرلمان من تكرار سيناريو قتل المتظاهرين في سجن كهريزك عقب احتجاجات «الحركة الخضراء».
ولقي عدد من المعتقلين حتفهم أثناء الاحتجاز، وطالب ناشطون في مجال حقوق الإنسان بتحقيق مستقل بشأن حالاتهم. وأكدت السلطة القضائية وفاة اثنين أثناء احتجازهما، لكنها قالت «إنهما انتحرا».
وكان ممثل طهران في البرلمان الإيراني محمود صادقي قال أول من أمس إن أكثر من 40 نائبا في البرلمان وجهوا رسالة إلى علي لاريجاني رئيس البرلمان الإيراني، يطالبون فيها بتشكل «لجنة تقصي حقائق» لبحث أسباب الوفيات الأخيرة في السجون الإيرانية.
وامتدت المظاهرات، التي بدأت احتجاجا على المتاعب الاقتصادية في أواخر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، إلى أكثر من 80 مدينة وبلدة، وأسفرت عن سقوط 25 قتيلا.
وفي بداية الأمر صب المتظاهرون غضبهم على ارتفاع الأسعار ومزاعم فساد، لكن الاحتجاجات أخذت منحى سياسيا نادرا بعدما زاد عدد المطالبين بتنحي المرشد آية الله علي خامنئي.
وأعلن مسؤولون قضائيون أن عدد الذين ألقي القبض عليهم في أنحاء إيران تجاوز ألف شخص، لكن عضو البرلمان محمود صادقي قال الأسبوع الماضي إن 3700 شخص على الأقل جرى اعتقالهم. ولا يزال إجمالي عدد المحتجزين في أنحاء البلاد غير معلوم.
في شأن متصل، دافع مرشح الرئاسة السابق وعضو مجلس تشخيص مصلحة النظام مصطفى مير سليم عن فرض القيود على الإنترنت وحجب تطبيق «تلغرام»، قائلا: «لا يمكن أن نسمح لأي أحد بأن يرتكب أي غلطة في البلد».
وفي حوار مع موقع «جماران»، اتهم مير سليم الإنترنت بـ«ارتكاب خيانة»، ودافع عن مواجهة قوات الأمن للمتظاهرين، وقال: «لا محالة تحدث هذه الأمور في أحداث كهذه»، وأوضح: «عندما تحدث بلبلة بهذه الضخامة في البلد وتلتهب في ما بين 70 و80 مدينة؛ فمن الطبيعي أن يصدر القضاء أوامر باعتقال المتسببين». ورغم تأكيد السلطات الإفراج عن المعتقلين، فإنه قال: «من الممكن أن تطول دراسة ملف الموقوفين في القضاء. من الطبيعي أنه تجب المواجهة بسرعة حتى تعرف الجذور».