ممر النقل الدولي {شمال ـ جنوب} يغيّر خريطة التجارة في آسيا

يتيح للهند وصولاً أفضل إلى قلب أوراسيا

ميناء جواهر لال نهرو في الهند يعد إحدى النقاط المهمة على ممر النقل الدولي شمال - جنوب
ميناء جواهر لال نهرو في الهند يعد إحدى النقاط المهمة على ممر النقل الدولي شمال - جنوب
TT

ممر النقل الدولي {شمال ـ جنوب} يغيّر خريطة التجارة في آسيا

ميناء جواهر لال نهرو في الهند يعد إحدى النقاط المهمة على ممر النقل الدولي شمال - جنوب
ميناء جواهر لال نهرو في الهند يعد إحدى النقاط المهمة على ممر النقل الدولي شمال - جنوب

في سابقة هي الأولى من نوعها في مجال التجارة العابرة للقارات، تبدأ الهند في تصدير حاويات البضائع إلى روسيا مروراً بإيران وأذربيجان اعتباراً من الشهر الحالي.
والانطلاقة الرسمية للممر الدولي للنقل بين الشمال والجنوب International North - South Transportation Corridor (INSTC)، الذي طال انتظاره، والذي يربط العاصمة التجارية الهندية مومباي بإقليم أوراسيا مترامي الأطراف، سوف تبدأ في 16 يناير (كانون الثاني) الحالي بهدف تخفيض تكاليف النقل إلى النصف. ومن شأن النقل المنتظم للسلع والبضائع أن يبدأ في غضون بضعة أشهر من ذلك التاريخ.

ماهية المشروع الجديد
تتألف الشبكة متعددة الطرق، التي تبلغ 7200 كيلومتر، من السفن، والسكك الحديدية، والطرق البرية، وتهدف إلى نقل البضائع، والمرور عبر أراضي الهند، وإيران، وأفغانستان، وأرمينيا، وأذربيجان، وروسيا، وآسيا الوسطى، ثم أوروبا الشرقية.
والمشروع الجديد يأتي في وقت تصارع فيه الصين الزمن لإتمام مشروعها التنموي لإحياء «طريق الحرير»، وبينما تهدف الاستراتيجية الصينية إلى ربط 60 دولة عبر قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا؛ بغية تعزيز التجارة والصلات الاقتصادية على طول طريق الحرير البحرية التقليدية... فمن شأن الممر الدولي للنقل بين الشمال والجنوب في آسيا أن يربط المحيط الهندي والخليج العربي مع بحر قزوين مروراً بإيران، ثم التوجه إلى سان بطرسبرغ الروسية إلى شمال أوروبا عبر الشبكة متعددة الطرق البحرية، والبرية، والسكك الحديدية لنقل البضائع.
وتهدف الخطة إلى نقل السلع والبضائع من ميناءي «جواهر لال نهرو» و«كاندلا» على الساحل الغربي الهندي إلى ميناء «بندر عباس» الإيراني عن طريق البحر. وانطلاقاً من ميناء «بندر عباس» تنتقل السلع والبضائع إلى ميناء «بندر أنزلي» الإيراني على بحر قزوين بطريق البر ثم تتجه من هناك إلى ميناء «استراخان» الروسي المطل على بحر قزوين بطريق البحر. ثم يتم نقل السلع والبضائع بعد ذلك إلى داخل الاتحاد الروسي وأوروبا عن طريق شبكة السكك الحديدية الروسية.
ووفقاً لتصريحات المسؤولين الحكوميين الهنود، فإن الممر الدولي للنقل بين الشمال والجنوب من شأنه المساهمة في تخفيض توقيت وتكاليف النقل والتسليم بنسبة تتراوح بين 30 و40 في المائة.
وقال المفوض الجمركي الهندي إس. كومار: «لقد أجرينا ثلاث عمليات تشغيل تجريبية حتى الآن لاختبار فاعلية وجدوى الممر الدولي للنقل بين الشمال والجنوب. وأظهرت التجربتان المنفذتان في عام 2014 أن الطريق الجديدة أرخص فعلياً بواقع 30 في المائة وأقل في التوقيت بواقع 40 في المائة من الأسلوب الراهن للنقل بطريق البحر فقط. ومن شأن الممر الجديد أن يقلل من الوقت المستهلك في نقل البضائع إلى النصف بواقع 18 يوماً تقريباً؛ وذلك باستخدام الطريق البحرية فحسب. وسوف يعبر الممر خلال إيران وأذربيجان، ثم يصل إلى روسيا في غضون 22 يوماً بدلاً من 40 يوماً التي يستغرقها حالياً».
وقال أحد المسؤولين الحكوميين الهنود، مطالباً عدم الكشف عن هويته، إن بلاده تعتمد حالياً على الطريق البحرية عبر روتردام إلى سان بطرسبرغ. وللوصول إلى آسيا الوسطى لا بد من توجيه السلع والبضائع عبر الصين، وأوروبا أو إيران. لكن الطرق المارة بالصين أو بأوروبا طويلة، ومكلفة، وتستهلك وقتاً طويلاً؛ مما يدعونا إلى ضرورة العثور على طريق أقصر نسبياً، وأرخص من حيث التكلفة، وأكثر أماناً.
وأضاف المسؤول الهندي يقول: «من شأن الممر الجديد أن يساعد الهند على تجاوز باكستان للوصول إلى آسيا الوسطى ثم روسيا، وربما الحصول على ميزة تنافسية؛ نظراً لانخفاض التكاليف والفترة الزمنية القصيرة».
ويعود تصور الممر الدولي للنقل بين الشمال والجنوب إلى عام 1993، ومع ذلك، لم توقع كل من روسيا وإيران والهند على اتفاقية تنظيم شحنات البضائع عبر الممر الجديد إلا في عام 2000، ولقد تم التصديق على الاتفاقية من قبل جميع الأطراف في عام 2002، وانضمت أذربيجان إلى الاتفاقية اعتباراً من عام 2005. ومنذ ذلك الحين، انضمت 10 دول أخرى إلى المشروع، وهي: أرمينيا، وروسيا البيضاء، وبلغاريا (في وضعية المراقب)، وكازاخستان، وقيرغيزستان، وسلطنة عمان، وسوريا، وطاجيكستان، وتركيا، وأوكرانيا.
ولقد ألقت أذربيجان بثقلها في المشروع الجديد؛ إذ تعمل في الوقت الراهن على تشييد خطوط السكك الحديدية والطرق البرية الجديدة لاستكمال الروابط اللازمة في الممر الدولي للنقل بين الشمال والجنوب. ولا تعتبر دولة تركمانستان من الأعضاء الرسميين في الاتفاقية، لكن من المرجح أن توفر الربط البري إلى شبكة الممر. ولقد وجّه رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، خلال زيارته الرسمية إلى تركمانستان، الدعوة الرسمية للحكومة هناك لأن تصبح عضواً رسمياً في الاتفاقية.
ولقد تم تشغيل خط السكك الحديدية الرابط بين كازاخستان وتركمانستان وإيران بطول يبلغ 677 كيلومتراً اعتباراً من عام 2014 بتكلفة بلغت 620 مليون دولار، وهو من الطرق المستخدمة في الممر الجديد. والممر الجديد هو الممر الهندي الثاني بعد ميناء جابهار. وفي الآونة الأخيرة، صدّرت الهند أطناناً من القمح إلى أفغانستان باستخدام الممر الاقتصادي الثلاثي بين الهند وإيران وأفغانستان عبر ميناء جابهار الإيراني بعد تدشينه وافتتاحه للعمل.

تعزيز التجارة من خلال المشروع الجديد
إن إمكانات هذا المشروع متعددة الجوانب. بمجرد التشغيل الفعلي، فإن السعة الاستيعابية لهذا الممر سوف تكون نقل ما بين 20 و30 مليون طن من البضائع سنوياً. الأمر الذي سيؤدي إلى تغيير وجه الجغرافيا السياسية والاقتصادية لهذه المنطقة بأسرها.
ووفقاً لتقرير صادر عن وكالة «سبوتنيك» الإخبارية الروسية، فإن المشروع سوف يساعد الهند وروسيا على زيادة التجارة الثنائية بين البلدين إلى مستوى 30 مليار دولار المستهدف خلال السنوات العشر المقبلة.
وفي الوقت الحاضر، فإن مستويات التجارة البينية بين البلدين منخفضة للغاية ولم تتجاوز حد 9.51 مليار دولار سنوياً فقط.
غير أن التجارب التشغيلية للممر الجديد تقول: إن التكاليف قد انخفضت بمقدار 2500 دولار أميركي لكل 15 طناً من البضائع باستخدام الممر الجديد.
وتعمل شركة «آر زي دي» الروسية للخدمات اللوجيستية على تسهيل تنفيذ هذا المشروع. ووفقاً للشركة الروسية، فإن هذا الممر سوف يكون أرخص بمقدار 30 في المائة من طريق تركمانستان - كازاخستان، وأسرع بمقدار الضعف من الطريق الحالية، والتي تمر عبر قناة السويس والبحر الأبيض المتوسط. ويستغرق نقل البضائع عبر قناة السويس نحو 45 إلى 60 يوماً كاملة حتى الوصول إلى أوروبا. بيد أن الطريق الجديدة لن تتأثر بالأحوال الجوية السيئة، وسوف تتم تغطية المسافة بين ميناء «نافا شيفا» في مومباي الهندية وحتى ميناء «بندر عباس» الإيراني في غضون 8 أيام فقط.
وتشير التقديرات إلى أن الممر الجديد سوف يسهل من نقل 20 إلى 30 مليون طن من السلع والبضائع سنوياً. الأمر الذي يشكّل دفعة قوية للاقتصاد الهندي، مع توقعات بارتفاع الصادرات الهندية بشكل كبير خلال السنة التقويمية المقبلة.
ووفقاً إلى سوبهاسيس غوش، المدير التنفيذي في شركة «الخدمات البحرية العالمية»: «من شأن طريق ميناء جابهار بالإضافة إلى الممر الجديد أن يعززا كثيراً من التجارة من الهند إلى أوراسيا وصولاً إلى مستوى 170 مليار دولار (بواقع 60.6 مليار دولار من الصادرات و107.4 مليار دولار من الواردات)».
ومن شأن طريق التجارة الجديدة أن تتيح للهند وصولاً أفضل إلى قلب أوراسيا، في حين أنها تتجاوز باكستان بصورة كاملة؛ الأمر المفضل للغاية لدى الحكومة الهندية، ولا سيما مع تحرك الصين على مسار الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني. ويُنظر في الوقت الراهن إلى الممر الدولي للنقل بين الشمال والجنوب من زاوية أنه الرد الهندي على مبادرة «الحزام والطريق» الصينية من حيث إن الممر الهندي خضع للتصور والتصميم قبل فترة وجيزة من المبادرة الصينية.

تعزيز الروابط الهندية مع آسيا الوسطى
من شأن الممر الهندي الجديد أن يعزز من التواجد الهندي في آسيا الوسطى باعتبارها لاعباً اقتصادياً رئيسياً. وكان الوصول الهندي إلى إقليم آسيا الوسطى وما وراءه يلقى الكثير من العقبات بسبب وجود باكستان المعادية والأحوال غير المستقرة في أفغانستان.
ومن شأن الشركات الخاصة التي كانت حتى الآن تتجاوز إقليم آسيا الوسطى بصفتها سوقاً تجارية واقتصادية محتملة لبضائعها أن تتطلع من جديد إلى مزيد من الاستثمارات في المنطقة.
ولقد سلطت السياسة التجارية الخارجية الهندية للفترة بين أعوام 2015 - 2020 الأضواء على أهمية الممر الدولي للنقل بين الشمال والجنوب من زاوية توسيع الروابط التجارية والاستثمارية بين الهند وآسيا الوسطى.
وعبر الممر الهندي الجديد، سوف تتجاوز الهند المرور عبر باكستان، وسوف تصل السلع والبضائع الهندية إلى أسواق آسيا الوسطى، حيث يعتبر الطلب على المنتجات الهندية جيداً إلى حد معقول.
وكما أشار كل من بيبول شاترجي وسورندار سينغ في صحيفة «ذي ديبلومات»، فإن المحفز الرئيسي للجهود الهندية لتحسين الروابط مع آسيا الوسطى يتجاوز الاعتبارات الجيو - سياسية المجردة والزيادة في شحنات السلع والبضائع. إذ إن الهند تحتل المرتبة الرابعة على العالم كأكبر مستهلك للطاقة، مع الطلب الداخلي عليها الذي يرتفع بوتيرة سريعة يوماً بعد آخر، وتعتبر آسيا الوسطى من الأقاليم التي تتوفر فيها هذه الموارد الطبيعية بكثرة.
وإجمالاً للقول، سوف يترك الممر الدولي للنقل بين الشمال والجنوب أثراً عميقاً على المشاركة الهندية مع إقليم أوراسيا الواسع ومنطقة آسيا الوسطى على الصعيدين الجيو - اقتصادي والجيو - استراتيجي، مع التطلعات الهندية الرامية إلى تعزيز وترسيخ الروابط والعلاقات في كلا المنطقتين، على نحو ما أفاد به مارتاند جها، الباحث البارز في كلية الدراسات الدولية بجامعة جواهر لال نهرو الهندية في نيودلهي.



«لوسد»: السعودية محور استراتيجيتنا للتصنيع والبحث والتصدير عالمياً

استوديو شركة «لوسد» بالمنطقة الشرقية في السعودية (الشرق الأوسط)
استوديو شركة «لوسد» بالمنطقة الشرقية في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

«لوسد»: السعودية محور استراتيجيتنا للتصنيع والبحث والتصدير عالمياً

استوديو شركة «لوسد» بالمنطقة الشرقية في السعودية (الشرق الأوسط)
استوديو شركة «لوسد» بالمنطقة الشرقية في السعودية (الشرق الأوسط)

شدّد مارك وينترهوف، الرئيس التنفيذي لشركة «لوسد» للسيارات بالإنابة، على أن السعودية باتت في قلب استراتيجية الشركة للنمو والتوسع عالمياً، عادَّاً أن افتتاح صالة عرض جديدة في المنطقة الشرقية «خطوة مهمة» لتعزيز حضور «لوسد» في سوق السيارات الكهربائية التي تشهد نمواً متسارعاً في السعودية.

وقال وينترهوف في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن الشركة، التي بدأت حضورها من الرياض ثم جدة، «لم تكن قد غطّت بعدُ المنطقة الشرقية»، مضيفاً: «سمعنا كثيراً من المستخدمين يقولون إن هناك مناطق في المملكة لسنا موجودين فيها بعد، سواء من حيث صالات البيع أو خدمات ما بعد البيع، وافتتاح هذه الصالة في الشرقية هو خطوة إضافية على طريق النمو في المملكة والمنطقة وفي مسيرة (لوسد) نفسها».

السعودية قاعدة محورية

وأشار إلى أن أهمية هذه الخطوة لا تتعلق بالمبيعات فقط، بل بتأكيد التزام الشركة بتحويل السعودية قاعدةً محورية لعملياتها الصناعية والتقنية، موضحاً: «مهمتنا في المملكة ليست مجرد بيع السيارات، بل أيضاً تصنيعها، وجلب أنشطة البحث والتطوير إلى هنا حيثما أمكن، حتى تكون السعودية شريكاً في صناعة مستقبل التنقل الكهربائي».

وفي هذا السياق، تطرق وينترهوف إلى خطط «لوسد» لتعزيز أعمال البحث والتطوير في المملكة، وقال إن المركز المزمع إنشاؤه سيركّز على «المحاكاة المتقدمة والمواد، إلى جانب تقنيات القيادة الذاتية»، مع تعاون وثيق مع مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، إلى جانب جهات أخرى في السعودية»، مضيفاً: «لا نريد فقط الاستفادة من البنية التحتية هنا، بل أيضاً رد الجميل عبر الإسهام في تعليم الكفاءات المحلية، ومنح الباحثين وطلبة الجامعات موضوعات عملية للعمل عليها، بما يخدم (لوسد) والسعودية في آن واحد».

مارك وينترهوف الرئيس التنفيذي لشركة «لوسد» بالإنابة (الشرق الأوسط)

مضاعفة الإنتاج

وحول أداء الشركة وخططها الإنتاجية، أوضح وينترهوف أن «لوسد» تستهدف هذا العام إنتاجاً يتراوح بين 18 و20 ألف سيارة، أي «نحو ضِعف ما تم إنتاجه في العام الماضي تقريباً»، مضيفاً أن الشركة حدّثت توجيهاتها مؤخراً باتجاه الحد الأدنى من هذا النطاق «في ظل التغيّرات الاقتصادية العالمية»، لكنه شدّد على أن «هذا المستوى من الإنتاج ليس سوى خطوة على الطريق»، وقال: «نواصل زيادة إنتاج طراز (لوسد غرافِتي Lucid Gravity) عالمياً، وكذلك في المملكة، ونتوقع نمواً إضافياً في العام المقبل، لا نعتزم التوقف عند 18 ألف سيارة؛ فهناك ما هو أكبر بكثير في الخطة».

وكشف الرئيس التنفيذي بالإنابة، عن أن الخطة الكبرى تتمثل في بدء إنتاج المنصة المتوسطة الجديدة للشركة نهاية العام المقبل من السعودية، موضحاً: «نخطط لبدء إنتاج منصتنا المتوسطة في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية، مع أحجام أكبر بكثير، على أن تُصدّر السيارات من هنا إلى أسواق أخرى حول العالم؛ ما يعزز مكانة المملكة مركزاً للتصدير والصناعة في قطاع السيارات الكهربائية».

سيارة «لوسد» من إنتاج مصنعها في السعودية (الشرق الأوسط)

شركة سيارات كهربائية

وشدد وينترهوف على أن «لوسد» متمسكة بهويتها بصفتها شركة سيارات كهربائية بالكامل، قائلاً رداً على سؤال حول أي خطط لتطوير محركات تقليدية أو هجينة: «نحن شركة كهربائية 100 في المائة، وسنبقى كذلك 100 في المائة».

توطين التصنيع التجميعي

من جانبه، عدّ فيصل سلطان، رئيس «لوسد» في الشرق الأوسط، أن افتتاح صالة العرض الجديدة في المنطقة الشرقية «خطوة تأخرت»، لكنها ضرورية لاستكمال انتشار الشركة في «كل ركن من أركان السعودية»، على حد تعبيره.

وتطرّق سلطان إلى جهود «لوسد» في تعميق مسار التوطين داخل السعودية، مشيراً إلى أن الشركة «أنهت بالفعل مرحلة توطين التصنيع التجميعي» لطرازات «لوسد إير Lucid Air» و«لوسد غرافِتي Lucid Gravity» في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية قرب جدة، ضمن مجمع الملك سلمان لصناعة السيارات.

وأضاف أن الخطوة التالية «الطبيعية» كانت تأسيس قدرات بحث وتطوير داخل المملكة؛ «لأن الظروف المحلية مختلفة من حيث الطقس والرطوبة والجفاف وحالة الطرق، وكل ذلك يستدعي حلولاً هندسية خاصة».

وقال إن الشراكة مع مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية تمنح «لوسد» القدرة على تنفيذ جزء كبير من الأبحاث والاختبارات داخل المملكة، «مع إتاحة الفرصة للكوادر الوطنية للتعلم والمشاركة»، لافتاً إلى أن هذه البنية البحثية الجديدة تختصر الوقت والتكلفة؛ إذ «لم نعد مضطرين إلى شحن القطع إلى الولايات المتحدة وانتظار النتائج، بل نستطيع إنجاز الكثير هنا والحصول على نتائج أسرع».

فيصل سلطان رئيس «لوسد» في الشرق الأوسط

وأكد سلطان أن أثر هذا المركز لن يقتصر على السوق السعودية فقط، بل سيمتد إلى المنطقة والعالم، موضحاً: «الهدف الأساسي هو تلبية احتياجات السعودية بطبيعة الحال، لكن الكثير من الدروس يمكن تعميمها عالمياً، سواء في الحرارة الشديدة أو ظروف التشغيل المختلفة، ما يجعل المملكة مختبراً حقيقياً لحلول السيارات الكهربائية».

خطط التصنيع

وفيما يتعلق بخطط التصنيع، جدد سلطان التأكيد على أن «لوسد» ستبدأ نهاية العام المقبل تصنيع وحدات مكتملة (CBU) من منصتها المتوسطة في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية «بأكثر من تصميم (Top Hats) للتلبية شرائح مختلفة من المستهلكين»، على أن تكون هذه السيارات «مُعدّة للاستهلاك العالمي وليست مخصصة للسعودية فقط».

وفي جانب البنية التحتية، رأى سلطان أن انتشار محطات الشحن يعد «أحد أهم الممكّنات» لنمو سوق السيارات الكهربائية، مشيراً إلى أن «لوسد» تدعم عملاءها بتوفير شواحن منزلية وتركيبها مجاناً في منازلهم، بالتوازي مع عملها «بشكل وثيق» مع شركة البنية التحتية للمركبات الكهربائية (EVIQ) وعدد من الشركات والمشغّلين، مثل «إلكترومن» و«ترنينغ بوينت» و«الدريس» و«ساسكو»، بالإضافة إلى سلاسل الفنادق والوجهات السياحية مثل «هيلتون» و«آي إيه جي» و«فور سيزونز».

تركيب شواحن

وأردف: «نقوم بتركيب شواحن تيار متناوب بقدرة 22 كيلوواط في الفنادق والمجمعات التجارية والمنتجعات وبعض مجمعات المكاتب، وهذه الشواحن مفتوحة ليس فقط لمستخدمي (لوسد)، بل لكل مستخدمي السيارات الكهربائية، بحيث يشحن العميل سيارته أثناء استمتاعه بيومه على الشاطئ أو في الفندق أو المركز التجاري».

وكشف سلطان عن توسع متسارع في شبكة الخدمة، موضحاً أن الشركة وسّعت قدراتها في الرياض بصالة خدمة أكبر، ووقّعت شراكات خدمة في الإمارات، إلى جانب الاستثمار في الخدمة المتنقلة «التي تمكّننا من إنجاز 70 إلى 80 في المائة من أعمال الصيانة في موقع العميل، سواء في مكتبه أو في مرآب منزله».

وحول الخطط الجغرافية المقبلة، قال سلطان إن «لوسد» تدرس التوسع في مناطق الجنوب والشمال داخل السعودية، إلى جانب تعزيز حضورها في الرياض بوصفها أكبر أسواقها في المملكة، مع التوسع في المدن التي تشهد نمواً في أعداد سيارات «لوسد» من خلال صالات عرض إضافية ونقاط خدمة أو صالات مؤقتة.

كما أكد أن العام المقبل سيشهد دخول الشركة إلى «دول خليجية جديدة قريبة من السعودية»، إلى جانب حضورها الحالي في الإمارات.

مركز ابتكار للسيارات الكهربائية الذي أقيم بالشراكة بين مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية «كاكست» ومجموعة «لوسد» (الشرق الأوسط)

مركز ثقل

وأكد رئيس «لوسد» في الشرق الأوسط على أن التوسع الصناعي والبحثي والتجاري لـ«لوسد» في السعودية «ليس مجرد استثمار تجاري قصير الأجل، بل رهان طويل الأمد على سوق تشهد تحولاً سريعاً نحو التنقل الكهربائي»، مضيفاً: «نقدّر كثيراً ثقة القيادة السعودية ودعمها، ونعمل في المقابل على تقديم منتج عالمي المستوى، وفرص عمل وتدريب، واستثمارات في البنية التحتية، بما يجعل من السعودية مركز ثقل لصناعة السيارات الكهربائية في المنطقة والعالم».


ضخ الغاز الروسي عبر الأنابيب لأوروبا عند أدنى مستوياته منذ عقود

عامل يدير صماماً بمنشأة تخزين غاز في روسيا التي تأثرت بشكل ملحوظ بتراجع صادراته لأوروبا (رويترز)
عامل يدير صماماً بمنشأة تخزين غاز في روسيا التي تأثرت بشكل ملحوظ بتراجع صادراته لأوروبا (رويترز)
TT

ضخ الغاز الروسي عبر الأنابيب لأوروبا عند أدنى مستوياته منذ عقود

عامل يدير صماماً بمنشأة تخزين غاز في روسيا التي تأثرت بشكل ملحوظ بتراجع صادراته لأوروبا (رويترز)
عامل يدير صماماً بمنشأة تخزين غاز في روسيا التي تأثرت بشكل ملحوظ بتراجع صادراته لأوروبا (رويترز)

انخفضت صادرات الغاز الروسي إلى أوروبا، عبر خطوط الأنابيب، ​44 في المائة، خلال عام 2025، إلى أدنى مستوياتها منذ منتصف السبعينات، وفق ما أظهرت حسابات «رويترز» الثلاثاء، وذلك بعد إغلاق طريق العبور الأوكراني ومع إلغاء الاتحاد الأوروبي تدريجياً لواردات الوقود الأحفوري من روسيا.

وقال الاتحاد الأوروبي إنه سيتوقف عن استيراد الغاز الروسي بحلول نهاية عام 2027، ‌في إطار ‌جهوده لإنهاء اعتماده على ‌الطاقة الروسية، ⁠ومن ​أجل ‌حرمان روسيا من الأموال التي يمكن استخدامها في حربها بأوكرانيا.

وفي السابق، كانت أوروبا أكبر مصدر لإيرادات الميزانية الروسية عن طريق مبيعات النفط والغاز، معتمدة على خطوط الأنابيب التي بناها الاتحاد السوفياتي إلى أوروبا ⁠الغربية في الستينيات والسبعينيات.

وبلغت صادرات الغاز الروسي عبر ‌خطوط الأنابيب إلى أوروبا ذروتها عندما تجاوزت 175-‍180 مليار متر مكعب سنوياً في عاميْ 2018 و2019، وقادت لضخ عشرات المليارات لشركة غازبروم والدولة الروسية التي تمتلك حصة مسيطِرة فيها.

ووفقاً لحسابات ​«رويترز» التي تستند إلى بيانات مجموعة نقل الغاز الأوروبية «إنتسوج»، بلغت إمدادات «غازبروم» 18 مليار متر مكعب فقط، هذا العام، وجرى ضخها عبر خط أنابيب ترك ستريم البحري، مسجلة أدنى مستوى منذ أوائل السبعينات.

وخط ترك ستريم هو طريق عبور الغاز الروسي الوحيد المتبقي إلى أوروبا، بعد أن اختارت أوكرانيا عدم تمديد اتفاق عبور مدته خمس سنوات مع موسكو، وانتهى أجل ‌العمل به في أول يناير (كانون الثاني).


روسيا تخفف قواعد الاحتياطي للبنوك لدعم الشركات المثقلة بالديون

يرفرف العلم الروسي فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)
يرفرف العلم الروسي فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)
TT

روسيا تخفف قواعد الاحتياطي للبنوك لدعم الشركات المثقلة بالديون

يرفرف العلم الروسي فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)
يرفرف العلم الروسي فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)

أعلن البنك المركزي الروسي، يوم الثلاثاء، تخفيف متطلبات الاحتياطي المفروضة على القروض المعاد هيكلتها، في خطوة تهدف إلى مساعدة الشركات المثقلة بالديون، وفي مقدمتها شركة السكك الحديدية الروسية، على تخفيف أعباء التمويل.

وتواجه شركة السكك الحديدية الروسية، أكبر جهة توظيف في البلاد، ضغوطاً متزايدة نتيجة تراجع أحجام الشحن وارتفاع أسعار الفائدة، ما دفعها إلى الدخول في محادثات مع البنوك والحكومة، لإعادة هيكلة ديونها التي تبلغ نحو 4 تريليونات روبل (51.22 مليار دولار).

وقال أندريه كوستين، الرئيس التنفيذي لبنك «في تي بي» -الدائن الرئيسي للشركة- في مقابلة مع «رويترز»، إن البنوك مستعدة لتأجيل سداد القروض، شريطة ألا يفرض البنك المركزي متطلبات احتياطي أعلى على هذه التسهيلات.

وأوضح البنك المركزي أنه مدّد توصياته إلى البنوك بإعادة هيكلة قروض الشركات ورواد الأعمال الأفراد الذين يواجهون صعوبات مؤقتة، لتشمل النصف الأول من عام 2026، مشيراً إلى أنه خفّف متطلبات الاحتياطي بهدف تشجيع المصارف على الالتزام بهذه التوصيات.

وأضاف أن هذه الإجراءات تنطبق على الشركات ذات الأعباء التمويلية المعتدلة، التي واظبت على سداد التزاماتها خلال الأشهر الستة الماضية، وقدمت «خطط أعمال واقعية» للسنوات الثلاث المقبلة. وأكد أن على البنوك متابعة التزام المقترضين بهذه الخطط بشكل منتظم، وتكوين مخصصات إضافية في حال الإخفاق في تحقيق الأهداف.