اتهام للانقلابيين بتحويل مساجد يمنية إلى «ثكنات تجنيد طائفية»

طالبات يمنيات في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)
طالبات يمنيات في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)
TT

اتهام للانقلابيين بتحويل مساجد يمنية إلى «ثكنات تجنيد طائفية»

طالبات يمنيات في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)
طالبات يمنيات في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

أمام ذلك، كثفت الميليشيات الحوثية جهودها أمس لتسخير خطب الجمعة لحشد المقاتلين، في ظل تحركات لها لنزع أسلحة القبائل جنوب صنعاء.
وحولت الميليشيا الانقلابية، أمس، منابر المساجد في صنعاء والمناطق التي تسيطر عليها إلى وسيلة من وسائل إعلامها الحربي لجهة ما تضمنته خطب الجمعة من حض المصلين على الالتحاق بجبهات القتال، وتأكيدها على وجوب «الجهاد» ضد الحكومة الشرعية على كل قادر على حمل السلاح.
ويقول سكان في صنعاء إن كثيراً من المساجد صيرها الحوثيون «ثكنات طائفية» لاستقطاب المقاتلين من تلامذة المدارس والمراهقين، عبر إنشاء حلقات لتدريس «الملازم الخمينية» والمناهج الجديدة التي خصصتها الجماعة للتنشئة الدينية في المراكز التعليمية الملحقة بالمساجد.
وجاءت خطب الجمعة امتداداً لـ«الفتوى» الأخيرة التي أصدرها قبل أيام معممو الجماعة، ممن تصفهم بـ«العلماء»، والتي اعتبروا فيها الالتحاق بجبهات القتال «واجباً دينياً وتنفيذاً لأوامر إلهية»، بالتزامن مع التحركات الميدانية لمحافظي الميليشيا ووزرائها في حكومة الانقلاب لحشد المقاتلين في كل من: صنعاء وذمار والبيضاء وتعز وحجة والمحويت، تحت شعار: «انفروا خفافاً وثقالاً».
ونقلت الإذاعات المحلية الموالية للجماعة خطب الجمعة على الهواء من المساجد الكبرى في صنعاء والمحافظات، في حين تحركت مواكب المسلحين عقب انقضاء الصلاة في مختلف مناطق العاصمة لتشييع عشرات القتلى ممن كانوا قد لقوا حتفهم في جبهات القتال خلال اليومين الأخيرين.
وفي سياق تنامي مخاوف الحوثيين من انقلاب القبائل عليهم في محيط صنعاء، في ظل تتابع انتصارات الجيش الحكومي في مختلف الجبهات، أرسلت الجماعة أول من أمس حملة من مسلحيها إلى الضواحي الجنوبية الشرقية للعاصمة لمحاصرة زعيم قبائل خولان، محمد الغادر.
وأفادت مصادر قبلية بأن الجماعة طلبت من الغادر تسليم الأسلحة المتوسطة والثقيلة التي في حوزة القبلية، إلا أنه رفض الطلب واحتشد المقاتلون من أنصاره القبليين، وأجبروا الحملة العسكرية على التراجع، في ظل استمرار التوتر بين الطرفين.
ويعزو مراقبون عسكريون تصرف الجماعة هذا إلى خشيتها من أن يؤدي انهيار مقاتليها في جبهة صرواح، غرب مأرب، إلى التحام قبائل خولان وسنحان مع قوات الجيش الوطني، وهو ما سينقل المعركة مباشرة إلى قلب العاصمة صنعاء.
وفي السياق نفسه، أفادت مصادر قبلية في مديرية سنحان بأن الميليشيات الحوثية تفرض منذ أسابيع حصاراً مشدداً على قربة «بيت الأحمر»، حيث مسقط رأس الرئيس السابق علي صالح، جنوب العاصمة، وقالت إن عناصرها يقومون بتفتيش الخارجين والداخلين إلى المنطقة، وسط مزاعم لهم بأنهم يبحثون عن مخازن سرية للأسلحة كان يحتفظ بها صالح في أماكن مجهولة في المنطقة.
وميدانياً، أفادت مصادر محلية في ذمار لـ«الشرق الأوسط» بأن سلسلة غارات للتحالف استهدفت تجمعات عسكرية للميليشيات الحوثية في معسكرات «الأمن المركزي والشرطة العسكرية وقاع سامة»، وفي محيط «الاستاد الرياضي» الواقع وسط مدينة ذمار، كما طاولت تجمعاً آخر في «المعهد التقني» بمديرية عنس.
وقالت المصادر إن سلطات الميليشيا أعلنت الطوارئ القصوى في مستشفيات المدينة (100 كلم جنوب صنعاء)، مرجحة سقوط عشرات القتلى والجرحى من مسلحي الجماعة ومجنديها الذين حشدتهم في الأيام الأخيرة إلى معسكرات المحافظة، تمهيداً لإلحاقهم بجبهاتها المتهاوية.
وذكر موقع الجيش (سبتمبر نت)، نقلاً عن مصادره، أن غارتين استهدفتا معسكر الأمن المركزي والشرطة العسكرية، بالتزامن مع 8 غارات على مبنى «الاستاد الرياضي» ومعسكر سامة، و4 غارات طالت مبنى المعهد التقني في قرية ذي سحر، بمديرية عنس، مؤكداً أن انفجارات عنيفة هزت أرجاء المدينة، مع تصاعد كثيف للأدخنة وألسنة اللهب من المواقع المستهدفة.
وفي جبهة ميدي، شمال غربي محافظة حجة، أفادت مصادر ميدانية في الجيش الوطني لـ«الشرق الأوسط» بأن قواته صدت هجوماً عنيفاً للميليشيات الحوثية، وقتلت خلال عملية التصدي نحو 30 مهاجماً، وأجبرت البقية على الفرار، بالتزامن مع غارات مساندة لطيران التحالف.
وجاءت هذه التطورات مع اشتداد المعارك التي يقودها الجيش الوطني وعناصر المقاومة الشعبية في محافظة البيضاء (جنوب شرقي صنعاء) ضد الانقلابيين الحوثيين لاستكمال تحرير مديرية «ناطع»، والتقدم نحو مديرية الملاجم المجاورة، وبالتوازي مع الانتصارات المتلاحقة في جبهات صعدة والجوف.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.