موسكو تسأل دمشق عن مصدر قصف القاعدة الروسية في حميميم

TT

موسكو تسأل دمشق عن مصدر قصف القاعدة الروسية في حميميم

تضاربت المعلومات والتكهنات كذلك بشأن الجهة المسؤولة عن القصف الذي تعرضت له قاعدة حميميم الجوية الروسية في اللاذقية بقذائف هاون يوم 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وأفيد بأن موسكو سألت دمشق عن القصف.
ولم تكشف وزارة الدفاع الروسية عن تفاصيل حول القصف، تساعد على تحديد المنطقة التي صدر منها، وعيار الهاون المستخدم في القصف. مع ذلك حمل سياسيون روس «دواعش» تدربهم الولايات المتحدة المسؤولية عن الحادثة، بينما حاول خبراء عسكريون من روسيا إبعاد الشبهات عن النظام السوري، ومن جانبها رجحت المعارضة السورية أن مجموعات من الطائفة العلوية مناهضة للنظام، أو ميليشيات مدعومة من إيران ربما تكون المسؤولة عن قصف قاعدة حميميم. وكانت صحيفة «كوميرسانت» الروسية أول من أعلن عن القصف وقالت إنه أدى إلى تدمير سبع طائرات حربية وإصابة عشرات العسكريين، واضطرت وزارة الدفاع الروسية للإقرار بواقعة تعرض حميميم للقصف، لكنها نفت تدمير مقاتلات وقالت إن القصف أسفر عن مقتل عسكريين اثنين فقط.
ونشرت قناة «روسيا اليوم» على موقعها أمس تقريرا، نقلا عن وكالة أنباء اسمها «فيستنيك موردوفيا»، وهو موقع إخباري محلي لجمهورية موردوفيا العضو في الاتحاد الروسي، ويعرض التقرير استنتاجات خبراء بشأن نوع المدفع المستخدم في قصف حميميم. ودون ذكر اسم أي من الخبراء، يقول التقرير إن المدفع الذي يرجح أنه استخدم في قصف حميميم هو مدفع الهاون الأوتومامتيكي من عيار 82 مم، المعروف باسم «فاسيلوك»، سوفياتي الصنع، وما زال مستخدما حتى الآن في جيوش عدد من دول العالم. وهو مدفع خفيف لا يزيد وزنه عن 630 كغ، ويمكن نقله داخل صندوق سيارة شحن. ويؤكد التقرير أن قوات النظام السوري لا تمتلك مثل هذا النوع من المدافع، وأن المجموعات المسلحة في محافظة اللاذقية، أي فصائل المعارضة، كانت تحصل على مدافع كهذه من تركيا، ومن ثم وقعت بعض تلك المدافع بأيدي «داعش». لكن موقع «The Military Balance» يؤكد أن قوات النظام السوري استخدمت هذا النوع من المدافع حتى عام 2017. وقال ضابط خدم في الثمانينات في كلية المدفعية في حلب التابعة للنظام السوري إنه لم ير طيلة فترة خدمته مثل هذا المدفع في قوات النظام، لكنه لم يستبعد احتمال دخوله الخدمة في سنوات لاحقة، وربما في سنوات الأزمة، لافتاً إلى أن المدفع المذكور فعال قتاليا ضمن الوضع الميداني الراهن في سوريا.
في الشأن ذاته، قالت وكالة «سمارت» إن الجيش السوري الحر كشف عن وثيقة صادرة عن استخبارات النظام السوري تقول إن القصف الذي استهدف القوات الروسية في مطار حميميم باللاذقية غربي سوريا، جاء من مناطق خاضعة لسيطرة النظام.
ولم يجر التأكد من الوثيقة من مصادر مستقلة. ويظهر في الوثيقة التي وصلت «سمارت» صورة منها، أمر من رئيس شعبة المخابرات في اللاذقية بالتقصي عن «مجموعة إرهابية» استهدفت المطار من منطقة بستان الباشا القريبة والتي تتمركز فيها ميليشيا «الدفاع الوطني» وفق الوثيقة. ونقلت الوكالة عن فاتح حسون، القائد العام لـ«حركة تحرير الوطن» التابعة للجيش الحر، قوله إن صيغة الوثيقة تشير إلى أن النظام يشك بجماعات من الطائفة العلوية سهلت أو خططت للهجوم. وأشار حسون إلى أنه «من المعروف أن بستان الباشا تضم معارضات تاريخية لآل الأسد، ويبدو أن الكتلة الطائفية الصلبة داخل النظام بدأت بالتفكك، وتظهر الجماعات العلوية المناهضة للنظام بأعمال عسكرية ضده بعدما كانت تكتفي بالعمل السري والبيانات». من جانبه رجح أيمن العاسمي المتحدث الرسمي باسم الجيش السوري الحر أن تكون مجموعة تابعة لإيران، اسمها «جمعية الإمام المرتضي» هي التي نفذت الهجوم بالهاون على حميميم.



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».