أين اختفى وهج المجلات الثقافية في العراق؟

نشر فيها مشاهير الكتاب العرب

أين اختفى وهج المجلات الثقافية في العراق؟
TT

أين اختفى وهج المجلات الثقافية في العراق؟

أين اختفى وهج المجلات الثقافية في العراق؟

نهاية عام 2015، حضرت جلسة نقدية على هامش مهرجان «أثير للشعر العربي» في سلطنة عُمان، ألقى فيها الناقد السعودي الدكتور سعيد السريحي محاضرة مهمة، أعقبتها مجموعة مداخلات كالعادة، أتذكر من بينها سؤالاً طرحه الدكتور علي جعفر العلاق، كان يبحث خلاله عن إجابة للسبب الكامن وراء توقف الحديث عن الحداثة وتجلياتها في الجامعات والمجلات العربية، ولماذا خفت الصراع الذي كان محتدماً أيام الثمانينات والتسعينات؟ فكانت إجابة السريحي التالية: «الحديث عن الحداثة انطفأ لحظة انطفأت مجلة الأقلام العراقية».
إجابة السريحي قد تكون شاهداً على ما كانت تحمله المجلات الثقافية في العراق من أهمية في إنتاج الثقافة وتصديرها، وقد كنتُ أذكر أيام التسعينات أننا - معشر الشعراء - لا يعترف بنا أحد من الكتاب الكبار في حرفة الأدب إنْ لم تنشر لنا مجلة «الأقلام» الثقافية قصيدة على صفحاتها، وقد كان نشر نصٍ على صفحاتها يمثل نشوة كبرى.
وعلى الرغم من التوجه الأحادي لفترة الثمانينات والتسعينات بالنسبة للمجلات الثقافية، وأنها رضيت أنْ تكون واجهة ثقافية للنظام السابق، فإن تلك المجلات كانت ممتلئةً بملفات ثقافية وحداثية تُسهم بصناعة الرأي العام وتصديره وتوجيهه، ولا ننسى إدارتها للملف الثقافي من خلال استكتاب خيرة الأسماء العربية النقدية والثقافية، مثل كمال أبو ديب وجابر عصفور وصلاح فضل وعبد الله الغذامي، وآخرين كثر أسهموا من خلال دراساتهم وبحوثهم في إغناء الملفات الثقافية التي كانت فيها مجلات (الأقلام، والمورد، وآفاق عربية، والتراث الشعبي، والثقافة الأجنبية، والموقف الثقافي) أشبه بالقنوات الفضائية هذه الأيام، بل إنها أرسخ كثيراً. وهنا، أذكر أن الجامعات العراقية راجعت تلك المجلات بدراسات ماجستير ودكتوراه، من خلال تناول ملفاتها ومناهجها ودراساتها وبحوثها ونصوصها الإبداعية ونقدها بالنقد والمراجعة والقراءة.
وكانت شخصيات ثقافية مهمة قد انتدبت لرئاسة تحرير تلك المجلات، بدءاً بعبد الجبار داود البصري، وعلي جعفر العلاق، وحاتم الصكر، وطراد الكبيسي، ومحسن جاسم الموسوي، وماجد السامرائي، وباسم عبد الحميد حمودي، وياسين طه حافظ، ومرشد الزبيدي، وأسماء أخرى مثلت رافداً مهماً لإغناء تلك المجلات، فضلاً عن آلية التوزيع الناجعة لتلك المجلات.
وذات مرة، ذكر لي رئيس تحرير مجلة «الأقلام» السابق الأستاذ ماجد السامرائي أن المجلة تصل بعد يومين فقط من طباعتها إلى معظم الدول العربية والعواصم الأوروبية، مثل باريس ولندن، ولا يكاد يوجد مثقف عربي لم يقتن مجلة «الأقلام» التي نافست «الآداب» البيروتية، بل تفوقت عليها في بعض المرات.
إن عدداً من المجلات الثقافية صدرت قبل 2003، ولم تصدر من مؤسسات الدولة، لكنها صدرت بأعداد قليلة واختفت، مثل مجلة «شعر 69»، التي أطلقت في عددها الأول بيان 69 لفاضل العزاوي وسامي مهدي وفوزي كريم وخالد علي مصطفى، ومجلة «الكلمة» التي أطلقت مشروع قصيدة النثر في العراق، فيما كان اتحاد الأدباء يصدر مجلة «الأديب المعاصر»، ومن ثم تغير عنوانها إلى «الأديب العراقي»، ولو بقيت على العنوان الأول لكان أفضل برأيي، وهناك مجلات صدرت بأعداد قليلة جداً وبنسخ محدودة، مثل مجلة «أشرعة» التي تبنت مشروع «قصيدة شعر»، فضلاً عن مجلات عراقية ثقافية تصدر من الخارج، مثل مجلة «جسور وألواح» اللتين كانتا تتبنيان مشروع قصيدة النثر في العراق.
أما الحديث عن المجلات الثقافية بعد عام 2003، فإنه يأخذ منحى آخر مختلفاً، ذلك أن الهيمنة المركزية انفلتت تماماً، ولم تعد الدولة المصدر الأساسي في تصدير المعلومة وتبنيها، فخرجت لنا مجموعة من المجلات الثقافية متزامنة طبعاً مع عدد من المجلات التي كانت الدولة تصدرها قبل 2003، ولكن بطبيعة الحال اختفت مجلات كانت معتمدة في وزارة الثقافة بسبب تغير فلسفة الدولة ومنهجها، حيث تلاشت النظرة القومية، بل حوربت كثيراً. لذلك أُلغيت مجلة «آفاق عربية»، كما أُلغيت مجلة مثل «الموقف الثقافي» و«الطليعة الأدبية»، وهذا يعني أن للدولة الجديدة فلسفة في إدارة الحكم من خلال هذه المجلات، ولست متيقناً من أن القائمين على إدارة الدولة عملوا هذه الأشياء بتخطيط أم لا، كما أن مجلات ثقافية أخرى صدرت بعيداً عن تمويل الدولة، مثل مجلة «بيت» التي تصدر من بيت الشعر في العراق، ولكنها للأسف لم تكمل أعدادها الأربعة، فتوقفت رغم مادتها الثرية، كما صدرت مجلة اسمها «نثر»، ولكنها لم تثن على ما أذكر، فيما أصدر بعض الأصدقاء مجلة مهمة في حينها، اسمها «جدل»، وقد تناولت ملفات ثقافية وسياسية واجتماعية مهمة، ولكنها للأسف توقفت بعد أن أصدرت نحو 20 عدداً، وعكف بعض الأصدقاء في المحافظات على إصدار عدد من المجلات الثقافية، مثل مجلة «البديل الثقافي» في ميسان، وهي مجلة مهمة تحاول أنْ تطرح مشروعاً لإدارة الدولة من خلال الثقافة، وقد اشتغلت كثيراً على الملفات الثقافية، وأصدر اتحاد أدباء البصرة مجلة «فنارات» وديالى مجلة «تامرَا»، وهذه الأيام أصدر مجموعة من الشعراء الشباب مجلة باسم «مسقى»، وهي مجلة مختصة في الشعر الحديث، حيث يعيدون لنا شكل الصراع الذي كنا نعتاش عليه أيام التسعينات.
إن جريدة «الأديب» هي الأهم برأيي من أغلب المجلات التي ظهرت بعد 2003، فهي صحيفة ثقافية مختصة بالأدب أعادت لنا أهمية المشروع الثقافي ونجاعته، وقد حققت مساحة واسعة في الهيمنة على مجمل المنشورات الأدبية لأهميتها، وللملفات البالغة الأثر في إدارتها، وقد استمرت لسنوات كثيرة حتى أنها درست في أطروحة دكتوراه في آداب المستنصرية.
ما يمكن ملاحظته على مجمل المجلات التي صدرت بعد 2003 في العراق أنها اتسمت بطابع محلي خالص، حتى تلك التي كانت تصدرها الدولة، مثل «الأقلام» التي تحدث عنها السريحي كما مر وغيرها، فقد قوطعت عربياً بشكل كبير، ولم تعد صفحات المجلات الثقافية العراقية ملعباً للمثقفين العرب، بل إن لغة التخوين والمقاطعة كانت السمة الغالبة لأكثر المثقفين العرب الذين قاطعوا النشاط الثقافي العراقي، بما فيه كتابة البحوث والدراسات ونشرها في مجلات العراق، وهذا يعني أن السياسة ألقت بكامل ثقلها على الثقافة، بل هيمنت هيمنة كبيرة على جل ملفاتها، وتحديد بوصلتها والحكم عليها.
إن معظم ما صدر من مجلات ثقافية بعد 2003 كان محدوداً أيضاً، ولم يتبنَ مدرسة أدبية أو ثقافية أو توجهاً نقدياً حداثياً أو حتى تقليدياً، إنما اتسمت بطابع يقترب من شكل الصفحات الثقافية في الصحف والجرائد، والفرق كبير بين الصفحات الثقافية في الصحافة والمجلات الثقافية، إلا أن مجلاتنا الثقافية تكاد تكون صفحة ثقافية بجريدة من الجرائد، ولكنها على شكل مجلة للأسف، كما أن مساحة الشغف والبحث عن المجلات من جانب القراء خفَتْ كثيراً، بل اختفت على ما يبدو، فقد كنا نذكر في أي يومٍ تصدر مجلة «الأقلام» أو «الثقافة الأجنبية»، وما زالت مكتباتنا تنوء بمئات النسخ من المجلات القديمة، تنتقل معنا أينما نذهب كأي سلعة ثمينة من سلع البيت، ولكن اليوم لا علم لأبناء الوسط الثقافي بوقت صدور المجلات الثقافية، ولا تحتفظ مكتباتهم إلا بنسخ محدودة من الإصدارات الحديثة.. فماذا يعني هذا؟ هل قضمت المواقع الإلكترونية أوراق المجلات الصفراء، أم أن المجلات لا تطبع ما يُثير الشهية المعرفية؟ يبدو أننا بحاجة ماسة إلى معرفة السبب وراء انطفاء وهيج المجلات الثقافية العراقية!



احذروا الإفراط في الوقوف خلال العمل

تحتاج بعض المهن إلى الوقوف فترات طويلة (معهد الصحة العامة الوبائية في تكساس)
تحتاج بعض المهن إلى الوقوف فترات طويلة (معهد الصحة العامة الوبائية في تكساس)
TT

احذروا الإفراط في الوقوف خلال العمل

تحتاج بعض المهن إلى الوقوف فترات طويلة (معهد الصحة العامة الوبائية في تكساس)
تحتاج بعض المهن إلى الوقوف فترات طويلة (معهد الصحة العامة الوبائية في تكساس)

توصّلت دراسة أجراها باحثون من جامعة توركو الفنلندية، إلى أنّ الوقوف لفترات طويلة في العمل له تأثير سلبي في قياسات ضغط الدم على مدى 24 ساعة.

وتكشف النتائج عن أنّ الوقوف لفترات طويلة يمكن أن يرفع ضغط الدم، إذ يعزّز الجسم مسارات الدورة الدموية إلى الأطراف السفلية عن طريق تضييق الأوعية الدموية وزيادة قوة ضخّ القلب. وعلى النقيض من ذلك، ارتبط قضاء مزيد من الوقت في وضعية الجلوس في العمل بتحسُّن ضغط الدم.

وتشير الدراسة، التي نُشرت في مجلة «ميديسين آند ساينس إن سبورتس آند إكسيرسيس»، إلى أنّ السلوكيات التي يغلب عليها النشاط في أثناء ساعات العمل قد تكون أكثر صلة بقياسات ضغط الدم على مدار 24 ساعة، مقارنةً بالنشاط البدني الترفيهي.

تقول الباحثة في الدراسة، الدكتورة جووا نورها، من جامعة «توركو» الفنلندية: «بدلاً من القياس الواحد، فإن قياس ضغط الدم على مدار 24 ساعة هو مؤشر أفضل لكيفية معرفة تأثير ضغط الدم في القلب والأوعية الدموية طوال اليوم والليل».

وتوضِّح في بيان منشور، الجمعة، على موقع الجامعة: «إذا كان ضغط الدم مرتفعاً قليلاً طوال اليوم ولم ينخفض ​​بشكل كافٍ حتى في الليل، فتبدأ الأوعية الدموية في التصلُّب؛ وعلى القلب أن يبذل جهداً أكبر للتعامل مع هذا الضغط المتزايد. وعلى مرّ السنوات، يمكن أن يؤدّي هذا إلى تطوّر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية».

وأظهرت دراسات سابقة أنّ ممارسة الرياضة في وقت الفراغ أكثر فائدة للجهاز القلبي الوعائي من النشاط البدني الناتج عن العمل، الذي ربما يكون ضاراً بالصحّة، مشدّدة على أنّ التمارين الرياضية المنتظمة مهمة للسيطرة على ضغط الدم.

وعلى وجه الخصوص، تعدّ التمارين الهوائية الأكثر قوة فعالةً في خفض ضغط الدم، ولكن وفق نتائج الدراسة الجديدة، فإنّ النشاط البدني اليومي يمكن أن يكون له أيضاً تأثير مفيد.

في الدراسة الفنلندية، تم قياس النشاط البدني لموظفي البلدية الذين يقتربون من سنّ التقاعد باستخدام أجهزة قياس التسارع التي يجري ارتداؤها على الفخذ خلال ساعات العمل، وأوقات الفراغ، وأيام الإجازة. بالإضافة إلى ذلك، استخدم المشاركون في البحث جهاز مراقبة ضغط الدم المحمول الذي يقيس ضغط الدم تلقائياً كل 30 دقيقة لمدّة 24 ساعة.

وتؤكد النتائج أنّ طبيعة النشاط البدني الذي نمارسه في العمل يمكن أن يكون ضاراً بالقلب والجهاز الدوري. وبشكل خاص، يمكن للوقوف لفترات طويلة أن يرفع ضغط الدم.

وتوصي نورها بأنه «يمكن أن يوفر الوقوف أحياناً تغييراً لطيفاً عن وضعية الجلوس المستمر على المكتب، ولكن الوقوف كثيراً يمكن أن يكون ضاراً. من الجيد أن تأخذ استراحة من الوقوف خلال العمل، إما بالمشي كل نصف ساعة أو الجلوس لبعض أجزاء من اليوم».

ويؤكد الباحثون أهمية النشاط البدني الترفيهي لكل من العاملين في المكاتب وفي أعمال البناء، وتشدّد نورها على أنه «جيد أن نتذكّر أنّ النشاط البدني في العمل ليس كافياً بذاته. وأنّ الانخراط في تمارين بدنية متنوّعة خلال وقت الفراغ يساعد على الحفاظ على اللياقة البدنية، مما يجعل الإجهاد المرتبط بالعمل أكثر قابلية للإدارة».