ألمانيا تنتظر عودة «أطفال داعش»

المخابرات تتوقع عودة 100 طفل ورضيع وتحذّر من تحولهم «مشاريع إرهابيين»

زوار لسوق عيد الميلاد في برلين في الذكرى الأولى لتعرضه للهجوم الإرهابي الذي شنّه التونسي أنيس العامري في 19 ديسمبر 2016 (إ.ب.أ)
زوار لسوق عيد الميلاد في برلين في الذكرى الأولى لتعرضه للهجوم الإرهابي الذي شنّه التونسي أنيس العامري في 19 ديسمبر 2016 (إ.ب.أ)
TT

ألمانيا تنتظر عودة «أطفال داعش»

زوار لسوق عيد الميلاد في برلين في الذكرى الأولى لتعرضه للهجوم الإرهابي الذي شنّه التونسي أنيس العامري في 19 ديسمبر 2016 (إ.ب.أ)
زوار لسوق عيد الميلاد في برلين في الذكرى الأولى لتعرضه للهجوم الإرهابي الذي شنّه التونسي أنيس العامري في 19 ديسمبر 2016 (إ.ب.أ)

في منتصف شهر يوليو (تموز) الماضي، في أوج فصل الصيف وحرارته الحارقة في مدينة الموصل، ظهرت صور من المدينة شدت انتباه العالم، تظهر فتاة صهباء جميلة الملامح، شعرها أشعث والغبار يتآكلها. كانت الفتاة محاطة برجال أمن عراقيين. هي تصرخ اعتراضا وهم يهتفون احتفالاً. تبيّن لاحقا أنها المراهقة الألمانية ليندا وينزل التي لا تتجاوز الـ16 عاما من العمر، وكانت قد هربت من منزلها في ألمانيا قبل سنة لتنضم إلى تنظيم «داعش» في العراق وتصبح «أم مريم» بعدما اقترنت بـ«أبو أسامة الشيشاني» المقاتل في التنظيم، ولقد قتل لاحقاً في المعارك.
عندما عثرت عليها قوات الأمن العراقية كانت مطروحة على الأرض داخل منزل تعرض للقصف، مصابة في رجلها. وكان معها رضيع يعاني من سوء التغذية. ظن رجال الأمن في البداية أنها من الفتيات الإيزيديات المأسورات لدى «داعش»، لأنها كانت تتحدث لغة غير مفهومة لهم. ولكن سرعان ما تنبهوا إلى مسدس بالقرب منها واكتشفوا أنها زوجة أحد المقاتلين المنتمين للتنظيم الإرهابي.
ليندا أو «حسناء الموصل» كما باتت تعرف بعد انتشار صورها أثناء أسرها، تقبع الآن في سجن في بغداد بانتظار محاكمتها التي من المفترض أن تبدأ قريباً وقد تنتهي بإصدار حكم مشدد يمكن أن يصل إلى الإعدام، إذا ما أدينت. والطفل الذي وجد برفقتها ومن المرجح أنها أمّه، على الأغلب قابع معها في السجن.
طفل ليندا والمئات غيره من الذين ولدوا في «دولة داعش» المزعومة لمقاتلين أجانب أو أفراد في التنظيم، يسبب مستقبلهم ومصيرهم أرقا كبيرا للحكومات.
فالحكومة الألمانية تتوقع عودة أكثر من 100 طفل ورضيع ولدوا لمقاتلين ألمان منتمين لـ«داعش» في العراق وسوريا خلال الأعوام الماضية. وبحسب تقديرات حكومية، فقد غادر حوالي 960 شخصاً ألمانيا للانضمام إلى «داعش» (أو جماعات متشددة أخرى) منذ العام 2012، معظمهم من الرجال حاملي الجنسية الألمانية، فيما تشكل النساء 15 في المائة منهم، وقد أنجب عدد كبير منهن أطفالاً في مناطق سيطرة «داعش» في سوريا والعراق.
وتعتقد المخابرات الألمانية أن حوالي 150 مقاتلاً من هؤلاء المتشددين الألمان قتلوا في المعارك هناك، فيما عاد ثلثهم - أي حوالي 320 مقاتلاً - إلى ألمانيا. والمتبقون إما معتقلون لدى السلطات العراقية أو هاربون. ومن بين المعتقلين، نساء مع أطفالهن مثل ليندا. هؤلاء الأطفال وأمهاتهم تفاوض الحكومة الألمانية مع السلطات العراقية لإعادتهم إليها.

غموض حول أعداد الأطفال
وهناك من يتحدث عن «غموض» يحيط بالأرقام الحقيقية لـ«أطفال داعش» العائدين. حزب الخضر الذي كان السبب في فتح هذا الجدل في ألمانيا بعد توجهه بسؤال للحكومة في البرلمان عن الأمر، انتقد رد الحكومة وقال إن توقع عودة 100 طفل «غير دقيق». وقالت خبيرة الشؤون الداخلية في الحزب آيرين ميهاليك التي توجهت بالسؤال، إن الحكومة تعطي معلومات فضفاضة من دون أدلة وإثباتات. ودعت إلى بحث أكثر دقة في أرقام العائدين والاتصال بعائلات الذين غادروا بهدف جمع معلومات دقيقة تمكن الحكومة من وضع خطط تكون لها فرص بالنجاح في التصدي للتطرف. وأضافت أنه «يجب التصدي للتطرف قبل أن يترجم عمليات إرهابية».
وحتى الآن لم توافق بغداد بعد على إعادة النساء والأطفال، وتصر على محاكمة النساء لديها، حتى القاصرات منهن. وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي علق على اعتقال ليندا ومحاكمتها بالقول إنها قد تواجه حكم الإعدام، مضيفا أن «تشريعات بعض الدول تنص على أن المراهقين يتحملون مسؤولية تصرفاتهم، لا سيما إذا كانوا متهمين بارتكاب جرائم وقتل أبرياء». وتتهم ليندا بأنها كانت قناصة أيام سيطرة «داعش» على الموصل.

تفاوض مع بغداد لإعادة الأطفال
أما أطفال هذه النساء، فما زالوا محط جدل. وكانت صدرت تصريحات عن مسؤولين عراقيين يقولون إن بغداد تريد التفاوض مع سفارات النساء والأطفال الأجانب لإعادتهم (النساء والأطفال). ولكن لا يبدو أن كل السفارات تتجاوب مع هذه المطالب. وعلى عكس الحكومتين البريطانية والفرنسية اللتين تفضلان القضاء على المقاتلين البريطانيين والفرنسيين المنتمين لـ«داعش» في سوريا والعراق على عودتهم إلى أراضيهما، تعتمد الحكومة الألمانية مقاربة مختلفة. وتقدم حتى الخدمات القنصلية للمقاتلين الألمان في العراق وسوريا.
ويقول جاسم محمد رئيس المركز الأوروبي لدراسة مكافحة الإرهاب والاستخبارات في مدينة بون الألمانية، إن ألمانيا تختلف عن فرنسا وبريطانيا في تعاملها مع موضوع العائدين، لأنها «ملتزمة جداً بالدستور وبالقوانين».

«مشاريع إرهابيين»
ورغم هذا، تعي الحكومة مدى خطورة هؤلاء العائدين على أمن المجتمع. فقد حذرت المخابرات الألمانية قبل أسابيع من عودة «أطفال داعش». وقال رئيس المخابرات هانس غيورغ ماسن إن الأطفال والقصر الذين ولدوا وعاشوا في مناطق «داعش» تعرضوا لغسل دماغ وباتوا يحملون أفكاراً شديدة التطرف.
وتستند المخابرات في تحذيراتها إلى الأعداد الكبيرة من الأشرطة التي أنتجها التنظيم، وتظهر أطفالاً، أصغرهم كان في الرابعة من العمر، يحملون أسلحة وينفذون إعدامات ويتدربون في مدارس خاصة بالتنظيم. واعتبر ماسن أن هؤلاء الأطفال هم الجيل الجديد لـ«داعش» وقد كبروا على العنف، ما يعني أنهم يشكلون خطراً مباشرا على ألمانيا.
ومن الأدلة التي تشير إليها المخابرات الألمانية أيضاً لتثبت مدى خطورة بعض «أطفال داعش»، تورط قاصرين في اعتداءات إرهابية في ألمانيا. ففي العام 2016، من بين 5 عمليات إرهابية شهدتها البلاد، 3 منها كان منفذوها من القاصرين. أحدهم، منفذ الاعتداء على ركاب قطار في وورزبيرغ، ما أدى إلى إصابة 5 أشخاص قبل أن تطلق الشرطة النار عليه وتقتله، دخل ألمانيا منفرداً طالباً اللجوء.
ويقول جاسم محمد الخبير في شؤون التطرف في ألمانيا، إن تنظيم «داعش» كان يقوم بتجنيد الأطفال في تركيا ويهربهم إلى أوروبا ضمن شبكة التهريب ومن ثم يتصل بهم لحضهم على تنفيذ عمليات إرهابية. ويضيف أن بعض هؤلاء كان متورطاً بتنفيذ عمليات إرهابية في ألمانيا.

قوانين تحد من قدرة المراقبة
وتواجه السلطات الألمانية مشاكل أكبر بسبب امتناعها عن تخزين معلومات عن القاصرين تحت سن الـ14، لأن قوانين البلاد تمنع ذلك. ويقول محمد عن الأمر: «هناك مطالبات الآن بمراقبة القصر لأنه تم التثبت بأن بعضهم كان مرتبطا بالعمليات الإرهابية، والسلطات لا تملك معلومات كافية أو أدلة تتعلق بهم».
ويتخوف آخرون ليس فقط من الأطفال الذين تلقوا التدريبات في معسكرات «داعش»، والتي كانت تبدأ من عمر السادسة أو حتى قبل، بل أيضاً من الأطفال والرضع. ويقول جاسم محمد في تصريحات إلى «الشرق الأوسط»: «الجدل القائم في ألمانيا الآن يتمحور حول من سيربي هؤلاء الأطفال. هل سيتركون مع أمهاتهم اللواتي يحملن أفكاراً متطرفة سينقلنها إلى أطفالهم حتماً؟ أم يوضعون مع أقارب أو في دور دعاية خوفاً من أن يشكلوا تهديداً في المستقبل في حال تربوا بكنف عائلة متطرفة؟».
ورغم تحذيرات المخابرات الألمانية بأن «أطفال داعش» يشكلون تهديداً وخطراً على ألمانيا، بقيت الحكومة الألمانية ملتزمة بواجباتها تجاه مواطنيها هؤلاء. وهي ملتزمة بمنح الجنسية الألمانية للأطفال المولودين في «دولة داعش» لآباء أو أمهات ألمان.
احتواء الأمهات
وأمام هذا الالتزام، تبحث الحكومة الألمانية عن طرق لتقليل خطر الجيل القادم من «أبناء داعش»، دون تخطي الأطر القانونية. والامتحان الأكبر أمامها هو احتواء تطرف أمهات أطفال «داعش» إذا عدن إلى ألمانيا. ولهذا الغرض، وضعت الحكومة برامج لإعادة دمج الأطفال والنساء الذين لا يمكنها محاكمتهم، في المجتمع الألماني.
ولا تعمد الحكومة الألمانية إلى اعتقال «نساء داعش» لدى عودتهن بل تستجوبهن وتطلق سراحهن إذا لم تكن لديها أدلة تثبت تورطهن في جرائم أثناء وجودهن في العراق وسوريا. ويقول جاسم محمد: «من الناحية القضائية، إذا لم يكن هناك خطر مباشر على الأطفال من الأمهات لا يمكن للسلطات انتزاع الطفل. وفي حالة الأمهات المتطرفات، فإن هذه السلوكيات لا تظهر بشكل واضح والضرر لا يكون جسدياً، ولذلك من الصعب فصل الأبناء عن الأمهات». ويضيف أن الحديث جار الآن حول فصل الأطفال فقط أثناء التحقيق مع الأمهات، معتبرا أن «المزاج العام لدى الاستخبارات والقضاء الألماني، يتجه نحو الفصل بين النساء المقاتلات في صفوف داعش ومن يرافقهن».
ولكن نجاح برامج مكافحة التطرف ما زال غير مضمون. ويقول جاسم عن الموضوع: «برامج الوقاية من الإرهاب التي تم الكشف عنها في الأشهر الماضية ما زالت تجربة جديدة في ألمانيا. عودة أطفال داعش هي سابقة ومن المؤكد لن تكون تجربة كاملة. لكن هؤلاء الأطفال ضحايا ولا يمكن معاقبتهم عن جرائم الآباء».
جدل حول إعادة التأهيل
بعض الخبراء المتخصصين في مكافحة التطرف يقولون إن النساء العائدات سيواجهن صعوبة في إعادة التأقلم في المجتمع الألماني. ونقلت صحيفة «سودويتشه زيتونغ» عن مايكل كيفر، المحاضر في الدين الإسلامي في جامعة أوسنابروك، قوله: «لا نعرف ما إذا كانت النساء سيلقّن أطفالهن أيديولوجية داعش». ويدعو كيفر مراكز رعاية الأطفال إلى مراجعة هذه العائلات فور عودتها إلى ألمانيا، ويقول إنه ربما من الضروري أن يكون أفرادها تحت رقابة الشرطة. ويعتبر كيفر الذي يعمل أيضاً في برنامج لمكافحة التطرف، أن المراقبة ستمكن سلطات رعاية الأطفال من التدخل فوراً بحسب القانون إذا ما وجدت أن «نمو الطفل العقلي معرض للخطر بسبب أسلوب حياة أهله أو من يرعاه». ويضيف: «الأطفال الذين يكبرون في كنف عائلة متطرفة معزولة عن المجتمع، يتعرضون لأذى كبير».
ولكن الأمور قد لا تكون بهذه البساطة. فحتى مراكز دعاية الأطفال تختلف في تقييمها. وتقول نورا فريتشيه التي تعمل في أحد مراكز رعاية الأطفال في ولاية نورث راين ويستفيليا، إن «انتزاع الأطفال من أهاليهم يتطلب وجود تهديد محسوس». وتضيف في تصريحات للتلفزيون الألماني «دويتشه فيله»: «لا يكفي أن نقول بأن أهاليهم متطرفون لانتزاعهم منهم. نحن ننظر إلى ما هو الأفضل بالنسبة إلى الطفل وليس إلى معتقدات الأهالي».
وتشرح فريتشه أن العاملين في مجال رعاية الأطفال «غالباً ما يشاهدون أطفالاً يكبرون في ظروف سيئة، ولكن المؤسسات لا يحق لها أن تختار أفضل راع للأطفال ولا حتى طريقة تربية أفضل». وتضيف أنه قبل انتزاعهم من عائلاتهم، تبحث مراكز الرعاية هذه في حلول أخرى مثل تقديم المشورة والمساعدة للعائلة، وهذا أيضا لا يحصل إلا بموافقة العائلة.

الآباء وعقاب الأطفال
أياً كانت الطريقة التي تختارها ألمانيا لمساعدة أطفال «الدواعش» على عدم التحول إلى إرهابيين، فإن قبولها بعودتهم يعتبره كثيرون قراراً جريئاً. «لا يجب معاقبة الأطفال على جرائم أهاليهم»، يقول جاسم محمد، مضيفاً أن «هؤلاء هم أيضاً من ضحايا داعش».
وهذه وجهة نظر تبدو الحكومة الألمانية مقتنعة بها، على عكس بعض المسؤولين في فرنسا وبريطانيا وبلجيكا الذين يرفضون إعادة الأطفال ويعتبرونهم «مشاريع إرهابيين» لا يمكن إصلاحهم، ويفضلون أن يبقوا في مراكز لجوء شيّدت لهم في العراق على إعادتهم إلى دولهم الأصلية. لكن كثيرين يعتبرون أن إبقاءهم في مراكز اللجوء لا يعني أن خطرهم سيزول في المستقبل، ويجادلون بأن الأفضل جلبهم على الأقل لإبقائهم تحت المراقبة. وحتى تتفق بغداد وبرلين على إعادة زوجات وأطفال المقاتلين الألمان، يقبع هؤلاء، أو على الأقل النساء منهم، في سجون عسكرية في بغداد بانتظار محاكمتهم وربما إعدامهم، في أقسى الحالات. وبحسب مصادر عراقية، اعتقلت السلطات حوالي 1600 امرأة وطفل لمقاتلين أجانب بعد استعادة الموصل من «داعش»، 800 منهم أتراك والباقون من جنسيات مختلفة بينها أوروبية. رحلتهم التي أوصلتهم إلى السجن العسكري في بغداد مرت بمراكز احتجاز في شمال الموصل، يقول بعض المصادر إن ميليشيات إيرانية كانت تسيطر عليه.
ليندا.. ندم أم فخر؟
ليندا، الفتاة الألمانية، كانت بين هؤلاء. سمح لها في نهاية العام الماضي بلقاء والدتها وشقيقتها. وظهرت ليندا في التلفزيون الألماني الذي رافق والدتها إلى السجن في بغداد، مرتدية حجاباً ولباساً فضفاضا. عانقت والدتها لدى رؤيتها، بعد عامين على هربها من منزلها إثر طلاق والديها وانتقال صديق والدتها للإقامة معهن.
كانت ليندا تبتسم. ولم تظهر عليها علامات قلق. روت أنها لم تكن سعيدة في المدرسة. وتعرفت على شاب عبر الإنترنت جعلها تشاهد صورة وردية للحياة في الموصل. ولكن هذه الحياة التي ظنت أنها ستحصل عليها، قالت إنها تبخرت بعد وقت قليل من وصولها. وأنها كانت محاطة بأصوات قنابل في الموصل وأجبرت على حمل أطفال قتلوا. علّقت والدتها بالقول بأنه كان يجدر بها أن تتحدث إليها قبل أن تقرر الهرب وتخبرها أنها غير سعيدة. فكان رد ليندا جازماً: «ما كنتِ لتستمعي. قلتِ لي في السابق إنك لن تقبلي أبداً اعتناقي الإسلام».
انتهى اللقاء بعناق ومزاح من شقيقتها تقول بأنها تتمنى لو بإمكانها وضعها في حقيبة السفر وأخذها معها إلى ألمانيا. ردت ليندا موافقة. ولكن الحقيقة أكثر سوداوية، على الأقل بالنسبة لها. فالمحققون العراقيون مقتنعون على ما يبدو أنها غير نادمة وأنها لعبت دوراً فعالاً في القتال يستحق العقاب. ويستندون بذلك إلى تحقيقاتهم ورسائل بعثتها إلى والدتها تهدد فيها بقتل المزيد من الألمان بعد العملية التي نفذها التونسي أنيس العامري على سوق للميلاد في ديسمبر (كانون الأول) 2016.
أما طفلها الذي يعتقد بأنها أنجبته، لم يأت أحد على ذكره. قد يكون رافق والدتها وشقيقتها إلى ألمانيا ليبدأ رحلة جديدة تأمل الحكومة الألمانية ألا تنتهي مثل رحلة والدته، إذا ما عادت واجتمعت به.



«كايسيد» يؤكد أهمية الحوار البنّاء في دفع التقدم العالمي

الدكتور زهير الحارثي خلال القمة العالمية لقادة ورموز الأديان في باكو (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي خلال القمة العالمية لقادة ورموز الأديان في باكو (كايسيد)
TT

«كايسيد» يؤكد أهمية الحوار البنّاء في دفع التقدم العالمي

الدكتور زهير الحارثي خلال القمة العالمية لقادة ورموز الأديان في باكو (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي خلال القمة العالمية لقادة ورموز الأديان في باكو (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز «كايسيد» للحوار، على أهمية الحوار البنّاء في دفع عجلة التقدم العالمي، مشيراً إلى دور المجتمعات الدينية للتصدي لتحديات تغير المناخ «بفضل قيمها الراسخة في الرعاية والإنسانية والوحدة».

وقال الحارثي، خلال القمة العالمية لقادة ورموز الأديان بالعاصمة الأذربيجانية باكو، تحت شعار «الأديان العالمية من أجل كوكب أخضر»، إن «منتدى كايسيد العالمي للحوار» خلال مايو (أيار) الماضي، جسّد ذلك النهج بجمع قيادات دينية من مختلف أنحاء العالم للمشاركة بنشاط في صياغة حلول مستدامة.

وأضاف أن المركز يجمع بين المنظور الأخلاقي والروحي والعملي في مناقشة القضايا العالمية الملحة، وتهدف مشاركته بالقمة إلى تعزيز دور الأديان والجهات الفاعلة في حماية البيئة، مبيناً أن هذا الحدث يجسّد الدور الأساسي للمجتمعات الدينية في مكافحة أزمة تغير المناخ، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة و«اتفاق باريس».

الحارثي استعرض استراتيجية المركز لتحقيق أهداف التنمية المستدامة (كايسيد)

وتابع أمين عام «كايسيد»: «في ظل تفاقم أزمة المناخ، باتت الحاجة ماسة إلى تضافر الجهود العالمية، حيث تؤكد مشاركتنا في القمة التي تُمهّد لمؤتمر الأطراف التاسع والعشرين، على التزامنا الدائم بدعم الحوار البنّاء والفعال».

وأشار إلى سعي «كايسيد»، تماشياً مع أهداف التنمية المستدامة ذات الصلة، لجمع وجهات النظر المتباينة من أجل صياغة حلول مستدامة للتحديات البيئية، و«هو ما يؤكد على الدور المحوري للشراكات بين أتباع الأديان في تحمل المسؤولية المشتركة عن حماية كوكب الأرض».

وبيّن الحارثي أن المركز أكد خلال القمة على أبرز مشاركاته ضمن هذا الإطار، ومنها منتداه العالمي كخطة للتغيير، حيث «يدرك أهمية التعاون بين التحالفات الدينية والعلمانية في مواجهة التحديات العالمية المتشابكة»، منوهاً أن المنتدى «يوفّر منصة فريدة لجمع القادة الدينيين والخبراء لمناقشة القضايا الملحة، وإيجاد حلول مبتكرة، وقد أثبت نجاحه في توحيد الأصوات الدينية حول العالم عبر مبادرات تجمع بين حماية البيئة، وقدرة التكيف مع التغيرات المناخية».

الحارثي أكد أهمية دور المجتمعات الدينية في التصدي لتحديات تغير المناخ (كايسيد)

وأضاف: «يسعى برنامج كايسيد للزمالة إلى تمكين قادة الحوار من مختلف الخلفيات الثقافية والدينية عبر تزويدهم بالمهارات اللازمة للمشاركة الفعالة في الحوار العام، وصياغة السياسات»، موضحاً أن «تأثيره يمتد إلى أكثر من 50 مبادرة عالمية تهدف إلى تعزيز الحوار حول المناخ وبناء السلام، وإيصال أصوات المجتمعات المحلية».

وأشار الأمين العام لـ«كايسيد» إلى أن استراتيجية المركز لعام 2025 «تؤكد على أهمية المناطق ذات المشاركة البرنامجية المحدودة، خاصة منطقتي القوقاز وأميركا اللاتينية، كمراكز للحوار التحويلي»، مضيفاً: «بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة، سعينا إلى تنفيذ مبادرات لدعم التربية البيئية عبر التعلم الإلكتروني، وهناك مناقشات لتوسيع النطاق».

وزاد: «من خلال تعزيز التعاون بين مختلف الأطراف المعنية، والتركيز على النمو المستدام، والعمل نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة، يساهم (كايسيد) في إلهام المجتمعات المتنوعة نحو العمل المستدام والأخلاقي»، متابعاً: «الحوار الذي يقوده المركز يتجاوز كونه مجرد مهمة، بل هو دعوة مفتوحة للمجتمعات الدينية لتولي دور قيادي في صياغة مستقبل أفضل»، كما أنه «بالتعاون مع شركائه العالميين، لا يكتفي بالمشاركة في الحلول العالمية، بل يسعى بفاعلية لصياغتها وتنفيذها».

الحارثي طرح رؤية المركز في القمة العالمية لقادة ورموز الأديان (كايسيد)

وجدّد الحارثي تأكيد «كايسيد» على أهمية منصات الحوار العالمية، والتطلع للمشاركة في القمم المستقبلية، خاصة مع تولي البرازيل رئاسة الدورة المقبلة عام 2025 «انطلاقاً من التوسعات البرامجية التي يطلقها المركز في المنطقة، وحرصه على تطوير استراتيجية إقليمية شاملة».