الصين: أول زيادة سنوية للاحتياطي الأجنبي منذ 2014

TT

الصين: أول زيادة سنوية للاحتياطي الأجنبي منذ 2014

ارتفعت احتياطيات الصين من النقد الأجنبي خلال ديسمبر (كانون الأول) الماضي إلى أعلى مستوى فيما يزيد على عام، متجاوزة توقعات المحللين، حسب بيانات أعلنها البنك المركزي الصيني، أمس. وبالنسبة إلى العام الماضي بأكمله، فقد زادت الاحتياطيات الصينية بقيمة 129.5 مليار دولار، عن مستواها السابق عند 3.011 تريليون دولار في نهاية 2016، لتسجل بذلك أول زيادة سنوية منذ 2014.
وزاد الاحتياطي في ديسمبر، للشهر الحادي عشر على التوالي، بقيمة 20.2 مليار دولار، ليبلغ 3.14 تريليون دولار، وهو الأعلى منذ سبتمبر (أيلول) 2016.
وتمثل زيادة الاحتياطي الصيني في الشهر الأخير من العام الماضي أكبر زيادة شهرية منذ يوليو (تموز). وكانت زيادة نوفمبر (تشرين الثاني) 10 مليارات دولار. وتوقع محللون، في استطلاع أجرته وكالة «رويترز»، أن ترتفع الاحتياطيات 6 مليارات دولار إلى 3.125 تريليون دولار.
ويأتي ازدهار الاحتياطي الصيني في ظل قوة عملة اليوان المحلية، علاوة على اتجاه البلاد إلى تشديد القيود على حركة رؤوس الأموال.
وارتفع اليوان خلال 2017 بنحو 6.8% مقابل الدولار، متعافياً من خسارة بنسبة 6.5% حققها في 2016. ويعد صعود العملة العام الماضي تغييراً لاتجاهها نحو الانخفاض الذي استمر 3 سنوات متوالية.
وزادت قيمة احتياطيات الذهب في الصين إلى 76.47 مليار دولار في نهاية ديسمبر الماضي، من 75.833 مليار دولار في نهاية نوفمبر الماضي، وفقاً للبيانات المنشورة على موقع بنك الشعب الصيني (البنك المركزي).
وقالت الجهة المنظمة لسوق الصرف الصينية إنها ستعمل على جعل احتياطات النقد الأجنبي وميزان المدفوعات «متوازنين ومستقرين» خلال 2018.
كانت الصين قد شددت في نهاية العام الماضي القيود على الحد الأقصى للسحب النقدي لحاملي البطاقات البنكية من خارج البلاد، وبررت ذلك بأنها تعمل على مكافحة تبييض الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي. وسيكون الحد الأقصى للسحب سنوياً 100 ألف يوان صيني للشخص، بغض النظر عن عدد البطاقات التي يملكها. بعد أن كان الحد الأقصى للسحب النقدي السنوي 100 ألف يوان لكل بطاقة، لكن ليس هناك ما يمنع أي شخص من سحب هذا المبلغ مراراً باستخدام بطاقات متعددة.
ونقلت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية عن محلل إقليمي قوله إن «الهدف من هذا التوجه هو التضييق على حركة رؤوس الأموال»، مشيراً إلى أنه كان غير متوقع في ظل ضعف حركة خروج رؤوس الأموال.
وأضاف المحلل أن القواعد الجديدة تعكس رغبة الصين في إدارة خروج رؤوس الأموال بطريقة أكثر تشدداً، وبشكل أخص على مستوى الأفراد.
ووفقاً للقواعد الجديدة المطبّقة من أول يناير (كانون الثاني) الجاري، فإن من يتجاوز الحد الأقصى سيُمنع من الصفقات العابرة للحدود لبقية العام وللعام التالي.
كما عملت الصين على الحد من «الصفقات الصادرة» (outbound) بعد تفاقم الصفقات خارج البلاد في عام 2016 والتي استنزفت احتياطي الصين من النقد الأجنبي، ووضعت الحكومة العام الماضي إطاراً جديداً يحفز أولويات بكين الاستراتيجية ويثبط صفقات في مجال الترفيه والرياضة والعقارات والسلع الفاخرة، وفقاً للصحيفة البريطانية.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.