نصر الله يسعى لإقناع فصائل فلسطينية بـ«دفن التسوية السلمية»

5 لقاءات جمعته بقادة «حماس» خلال عام

TT

نصر الله يسعى لإقناع فصائل فلسطينية بـ«دفن التسوية السلمية»

بدا كشف أمين عام «حزب الله»، حسن نصر الله، عن لقاءات عقدها بشكل منفصل مع ممثلي الفصائل الفلسطينية، بينها حركة فتح، خلال الأسبوعين الماضيين، مؤشراً على تحضير الحزب ومن خلفه إيران لحشد الفصائل الفلسطينية، ومن بينها فتح، حول موقف يعتبر أن التسوية الفلسطينية قد انتهت بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب القدس عاصمة لإسرائيل، وأن الخيار الآن هو إعادة تفعيل الانتفاضة الفلسطينية.
وكانت لافتة الإشادة الكبيرة من نصر الله بـ«فتح»، التي قال إنه لا يوجد انتفاضة من دونها، مقدراً حجمها التمثيلي الكبير.
وفيما تعد بعض اللقاءات استكمالاً للقاءات يعقدها نصر الله مع فصائل فلسطينية بشكل متكرر، اتسمت لقاءات أخرى بأنها «استثنائية»، بالنظر إلى أن ممثليها يلتقون ممثلين عن «حزب الله» من غير لقاء أمينه العام. وأجمعت الفصائل على أن اللقاءات عقدت بغرض «التشاور» حول الاستراتيجيات المقترحة للرد على قرار ترمب، من غير أن تبحث في الإجراءات المحتملة والسياق العملاني للرد.
وكشف نصر الله، في حديث لقناة «الميادين» مساء أول من أمس، أنه التقى خلال الأسبوعين الماضيين، «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، و«الجبهة الشعبية القيادة العامة»، و«حركة فتح الانتفاضة»، و«منظمة الصاعقة»، و«حركة النضال الوطني الشعبي»، و«حركة حماس»، و«الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين»، و«الجهاد الإسلامي»، و«حركة فتح» التي ترأس وفدها عضو اللجنة المركزية عزام الأحمد. وقال إن «(حزب الله) حرص خلال اجتماعاته مع الفصائل الفلسطينية على العمل على نقطة إجماع»، وأنه «بحث مع الفصائل الفلسطينية في تفعيل الانتفاضة في الداخل الفلسطيني وفي الخارج، وفي كيفية تأمين الدعم لها»، ولفت إلى أن «إيران مولت هبّة القدس، ودعمت عائلات الفلسطينيين، وستستمرّ في ذلك»، لكنه قال في الوقت نفسه إن «حزب الله» ليس وسيطاً في تقديم الدعم المالي بين الفصائل الفلسطينية وإيران «التي تفتخر بتقديم هذا الدعم».
ويعد اللقاء بين «حماس» وأمين عام «حزب الله» هو الخامس خلال عام 2017، بحسب ما قاله ممثل حركة «حماس» في لبنان، علي بركة، لـ«الشرق الأوسط»، لافتاً إلى أن بعض اللقاءات كان يعلن عنها في الإعلام، وأخرى لم يعلن عنها، مشدداً على أن اللقاءات بين الطرفين «لم تنقطع في عام 2017، وهي مستمرة». وقال إن اللقاء الأخير الذي أعلن عنه نصر الله «كان جزءاً من لقاءات أمين عام الحزب مع الفصائل الفلسطينية، كل على حدة، وكانت له مناسبة بعد إعلان ترمب»، لافتاً إلى أن اللقاء حضره، إضافة إلى بركة، وفد مركزي من المكتب السياسي في حركة «حماس»، بينهم صالح العاروري والشيخ أبو مرزوق، من غير الإفصاح عن أسماء أخرى.
وقال بركة إن اللقاء مع قيادة «حماس» تناول الوضع الفلسطيني بعد قرار ترمب اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، وتداعياته على القضية الفلسطينية وعلى عملية التسوية، مشيراً إلى أن اللقاء «بحث سبل دعم الانتفاضة في فلسطين».
وقال بركة لـ«الشرق الأوسط» إن هناك «قراءة مشتركة بين (حزب الله) وحماس حول ضرورة دعم الانتفاضة واستمرارها، واعتبرنا أن القرار هو دفن لعملية التسوية، وأعادنا إلى 26 عاماً إلى الوراء، إلى ما قبل مؤتمر مدريد في عام 1991، ودمر عملية السلام، وأعاد الأمور إلى مربع الانتفاضة». وأضاف أننا اعتبرنا أن القرار الأميركي «يؤكد صوابية رؤيتنا وموقفنا الرافض لعملية التسوية في أوسلو».
وأكد بركة أن اللقاء كان «تشاورياً، ولم يكن لقاء إجرائياً»، حيث «لم تتخذ قرارات، بل اقتصر على التشاور حول سبل دعم الانتفاضة في فلسطين لأنها الرد الطبيعي على جرائم الاحتلال».
وكان نصر الله قد أكد أن «العلاقة لم تنقطع. يُمكن القول إن دفئها تراجع، وكنا مختلفين حول بعض القضايا، ولكن اليوم الأمور أحسن، وإلى مزيد من تطويرها».
وخلافاً للقاء المتكرر مع «حماس»، فإن اللقاء مع ممثلي حركة فتح كان استثنائياً، بالنظر إلى أن اللقاءات التي كانت تعقدها الحركة مع ممثلي الحزب، في إطار التواصل مع الأحزاب اللبنانية، لم تُعقد مع نصر الله شخصياً منذ وقت طويل. وقال أمين سر حركة فتح في لبنان، فتحي أبو العردات، لـ«الشرق الأوسط»، إن اللقاء جاء في إطار اللقاءات التي عقدها نصر الله مع سائر الفصائل الفلسطينية، مضيفاً: «إننا في حركة فتح نلتقي مع جميع الأحزاب اللبنانية في سبيل القضية الفلسطينية»، موضحاً أن اللقاءات مع المكونات السياسية اللبنانية «هدفت للتصدي لقرار ترمب الأخير، وكيفية تنظيم تحركاتنا في الداخل والخارج لمواجهته».
وقال أبو العردات إن اللقاء مع نصر الله «بحث في تصورات مرتبطة بالمخاطر والمرحلة المقبلة»، مضيفاً: «إننا نلتقي مع (حزب الله) في إطار توحيد الجهود لمواجهة المخاطر والقرارات التي تمس القدس والقضية الفلسطينية ووحدة الموقف والوحدة الوطنية الفلسطينية»، مشدداً على «أننا ننسق مع كل الأطراف، ومع الدولة اللبنانية، ونتشاور بمثل هذه الملفات».
ونفى أبو العردات أن يكون اللقاء قد تطرق إلى الدعم الإيراني للفصائل، موضحاً: «بل تحدثنا عن عناوين لتوحيد الجهود للتكامل بين نضال الشعب الفلسطيني والحركات الشعبية بعد إعلان ترمب، وأبدينا وجهة نظرنا حول تفعيل الانتفاضة».
وكان نصر الله قد قال إن «فتح» موافقة على التوجه الذي تحدث عنه بتفعيل الانتفاضة، وإنها «قالت إنّها أساسية في انطلاق الانتفاضة، وكلّ الفصائل تُسلّم بدور حركة فتح»، كاشفاً أنّ الاتصال مع «فتح لم يكن مقطوعاً يوماً».
وعلى غرار اللقاء مع «فتح»، يوصف اللقاء مع «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» بأنه استثنائي في تلك المناسبة. وقالت مصادر قريبة من «الجبهة الشعبية» لـ«الشرق الأوسط» إن مسؤولي الجبهة عادة ما يلتقون مع مسؤولين في «حزب الله»، ضمن تواصلهم الدائم مع بعض الأحزاب في لبنان، وليس مع أمين عام الحزب.
وقالت المصادر إن اللقاء الأخير الذي أعلن عنه نصر الله «حضره مسؤولون في الجبهة جاءوا من خارج لبنان، وجرى فيه تبادل أفكار حول المواجهة مع الاحتلال بعد قرار ترمب الأخير، وأن المواجهة لن تكون بالخطابات فقط، ويجب أن تكون ضمن استراتيجية شاملة بمختلف الأدوات التي تحدث عنها نصر الله مراراً في خطاباته الأخيرة».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.