الجزائر تحتفل برأس السنة الأمازيغية

لأول مرة بعد اعتمادها إجازة رسمية

جزائريون يحتفلون برأس السنة الأمازيغية في أحد أحياء آيت منديس بجنوب تيزي وزو أمس (أ.ف.ب)
جزائريون يحتفلون برأس السنة الأمازيغية في أحد أحياء آيت منديس بجنوب تيزي وزو أمس (أ.ف.ب)
TT

الجزائر تحتفل برأس السنة الأمازيغية

جزائريون يحتفلون برأس السنة الأمازيغية في أحد أحياء آيت منديس بجنوب تيزي وزو أمس (أ.ف.ب)
جزائريون يحتفلون برأس السنة الأمازيغية في أحد أحياء آيت منديس بجنوب تيزي وزو أمس (أ.ف.ب)

احتفلت الجزائر، التي يعد الأمازيغ ربع سكانها، أمس بعيد يناير (كانون الثاني)، أو رأس السنة البربرية، الذي أقر إجازة رسمية لأول مرة في أحد بلدان شمال أفريقيا، حيث تطالب هذه الأقلية الكبيرة بالاعتراف بهويتها.
وككل سنة، احتفل الجزائريون بحلول السنة الأمازيغية الجديدة بإعداد أطباق شهية كبيرة من الكسكسي بالدجاج، أو لحم الضأن، وبالأهازيج والرقص والألعاب التقليدية والعروض المسرحية وعروض الفروسية، لكن أضيف إليها هذه السنة كثير من الفعاليات الرسمية، التي ترعاها المؤسسات الحكومية في مختلف أنحاء البلاد.
تقول سامية مومني، وهي تعد أطباقاً مختلفة من الكسكسي الذي تشتهر به منطقة القبائل في تيزي وزو، حيث حضر نحو 3 آلاف شخص للمشاركة في المائدة العملاقة التي أقيمت في استاد المدينة: «اعتدنا الاحتفال بعيد يناير مع العائلة، التي تجتمع حول طبق كبير نعده بلحم الدجاج ونخلط معه شرائح اللحم المقدَّد».
ويتركز القسم الأكبر من السكان الأمازيغ في هذه المنطقة الجبلية إلى الشرق من العاصمة الجزائر، علماً أن عدد الناطقين بلغة الأمازيغ يصل إلى 10 ملايين شخص في عموم البلاد، وهم يتوزعون في منطقة القبائل، والمزابية في وادي مزاب بوسط البلاد، والشاوية في الأوراس في الشق، والطوارق في الجنوب.
ومساء أول من أمس، شارك سكان قرية آيت القاسم في منطقة القبائل عند سفح جبل جرجرة، الواقع على بعد نحو 50 كيلومتراً جنوب تيزي وزو، في عشاء جماعي تقليدي من الكسكسي، رغم البرد القارس. وطوال الأمسية، قامت نساء يرتدين الملابس التقليدية المطرزة ذات الألوان الزاهية، التي يطغى عليها الأحمر والأصفر بإعداد الطعام وفرك الكسكسي في قدور واسعة كبيرة من الفخار بزيت الزيتون، وهن ينشدن أغانيهن التقليدية القديمة التي تثني على الخيرات التي يجلبها معه «يناير»، الذي يمثل رديفاً للوفرة والرخاء.
ويعتمد التقويم الأمازيغي المستلهم من التقويم اليولياني (الروماني) على الفصول الزراعية والعمل في الحقول، وعمل القائمون على الدفاع عن قضية البربر في النصف الثاني من القرن العشرين على تحديثه وتنقيحه وإعادة إحيائه. وقد اختار هؤلاء بصورة خاصة تاريخ تنصيب فرعون البربر شيشنق الأول على عرش مصر في سنة 950 قبل الميلاد للبدء بذلك التقويم. وبذلك احتفل البربر، سكان شمال أفريقيا الأصليون الذين يسبق وجودهم تعريب المنطقة، أمس ببداية السنة 2968.
واحتفل البربر في الجزائر بعيد يناير منذ زمن طويل، لا سيما في المناطق الناطقة بالأمازيغية. وقد اكتسى هذه السنة صفة رسمية عندما أعلنه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في 27 من ديسمبر (كانون الأول) الماضي عيداً رسمياً في كل أنحاء الجزائر بهدف تعزيز «الوحدة الوطنية». وقد اتخذ القرار إثر احتجاجات شهدتها عدة مناطق بربرية، لا سيما في منطقة القبائل ضد رفض تعديل برلماني لصالح تعميم التعليم بالأمازيغية.
ويقف أهالي منطقة القبائل منذ ستينات القرن الماضي في مقدمة المطالبين بالاعتراف بالهوية والثقافة القبليتين بصورة خاصة، والبربريتين بصورة عامة، اللتين تعرضتا للإنكار وحتى القمع من أجهزة السلطة، التي سعت إلى توحيد البلاد عن طريق حركة التعريب.
تقول الشابة كاهينة بلعيدي، وهي من سكان آيت القاسم، إن «قرار الرئيس بوتفليقة سيسهم في تعزيز الهوية الأمازيغية في الجزائر».
واعترفت الجزائر باللغة الأمازيغية لغة وطنية في مارس (آذار) 2002 بعد احتجاجات دامية أطلق عليها اسم «الربيع الأسود»، أوقعت 126 قتيلاً في سنة 2001 في منطقة القبائل، بعدها تم الاعتراف بها بصفتها اللغة الرسمية الثانية في البلاد بعد العربية في تعديل دستوري اعتمد سنة 2016.
ويوم الأربعاء نشرت وزارة الداخلية أول بيان رسمي بالأمازيغية، وأعلنت الحكومة بداية الإجراءات الرسمية لضم يناير إلى قائمة الأعياد الرسمية. وكتب عالم الإناسة عز الدين كنزي في صحيفة «الوطن» أمس، أن «الاعتراف الرسمي بيناير هو من إنجازات النضال الطويل من أجل الثقافة والهوية واللغة الأمازيغية... ولن يكون بعد اليوم عيداً من الدرجة الثانية».
لكن عالم الألسن سالم شاكر رأى في ذلك «إجراء لا يكلف الكثير، ولن يغير الكثير في الوضع الراهن للغة الأمازيغية، التي ستبقى أقلية ومنتقصة، كلغة وثقافة».



مئات المهاجرين الأفارقة يتدفقون إلى اليمن رغم تشديد الأمن

آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)
آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)
TT

مئات المهاجرين الأفارقة يتدفقون إلى اليمن رغم تشديد الأمن

آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)
آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)

على الرغم من الإجراءات الأمنية التي اتخذتها السلطات اليمنية للحد من الهجرة غير الشرعية، بدأ العام الميلادي الجديد أيامه بتدفق المئات من المهاجرين القادمين من القرن الأفريقي الذين وصلوا إلى سواحل البلاد على متن قوارب متهالكة استقلوها من سواحل جيبوتي والصومال.

ومع تسجيل المنظمة الدولية للهجرة وصول أكثر من 60 ألف مهاجر خلال العام المنتهي، ذكر مركز الإعلام الأمني التابع لوزارة الداخلية اليمنية أن الأيام الأولى من العام الجديد شهدت وصول 336 مهاجراً غير شرعي قادمين من القرن الأفريقي إلى سواحل مديرية رضوم بمحافظة شبوة شرق عدن.

وبحسب الداخلية اليمنية، فإن قاربي تهريب أنزلا المهاجرين بساحل منطقة «كيدة»، منهم 256 مهاجراً من حاملي الجنسية الإثيوبية؛ بينهم 103 نساء، أما البقية وعددهم 80 مهاجراً، فإنهم يحملون الجنسية الصومالية. وذكرت أن الشرطة في مديرية رضوم قامت بتجميع المهاجرين غير الشرعيين تمهيداً لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم.

اعتراض قارب يقل 130 مهاجراً في سواحل محافظة لحج اليمنية (إعلام حكومي)

وفي سواحل محافظة لحج غرب عدن، ذكرت وحدات خفر السواحل التابعة للحملة الأمنية في منطقة الصبيحة (مديرية المضاربة ورأس العارة) أنها ضبطت قارب تهريب كان يحمل على متنه 138 مهاجراً من الجنسية الإثيوبية حاولوا دخول البلاد بطرق غير شرعية.

سلسلة عمليات

وفق بيان للحملة الأمنية، فإنه وبعد عمليات رصد دقيقة، تمكنت من اعتراض القارب في منطقة الخور بمديرية المضاربة ورأس العارة. وأوضح البيان أن المهاجرين الذين كانوا على متنه كانوا في حالة مزرية نتيجة لسوء المعاملة التي تعرضوا لها أثناء الرحلة، حيث نُقلوا إلى أحد مراكز تجميع المهاجرين في محافظة لحج.

وتأتي هذه العملية ضمن سلسلة من العمليات الأمنية التي تنفذها الحملة الأمنية في الصبيحة في سواحل محافظة لحج جنوب باب المندب بهدف التصدي لظاهرة التهريب والهجرة غير الشرعية، التي تشكل خطراً على الأمن الوطني والإقليمي.

المهاجرون الأفارقة يتعرضون للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (إعلام حكومي)

وأكدت قيادة الحملة الأمنية أنها ستواصل جهودها المكثفة لتعزيز الأمن والاستقرار بالتعاون مع مختلف الجهات المختصة، من خلال تنفيذ المزيد من العمليات النوعية، خصوصاً في المناطق الساحلية التي تعد مركزاً رئيسياً للتهريب. ودعت السكان إلى التعاون والإبلاغ عن أي تحركات مشبوهة، مؤكدة أن الحفاظ على الأمن مسؤولية مشتركة بين الجميع.

ويعاني المهاجرون في اليمن من الحرمان الشديد مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن، وفق منظمة الهجرة الدولية، التي أكدت أن الكثيرين منهم يضطرون إلى العيش في مآوٍ مؤقتة أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

إساءة واستغلال

نبهت منظمة الهجرة الدولية إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عُرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي، مؤكدة أن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن إلى دول الجوار.

وبحسب المنظمة، فإنها سجلت في أكتوبر (تشرين الأول) فقط قيام أكثر من 1900 مهاجر برحلات محفوفة بالمخاطر، إما عائدين إلى مناطقهم في القرن الأفريقي، وإما مُرَحَّلين على متن القوارب. وتم الإبلاغ عن 462 حالة وفاة واختفاء (على الأقل) بين المهاجرين أثناء عبورهم البحر بين جيبوتي واليمن في 2024.

المهاجرون من القرن الأفريقي عرضة للاستغلال وسوء المعاملة من المهربين (الأمم المتحدة)

ووثقت المنظمة الأممية 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على طول الطريق الشرقي في العام ذاته، وقالت إنه من المرجح أن يكون عدد المفقودين وغير الموثقين أكثر من ذلك بكثير.

وبينت أنها ومن خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة، تعمل على تقديم الخدمات على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات التي تقدم للمهاجرين ما بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود، تقول الأمم المتحدة إن فجوات كبيرة في الخدمات لا تزال قائمة في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.