إردوغان: مناطق سيطرة الأكراد في سوريا تخضع لميثاقنا الوطني

أنقرة تتحدث عن شرطين لنجاح مؤتمر سوتشي

TT

إردوغان: مناطق سيطرة الأكراد في سوريا تخضع لميثاقنا الوطني

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن المناطق التي يراد إنشاء ما سماه «حزام إرهابي» فيها في الشمال السوري (في إشارة إلى مناطق سيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي)، كلها تقع ضمن حدود الميثاق الوطني لتركيا، الذي يعطيها حق المشاركة في تقرير مصير مناطق خارج حدودها الجغرافية مثل الموصل وكركوك في العراق وحلب في سوريا ومناطق في اليونان وبلغاريا.
وحذر إردوغان، في كلمة ألقاها خلال اجتماعه مع عمد القرى والأحياء «المخاتير» في القصر الرئاسي بالعاصمة أنقرة أمس الخميس، الأطراف التي تريد إنشاء «دولة» في شمال سوريا، قائلا إنهم «سيرون من تركيا ما يلزم وستخيب آمالهم».
كما حذر الرئيس التركي من نفاد صبر بلاده إزاء التحركات الأميركية الداعمة لحزب الاتحاد الديمقراطي وذراعه العسكرية وحدات حماية الشعب الكردية في شمال سوريا، قائلا: «صبرنا ينفد إزاء جهود البعض الرامية لخلق ممرات للإرهاب في سوريا قرب الحدود الجنوبية لتركيا».
وأضاف: «من جهة تقول (يقصد الولايات المتحدة) نحن شركاء استراتيجيون، ومن جهة أخرى تقوم بإرسال أكثر من 4 آلاف شاحنة محملة بالسلاح إلى شمال سوريا، لسنا مضطرين لتحمل كذبهم أكثر من ذلك».
وجدد إردوغان التلويح بأن بلاده قد تكرر سيناريو «درع الفرات»، للتعامل مع مناطق سيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي في شمال سوريا قائلا: «لدينا القوة والإمكانية لتوسيع عملية (درع الفرات) والخطوات المصاحبة لها على طول الحدود».
وأكد أن «تركيا ليست على الإطلاق الدولة التي يمكن أن تفرض عليها سياسات الولايات المتحدة غير المتزنة في منطقتنا، كما أنها ليست مجبرة على دفع ثمن التقصير الأوروبي تجاه تطورات المنطقة».
في السياق ذاته، استدعت الخارجية التركية القائم بأعمال السفارة الأميركية في أنقرة فيليب كونسيت، لمناقشة الانتهاكات التي يرتكبها النظام السوري في مناطق خفض التصعيد في إدلب، والموقف الأميركي من الميليشيات الكردية في شمال سوريا.
وقال إردوغان إنه «رغم حساسيتنا التي نبديها حيال إنشاء حزام إرهابي قرب حدودنا، فإن سبب انتظارنا طيلة هذا الوقت هو محافظتنا على أملنا في حل هذه المسألة بسهولة، وعن طريق الدبلوماسية والتفاهم المتبادل، غير أننا نرى عند النقطة التي وصلنا إليها، انسداد هذه الطرق أكثر فأكثر، ولم يبق سوى حل واحد».
ولفت إلى أن هدف الأحداث التي تشهدها سوريا والعراق والتي أنشئت على حساب إراقة دماء ملايين الأبرياء، أصبح أكثر وضوحا يوما بعد يوم.
من جانبه، رأى وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، أن الطريقة المثلى لإحلال سلام دائم في سوريا تتمثل في عملية سياسية شاملة ترتكز على «تشكيل دستور» يحظى بدعم السوريين، و«إجراء انتخابات نزيهة» تحت إشراف الأمم المتحدة.
وحذّر في الوقت نفسه من مغبة إعطاء الولايات المتحدة «المنظمات الإرهابية الانفصالية»، في إشارة إلى الميليشيات الكردية، «الحرية المطلقة» والاستمرار في تزويدهم بالأسلحة، مشيرا إلى أن ذلك من شأنه أن يفشل عملية السلام المنشودة.
وقال جاويش أوغلو، في مقال بعنوان «هكذا يتحقق السلام في سوريا» نشرته مجلة «نيوزويك» الأميركية على موقعها الإلكتروني أمس، إن هناك شرطين أساسيين لنجاح مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي المزمع عقده نهاية الشهر الجاري، وهما: «الصلة القوية والواضحة بعملية جنيف التي تتم بوساطة الأمم المتحدة، فضلا عن رفض مشاركة أي من المنظمات الإرهابية (بما فيها حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب الكردية)»، على حد قوله.
ولفت جاويش أوغلو أنه «على الصعيد السياسي، هناك أمل (في إحلال السلام) في حال ترجم المجتمع الدولي أقواله إلى أفعال»، مضيفا أن «الحل الدائم في سوريا يمكن إيجاده من خلال عملية فعّالة بقيادة سوريا، بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن الدولي 2254».
وأوضح جاويش أوغلو أن «اتفاق وقف إطلاق النار في جميع أنحاء البلاد الذي تم بالوساطة مع روسيا لم يكن إنجازا سهلاً، ولكنه قدم مساهمات إنسانية عميقة».
وشدّد وزير الخارجية التركي على ضرورة إنعاش عملية جنيف، لافتا إلى أن الاكتفاء بالكلام وعدم ترجمة ذلك الكلام إلى أفعال لن يقود إلى حل. وأشار إلى أن «مؤتمر الحوار الوطني الذي سيعقد في مدينة سوتشي الروسية يمكن أن يكون بمثابة عملية مكملة في هذا الصدد».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.