إردوغان يدعو «أصدقاء تركيا» لتجنب الاصطفاف مع الأكراد في عفرين

TT

إردوغان يدعو «أصدقاء تركيا» لتجنب الاصطفاف مع الأكراد في عفرين

وسط استمرار القصف المدفعي التركي المكثف لمواقع وحدات حماية الشعب الكردية في عفرين والتعزيزات العسكرية على الحدود مع سوريا دعا التركي رجب طيب إردوغان «الدول الحليفة» لتركيا (في إشارة إلى أميركا)، إلى تجنب الوقوف في صف من سماهم «الإرهابيين» عندما تنطلق عملية عسكرية محتملة للجيش التركي في عفرين خلال أيام.
وأكد الرئيس التركي، أمام حشد جماهيري من أنصار حزب العدالة والتنمية الحاكم في المؤتمر السادس للحزب في مدينة توكات (وسط) أمس (الأحد)، أن الجيش سوف يوسع عملية «درع الفرات» التي كان أطلقها في شمال سوريا، في أغسطس (آب) 2016، وحتى نهاية مارس (آذار) 2017، خلال الأيام المقبلة لتشمل مدينة عفرين.
وقال إردوغان: إن «عملية تطهير حدودنا الجنوبية التي بدأت من خلال عملية درع الفرات سوف نواصلها خلال الأيام المقبلة في عفرين»، وعبّر عن أمله ألا تقف الولايات المتحدة إلى جانب وحدات حماية الشعب الكردية، التي تحالفت معها في الحرب على تنظيم داعش الإرهابي، خلال عملية عفرين.
وأضاف: «نحن نعرف جيداً الارتباط مع (الإرهابيين) في سوريا وتركيا، وكما قلنا سابقاً سنأتي في أي لحظة للانقضاض على الإرهابيين، سوف نتحرك ضد الإرهابيين في حال حصول أي تهديد صغير لبلادنا»
وتابع: «نأمل من القوات التابعة لدول صديقة لتركيا تجنب الوقوع في خطأ الظهور إلى جانب «التنظيمات الإرهابية» خلال العملية المرتقبة على مدينة عفرين الخاضعة لسيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني وذراعه العسكرية وحدات حماية الشعب الكردية، بريف محافظة حلب السورية».
وأعرب إردوغان عن أمله في أن تتخذ تلك القوى مواقف تليق بها، تجاه عملية «تطهير عفرين» من عناصر الميليشيات الكردية.
وجاءت تصريحات إردوغان التي تؤكد قرب انطلاق العملية العسكرية في عفرين، وسط استمرار القصف التركي لمواقع الوحدات الكردية في عفرين، لليوم الثاني على التوالي، حيث قصفت المدفعية التركية فجر أمس مواقع في عفرين من مناطق تمركزها قرب الحدود السورية في ولاية هطاي جنوب تركيا.
وأطلقت القوات التركية 40 قذيفة مدفعية باتجاه مناطق باصوفان وجنديريس وراجو ومسكنلي التابعة لمدينة عفرين، بحسب مصادر عسكرية.
وبدأ القصف المدفعي التركي لعفرين، منذ ظهر أول من أمس، وسُمعت أصوات الانفجارات من المناطق التركية المتاخمة للحدود السورية. وفي الوقت نفسه، دفع الجيش التركي، مساء أول من أمس، بتعزيزات عسكرية إلى المناطق الحدودية مع سوريا، في إطار دعم القوات المنتشرة على طول الحدود.
وقالت مصادر عسكرية: إن التعزيزات العسكرية شملت خمس دبابات، انطلقت من مدن مختلفة، ووصلت إلى بلدة الريحانية التابعة لولاية هطاي وسط إجراءات أمنية مشددة مساء أول من أمس.
في سياق موازٍ، قال رئيس اللجنة القانونية في وفد المعارضة السورية إلى محادثات آستانة، ياسر الفرحان: إن الحملة العسكرية الأخيرة للنظام السوري في منطقة خفض التصعيد بمحافظة إدلب هي خروقات للاتفاق بين الدول الضامنة (روسيا وتركيا وإيران)، ولا يرتبط بأي تفاهمات حصلت في «آستانة 8».
وأوضح الفرحان، في مقابلة مع وكالة الأناضول التركية أمس، أن «الاتفاق في (آستانة 4) كان واضحاً، وكانت إدلب والمناطق المتاخمة لها مشمولة بشكل صريح بمناطق خفض التصعيد، وكان هناك اتفاق على تشكيل لجان لمراقبة الخروقات، وتشكيل لجنة مشتركة من تركيا وروسيا تنظر وتحقق بالخروقات».
وأضاف: «رسمت الخرائط لاحقاً بشكل صريح وواضح، دون تحديد مناطق المعارضة، التي ظهرت على أنها منطقة واحدة، وكان الاتفاق ينص على أن هذه المناطق لا يدخلها النظام».
وأوضح أنه في منطقة المعارضة، بحسب الاتفاق، وهي قريبة من منطقة سيطرة النظام، تديرها مجالس محلية منزوعة السلاح الثقيل، ويبقى السلاح الخفيف بيد قوات الأمن والدفاع المدني، لتأمين خدمات الناس.
وأكد الفرحان أن الاتفاق يقضي بعدم دخول الميليشيات الإيرانية، ولا قوات النظام، وإنما مجموعة قليلة من القوات الروسية حصراً، كقوات مراقبة تتموضع بثلاث نقاط أو نقطتين، تشرف على تطبيق الاتفاق.
وتابع أنه خلف الخط الفاصل بين الطرفين تتمركز القوات التركية فيها بشكل كامل، وبانتشار يضمن حماية المنطقة، وعدم تنفيذ أي خروقات ضدها، وتضمن التزام أمن المنطقة واحترامها.
واعتبر أن ما يقال بأن هناك اتفاقاً بموجبه تقوم روسيا وإيران والنظام بالاعتداء على هذه المناطق هو جزء من الحرب النفسية التي تقوم بها جهتان متضررتان من الاتفاق، وهما الإيرانيون الذين يريدون تشويه الحقائق، وجهة ضمن مناطق المعارضة، تلتقي مصالحها مع الإيرانيين بإفشال الاتفاق.
وشدّد الفرحان على أن «كلا الطرفين المتضررين لا يرغبان في أن يكون هناك احترام للتهدئة، وانتشار للقوات التركية في هذه المنطقة»، وأن «الوفد المعارض يدرك أن ما من شيء يحمي من المخاطر، سواء كان قصفاً جوياً، أو اجتياحاً برياً، إلا الانتشار التركي؛ ولذا حرصنا على تنفيذ الاتفاق واحترامه».



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.