تونس: الجيش ينتشر لتأمين المنشآت بعد اتساع رقعة الاحتجاجات

متظاهرون يقذفون عناصر الامن بالحجارة... وفي الاطار عناصر الأمن يواجهون المتظاهرين في منطقة جبل الأحمر في تونس أمس (أ.ف.ب)
متظاهرون يقذفون عناصر الامن بالحجارة... وفي الاطار عناصر الأمن يواجهون المتظاهرين في منطقة جبل الأحمر في تونس أمس (أ.ف.ب)
TT

تونس: الجيش ينتشر لتأمين المنشآت بعد اتساع رقعة الاحتجاجات

متظاهرون يقذفون عناصر الامن بالحجارة... وفي الاطار عناصر الأمن يواجهون المتظاهرين في منطقة جبل الأحمر في تونس أمس (أ.ف.ب)
متظاهرون يقذفون عناصر الامن بالحجارة... وفي الاطار عناصر الأمن يواجهون المتظاهرين في منطقة جبل الأحمر في تونس أمس (أ.ف.ب)

امتدت رقعة الاحتجاجات الليلية في تونس إلى عدد من المدن الكبرى الأخرى، مثل باجة ونابل وقبلي وبنزرت وسيدي بوزيد، وذلك بعد أن شهدت مجموعة من الأحياء الشعبية الفقيرة في تونس العاصمة ومنوبة وقفصة والقصرين منذ الأحد الماضي أحداث عنف ونهب للممتلكات، ومواجهات مع رجال الأمن أدت إلى سقوط قتيل في مدينة طبربة، واعتقال أكثر من 230 شخصا على خلفية هذه الأحداث المناهضة للزيادات في الأسعار.
وعلى الرغم من تدهور الأوضاع الأمنية، نفت مصادر حكومية ما راج حول اتخاذ قرار بحظر التجول ليلا، لكنها لم تستبعد اللجوء إلى هذا الإجراء في حال تواصل الاحتجاجات الليلية، وعمليات السرقة والنهب والتخريب، التي استهدفت عددا من المنشآت العامة والخاصة. وتتيح حالة الطوارئ المعلنة حاليا في البلاد لمدة ثلاثة أشهر، التي تنتهي في العاشر من فبراير (شباط) المقبل، اتخاذ مجموعة من الإجراءات الاستثنائية، مثل منع التجمعات والاحتجاجات والمنشورات.
وأدى الوضع الأمني المتدهور خلال اليومين الأخيرين إلى تبادل الأحزاب السياسية الاتهامات حول مسؤولية ما حدث، فيما دعا الائتلاف الحاكم، بزعامة حزب النداء وحركة النهضة، إلى عقد مؤتمر وطني للحوار الاقتصادي والاجتماعي، يناقش كل القضايا الاقتصادية والاجتماعية الشائكة، وذلك بحضور كل القوى السياسية والمدنية والخبراء المختصين دون استثناء أو إقصاء. أما أحزاب المعارضة، التي يتزعمها تحالف الجبهة الشعبية اليساري، فقد حاول دحض تهمة قيادة الاحتجاجات الليلية، مؤكدا أنه دعا فقط إلى احتجاج سلمي ضد قانون المالية الحالي، وحملت قياداته مسؤولية تدهور الأوضاع إلى حزبي النداء والنهضة. وفي هذا الشأن، قال عمار عمروسية، القيادي في تحالف الجبهة الشعبية المعارض لـ«الشرق الأوسط» إن «تونس تعيش على صفيح ساخن، والحراك الاجتماعي أخذ في الاتساع ليشمل مدنا وقرى جديدة وغاضبين جددا، من الشمال إلى الجنوب، وهو ما يتطلب من الحكومة الإسراع في تعليق العمل بالإجراءات المدمرة لقوت الشعب، التي تضمنها قانون المالية الجديد»، مضيفا أن تحالف الجبهة الشعبية سبق أن حذر الائتلاف الحاكم من خطورة قانون المالية لسنة 2018. وسبق أن أوضح أن الميزانية الجديدة ستنتج اضطرابات اجتماعية وتزيد من دوائر الفقر والتهميش، مشددا على أن «قانون المالية خلق جحيما حقيقيا، خاصة أن الفئة المتوسطة التي تخلق الموازنة تتدحرج بسرعة نحو الفقر».
كما انتقد عمروسية المعالجة الأمنية للمشكلات الاجتماعية والاقتصادية، وقال إنها لن تزيد الوضع إلا تأجيجا، نافيا الاتهامات الموجهة إلى الجبهة الشعبية بدعم أعمال التخريب بقوله إن حزبه «يرفض رفض كليا الاحتجاجات العنيفة وأعمال النهب والسرقة والتخريب».
وفي سياق الاحتجاجات التي عرفتها المدن التونسية أمس، تعرض بيت صلاة لليهود في جزيرة جربة (جنوبي شرق) الليلة قبل الماضية إلى الحرق، بعد أن قام مجهولان بإلقاء زجاجتين حارقتين داخل بهو المعبد، مما تسبب في اشتعال النيران وحدوث خسائر.
وفي هذا السياق، أكد بلحسن الوسلاتي، المتحدث باسم وزارة الدفاع، نشر وحدات عسكريّة في عدد من ولايات (محافظات) الجمهورية بهدف تأمين المقرات السيادية والمنشآت الحساسة، والمرافق العمومية، وحمايتها من مخاطر النهب والسرقة والتخريب.
وقال الوسلاتي لـ«الشرق الأوسط» إن الإجراءات المتخذة لتأمين البلاد وحماية المنشآت «تتمّ على مستوى جهوي، وتجمع بين السلطات الحكومية والقيادات الأمنية والعسكرية». مشيرا إلى تأمين دوريات ليلية مشتركة في مختلف المنشآت العامة والخاصة. فيما أعلن محافظ مدينة بنزرت والقصرين عن انتشار وحدات من الجيش أمام المقرات الحكومية، وفروع البنك المركزي، وأمام عدد من المؤسسات الصناعية المهمة.
على صعيد متصل، كشف خليفة الشيباني، المتحدث باسم وزارة الداخلية، عن حصيلة المواجهات الأخيرة، التي أسفرت عن توقيف 237 شخصا تورطوا في عمليات السلب والنهب والحرق والسرقة، والإضرار بالممتلكات واقتحام مقرات أمنية. وقال إن المواجهات بين قوات الأمن والمحتجين أسفرت عن إصابة 49 عنصرا في صفوف الأمن، وتسعة في صفوف الحرس الوطني، كما أدت إلى تضرر 45 سيارة أمنية تابعة لوحدات الشرطة، و12 سيارة تابعة للحرس الوطني. ووصف الشيباني الوضع الأمني في تونس صباح أمس بأنه «هادئ وتحت السيطرة» على حد تعبيره. ولتجاوز الأزمة الاجتماعية والأمنية الحادة، دعا نور الدين الطبوبي، الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (رئيس نقابة العمال)، حكومة يوسف الشاهد، إلى إقرار زيادة استثنائية في غضون أسبوع واحد، تصرف ضمن منح العائلات المعوزة ولذوي الأجر الأدنى ولعمال الحضائر، ولكل الفئات الضعيفة، وذلك لمحاولة الخروج من الأزمة.



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).