النظام يستعيد السيطرة على دير عطية بالقلمون.. ومجزرة في الرقة بعد سقوط صاروخ «سكود»

كتب دينية متلفة بإحدى كنائس حمش التي تعرضت لقصف النظام السوري أمس (رويترز)
كتب دينية متلفة بإحدى كنائس حمش التي تعرضت لقصف النظام السوري أمس (رويترز)
TT

النظام يستعيد السيطرة على دير عطية بالقلمون.. ومجزرة في الرقة بعد سقوط صاروخ «سكود»

كتب دينية متلفة بإحدى كنائس حمش التي تعرضت لقصف النظام السوري أمس (رويترز)
كتب دينية متلفة بإحدى كنائس حمش التي تعرضت لقصف النظام السوري أمس (رويترز)

أعلنت دمشق، أمس، استعادة السيطرة على بلدة دير عطية الاستراتيجية في منطقة القلمون بريف دمشق، بعد أسبوع من سيطرة المعارضة على البلدة ذات الأغلبية المسيحية، بينما حققت القوات الحكومية تقدما في منطقة النبك المحاذية لها. وبموازاة ذلك، طالب الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية المجتمع الدولي بالتدخل لردع النظام عن استخدام الأسلحة الباليستية، غداة وقوع مجزرة في منطقة الرقة، نتيجة سقوط صاروخ من نوع «سكود» في سوق الهال القديم، أسفر عن سقوط 35 قتيلا على الأقل وعشرات الجرحى.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا) عن مصدر عسكري سوري، تأكيده أن القوات النظامية أحكمت السيطرة على دير عطية. وقال مصدر أمني وكالة الصحافة الفرنسية: «إن الجيش تمكن بعد ملاحقة ومتابعة الإرهابيين إلى الأماكن التي تحصنوا فيها في البلدة، من تنظيفها صباح أمس وقتل عددا كبيرا منهم»، مشيرا إلى أن «عملية السيطرة استغرقت نحو أربعة أيام».
وسيطرت المعارضة السورية على دير عطية، بعد انسحاب قواتها من بلدة قارة التي تبعد عنها نحو أربعة كيلومترات. وكان ناشطون أفادوا بأن جيش الإسلام، وهو أكبر فصيل معارض يقاتل في المنطقة «انسحب قبل ثلاثة أيام من البلدة»، لكن المتحدث باسم جيش الإسلام محمد علوش، أكد لـ«الشرق الأوسط» أن مقاتلي الجيش الذي يتضمن نحو 60 فصيلا عسكريا معارضا «كانوا حتى ظهر اليوم (أمس) يقاتلون في المنطقة»، مشيرا إلى أن «من يشيع هذا الكلام، هو من انسحب من المنطقة».
وأوضح علوش أن المعارضة لم تسيطر بالكامل على دير عطية، بل «كانت تتحصن في مداخلها، حيث طردت الجيش النظامي منها»، مشيرا إلى أن «أوتوستراد حمص - دمشق الدولي المحاذي لدير عطية والنبك لا يزال مقطوعا، حيث نفرض حصارا على العاصمة التي تحتاج اليوم إلى المحروقات، وقد بلغ سعر صفيحة البنزين فيها 7 آلاف ليرة سورية».
وأكد علوش أن «اشتباكات واسعة النطاق اندلعت أمس في منطقة القلمون، بمحاذاة الأوتوستراد الدولي». ويعد هذا الطريق الذي يربط العاصمة بوسط سوريا ومنها إلى معقله في الساحل، حيويا لناحية تزويد دمشق بالمواد الحيوية والمشتقات النفطية، فضلا عن كونه ممرا رئيسا للإمدادات العسكرية للجيش النظامي.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بوقوع اشتباكات عنيفة بين مقاتلي الدولة الإسلامية في العراق والشام والكتيبة الخضراء وجبهة النصرة وكتائب إسلامية مقاتلة من جهة، والقوات النظامية وقوات الدفاع الوطني من جهة أخرى، على طريق دمشق - حمص الدولي من جهة مدينة النبك، مشيرا إلى «تقدم القوات النظامية في محيط مدينة النبك من جهة الطريق الدولي».
وذكرت قناة «العالم» الإيرانية، أن النبك «شهدت أمس أعنف الاشتباكات»، مشيرة إلى أن الجبهة «شهدت تقدما كبيرا للقوات النظامية في النبك من عدة محاور، في حين فر مسلحو المعارضة باتجاه جبال القلمون».
وتتبع القوات النظامية استراتيجية السيطرة على بلدات القلمون، تدريجيا، حيث تنتقل من شمال المنطقة المتاخمة لحمص، جنوبا باتجاه دمشق، بدءا من قارة، ثم دير عطية والنبك، وهي بلدات واقعة على طرفي أوتوستراد حمص - دمشق الدولي، قبل انتقالها إلى يبرود التي تحتضن أكبر عدد من اللاجئين الفارين من القتال في قارة والنبك. وتعمل القوات النظامية على محاصرة البلدات منعا لانتقال مقاتلي المعارضة إلى جرود واسعة في معلولا (شرق الأوتوستراد)، وهي بلدة مسيحية كانت المعارضة سيطرت عليها قبل شهرين، وخرجت منها باتفاق.
وفي حين تتواصل المعارك العسكرية بين الجيشين النظامي والحر في الغوطة الشرقية، أعلنت وزارة الخارجية الروسية، أن «مواطنا سوريا قتل وأصيب تسعة آخرون بجروح، بعضهم من جهاز أمن السفارة، جراء قذيفة هاون أطلقت على السفارة الروسية في العاصمة السورية دمشق».
وفي بيان، قالت الخارجية الروسية إن السوري قتل «إثر إطلاق قذيفة هاون من المجموعات المسلحة المناهضة للحكومة على الحي الذي تقع فيه سفارة روسيا في سوريا، انفجرت قذيفة في حرم السفارة وأخرى على مقربة منها»، مؤكدة أنه «لم يصب أي روسي في الهجوم»، في حين «تعرض مبنى السفارة لأضرار مادية طفيفة».
في غضون ذلك، أفاد ناشطون في مدينة دير الزور بإصابة العميد عصام زهر الدين، قائد العمليات العسكرية في الجيش السوري النظامي في المدينة. وقال ناشطون إن الإصابة جاءت نتيجة اشتباكات عنيفة اندلعت في حي الرشيدية في المدينة، موضحين أن «جبهة النصرة» هي من استهدفت زهر الدين، ونقل إثر ذلك إلى دمشق حالا. وزهر الدين الذي قاد عدة عمليات عسكرية في ريف دمشق وفي حمص جرى تعيينه قائدا لعمليات دير الزور منذ أكثر من شهر، وذلك بعد مقتل اللواء جامع جامع الذي تولى قيادة عمليات دير الزور منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011.
وفي الرقة، اتهم الائتلاف السوري المعارض القوات النظامية بارتكاب «مجزرة مروعة بحق عشرات المدنيين، بعد أن أطلقت صاروخا باليستيا من نوع سكود أصاب سوق الهال القديمة في المدينة، وأدى أثره التدميري لاستشهاد 35 شخصا وإصابة 200 آخرين، وإحداث دمار كبير في البنى التحتية». وانتقد الائتلاف «استمرار نظام الأسد بارتكاب المجازر بحق المدنيين الآمنين، مستخدما الصواريخ الباليستية وكل الأسلحة ذات القوة التدميرية العالية والأثر العشوائي، دونما أي ردع من المجتمع الدولي ودول العالم الحر»، داعيا «المجتمع الدولي إلى أن يردع هذا النظام المجرم ويسعى بشكل عملي وجدي لإنهاء حقبة الظلم والطغيان التي يمثل (الرئيس السوري) بشار الأسد أحد رموزها فقط».
وكان ناشطون أفادوا بعد منتصف ليل الأربعاء/ الخميس عن سقوط صاروخ سكود في مدينة الرقة، قالوا إنه أطلق من موقع «اللواء 155» التابع للنظام السوري في جبال القلمون، وذلك بعد دقائق على تحذيرهم من سقوطه إثر رصدهم إطلاقه من القلمون. وبث المركز الإعلامي في القلمون التحذير عن إطلاق صاروخ سكود، الذي سقط في الأحياء المدنية في شارع 23 في الرقة.
وكتب عبد القادر ليلا، وهو أحد ناشطي الرقة على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، أن «الانفجار الذي أحدثه صاروخ سكود لم تشهد له لا الرقة ولا سوريا مثيلا، هناك كتلة بناء تساوي ألف متر أصبحت ركاما.. قطع الزجاج تناثرت إلى مسافة كيلومتر.. والفرن السياحي انهار على من فيه من عمال يعدون عجين الصباح، هناك حاجة ملحة للتبرع بالدم.. وحاجة ماسة للأطباء».
يذكر أن القوات النظامية كانت استهدفت الرقة بعدة صواريخ سكود سابقا، كما شهدت المدينة سقوط صاروخ أرض - أرض أول من أمس أدى لسقوط عدد من الجرحى.



تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
TT

تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)

فاقم تكرار وقائع تحرش بطلاب داخل مدارس دولية وخاصة الأسابيع الماضية الأزمات داخل وزارة التربية والتعليم، التي صاحبت الوزير محمد عبد اللطيف، الذي تولى المهمة قبل عام ونصف العام، وسط مطالب بإقالته بوصفه «المسؤول الأول»، فيما دافع آخرون عنه على أساس أن الحوادث «فردية»، وأنه قام بإجراءات مشددة لمنع تكرارها.

وشهدت مدارس مصرية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وقائع تحرش، حيث قررت وزارة التربية والتعليم وضع مدرسة «سيدز» الدولية في القاهرة تحت الإشراف سواء المالي أو الإداري للوزارة، عقب توقيف 4 عاملين فيها في اتهامهم بالتحرش بعدد من طلاب المرحلة التمهيدية، قبل أن يتولى القضاء العسكري القضية، وتتسع دائرة المتهمين فيها.

ولم تكن واقعة مدرسة «سيدز» الأولى من نوعها، إذ سبقها بشهور عدة، قضية الطفل «ي» التي تحولت لقضية رأي عام، وأدانت فيها محكمة الجنايات مشرفاً مالياً سبعينياً بالتحرش بالطفل داخل المدرسة، وقضت بالسجن المؤبد (25 عاماً) في مايو (أيار) الماضي، ثم خففت محكمة الاستئناف الحكم إلى السجن المشدد 10 سنوات في نوفمبر الماضي.

وزير التربية والتعليم خلال تفقده سير العملية الدراسية في إحدى المدارس (أرشيفية - وزارة التربية والتعليم المصرية)

ويُحمل الخبير التربوي عاصم حجازي، وزير التربية والتعليم محمد عبد اللطيف مسؤولية تكرار تلك الوقائع داخل المدارس، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «تكرارها يعكس غياب الإجراءات الرادعة لتفادي مثل هذه الحوادث منذ واقعة الطفل (ي)»، عادّاً أن غضب الرأي العام وأولياء الأمور على الوزير وما يحدث في الوزارة طبيعي ومبرر.

وأضاف: «الإجراءات لم تُتخذ سوى بعد واقعة مدرسة سيدز، وكانت متأخرة وغير كافية، بدليل تفجر وقائع أخرى في مدرستين بعدها».

وكانت وزارة التربية والتعليم فرضت إجراءات داخل المدارس الدولية للانضباط، تتمثل في وضع نظام كاميرات، ومنع وجود الطلاب في غير أوقات اليوم الدراسي، وإلزام المدارس بنظام خاص للإشراف على وجود الطلاب خارج الفصول، وإلزام هذه المدارس بإجراء تحليل مخدرات، والكشف عن الحالة الجنائية للعاملين فيها، وتقديم هذه الأوراق للوزارة.

وتساءل حجازي: «لماذا اقتصرت الإجراءات على المدارس الدولية، وهل المدارس الحكومية في مأمن من وقائع تحرش مماثلة؟».

وعقب أيام من واقعة مدرسة «سيدز»، ألقت الأجهزة الأمنية القبض على عامل في مدرسة دولية بالإسكندرية بتهمة التحرش بطلاب، وقررت محكمة جنايات الإسكندرية في 9 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، إحالة أوراق القضية إلى المفتي - هو قرار يمهد لحكم الإعدام - وأجلت النطق بالحكم إلى فبراير (شباط) المقبل. وطالب محامي الضحايا في القضية، طارق العوضي، بإقالة وزير التربية والتعليم خلال منشور على حسابه بموقع «إكس».

وقبل ساعات، انفجرت قضية جديدة بالتحرش بـ12 طالباً في مدرسة «النيل» الدولية بالقاهرة، وقررت وزارة التربية والتعليم، الأحد، وضع المدرسة تحت الإشراف سواء المالي أو الإداري للوزارة، مع «اتخاذ الإجراءات القانونية كافة حيال المسؤولين الذين ثبت تورطهم في تقصير أو إهمال بما أدى لحدوث هذه الواقعة»، وفق بيان الوزارة.

ويرى حجازي أن تكرار تلك الوقائع «يعكس ليس فقط غياب الرقابة داخل المدارس، وإنما أزمات أخرى عميقة، مثل قلة أعداد المعلمين والمُشرفين داخل المدارس، والتركيز على نظام التقييم الذي أقره وزير التعليم استراتيجية للوزارة، للسعي إلى إعادة الطلاب للمدارس، لكن دون وجود الإمكانات الخاصة بذلك».

ويتمثل نظام التقييم في تقسيم درجات التقييمات النهائية بين الاختبار النهائي، وتقييمات أخرى تتكرر على مدار العام، ما يُلزم الطلاب بالحضور.

وأضاف الخبير التربوي: «استراتيجية الوزير تضع أعباءً على المدرسين وأولياء الأمور فيما يتعلق بالتقييمات، مقابل تهميش الجوانب الأخرى المهمة سواء التربوية أو التوعوية، أو الخاصة بالإشراف النفسي».

وبينما تتفق عضوة لجنة التعليم في مجلس النواب (البرلمان) جيهان البيومي، على ضرورة اهتمام الوزارة في المرحلة المقبلة بـ«الجوانب التربوية والنفسية»، فإنها لا تتفق مع مطلب إقالة الوزير أو تحميله مسؤولية حوادث التحرش في المدارس.

وقالت البيومي لـ«الشرق الأوسط» إن «الوزير اتخذ قرارات سريعة ورادعة بعد كل واقعة، وهذه الوقائع تظل فردية، ولا يمكن وصفها بالمتفشية في المدارس أو المجتمع، لذا فالمغالاة في التعامل مع الأزمة بالمطالبة بإقالة الوزير ليست حلاً»، مشيرة إلى أنه «واحد من أنشط الوزراء الذين يقود عمله من الميدان، ويجري كثيراً من الزيارات المفاجئة للمدارس، ونجح في إعادة الطلاب للمدارس، وغيّر المناهج التعليمية، وكلها أمور تُحسب له».

وزير التربية والتعليم مع أحد طلاب الثانوية أبريل 2025 (وزارة التربية والتعليم)

وصاحب اختيار وزير التربية والتعليم جدلاً واسعاً مع تفجر أولى الأزمات المرتبطة به، الخاصة بحقيقة حصوله على شهادة الدكتوراه التي صاحبت سيرته الذاتية، بينما شككت وسائل إعلام محلية فيها. وتجاوزت الحكومة الأزمة بوصف عبد اللطيف في بيانات الوزارة بـ«السيد الوزير» بدلاً من «الدكتور».

ولم يتوقف الجدل حول الوزير عند هذه الأزمة، بل امتدت إلى قراره بتغيير المناهج في أغسطس (آب) 2024، الذي أُلغي بناء عليه تدريس بعض المواد في الشهادة الثانوية مثل «الفلسفة» و«علم النفس»، وتحولت اللغات بخلاف الإنجليزية إلى مواد ثانوية لا تضاف للمجموع، وعقب شهور ظهر جدل جديد خاص بمنظومة «البكالوريا» التي تتيح للطلاب خوض الامتحانات أكثر من مرة، بمقابل مادي، ورغم الانتقادات دخلت منظومة البكالوريا في النظام التعليمي المصري بداية من هذا العام.

ويرى الخبير التربوي وائل كامل في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، «أن شخصية وزير التربية والتعليم تبدو إدارية أكثر منها تربوية، فكل قراراته تعكس ذلك، بداية من إلغاء مواد دراسية أساسية في بناء الشخصية والتربية لدى الطلاب، مثل الفلسفة وعلم النفس، مروراً بنظام التقييمات في المدارس الذي يهتم بالكم على حساب الكيف، ويضع أعباء كبيرة على كل أطراف العملية التعليمية». ومع ذلك لا يرى كامل أن الحل في تغيير الوزير قائلاً: «الوزارة ككل في حاجة إلى إعادة هيكلة».


«محددات حماس» بشأن المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»... هل تضعف فرص التقدم؟

إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«محددات حماس» بشأن المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»... هل تضعف فرص التقدم؟

إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

شهد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، تحفظات ومطالبات علنية من حركة «حماس» بشأن التزامات المرحلة الثانية المعنية بترتيبات إدارية وأمنية، وسط حديث أميركي عن جهود تبذل في «الكواليس» بشأن الانتقال إليها.

تلك المحددات التي أعلنتها «حماس»، الأحد، وشملت 4 بنود رئيسية متعلقة بنزع السلاح ودور مجلس السلام وقوات الاستقرار وتشكيل لجنة إدارة قطاع غزة، هناك تباين بشأنها بين خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، بين مَن يراها تكشف عن أزمات تعيق التقدم للمرحلة الثانية، وأنها مجرد مناورات لتقليل الضغوط عليها، مقابل تقديرات أخرى تؤكد أنها تكشف عن جدية الحركة في تنفيذ الاتفاق وسط عراقيل إسرائيل.

وتتضمن خطة السلام التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وجرى بموجبها وقف إطلاق النار في قطاع غزة في أكتوبر (تشرين الأول)، تشكيل مجلس للسلام برئاسته يشرف على لجنة تكنوقراط فلسطينية، ونزع سلاح «حماس»، وألا يكون لها دور في حكم القطاع بعد الحرب، ونشر قوات استقرار.

وقال رئيس حركة «حماس» في قطاع غزة، خليل الحية، الأحد، في الذكرى 38 لتأسيس الحركة، إن السلاح حق كفلته القوانين الدولية للشعوب الواقعة تحت الاحتلال، معبراً عن انفتاح الحركة على دراسة أي مقترحات تحافظ على ذلك الحق مع ضمان إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

وشدد على أن مهمة مجلس السلام، الذي ورد في خطة ترمب، ومن المقرر أن يقوده الرئيس الأميركي، هي رعاية تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار والتمويل والإشراف على إعادة إعمار قطاع غزة. ورفض «كل مظاهر الوصاية والانتداب» على الفلسطينيين.

وأضاف: «ندعو لتشكيل لجنة التكنوقراط لإدارة قطاع غزة من مستقلين فلسطينيين بشكل فوري، ونؤكد جاهزيتنا لتسليمها الأعمال كاملة في كل المجالات وتسهيل مهامها»، مشدداً على أن مهمة القوة الدولية المزمع تشكيلها «يجب أن تقتصر على حفظ وقف إطلاق النار، والفصل بين الجانبين على حدود قطاع غزة» دون أن يكون لها أي مهام داخل القطاع.

ودعا الحية «الوسطاء، خصوصاً الضامن الأساسي، (الإدارة الأميركية والرئيس ترمب) إلى ضرورة العمل على إلزام الاحتلال باحترام الاتفاق والالتزام بتنفيذه وعدم تعريضه للانهيار».

نساء يحملن حزماً على رؤوسهن يمررن بخيام أقيمت على أرض تم تطهيرها لإيواء الفلسطينيين النازحين جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، الأسبوع الماضي، إن المفوضية وثقت أكثر من 350 هجوماً إسرائيلياً ومقتل 121 فلسطينياً على الأقل داخل المنطقة الواقعة خلف «الخط الأصفر» في غزة منذ وقف إطلاق النار، فيما لقي القيادي في «حماس» رائد سعد حتفه، في قصف إسرائيلي، السبت، استهدف سيارته في غزة.

وقال مسؤولون إسرائيليون إن الإدارة الأميركية تعمل حالياً على بلورة المرحلة الثانية من الخطة الرامية إلى إنهاء الحرب في قطاع غزة، وتخطِّط لأن يبدأ عمل القوة الدولية متعددة الجنسيات في القطاع اعتباراً من الشهر المقبل، وأبلغ مسؤولون أميركيون نظراءهم الإسرائيليين بهذا في محادثات أُجريت في الأيام الأخيرة، حسب هيئة البث الإسرائيلية.

وسبق أن تحدثت القناة الـ«14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الولايات المتحدة حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة لإمكانية تأجيله مجدداً.

ويرى المحلل المصري المتخصص في الشأن الإسرائيلي، بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن محددات «حماس» تكشف عن أن «فرص التقدم في المرحلة الثانية ضعيفة وستدفع لمزيد من الضربات الإسرائيلية»، مشيراً إلى أنها «مجرد مناورات، من أجل تقليل الضغوط عليها التي تواجهها قبل تنفيذ التزامات المرحلة الثانية، التي تمر بظروف خطيرة».

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، المختص بشؤون «حماس»، إبراهيم المدهون، أنه لا مفر من الذهاب للمرحلة الثانية وتنفيذها، رغم عراقيل متكررة من جانب إسرائيل لإفشال الاتفاق، لافتاً إلى أنه بالنسبة لموضوع السلاح، فإن «حماس» منخرطة في حوار فلسطيني داخلي معمّق، إلى جانب حوار واضح وشفاف مع الوسطاء في القاهرة، حول رؤية قد تتبلور وتكون مقبولة لدى جميع الأطراف، بخلاف أن الحركة راغبة في حضور قوات سلام معنية بفضّ الاشتـباك.

ووسط تلك المحددات من «حماس» التي لم يعلق عليها الوسطاء، أفاد بيان لوزارة الخارجية المصرية، (الأحد)، بأن بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري، شدَّد في اتصال مع نظيرته البريطانية إيفيت كوبر، على أهمية نشر «قوة الاستقرار الدولية» المؤقتة في غزة، مؤكداً أهمية ضمان استدامة وقف إطلاق النار، وتنفيذ استحقاقات المرحلة الثانية من خطة ترمب.

وعلى هامش مشاركته في «منتدى صير بني ياس» بالإمارات، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت: «ضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وأهمية تشكيل قوة الاستقرار الدولية».

وردت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، على الصحافيين، الجمعة، بشأن تطورات اتفاق غزة، قائلة إن «هناك كثيراً من التخطيط الهادئ الذي يجري خلف الكواليس في الوقت الحالي للمرحلة الثانية من اتفاق السلام... نريد ضمان سلام دائم ومستمر».

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، السبت، عن مسؤولين القول إن إدارة ترمب تسعى لتجنيد قوة متعددة الجنسيات من 10 آلاف جندي بقيادة جنرال أميركي؛ لتحقيق الاستقرار في قطاع غزة، وذكر المسؤولون أنه لم تُرسل أي دولة قوات؛ بسبب تحفظات على إمكانية توسيع نطاق مهمة القوة لتشمل نزع سلاح حركة «حماس».

وأشارت الصحيفة إلى أن وزارة الخارجية الأميركية طلبت رسمياً من نحو 70 دولة تقديم مساهمات عسكرية أو مالية للقوة المزمع نشرها في غزة، غير أن 19 دولة فقط أبدت رغبتها في المساهمة بقوات أو تقديم المساعدة بطرق أخرى، ومنها المعدات والنقل.

ويرى عكاشة أن ترمب سيضغط خلال لقاء نتنياهو في 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، للبدء في المرحلة الثانية، متوقعاً أن تقبل إسرائيل الدخول إليها وبدء مفاوضات إلى ما لا نهاية بشأن تنفيذ الانسحابات.

ويعتقد المدهون أن «القاهرة تدرك العراقيل الإسرائيلية وستطالب بتسريع العمل للانتقال إلى المرحلة الثانية لإنهاء أي ذرائع إسرائيلية متوقعة قد تفشل الاتفاق».


سبعة قتلى جراء استهداف مستشفى في السودان بطائرة مسيَّرة

تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
TT

سبعة قتلى جراء استهداف مستشفى في السودان بطائرة مسيَّرة

تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)

قال مصدر في مستشفى عسكري بمدينة الدلنج السودانية، الواقعة في الجنوب، التي تحاصرها «قوات الدعم السريع»، إن هجوماً عليها بطائرة مسيَّرة، الأحد، أسفر عن مقتل «7 مدنيين وإصابة 12».

ومن بين المصابين مرضى أو مرافقون لهم في المستشفى، حسب ما أفاد المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». ويقدم المستشفى خدماته للمدنيين والعسكريين على حد سواء.

وتقع الدلنج في جنوب كردفان، وما زالت تحت سيطرة الجيش السوداني، لكنها محاصرة من «قوات الدعم السريع».