مطعم الاسبوع; «أبو السيد» فاتح شهية زوار شرم الشيخ

تكاد تتحسس أمعاءك كلما اقتربت خطواتك منه، كرنفال شهي من روائح المأكولات الشعبية يتراقص على أنغام أغاني أم كلثوم، يصاحبه باقة منتقاة من الأمثال الشعبية المرحة تتناثر على جدران مطعم «أبو السيد» الشهير بمنتجع شرم الشيخ السياحي، حيث تطالعك أشهى الأطباق الشعبية المصرية، التي تبدأ بالطعمية والكشري وتصل إلى الحمام المحشي بالفريك والممبار والكوارع.
يقع المطعم في قلب الممشى السياحي الشهير بخليج نعمة، حيث يمر معظم السائحين من هناك. وبمجرد الولوج في أرجائه، لا تستطيع أن تقاوم مغامرة تناول وجبة شهية من هذه الأطباق.
ورغم أن تجربة الأكلات الشعبية المصرية تم استنساخها في كثير من مطاعم القاهرة، فإن مطعم «أبو السيد» يقدمها بطريقة مختلفة، كما يؤكد محمود (مدير المطعم)، لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «لا نقدم مجرد أطعمة، بل نعمل على فتح شهية المرتادين، خصوصاً من السياح الأجانب، عبر الانتقال إلى الأجواء المصرية الشعبية القديمة، باستحضار الأمثال الشعبية والأقوال المأثورة عن الطعام، المنتشرة على حوائط وموائد المطعم في جميع جنباته، وكذلك أنغام الأغاني الكلاسيكية لأم كلثوم وشادية ونجاة الصغيرة وعبد الوهاب».
ويتابع: «نقدم جميع الوجبات الشعبية المصرية الشهيرة، وعلى رأسها الملوخية والمحاشي والممبار وشوربة وفتة الكوارع والحمام وغيرها، إضافة إلى الطواجن بأنواعها، والموزة، وسمك الصيادية، إلى جانب الفول والفلافل، المعدة بجودة عالية، ونحرص على أن يحس الزبون بأنه يأكل في بيت مصري أصيل وليس في مطعم سياحي».
المطعم يجذب بأسلوبه المميز السياح الأجانب الذين يبحثون عن الأجواء المصرية الجديدة، التي قلما تنتشر في منتجع شرم الشيخ السياحي، حيث الفنادق الفارهة ذات الطراز الأوروبي الحديث.
أثاث المطعم جزء من الرونق المصري بتراثه العتيد، حيث يعتمد الديكور على أسلوب ومفردات الأرابيسك، فالأرضية من البلاط المزخرف، وكذلك الحوائط ذات الأحجار الملونة، وثريات ملونة متدلية من الأسقف، كما تجد المقاعد الخشبية، في حين يقدم الطعام في أوان نحاسية وفخارية، وكأنك في أحد قصور القاهرة الفاطمية القديمة، حيث يصبح المكان مزاراً سياحياً مستقل بذاته.
أهم ما يطالعك في المطعم الفرن الحجري التقليدي، حيث العيش المصري (المفقّع) بطريقة خبزه الرائعة، وهذا ما يجعل تذوق الخبز في المطعم أمراً لا مفر منه. يقول جورج (صاحب الجنسية اللبنانية)، أحد مرتادي المطعم: «إنه مطعم ساحر يقدم بالنسبة لي تجربة جديدة... حيث عشقت الطعام المصري وجربت أنواعا متعددة... عليك بالطعمية والمحشي».أما عن الحلو فنجد المشروبات المصرية المميزة وعلى رأسها عصير القصب والليمون بالنعناع، في حين يتصدر طبق «أم علي» بالمكسرات الشهير المقدم في «طاجن فخار»، الحلويات بعد الطعام.
في جميع أرجاء المطعم، وفي صدارة المنيو (قائمة الطعام) تجد صورة لشخص مصري أسطوري يدعى «أبو السيد»، صاحب شارب ويرتدي الجلباب والطربوش، وهو صاحب فكرة إقامة المطعم.
يروي مدير مطعم شرم الشيخ، حكايته قائلاً: «إنها قصة أسطورية ترمز لرجل مصري قديم في القرون السابقة في عهد الملوك والسلاطين، حينما كان هناك طباخ مصري ماهر جداً في أكله يدعى (أبو السيد)، اعتاد إقامة الولائم لأصدقائه وأهل الحي، على أن يأخذ آراءهم فيما يقدمه، ومع مرور الوقت ذاع صيته في الحي، وأصبح الإقبال على طعامه كثيفاً».
ويتابع الرواية: «كان هناك ملك في ذلك العصر يشتهي الأكل جداً، فطلبه للعمل معه... وهنا فرح أبو السيد بذلك العرض، لكي يجرب عيشة الترف والملوك، لكن مع الوقت حن أبو السيد لأهله وأصحابه وحياته الشعبية، فطلب من الملك العودة إليهم مرة أخرى لكي يستعيد أيامهم الزاهرة، غير أن الملك رفض طلبه... وهنا حاول الهرب من القصر فعرف الملك، وعرض عليه أن يخرج في مقابل أن يمنحه كتاب أسراره في الطبخ، غير أن (أبو السيد) خبأ كتابه وهرب واختفى عن الجميع دون أن يدري أحد مكانه حتى الآن».