لبنان: مواجهة انتخابية بين «المستقبل» وريفي تبدأ من طرابلس

ريفي خلال مؤتمره الصحافي أمس
ريفي خلال مؤتمره الصحافي أمس
TT

لبنان: مواجهة انتخابية بين «المستقبل» وريفي تبدأ من طرابلس

ريفي خلال مؤتمره الصحافي أمس
ريفي خلال مؤتمره الصحافي أمس

دخل الصراع السياسي بين تيار «المستقبل» الذي يقوده رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، وبين وزير العدل السابق اللواء أشرف ريفي مرحلة اللاعودة، خصوصاً بعد احتدام المواجهة بين الطرفين، التي اكتسبت في المرحلة الأخيرة طابعاً أمنياً، على خلفية توقيف شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي ثلاثة من أبرز المقربين من ريفي، وهو ما فتح المواجهة السياسية على مصراعيها باقتراب الانتخابات البرلمانية المقررة في الربيع المقبل، والتي يتحضّر ريفي لخوضها بمرشحين له في عدد من المناطق اللبنانية، خصوصاً في المناطق ذات الغالبية السنيّة التي تمثّل الخزّان الشعبي لتيار «المستقبل»، أبرزها مدينة طرابلس عاصمة لبنان الشمالي.
ويبدو أن كلّ الأسلحة السياسية باتت مباحة في هذه المنازلة، وهو ما تجلّى في المؤتمر الصحافي الذي عقده ريفي أمس، وحمل فيه بشدّة على وزير الداخلية نهاد المشنوق (أحد وزراء «المستقبل» في الحكومة)، والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، متهماً إياهما بـ«التضييق على مناصريه وملاحقتهم أمنياً في طرابلس»، كما اتهم رئيس فرع المعلومات في الشمال المقدم محمد العرب، بتهديد أبرز مرافقيه عمر البحر بالقتل، وإطلاق النار على سيارة الأخير محاولا قتله، داعياً المشنوق إلى «عدم إعاقة التحقيق في محاولة قتل البحر حتى تحديد المسؤولية»، مؤكداً أن «أي تحقيق شكلي وأي طي للملف مرفوض».
ويبني ريفي تصعيده ضدّ «المستقبل» على تراكمات سابقة، إذ اعتبر أن «الخلاف السياسي بدأ مع قضية محاكمة ميشال سماحة، وفي ترشيح النائب فرنجية والعماد عون لرئاسة الجمهورية». ورأى أن «البعض يحاول ممارسة الضغوط علينا وعلى أهلنا قبل الانتخابات». وقال: «نسي هذا البعض أننا واجهنا النظام الأمني الأصلي ولم نخف، ولن يخيفنا النظام الأمني. ولهم نقول كلمة واحدة: خلافنا معكم هو على خيار الاستسلام للوصاية الإيرانية ونحتكم لقرار الناس، ولن يفيدكم بشيء، زج المؤسسات الأمنية التي بنيناها برموش العيون، في كيديتكم، أما عن ممارساتكم فهي كمن وقع في حفرة ويستمر بالحفر»، معتبراً أن «الانتخابات قادمة وللناس القرار».
وانتقد ريفي وزير الداخلية بالقول: «شتان ما بين انتهازية تتوهم استخدام المؤسسة لأهدافها الخاصة، وبين تاريخ مشرف وشجاع وشهداء وشهداء أحياء، إنه الفرق بين من يحمل القضية والمقاولين»، داعياً إلى التفريق بين «نموذج اللواء وسام الحسن (رئيس شعبة المعلومات الذي اغتيل بتفجير في العام 2012) الذي اتخذ القرارات الشجاعة رغم علمه بخطر الاغتيال، وبين المقاولين الذين وعدوا (المشنوق) بكشف التحقيق في اغتياله ثم وضعوه في الإدراج، نعم الفرق كبير والحساب عسير».
ولم يستسغ تيار «المستقبل» هذا الهجوم، فاعتبر عضو المكتب السياسي في «المستقبل» النائب السابق مصطفى علوش، أن كلام ريفي «قائم على كثير من الهوبرة (المبالغات)». ورأى أن «مشكلته في اعترافات الأشخاص الذين تبنّوا إطلاق النار على سيارة مرافقه عمر البحر، وهم من مناصريه الذين أقروا أن البحر أمرهم بإطلاق النار على سيارته». وقال: «بما أنه (ريفي) رجل أمن، فليحتكم إلى الإجراءات الأمنية والقانونية».
وأكد علوش لـ«الشرق الأوسط»، أن «إصرار ريفي على الربط بين الانتخابات وتوقيف مرافقيه لا يفيد». وقال: «الناس ستصل إلى الانتخابات وتقرر من يمثلها سياسيا»، مشدداً على أن ريفي «يضرب في المكان الموجع، عبر إطلاق شعارات شعبوية ربما تفيده مرحلياً». ورأى أن وزير العدل السابق «يواظب على انتقاد وجود (المستقبل) في الحكومة نفسها مع (حزب الله)، ولكن لم نسمع منه ما هو البديل». وسأل «لو كان هو مكان سعد الحريري ماذا سيفعل؟ هل المطلوب تشكيل ميليشيات مسلحة والدخول في حرب أهلية جديدة؟» ونصحه بـ«طرح سياسة واضحة المعالم، لا أن يكتفي بشعارات لا توصل إلى مكان».
أما أسعد بشارة مستشار ريفي، فأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخلاف السياسي مع تيار (المستقبل) تأسس منذ ترشيح سليمان فرنجية إلى رئاسة الجمهورية»، وأبدى أسفه لأن هذا الفريق «يستعمل بعض الأجهزة الأمنية للتضييق على الحالة الشعبية للواء ريفي، وهذا بدأ مع استمالة عدد قليل من الناشطين». وأكد أن «هذا الاستهداف يرمي إلى الضغط على القاعدة الشعبية لريفي، وتخويف الناس وترهيبهم ومنعهم من التصويت للوائح اللواء ريفي، وإشعارهم أنهم ليسوا في مأمن». وقال بشارة إن «ما يقلق تيار (المستقبل) هو اتساع القاعدة الشعبية المؤيدة للواء ريفي، المستندة إلى ثباته في موقعه وقناعاته السياسية، فيما أنصار (المستقبل) لم يعودوا مقتنعين بخيارات تيارهم، ويميلون إلى خيارات اللواء ريفي السياسية».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.