حفتر يزور الإمارات... والسراج يعلن انتهاء عملية معبر رأس جدير

مهاجرون في قاعدة بحرية في طرابلس بعدما أنقذهم خفر السواحل الليبي أمس (رويترز)
مهاجرون في قاعدة بحرية في طرابلس بعدما أنقذهم خفر السواحل الليبي أمس (رويترز)
TT

حفتر يزور الإمارات... والسراج يعلن انتهاء عملية معبر رأس جدير

مهاجرون في قاعدة بحرية في طرابلس بعدما أنقذهم خفر السواحل الليبي أمس (رويترز)
مهاجرون في قاعدة بحرية في طرابلس بعدما أنقذهم خفر السواحل الليبي أمس (رويترز)

علمت «الشرق الأوسط» أن المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني الليبي، بدأ أمس زيارة غير معلنة لدولة الإمارات العربية المتحدة، في وقت عاد فيه الهدوء إلى العاصمة الليبية طرابلس، بعدما أعلن في وقت متقدم مساء أول من أمس عن التوصل إلى اتفاق بوساطة محلية يقضي بوقف الاشتباكات التي شهدتها منطقة شرق المدينة بين ميليشيات مسلحة موالية لحكومة الوفاق الوطني التي يترأسها فائز السراج وتحظى بدعم من بعثة الأمم المتحدة. كما أعلن السراج انتهاء العملية العسكرية التي قامت بها قوات حكومته في رأس جدير على الحدود مع تونس.
وقال مسؤول ليبي بارز لـ«الشرق الأوسط»، إن المشير حفتر يقوم حالياً بزيارة إلى الإمارات، لكنه لم يكشف مزيداً من التفاصيل، علماً أن هذه الزيارة التي تعتبر الأولى من نوعها هذا العام تأتي في سياق الاتصالات المستمرة بين قيادة الجيش الوطني في ليبيا ودولة الإمارات.
إلى ذلك، عقب ساعات من الإعلان عن اتفاق لوقف النار بين ميليشيات مسلحة في طرابلس، أعلنت بعثة الأمم المتحدة أن رئيسها غسان سلامة التقى أمس، بالسراج عقب وصوله إلى طرابلس، حيث ناقش معه تنفيذ خطة عمل الأمم المتحدة والوضع الأمني والإنساني وعودة نازحي تاورغاء.
من جهته، قال السراج في بيان، إن محادثاته مع المبعوث الأممي الذي جدد دعمه لمهمته، تناولت تطورات الوضع السياسي في ليبيا، والخطوات التي اتخذها لاستكمال المرحلة الانتقالية الحالية، وصولاً إلى الانتخابات وبدء مرحلة بناء ليبيا المستقرة. ونقل البيان عن السراج قوله إن هناك آلية لتنفيذ اتفاق المصالحة بين مدينتي مصراتة وتاورغاء (شرق طرابلس)، معلناً أن عودة أهالي تاورغاء ستبدأ في أول الشهر المقبل، كما أعرب عن أمله في أن يدشن هذا الحدث لمرحلة جديدة يسودها السلم الأهلي.
من جانبها، أكدت وكالة الأنباء الموالية لحكومة السراج، نجاح جهود المصالحة وعودة الهدوء وانسحاب كل الآليات المسلحة من منطقة القرة بوللي الواقعة على بعد 60 كيلومتراً شرق طرابلس، وإعادة فتح الطريق الساحلية، مشيرة إلى أن الاتفاق ينص على سحب القوة الموجودة حالياً على الطريق الرابطة بين المدينتين والتابعة إلى مدينة ترهونة إلى حدودها الإدارية. وينص الاتفاق على أن تتولى قوة أمنية تابعة للأمن المركزي في القرة بوللي تأمين البوابة الواقعة على الطريق الساحلية وسحب قوة أخرى موجودة بالمنطقة إلى خارجها بالتنسيق مع وزارة الداخلية، وعقد اجتماع بين الطرفين المعنيين لحل الإشكاليات العالقة بين المنطقتين.
في غضون ذلك، أعلنت حكومة السراج انتهاء المعارك التي جرت في أقصى غرب ليبيا على الحدود مع تونس. وأكدت الحكومة في بيان «انتهاء كل العمليات العسكرية في منطقة أبو كماش وما حولها، وصدرت التعليمات بتسلم أجهزة الدولة المختصة منفذ رأس جدير الحدودي»، مشيرة إلى أن «الترتيبات الأمنية التي اتخذتها كفيلة بتوفير الأمن في كامل المنطقة وإعادة الحياة إلى طبيعتها».
وكان المجلس الأعلى للدولة في ليبيا قد أعلن رفضه ترويع المدنيين جراء الأعمال العسكرية غرب البلاد. وأوضح بيان له أن رئيسه عبد الرحمن السويحلي دعا لدى لقائه أول من أمس بمسؤولين محليين كل الأطراف إلى التهدئة وتغليب صوت العقل، مؤكداً رفضه «ترويع المدنيين وأي أعمال قد تثير النعرات العرقية أو الجهوية»، ومشدداً على دعمه لـ«بسط سيطرة الدولة على كل المنشآت الحيوية والمنافذ دون استثناء أو انتقائية، وفقاً لإجراءات قانونية صحيحة». وأعلن الاتفاق على تسليم الحرس الرئاسي التابع للحكومة مهام تأمين معبر رأس جدير الحدودي، على أن تقوم وزارة الداخلية بإدارة المعبر من خلال الأجهزة التابعة لها وفق التشريعات والقوانين النافذة.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.