تباينات موسكو وأنقرة حول إدلب تدفع «الحر» إلى مطار أبو الضهور

ظهور مدرعات تركية مع الفصائل... والمعارضة تستعيد قرى عدة

مقاتلو الفصائل المعارضة في إدلب خلال المعركة مع قوات النظام وحلفائها في محيط مطار أبو الضهور أمس (أ.ف.ب)
مقاتلو الفصائل المعارضة في إدلب خلال المعركة مع قوات النظام وحلفائها في محيط مطار أبو الضهور أمس (أ.ف.ب)
TT

تباينات موسكو وأنقرة حول إدلب تدفع «الحر» إلى مطار أبو الضهور

مقاتلو الفصائل المعارضة في إدلب خلال المعركة مع قوات النظام وحلفائها في محيط مطار أبو الضهور أمس (أ.ف.ب)
مقاتلو الفصائل المعارضة في إدلب خلال المعركة مع قوات النظام وحلفائها في محيط مطار أبو الضهور أمس (أ.ف.ب)

تغيّر اتجاه المعارك من ضفة النظام إلى ضفة فصائل المعارضة السورية المعتدلة والمتشددة، إثر هجمات معاكسة انطلقت صباح أمس على جبهة مطار أبو الضهور العسكري، أبعد قوات النظام عن أسواره، وسط ظهور صور لمدرعات تركية بحوزة فصائل معارضة استخدمتها في الهجوم، مما يؤشر إلى تباينات روسية - تركية حول معركة جنوب إدلب.
وبينما قال ناشطون أن صور المدرعات التركية بحوزة فصيل «فيلق الشام» تكشف عن استخدامها لأول مرة في المعارك ضد قوات النظام، قالت مصادر سورية معارضة لـ«الشرق الأوسط» إن هذه المدرعات موجودة لدى بعض الفصائل منذ وقت طويل، لكنها ظهرت للمرة الأولى في الإعلام، مشيرة إلى أن ذلك يتضمن «رسالة تركية هامة جداً لروسيا على صعيد دعمها لمواجهة قوات النظام التي تتقدم في إدلب»، نافية في الوقت نفسه ما ردده مؤيدون للنظام بأن الجيش التركي انخرط في المعركة مباشرة.
وتشكلت غرفتا عمليات عسكرية في الشمال تحت اسم «إن الله على نصرهم لقدير» و«رد الطغيان»، أمس الخميس، استعاد مقاتلوها ستة قرى على الأقل في ريفي إدلب وحماة من قوات النظام غداة سيطرته عليها. وأطلقت عدة فصائل عملية عسكرية في ريفي إدلب وحماة، لاستعادة المناطق التي تقدم إليها مؤخراً، وعقب اقترابه أيضاً من مطار «أبو الضهور» العسكري بإدلب.
وبدا أن تركيا دفعت باتجاه توحيد الفصائل المعتدلة ومنحها الغطاء لمؤازرة الفصائل التي تقاتل لمنع قوات النظام من السيطرة على مطار أبو الضهور العسكري في إدلب، وهو ما لم تخفه المصادر على صعيد التأكيد بأن «تركيا دفعت بهذا الاتجاه كون الاتفاق الخاص بإدلب غير ناجز حتى الساعة مع روسيا»، مشيرة إلى أن أنقرة «تريد تغطية للدخول إلى عفرين، وهو ما لم يتوفر حتى الساعة، ما دفعها للضغط على الروس لرد قواته عن مطار أبو الضهور وسيطرة النظام على المنطقة الصحراوية شرق خط سكة الحجاز» الواقعة شرق أوتوستراد حمص - حلب الدولي.
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن ما جرى «ليس اتحادا بين الفصائل المعتدلة والمتشددة، رغم أن المتشددين يقاتلون داخل المطار»، مشددة على أن الفصائل المعتدلة «دخلت إلى المنطقة وحدها لرد قوات النظام عن مطار أبو الضهور واستعادت القرى الأخرى»، مشيرة إلى أن «الفصائل القريبة من القاعدة لا تتولى العملية الرئيسية». وأوضحت أن إحجام هؤلاء يعود إلى أن «النصرة» تسعى «لإيقاف الاستنزاف الذي عانته في أطراف إدلب، وعدم الدخول في معركة تستنزفها أكبر، ما يعيقها في وقت لاحق عن الدفاع عن معقلها في المناطق الحضرية في محافظة إدلب ومدينتها»، لافتة إلى أن «النصرة» «تستعد للدفاع عن مركزها وعن جسر الشغور، لأنها تعتبر معركتها هناك هي معركة وجود». ومن شأن دعم تركيا لمعركة إبعاد النظام عن مطار أبو الضهور، أن يوتر العلاقة مع روسيا التي تدعم النظام في معركته وتوفر له غطاء جوياً، ويهدد اتفاقات خفض التصعيد وبسط النفوذ في شمال سوريا.
لكن المعارضة، تنظر إلى اتفاقات خفض التصعيد على أنها «كذبة على ضوء خرق النظام لها في الغوطتين الشرقية والغربية لدمشق وحمص وحماة إدلب»، بحسب ما يقول الباحث العسكري المعارض أحمد رحال، مشيراً إلى أن ما حصل من تطورات في إدلب «هو رد على نكث إيران وروسيا للوعود حول خفض التصعيد»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «انكشف دور هيئة تحرير الشام المزدوج حول الصفقة مع إيران التي أفضت إلى تسليم منطقة شرق سكة الحديد للنظام، ومنع الفصائل من خوض المعركة». وأضاف: «في النهاية، لم تجد الفصائل بداً من التدخل، لأنها ترى أن المعركة باتت معركة وجود، وقررت التدخل عبر غرفة عمليات (رد الطغيان) وغرفة عمليات أخرى يجري تحضيرها منعا لسقوط إدلب وردا على مؤامرة النصرة مع الإيرانيين».
وحول ما يُشاع عن ضغط تركي على الفصائل للتدخل قال رحال: «ما يحكى عن ضغوط تركية هو نوع من التضخيم. قد تكون مصالح تركيا التقت مع مصالح الثوار لتأديب الإيراني والسكوت الروسي على الخروقات، وهي مصالح مشتركة».
وقال رحال أن أغلبية السوريين: «كانوا حانقين على تراجع النصرة وتسليم ريف إدلب للنظام، ومنعها لهم من الذود عن المنطقة. في النهاية تغلبوا على خوفهم من النصرة وشكلوا قوة للحفاظ على مكتسبات الثورة، لأنها معركة وجود، فإذا خسروا ريف إدلب فإنهم سيقاتلون بعدها لعدم خسارة ريف حلب، والمنطقة المتصلة بين المحافظتين تجنباً لكارثة».
وأعلنت فصائل من الجيش الحر عن تشكيل غرفة عمليات «رد الطغيان» لاستعادة السيطرة على المناطق التي تقدمت إليها قوات النظام في ريفي حماة وإدلب. ووقع على البيان كل من «فيلق الشام وجيش النصر وجيش إدلب الحر وجيش النخبة والجيش الثاني، التابعة للجيش الحر».
كما أعلنت «هيئة تحرير الشام» وحركة «أحرار الشام» و«جيش الأحرار» و«الحزب الإسلامي التركستاني» عن انطلاق معركة «إن الله على نصرهم لقدير»، لمنع تقدم قوات النظام في ريفي حماة وإدلب.
ميدانياً، تمكنت الفصائل التي بدأت فجر أمس هجومها العنيف والمعاكس على مواقع قوات النظام والقرى التي سيطر عليها في الأيام الفائتة، من تحقيق مزيد من التقدم في المنطقة، وتوسعة نطاق سيطرتها، حيث استعادت السيطرة على 9 قرى، فيما شهدت المنطقة عمليات كر وفر بين الطرفين. ورصد المرصد السوري لحقوق الإنسان عمليات هجوم معاكسة لمجموعات من قوات النظام على محاور في المنطقة، بغية تحقيق تقدم وتخليص مجموعات من عناصرها من الحصار وتأمين طريق لهم للانسحاب من المنطقة.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بتواصل المعارك العنيفة بين قوات النظام المدعمة بالمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وغير سورية من جانب، ومقاتلي فصائل حركة نور الدين الزنكي، جيش الأحرار، فيلق الشام، جيش العزة، جيش إدلب الحر، جيش النخبة، الجيش الثاني، جيش النصر، الحزب الإسلامي التركستاني وحركة أحرار الشام الإسلامية من جانب آخر، إثر استمرار هجوم الأخير في الريف الإدلبي الشمالي الشرقي والريف الشمالي الشرقي لمحافظة حماة المحاذي.
وتزامنت المعارك مع قصف مكثف استهدف مناطق في الريف الجنوبي الشرقي، وسط استهداف مكثفة من قبل الفصائل لمناطق سيطرة النظام ومواقعه، حيث رصد المرصد السوري قصفاً بعشرات الصواريخ على بلدة أبو دالي التي تسيطر عليها قوات النظام والمسلحين الموالين لها، في تمهيد للهجوم عليها والسيطرة عليها. وفي المقابل، وسعت الطائرات الحربية والمروحية قصفها إلى مناطق في قرية أبو مكي وجرجناز وعطشان ومورك، مع قصف لقوات النظام على مناطق في كفرزيتا والريف الشمالي.



تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في أحد السجون الواقعة شرق مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، كانت بعد أيام من فرض الولايات المتحدة عقوبات على قيادي حوثي يدير المؤسسة الخاصة بملف الأسرى في مناطق سيطرة الجماعة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ووصف الإرياني إقدام الحوثيين على تصفية المواطن أحمد طاهر أحمد جميل الشرعبي، في أحد معتقلاتهم السرية في منطقة الحوبان شرق تعز، بأنها «جريمة بشعة» تُضاف إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتعكس طبيعتها الوحشية وعدم التزامها بأي قانون أو معايير إنسانية، وفق تعبيره.

وأوضح الوزير اليمني في تصريح رسمي أن الحوثيين اختطفوا الضحية أحمد الشرعبي، واحتجزوه قسرياً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يطلبوا من أسرته، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحضور لاستلام جثته بعد وفاته تحت التعذيب.

وقال إن هذا العمل الوحشي من قِبَل الحوثيين يظهر اللامبالاة بأرواح اليمنيين، ويعيد التذكير باستمرار مأساة الآلاف من المحتجزين والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة بما في ذلك النساء والأطفال.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى تقارير حكومية وثقت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون الحوثيين من بين 1635 حالة تعذيب، كما وثقت المنظمات الحقوقية -بحسب الوزير- تعرض 32 مختطفاً للتصفية الجسدية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة الانتحار هرباً من قسوة التعذيب، و31 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، وقال إن هذه الإحصاءات تعكس العنف الممنهج الذي تمارسه الميليشيا بحق المعتقلين وحجم المعاناة التي يعيشونها.

ترهيب المجتمع

اتهم الإرياني الحوثيين باستخدام المعتقلات أداة لترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المناهضة لهم، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل جماعي وتعريضهم لأساليب قاسية تهدف إلى تدمير إرادتهم، ونشر حالة من الخوف والذعر بين المدنيين.

وطالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، وإدانة الجرائم الوحشية الحوثية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني.

الحوثيون يتعمدون ترهيب المجتمع بالاعتقالات والتعذيب في السجون (رويترز)

ودعا الوزير إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي» لإطلاق صراح كل المحتجزين والمخفيين قسرياً دون قيد أو شرط، وفرض عقوبات صارمة على قيادات الجماعة وتصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وكانت الولايات المتحدة فرضت قبل أيام عقوبات على ما تسمى «لجنة شؤون الأسرى» التابعة للحوثيين، ورئيسها القيادي عبد القادر حسن يحيى المرتضى، بسبب الارتباط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وتقول الحكومة اليمنية إن هذه المؤسسة الحوثية من أكبر منتهكي حقوق الإنسان وخصوصاً رئيسها المرتضى الذي مارس خلال السنوات الماضية جرائم الإخفاء القسري بحق آلاف من المدنيين المحميين بموجب القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني.