إردوغان يتعهد بـ «وأد جيش الترويع» الأميركي

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يتحدث في أنقرة أمس (أ.ب)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يتحدث في أنقرة أمس (أ.ب)
TT

إردوغان يتعهد بـ «وأد جيش الترويع» الأميركي

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يتحدث في أنقرة أمس (أ.ب)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يتحدث في أنقرة أمس (أ.ب)

عبرت أنقرة عن غضبها تجاه إعلان التحالف الدولي للحرب على «داعش» بقيادة واشنطن تشكيل قوة حدودية قوامها 30 ألف جندي، بالتعاون مع ما يسمى «تآلف قوات سوريا الديمقراطية»، لنشرها بطول الحدود السورية - التركية، وتعهد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بوأد القوة، التي سماها «جيش ترويع» تحاول أميركا إنشاءه على الحدود الجنوبية لتركيا، «قبل أن تولد».
وقال إردوغان، في كلمة خلال افتتاح مصنع للمواد الكيميائية، في العاصمة التركية أنقرة، أمس، إن «دولة نصفها بأنها حليف (أميركا) تعمل على تشكيل (جيش ترويع) على حدودنا، ماذا يمكن لـ(جيش الترويع) هذا أن يستهدف عدا تركيا؟»، مضيفا: «مهمتنا خنقه قبل حتى أن يولد».
وأعلن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، أول من أمس، أنه يعمل مع تحالف «سوريا الديمقراطية»، الذي تشكل «وحدات حماية الشعب» الكردية (الذراع العسكرية لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي الذي تعده أنقرة امتدادا لحزب العمال الكردستاني المحظور لديها)، لتشكيل قوة حدودية جديدة قوامها 30 ألف فرد.
وفجر الإعلان غضب تركيا، وقال إردوغان: «هذا ما لدينا لنقوله لكل حلفائنا: لا تتدخلوا بيننا وبين التنظيمات الإرهابية، وإلا فلن نكون مسؤولين عن العواقب غير المرغوب فيها... إما أن تنزعوا أعلامكم المرفوعة على هذه التنظيمات الإرهابية، أو سنضطر لتسليم هذه الأعلام إليكم... ستستمر عملياتنا حتى لا يبقى (إرهابي) واحد على حدودنا، ناهيك بـ30 ألفاً منهم».
وتابع: «في أي لحظة قد تبدأ العملية ضد (وحدات حماية الشعب) الكردية في عفرين، ومن بعدها سيأتي الدور على مناطق أخرى، وستستمر حتى القضاء على آخر إرهابي... القوات المسلحة التركية ستحل مسألتي عفرين ومنبج بأسرع وقت، والاستعدادات استكملت؛ فالعملية يمكن أن تبدأ في أي لحظة... أوصيناهم (أميركا) بإزالة التنظيمات الإرهابية من الساحة، فإن كنا نموذجا للشراكة الاستراتيجية، فإنه يتوجب عليهم القيام معنا بهذا العمل».
وكان المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالن رد على إعلان التحالف الدولي مساء أول من أمس قائلا إن بلاده «تحتفظ بحق التدخل ضد المنظمات الإرهابية في الوقت والمكان والشكل الذي تحدده». وأدانت وزارة الخارجية التركية الجهود الأميركية الرامية لتأسيس ما سمته «جيشاً من إرهابيي (وحدات حماية الشعب) الكردية و(العمال الكردستاني)» في شمال سوريا.
وأشارت إلى أنها استدعت في 10 يناير (كانون الثاني) الحالي القائم بأعمال السفارة الأميركية في أنقرة، من أجل توضيح عزم حزب الاتحاد الديمقراطي تشكيل ما يسمى «جيش الشمال»، بدعم من الولايات المتحدة.
وأكدت في بيان، مساء أول من أمس، أنه لم يتم التشاور مع تركيا بصفتها عضوا في التحالف الدولي، حيال تشكيل ما تسمى «قوة أمن حدود سوريا»، مشيرة إلى أن الدول الأعضاء التي صادقت على قرار التحالف الدولي (بتشكيل قوة حدودية) غير معروفة، وأن «الخطوات الخاطئة والأحادية يمكن أن تضر بشكل كبير بمكافحة تنظيم داعش».
وكشفت وكالة «الأناضول» التركية، نقلا عن مصادر محلية، أمس، أن كلاً من الولايات المتحدة وقيادة حزب العمال الكردستاني استكملا عملية تدريب 400 عنصر، وذلك على الأرجح في إطار جهود واشنطن لإنشاء القوة الحدودية.
وبحسب الوكالة، فإن وزارة الدفاع (البنتاغون) ووكالة المخابرات المركزية (سي آي إيه) قدمتا التدريبات العسكرية لعناصر من القوة في معسكر «صباح الخير» جنوب محافظة الحسكة (شرق سوريا)، وفي محيط سد تشرين شرق محافظة حلب (شمال).
وأوضحت الوكالة أن «العمال الكردستاني» يطلق اسم «جيش الشمال» على ما تسميه البنتاغون و«سي آي إيه»؛ «حراس الحدود». ومن المقرر أن ينتشر ما يسمى «جيش الشمال» في مناطق عين العرب (كوباني)، وتل أبيض، ورأس العين، والمالكية شمال سوريا، على الحدود مع تركيا.
وعدّ رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم في تصريح، أمس، أن «الولايات المتحدة تناصب تركيا العداء عبر الوقوف وراء منظمات إرهابية».
في السياق ذاته، واصلت تركيا تعزيزاتها العسكرية وأرسلت قافلة من المدرعات وناقلات الجنود والعربات المصفحة إلى الوحدات العسكرية المنتشرة بولاية غازي عنتاب.
ووصلت تعزيزات أخرى إلى منطقة ريحانلي بولاية هاطاي، جنوب البلاد، لدعم القوات المنتشرة على الحدود مع سوريا، وسط إجراءات أمنية مشددة تضمنت ناقلات جنود مدرعة، ومركبات تحمل معدات عسكرية. كما وجهت المدافع المتمركزة على الحدود السورية فوهاتها باتجاه مدينة عفرين بريف محافظة حلب السورية.
وتضامنت المعارضة التركية مع الحكومة في رفضها نشر القوات الكردية على حدود تركيا الجنوبية، وحذّر أوزتورك يلماز، نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، من الخطوات التي تقدم عليها الولايات المتحدة شمال سوريا. وعدّ يلماز في مؤتمر صحافي بمقر البرلمان التركي، أمس الاثنين، أنّ الهدف من وراء الجيش الذي ستشكله واشنطن شمال سوريا هو إبقاء كل من تركيا وسوريا والعراق تحت ضغطها.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.