المجلس المركزي الفلسطيني يعلن انتهاء {انتقالية أوسلو}

قرر تعليق الاعتراف بإسرائيل... وشدد على رفض تغيير المبادرة العربية

الزعنون يتلو البيان الختامي للمجلس المركزي الفلسطيني في رام الله أمس (أ.ف.ب)
الزعنون يتلو البيان الختامي للمجلس المركزي الفلسطيني في رام الله أمس (أ.ف.ب)
TT

المجلس المركزي الفلسطيني يعلن انتهاء {انتقالية أوسلو}

الزعنون يتلو البيان الختامي للمجلس المركزي الفلسطيني في رام الله أمس (أ.ف.ب)
الزعنون يتلو البيان الختامي للمجلس المركزي الفلسطيني في رام الله أمس (أ.ف.ب)

قرر المجلس المركزي لمنظمة التحرير تحويل السلطة الفلسطينية إلى {دولة قائمة}، وكلف اللجنة التنفيذية للمنظمة بالعمل على تجسيد إقامة الدولة، وتعليق الاعتراف بإسرائيل حتى تعترف بالدولة الفلسطينية.
وقال رئيس المجلس الوطني سليم الزعنون في نهاية مشاورات صعبة استمرت يومين إن المجلس المركزي {قرر الانتقال من مرحلة سلطة الحكم الذاتي إلى مرحلة الدولة، وبدء تجسيد سيادة دولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران سنة 1967، بناءً على أن الفترة الانتقالية التي نصت عليها الاتفاقيات الموقعة في أوسلو، والقاهرة، وواشنطن، بما انطوت عليه من التزامات لم تعد قائمة}.
وأكد الزعنون أن المجلس كلف في بيانه الختامي اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بتعليق الاعتراف بإسرائيل إلى حين الاعتراف بدولة فلسطين وإلغاء قرار ضم القدس الشرقية وإنهاء الاستيطان. وعبر عن إدانة {المركزي} ورفضه لقرار الرئيس الاميركي دونالد ترمب اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده إلى المدينة. ودعا إلى العمل على إسقاط قرارات ترمب، معتبراً أن {الولايات المتحدة فقدت أهليتها كوسيط وراعٍ لعملية السلام ولن تكون شريكاً إلا بعد إلغاء ترمب قراراته}.
ورفض المجلس المركزي، بحسب البيان الذي تلاه الزعنون، سياسة ترمب الهادفة إلى {طرح أفكار ومشاريع تخالف قرارات الشرعية الدولية في حل الصراع}، كما طالب بإلغاء قرار الكونغرس اعتبار منظمة التحرير {منظمة إرهابية} وقرار وزارة الخارجية إغلاق مفوضية مكتب المنظمة في واشنطن.
ودعا المجتمع الدولي إلى {تحمل مسؤوليته من أجل إنهاء الاحتلال وتمكين دولة فلسطين من انجاز استقلالها}. وأكد قراراته السابقة بوقف التنسيق الأمني بأشكاله كافة مع إسرائيل {وإلغاء التبيعة الاقتصادية وتحقيق الاستقلال الاقتصادي}.
وقال البيان الختامي إن المجلس {سيستمر في العمل مع جميع دول العالم لمقاطعة المستوطنات الاستعمارية الإسرائيلية في المجالات كافة، وتبني حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها}. ورفض {أي طروحات أو أفكار للحلول الانتقالية أو المراحل المؤقتة، بما فيها ما يسمى بالدولة ذات الحدود المؤقتة}، كما رفض الاعتراف بإسرائيل {كدولة يهودية}.
وشدد {المركزي} على التمسك باتفاق المصالحة. كما طالب بـ{استمرار العمل لتوفير الحماية الدولية وتعزيز مكانة دولة فلسطين في المحافل الدولية، وتفعيل طلب العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة، وتقديم الإحالة حول مختلف القضايا (الاستيطان، الأسرى، العدوان على قطاع غزة) للمحكمة الجنائية الدولية. واستمرار الانضمام للمؤسسات والمنظمات الدولية وبما يشمل الوكالات المتخصصة للأمم المتحدة}. وشدد على تمسكه بمبادرة السلام العربية، {والاحتفاظ بأولوياتها، ورفض أي محاولات لتغييرها أو تحريفها}.
وجاءت قرارات المجلس رداً على قرار الرئيس الأميركي اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل. واجتمع {المركزي} بدعوة من الرئيس الفلسطيني محمود عباس على مدار يومين في رام الله من أجل وضع استراتيجية فلسطينية جديدة لمواجهة قرار ترمب. وحملت الدورة الطارئة الثامنة والعشرين عنوان {القدس عاصمة أدبية للدولة الفلسطينية}، وحضرها 87 عضواً من أصل 109 أعضاء.
والمجلس المركزي هو هيئة دائمة منبثقة عن المجلس الوطني، ويعد أعلى هيئة تشريعية فلسطينية في حالة انعقاده. وتعد قرارات المركزي ملزمة، لكن التنفيذ سيترك للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير التي يرأسها عباس. وعلى اللجنة التنفيذية الآن وضع خطة من أجل وضع توصيات المجلس محل التنفيذ.
وعمليا لا يمكن تطبيق هذه التوصيات فوراً بسبب الكلفة المتوقعة لها سياسياً ومالياً. ويتوقع أن تقر اللجنة التنفيذية بعض التوصيات فوراً، لكنها ستؤجل قرارت من قبيل إقامة وتجسيد الدولة.
وتنسجم هذه القرارات مع توجهات الرئيس الفلسطيني الذي دعا المجلس في كلمة له إلى إعادة النظر في الاتفاقات الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية. وكان عباس ألمح سابقاً إلى إمكانية تحويل السلطة إلى دولة، وقال إنه لن يقبل باستمرار السلطة بلا سلطة والاحتلال بلا كلفة. وطلب من المجلس المركزي عقد المجلس الوطني الفلسطيني في أقرب وقت، وإعادة تفعيل وتطوير منظمة التحرير والاستمرار في تحقيق المصالحة.
لكن هذه القرارات يتوقع أن لا تعجب فصائل فلسطينية كانت تريد إعلاناً صريحاً لإنهاء اتفاق أوسلو وسحب الاعتراف بإسرائيل، وفك الارتباط بالاقتصاد الإسرائيلي، بما في ذلك سحب اليد العاملة الفلسطينية من مشاريع الاستيطان، وإطلاق انتفاضة شاملة، ورفع الإجراءات عن قطاع غزة وإنجاز اتفاق المصالحة.
ولم تلق مثل هذه الطلبات التي طرحتها فصائل منضوية في إطار منظمة التحرير مثل الجبهتين {الشعبية} و{الديمقراطية} وطالبت بها فصائل لم تحضر الجلسة مثل {حماس} و{الجهاد الإسلامي}، تجاوباً كبيراً من عباس الذي أكد أمام المجتمعين إنه قال وسيقول لا للرئيس الأميركي، لكنه لن يقود الفلسطينيين إلى {مغامرة جديدة}. وقال عباس لمستمعيه داخل {المركزي}: {لسنا مغرورين أو مغامرين أو عدميين أو جهلة، بل نعرف ونعي تماماً ما يحدث ويجري في هذا العالم من حولنا، ولا نبالغ في قدرتنا وإمكاناتنا، ونحن نستطيع أن نقول نعم ولا، لكننا أيضاً لا نقلل من مواقع أقدامنا، وليس لدينا دونية تجاه الآخرين، ولا ننحني إلا لله عز وجل، لأننا أصحاب حق. إن حساباتنا عاقلة وعقلانية، وخطواتنا محسوبة، ونتوخى الدقة في تقديراتنا للأمور، لأننا نضع مصلحة شعبنا نصب أعيننا، ولقد اتخذنا وعن وعي مواقف أمينة ومعتدلة، ومارسنا السياسة بصورة مسؤولة بعيداً عن العواطف والحسابات الضيقة، وقد كلفنا ذلك الكثير لأننا رفضنا الضغوط والابتزاز، وتحملنا ما لا يحتمل بتمسكنا بمبادئنا وتصميمنا على ألا نغادر مواقعنا وسياستنا التي رسمناها لشعبنا ولأنفسنا في مؤسساتنا القيادية}.
وفوراً أعلن وزير الخارجية رياض المالكي، انسجاماً مع توصيات المجلس المركزي، أنَّ طلباً فلسطينياً سيقدّم إلى مجلس الأمن قريباً لطلب عضوية كاملة لدولة فلسطين. وقال المالكي إن الطلب الفلسطيني سيتم تقديمه تحت بند {متحدون من أجل السلام} للتأكيد على رؤية حل الدولتين. وأضاف أنه يتم التخطيط فلسطينياً للتوجه إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية لطلب رأي استشاري يتعلق بإعلان الرئيس ترمب الشهر الماضي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.