تجدد الاشتباكات بين ميليشيات تابعة لحكومة السراج في طرابلس

غرق 25 مهاجراً قبالة سواحل ليبيا... ونيجيريا تسرع إعادة مواطنيها

مهاجر يصارع الغرق بعد سقوطه من قارب خلال عملية لقوات خفر السواحل الإيطالية قبالة السواحل الليبية أول من أمس (رويترز)
مهاجر يصارع الغرق بعد سقوطه من قارب خلال عملية لقوات خفر السواحل الإيطالية قبالة السواحل الليبية أول من أمس (رويترز)
TT

تجدد الاشتباكات بين ميليشيات تابعة لحكومة السراج في طرابلس

مهاجر يصارع الغرق بعد سقوطه من قارب خلال عملية لقوات خفر السواحل الإيطالية قبالة السواحل الليبية أول من أمس (رويترز)
مهاجر يصارع الغرق بعد سقوطه من قارب خلال عملية لقوات خفر السواحل الإيطالية قبالة السواحل الليبية أول من أمس (رويترز)

تجددت في العاصمة الليبية طرابلس أمس اشتباكات عنيفة، استخدمت فيها أسلحة ثقيلة، بين ميليشيات موالية لحكومة الوفاق الوطني، في أحدث مؤشر على عجز الحكومة، التي يرأسها فائز السراج، وتحظى بدعم من بعثة الأمم المتحدة، عن فرض سيطرتها على العاصمة.
وعلى إثر هذه المعارك، أعلنت الشركة العامة للكهرباء عن اضطرارها لقطع الكهرباء، مشيرة في بيان لها إلى أن «الاشتباكات المسلحة أدت إلى فصل خطوط الكهرباء المغذية من الناحية الشرقية للمدينة، الأمر الذي ترتب عليه طرح أحمال يدوية في العاصمة للمحافظة على استقرار بقية الخطوط المتبقية». وقالت مصادر محلية إن منطقة القرة بوللي التي تقع على بعد 60 كيلومترا شرق طرابلس، شهدت تبادلا لإطلاق النار باستخدام الأسلحة الثقيلة والدبابات.
وكان اللواء السابع مشاة المعروف باسم «الكانيات» التابع لحكومة السراج، قد أعلن في بيان له أن القرة بوللي باتت منطقة عسكرية، وطالب بتسليمه أحد المتهمين بقتل أحد مقاتليه لدى عودته إلى منزله، مشيرا إلى أن من وصفه بالميليشياوي الغدار المدعو صدام الداعشي أحد أبناء مدينة القرة بوللي خطف الجندي وكان معه زميله الذي تمكن من الهرب والإبلاغ عن الحادثة. وأوضح أن قراره هذا يأتي بعد إخفاق محاولة لتدخل حكماء ومشايخ مدينة القرة بوللي من أجل إطفاء فتيل الفتنة.
وسيطرت ميليشيات كتيبة الكنايات على بوابة الشرطة العسكرية بالقويعة التابعة لكتيبة ثوار طرابلس شرق المدينة، حيث انتشرت آليات عسكرية حول البوابة، إثر هجوم خاطف تمكنت خلاله من طرد عناصر الشرطة العسكرية المسؤولة عنها.
وأعلنت كتيبة 301 مُشاة التابعة لحكومة السراج في بيان مقتضب عبر صفحتها الرسمية على موقع «فيسبوك»، أن عناصرها عثروا على سيارة مفخخة في منطقة الدريبي وسط طرابلس بعد وصول معلومات أمنية بشأنها، بينما قال مسؤول في الكتيبة إنه تم تفكيك المتفجرات، مشيراً إلى أن غرفة العمليات قامت بتأمين مكان الحدث، وسلّمت المتفجرات للجهات المختصة.
والتزمت حكومة الوفاق الصمت ولم تصدر أي بيان حول هذه التطورات حتى مساء أمس، فيما أعلنت في وقت سابق أن رئيسها فائز السراج التقى بمقره في طرابلس، مع فريق طبي أميركي زائر لجراحة قلب الأطفال.
وتعيد هذه الاشتباكات إلى الأذهان، المعارك التي خاضتها ميليشيات الكانيات نهاية يناير (كانون الثاني) من العام الماضي في المنطقة نفسها بسبب خلاف مع مهربين.
وكانت كتيبة ثوار طرابلس قد أعلنت في يوليو (تموز) الماضي عن بسط سيطرتها على مدينة القرة بوللي والمرافق الحيوية ومحطات الوقود والبوابات الرئيسية فيها، بعد عملية عسكرية ضد من وصفتهم آنذاك بالمجموعات الخارجة على القانون.
وأعربت اللجنة الليبية الوطنية لحقوق الإنسان عن قلقها لما وصفته بتطورات أحداث العنف والاشتباكات المسلحة واستخدام الأسلحة الثقيلة، بمنطقة القرة بوللي، وطالبت بالوقف الفوري لإطلاق النار بالمنطقة، لتجنيب المدنيين ويلات الحرب.
وحثت اللجنة مجالس الحكماء والأعيان بمنطقة ترهونة والقرة بوللي على التدخل العاجل لوقف إطلاق النار والحد من التصعيد المسلح وتهدئة الأوضاع في المنطقة. ودعت مجلس الأمن الدولي والمنظمات الحقوقية الدولية إلى فرض عقوبات دولية وملاحقة الأطراف المتورطة في التصعيد العسكري وإثارة أعمال العنف واستهداف المدنيين بالقصف العشوائي والأسلحة الثقيلة والصاروخية، باعتبارها جرائم حرب مكتملة الأركان.
بدوره، دعا مجلس مشايخ وأعيان مدينة ترهونة إلى تلاحم أبناء المدينة في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها المدينة والوقوف صفاً واحداً في وجه من يحاول تمزيق نسيجها الاجتماعي ويفتت وحدتها وينشر الفتن بين أهاليها.
إلى ذلك، أعلن حافظ بن ساسي رئيس بلدية زوارة، عن التوصل لاتفاق مع حكومة السراج لتجميد العملية العسكرية التي بدأتها قوات موالية لها الجمعة للسيطرة على معبر رأس جدير الحدودي مع تونس وبلدات حدودية صغيرة. وأطلقت قوات تابعة للمنطقة العسكرية الغربية المنبثقة عن رئاسة الأركان العامة بحكومة الوفاق الوطني الجمعة عملية عسكرية غرب ليبيا للسيطرة على معبر رأس جدير الحدودي مع تونس وفرض الأمن ومكافحة التهريب، حسب ما أعلن آمر هذه المنطقة اللواء أسامة الجويلي. وخاضت هذه القوات، أول من أمس، معارك ضد قوات من مدينة زوارة الواقعة على بعد 120 كيلومتراً غرب طرابلس، تسيطر على معبر رأس جدير الحدودي.
وقال ساسي لوكالة أنباء «شينخوا» الصينية «إن اجتماعا بين المجلس البلدي وممثلي الأجهزة الأمنية ومجالس الحكماء بزوارة، ورئيس حكومة الوفاق فائز السراج، انتهى إلى اتفاق بتجميد العمليات العسكرية في المنطقة الممتدة من أبي كماش إلى معبر رأس جدير الحدودي»، لافتا إلى أن الاتفاق تضمن الدعوة إلى عقد اجتماع بين إدارة معبر رأس جدير ومديرية أمن زوارة والجويلي، لبحث الترتيبات الأمنية الخاصة بالمنطقة. وأوضح «معبر رأس جدير الحدودي أعيد افتتاحه رسميا بعد إغلاقه أمس بسبب الأعمال العسكرية». وكان الجويلي قد أعلن إثر انطلاق العملية العسكرية إصدار تعليمات فورية بإغلاق معبر رأس جدير لحين تنظيم العمل الأمني به وبالطريق إليه.
من جهة أخرى، أعلن وزير الخارجية النيجيري جيفري أونياما أن بلاده بدأت بتوجيه رحلات جوية لنقل الآلاف من مواطنيها من ليبيا، وأن الرحلات ستستمر إلى أن يعود كل من يرغب من أبناء الوطن إليه. وقال أونياما للصحافيين خلال زيارته طرابلس إن بلاده تركز على إعادة المواطنين النيجيريين إلى بلدهم بأسرع وقت ممكن، موضحا أن نيجيريا تتوقع إعادة نحو 5500 نيجيري جواً لكن الوضع على الأرض يجعل تحديد عددهم صعبا. وقال: «تصل اليوم طائرتان ونأمل في عودة ما يصل إلى 800 نيجيري اليوم. بعض المشكلات تتمثل في تحديد عددهم بدقة، إذ إن بعضهم موجود في مخيمات تحت سيطرة الحكومة المركزية. ومن الواضح أن البعض الآخر خارج تلك المخيمات. كما أن بعضهم في أماكن يصعب دخولها وربما لا يوجد للحكومة المركزية سلطة كاملة عليها». وأوضح أن بعض المجرمين المتورطين في أعمال التهريب والاتجار بالمهاجرين «لديهم أيضا مصلحة في عدم عودة بعضهم إلى وطنهم إذ يمثلون بالنسبة لهم أصولا اقتصادية».
وقال خفر السواحل الإيطالي إنه أنقذ أول من أمس 84 شخصاً قادمين من ليبيا عبر البحر المتوسط، كما انتشل 8 جثث خلال عمليات إغاثة لمهاجرين غير شرعيين لا تزال جارية في المياه الدولية، بمشاركة زوارق دورية تابعة لخفر السواحل، ووحدات تابعة لسلاح البحرية الإيطالية. ولقي 25 شخصاً على الأقل مصرعهم قبالة سواحل ليبيا في غرق زورق كان يقل نحو 150 مهاجرا، كما ذكرت منظمتا إغاثة غير حكوميتين. وكتبت منظمة «سي واتش» الألمانية على «تويتر»: «غرق زورق مطاطي شمال طرابلس مما أدى إلى مصرع 25 شخصا على الأقل، والعدد الدقيق ليس واضحا بعد}.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.