«عندما جاء، كنا في ورطة وكانت الأمور شديدة الصعوبة. لم يكن يشعر بالذعر، لكنه كان هادئا وجعلنا نشعر بالهدوء. لقد ساعدنا على تجنب الكوارث في أكثر الأوقات أهمية. لقد أنقذنا».
هذه هي الكلمات التي قد يقولها رئيس نادي كريستال بالاس، ستيف باريش، عن المدير الفني للنادي روي هودجسون في نهاية الموسم. وفي الواقع، كانت هذه هي الكلمات التي سمعها هودجسون في صيف عام 1997، عندما أنهى مسيرته التي امتدت لعامين مع نادي إنتر ميلان. وكان مالك النادي الإيطالي، ماسيمو موراتي، يلخص تأثير المدرب الإنجليزي على النادي الذي كان يعاني بشكل دائم، والذي كان قد غير سبعة مديرين فنيين في السنوات الخمس التي سبقت وصوله، والذي غير أيضا سبعة مديرين فنيين آخرين خلال السنوات الخمس التالية لرحيل هودجسون عن النادي.
وخلال عمله مع 15 نادياً وأربعة منتخبات، كان هودجسون لديه طريقة تميزه عن باقي المدربين في العمل. وما نراه خلال تجربته الحالية مع نادي كريستال بالاس يشبه إلى حد كبير التجربة التي قضاها مع نادي إنتر ميلان الإيطالي.
لقد تولى هودجسون تدريب إنتر ميلان بعد فترة قصيرة من بداية الدوري الإيطالي الممتاز لموسم 1995 / 1996 وكان أول موسم من الموسمين اللذين قضاهما مع النادي الإيطالي يعمل على مساعدة الفريق الذي لم يكن به نجوم سوى بول إنس وروبرتو كارلوس على الارتقاء من مؤخرة جدول ترتيب الدوري الإيطالي الممتاز إلى المركز السابع بنهاية الموسم.
وفي الموسم الثاني، قاد النادي لاحتلال المركز الثالث والوصول للمباراة النهائية للدوري الأوروبي، التي خسرها النادي الإيطالي بركلات الترجيح أمام شالكه الألماني، قبل أن يرفض التوقيع على عقد جديد ويعود لإنجلترا ليقضي تجربة قصيرة وغير سعيدة مع نادي بلاكبيرن روفرز.
وبعد 10 سنوات كاملة من الرحيل عن إنتر ميلان، تلقى عرضا من محمد الفايد لإنقاذ نادي فولهام، الذي كان في منطقة الهبوط بالدوري الإنجليزي الممتاز عندما تم إقالة لوري سانشيز من منصبه كمدير فني للفريق قبل أسبوع واحد من نهاية ديسمبر (كانون الأول).
وخلال أول شهر له مع فولهام، تعرض هودجسون لثلاث هزائم وتعادل في الدوري الإنجليزي الممتاز قبل أن تتحسن نتائج الفريق بالفوز على ملعبه أمام أستون فيلا. وبعد ذلك، تعرض الفريق لثلاث هزائم متتالية أخرى لتؤكد صعوبة المهمة التي جاء من أجلها هودجسون. ورغم ذلك، أنهى فولهام الموسم بالفوز في أربع مباريات من آخر خمس مباريات بالموسم، وتمكن من البقاء في الدوري الإنجليزي الممتاز بفارق ضئيل للغاية عن أقرب منافسيه.
وفي الموسمين التاليين، قاد هودجسون نادي فولهام لإنهاء الدوري الإنجليزي الممتاز في المركز السابع - أعلى مركز يصل إليه النادي في تاريخه في المسابقة - والمركز الثاني عشر. وعلاوة على ذلك، قاد هودجسون نادي فولهام للوصول إلى المباراة النهائية للدوري الأوروبي عام 2010، والتي خسرها في الوقت الإضافي أمام أتليتكو مدريد. وكان الفوز على يوفنتوس الإيطالي بأربعة أهداف مقابل هدف وحيد في مباراة الذهاب لدور الستة عشر والتأهل لدور الثمانية بعد الخسارة في تورينو بثلاثة أهداف مقابل هدف هو الليلة الأكثر بهجة وسعادة في تاريخ النادي الممتد عبر 139 عاما.
وبعد تسعة أشهر من الرحيل عن فولهام، وبعد نصف موسم كارثي مع ليفربول، تلقى هودجسون عرضا لتولي القيادة الفنية لنادي وست بروميتش ألبيون، الذي كان يبتعد عن منطقة الهبوط بفارق الأهداف. وخلال المباريات الـ12 المتبقية من الموسم، قاد هودجسون وست بروميتش ألبيون لتحقيق خمسة انتصارات (بما في ذلك الفوز على ليفربول)، والتعادل في خمس مباريات وأنهى الموسم في المركز الحادي عشر، ثم المركز العاشر في الموسم الثاني والأخير له مع النادي.
وكان من الغريب أن تحيط الشكوك حول تعيين هودجسون مديرا فنيا لكريستال بالاس في سبتمبر (أيلول) الماضي ليصبح المدير الفني الحادي عشر للنادي خلال عشرة مواسم، بعدما بدأ الفريق الموسم بالخسارة في أربع مباريات متتالية في الدوري الإنجليزي الممتاز بقيادة المدير الفني الهولندي فرانك دي بور. وكانت سمعة هودجسون التدريبية لا تزال متأثرة بفشله في قيادة المنتخب الإنجليزي لتحقيق نتائج إيجابية في كأس العالم 2014 وكأس الأمم الأوروبية 2016. لكنها سبق وتأثرت أيضا بتجربتيه في كل من بلاكبيرن روفرز وليفربول، لكن التاريخ يثبت أنه يحقق نجاحا كبيرا في حال توفر الظروف المناسبة.
وقد توفرت تلك الظروف المناسبة للعمل في ملعب سيلهرست بارك، بالقرب من مسقط رأسه في مدينة كرويدون، حيث كان يلعب وهو صغير، كما نجح هودجسون في جلب راي ليوينغتون الذي سبق له العمل كمدير فني للفريق الأول بالنادي وكمدرب مؤقت في كريستال بالاس في منتصف التسعينات من القرن الماضي. وربما كانت طبيعة التحدي هي العامل المثالي بالنسبة لهودجسون، إلى جانب الظروف المناسبة التي تحدثنا عنها سابقا.
وبدأ هودجسون العمل مع كريستال بالاس بثلاث هزائم، بما في ذلك الهزيمة بخماسية نظيفة على ملعب الاتحاد أمام مانشستر سيتي وبرباعية نظيفة على ملعب أولد ترافورد أمام مانشستر يونايتد. وعندما أعقب تلك الانتكاسات الفوز على تشيلسي بهدفين مقابل هدف وحيد، قال لاعب خط الوسط السابق داني ميرفي، الذي سجل الهدف الحاسم الذي أبقى فولهام في الدوري الإنجليزي الممتاز عام 2008، إنه بدأ يرى بصمات هودجسون على أداء كريستال بالاس، حيث كان هناك شكل منظم للفريق يجعلك تشعر بأن كل لاعب يعرف دوره جيدا داخل الملعب، وهو ما يعكس العمل الذي يقوم به المدير الفني ومساعدوه يوميا في التدريبات.
ومنذ الفوز على تشيلسي، نجح كريستال بالاس في تحقيق الفوز في أربع مباريات والتعادل في سبع مباريات أخرى ليرتقي من المركز العشرين إلى المركز الرابع عشر في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز، رغم خسارته في سبع مباريات أخرى. صحيح أن الفريق ليس في مركز آمن بعيدا عن منطقة الهبوط، لكنه على الأقل يلعب بشكل يؤهله لتحقيق نتائج إيجابية خلال الفترة المقبلة.
وفي ظل وجود ويلفريد زاها - الذي استعاد مستواه الطبيعي بعد عودته إلى كريستال بالاس، بغض النظر عن وجهة نظر وكيل أعماله - فإن كريستال بالاس لديه سلاح قوي لتعويض كريستيان بنتيكي، الذي كان مجهوده البدني يرهق مدافعي الفرق الأخرى لكنه لم يكن يمتلك الفعالية الهجومية والقدرة على إنهاء الهجمات بشكل مناسب، وهو ما كان يعني أن هودجسون يدخل المباريات بعشرة لاعبين ونصف وليس 11 لاعبا. لقد نجح كريستال بالاس في تحقيق التعادل أمام مانشستر سيتي في ليلة رأس السنة بفضل التنظيم التكتيكي والتهديد الذي يمثله زاها للمدافعين والروح التي يلعب بها خط دفاع ووسط الفريق.
ورغم ذلك، فإن هودجسون ينقصه الكثير والكثير من حيث الكياسة واللباقة، فلم يكن من الحكمة على سبيل المثال أن يقارن مسيرته التدريبية بمسيرة المدير الفني الأسطوري لمانشستر يونايتد السير أليكس فيرغسون.
كما أعطى هودجسون الفرصة لمنتقديه لكي يشنوا عليه هجوما لاذعا بعدما غادر المؤتمر الصحافي الأخير له خلال توليه قيادة المنتخب الإنجليزي وهو يقول: «أنا لا أعرف ما الذي أفعله هنا». وعلاوة على ذلك، ينتمي هودجسون لجيل المديرين الفنيين الذين ينفعلون بشدة وتتغير قسمات وجوههم بعد الهزيمة، ولذا عانى كثيرا من كاميرات التلفزيون التي تركز عليه في حال خسارة فريقه للمباريات.
ربما لا تنجح طريقة هودجسون في اللعب مع الفرق الكبرى التي يحتاج فيها النجوم إلى ما هو أكثر من مجرد التدريبات العادية للاستحواذ على اهتمامهم وتركيزهم، لكن يجب على الجميع أن يعترف بما قدمه هذا المدير الفني القدير في عالم كرة القدم.
هودجسون أحبط المشككين وكان على قدر التحدي في كريستال بالاس
أصبح مدرباً متخصصاً في إنقاذ الفرق المتعثرة بعد تجاربه في الإنتر وفولهام وبروميتش
لاعبو كريستال بالاس حققوا انتفاضة تحت قيادة روي (رويترز) - روي هودجسون نجح في التحدي مع بالاس
هودجسون أحبط المشككين وكان على قدر التحدي في كريستال بالاس
لاعبو كريستال بالاس حققوا انتفاضة تحت قيادة روي (رويترز) - روي هودجسون نجح في التحدي مع بالاس
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة

