الثمار الروسية في سوريا... كسب الحرب لا يعني الانتصار

بوتين ووزير دفاعه لدى زيارتهما قاعدة حميميم الشهر الماضي (إ.ب.أ)
بوتين ووزير دفاعه لدى زيارتهما قاعدة حميميم الشهر الماضي (إ.ب.أ)
TT

الثمار الروسية في سوريا... كسب الحرب لا يعني الانتصار

بوتين ووزير دفاعه لدى زيارتهما قاعدة حميميم الشهر الماضي (إ.ب.أ)
بوتين ووزير دفاعه لدى زيارتهما قاعدة حميميم الشهر الماضي (إ.ب.أ)

مطلع ديسمبر (كانون الأول) 2017، أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جولة كبرى في الشرق الأوسط وزار ثلاث دول، هي تركيا وسوريا ومصر. اللافت أن جولة بوتين في الشرق الأوسط تزامنت مع إعلانه عزمه الترشح في الانتخابات الرئاسية عام 2018. في ظل هذه الظروف، كان من المهم بالنسبة للرئيس الروسي استغلال فعاليات الجولة لتذكير المواطن الروسي بـ«نجاحات» الدبلوماسية الروسية بقيادة بوتين. وبالفعل، نجح الرئيس الروسي في تحويل جولته إلى حدث لافت للأنظار. وخلال زيارته لسوريا، أعلن بوتين الانتصار أمام الإسلاميين الراديكاليين، وبدء الانسحاب العسكري الروسي من البلاد. وبناءً على هذا الإعلان، نرى من الضروري طرح تقييم للنتائج الحقيقية للوجود الروسي في سوريا عام 2017.
يمكن النظر إلى تشكيل شراكة ثلاثية بين موسكو وطهران وأنقرة وبناء منصة آستانة للتفاوض باعتبارهما الإنجازين الرئيسين للدبلوماسية الروسية في سوريا. وجاء الحوار بين الدول الثلاث انطلاقاً من عدد من الحاجات العملية والاعتبارات البراغماتية لدى كل من الدول الثلاث. وبحلول نهاية 2017، بدا واضحاً أن التعاون الثلاثي بين روسيا وإيران وتركيا يخدم مصالح الأطراف الثلاثة بالفعل.
من جهتها، نجحت أنقرة في استغلال هذه الصيغة التعاونية في التعبير عن قلقها بخصوص دور الأكراد المتنامي في الصراع السوري. كما نجحت تركيا بالفعل في الحد من تدفق اللاجئين السوريين على أراضيها وبناء «مناطق نفوذ سنية» داخل سوريا، بالتعاون مع موسكو وطهران. على الجانب الآخر، تمكنت إيران من ضمان نفوذها فيما يتعلق بالعمليات السياسية داخل سوريا، بجانب استعانتها بمساعدة روسية لبناء ما وصف بأنه جسر بري من طهران إلى بيروت.
أما روسيا، فكان من المهم للغاية بالنسبة لها استغلال هذا التحالف الثلاثي في بناء اتصالات مع المعارضة المسلحة لبشار الأسد، الأمر الذي حققته بالفعل بمساعدة تركيا، وإلزام كل من إيران وتركيا بالتزامات مختلفة تضمن إبداءهما قدراً أكبر من المرونة خلال مناقشة مبادرات روسية لتسوية الصراع في سوريا.
في الوقت ذاته، تدرك موسكو تماماً أن مثل هذا التحالف وليد ظروف معينة، وليس دائماً. عليه، فإنه ينبغي استخدام لفظ «تحالف» هنا بحرص شديد. في الواقع، تتبع روسيا وإيران وتركيا آراء مختلفة تجاه سوريا ما بعد الحرب، ولكل جانب أهدافه الخاصة داخل البلاد. ومع هذا، فإنها وجدت نفسها مضطرة للتعاون مع بعضها البعض سعياً وراء تحويل إنجازاتها العسكرية في سوريا إلى مكاسب سياسية، ومحاولة إطلاق عملية سياسية داخل سوريا بناءً على الشروط الموائمة للدول الثلاث. من دون ذلك، لن تتمكن أي منها من الاضطلاع بهذا الأمر بمفردها، وستفوق التكاليف المتفاقمة للوجود العسكري في سوريا أي مكاسب حالية.

محادثات آستانة ومستقبلها
ومع هذا، جاء نجاح عملية آستانة جزئياً فقط. كان المشاركون في اجتماعات آستانة خلال 2017 أخفقوا في تحقيق أي تقدم ملموس في إطلاق حوار سياسي مستدام بين الأطراف المتناحرة. بيد أنه في المقابل، نجحت المفاوضات في إقرار مناطق خفض التصعيد والحد من مستوى إراقة الدماء على الأرض. وعليه، أصبحت الصيغة التي أقرت في آستانة منصة مهمة لتسوية قضايا عسكرية وأخرى تتعلق بوقف إطلاق النار، في الوقت الذي تبقى مسألة التسوية السياسية حكراً على عملية جنيف. وبذلك يتضح أن منصتي آستانة وجنيف تحولتا إلى مسارين تفاوضيين يكملان بعضهما البعض، وليسا متعارضين.
ومع ذلك، فإنه في أعقاب إطلاق عملية آستانة، سرعان ما أدركت موسكو عيوبها: ذلك أن الانضمام إلى تركيا وإيران لم يكن كافياً لتسوية الأزمة السورية، ناهيك عن نشر إجراء وقف إطلاق النار في كامل أرجاء البلاد. ولذلك، نشطت موسكو خلال 2017 في بناء اتصالات مع أطراف إقليمية أخرى، ودعمت مفاوضات في القاهرة وعمان لإقرار وقف إطلاق النار في الغوطة الشرقية وراستان وجنوب سوريا.
إلا أن هذه الخطوة الروسية خلفت تداعيات مثيرة للجدل. من ناحية، ساعدت المفاوضات في القاهرة وعمان في تحقيق استقرار في الموقف على مستوى البلاد. وجاء فحوى ما تمخضت عنه المفاوضات متناغماً مع إطار عمل اتفاقات مايو (أيار) 2017، وإن كانت هذه المفاوضات منفصلة بوضوح عن عملية آستانة. من ناحية أخرى، أثارت الاتصالات الروسية ـ الأميركية أثناء محادثات عمان قلقاً بالغاً داخل إيران إزاء إمكانية أن تحل المفاوضات الجارية في الأردن محل عملية آستانة التي تتمتع إيران بنفوذ فيها. لكن هذه المخاوف تراجعت تدريجياً عندما شرعت روسيا في استغلال منصة آستانة في التأكيد وإضفاء الشرعية على قرارات جرى اتخاذها في عمان والقاهرة، مشددة على أن مفاوضات الأردن ومصر من المفترض أن تجذب عناصر إضافية نحو عملية التسوية السياسية في سوريا من أجل إطالة أمد عملية آستانة، وليس الحل محلها.
وعليه، أدت تحركات موسكو خلال النصف الثاني من عام 2017 إلى تحويل المفاوضات حول سوريا إلى منظومة متعددة المستويات. وما تزال عملية جنيف على رأس المنظومة باعتبارها منصة التفاوض التي تضفي الشرعية على جميع القرارات المحورية المرتبطة بسوريا، بينما يتمثل المستوى الثاني في عملية آستانة، التي ينبغي النظر إليها باعتبارها منصة تفاوض وسيطة تعين على تعزيز فاعلية محادثات جنيف من خلال استثناء القضايا العسكرية منها. بجانب ذلك، تساعد آستانة في فرض وإضفاء الشرعية على القرارات التي تتمخض عنها محادثات القاهرة وعمان، والتي تشكل بدورها المستوى الثالث من المفاوضات.

الرحيل عن سوريا؟
أثناء زيارته القاعدة العسكرية في حميميم في إطار جولته في الشرق الأوسط في ديسمبر (كانون الأول) 2017، أعلن بوتين انتصار روسيا في مواجهة تنظيم داعش، وبدء انسحاب تدريجي للقوات الروسية من سوريا. وليست هذه المرة الأولى التي يعلن الكرملين عزمه سحب قواته من سوريا، إذ في مارس (آذار) 2016 أعلنت روسيا بالفعل عزمها إنهاء عملياتها العسكرية في سوريا بدعوى أنها أنجزت. لكن بدلاً عن إعادة القوات الروسية إلى أرض الوطن، تورطت روسيا على نحو أعمق في الصراع الدائر في سوريا. ومع هذا، تبدو روسيا عاقدة العزم هذه المرة على الوفاء بوعدها مع تبدل الموقف داخل سوريا على نحو واضح.
في الواقع، تنظر روسيا إلى تحرير الموصل والرقة (المعقلين السياسي والآيديولوجي لتنظيم داعش) من جانب تحالف محاربة الإرهاب بقيادة الولايات المتحدة، علاوة على النجاحات التي حققها جيش الأسد في دير الزور وفي شرق سوريا باعتبارها نصراً حاسماً أمام «داعش». والاحتمال الأكبر على صعيد المستقبل المنظور أن تبدأ روسيا وإيران وتركيا عملية مشتركة ضد جماعة «تحرير الشام» داخل ما يطلق عليه إدلب الكبرى، ثم تقسيمها إلى مناطق نفوذ. ورغم أن هذا لا يعني نهاية الصراع المسلح في سوريا، فإنه بالتأكيد سيصبح أقل حدة.
جدير بالذكر أنه نتيجة الجهود الروسية والإيرانية، لحق ضعف كبير بقوات المعارضة غير الراديكالية أمام الأسد. واليوم، أصبحت هذه القوات على درجة أقل من الاستعداد للاستمرار في القتال عن ذي قبل. أيضاً، طرأ تحول على المزاج العام للمجتمع السوري في الفترة الأخيرة، ذلك أنه بعد مرور ما يقرب من سبعة أعوام على الصراع الدموي المدمر، اكتسبت قضايا السلام والاستقرار أهمية أكبر بكثير عن مشكلات السلطة والنظام السياسي المستقبلي. وبالتالي، فإن المرحلة الحالية من الصراع لن تتطلب الكثير من الوجود الروسي على الأرض.

البقاء داخل سوريا
مع هذا، ينبغي التنبيه هنا إلى أن روسيا تنسحب من الصراع المسلح فحسب، وليس الأزمة السورية ككل، بل على النقيض تنوي موسكو الاستمرار داخل سوريا لفترة طويلة. والملاحظ أنه خلال نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، تكثفت الجهود الدبلوماسية الروسية. ولم تنشط روسيا في مناقشة إمكانية تسوية الصراع مع الولايات المتحدة وعدد من دول الشرق الأوسط فحسب، وإنما بعثت كذلك بإشارات إلى الأسد بخصوص استعدادها لمساعدة دمشق في عملية إعادة الإعمار بعد الحرب.
وعليه، زار دميتري روغوزين، نائب رئيس الوزراء الروسي، دمشق، لمناقشة مشاركة شركات روسية في إعادة إعمار سوريا مع الأسد. وكشفت هذه الخطوة بدورها أن روسيا تعي جيداً أهمية اللحظة الراهنة لمستقبل وجودها بالبلاد.
ومع أن نظام الأسد المدعوم من روسيا بمقدوره اليوم اعتبار نفسه المنتصر في الحرب الأهلية، فإن هذا لا يضمن وجوداً مستقراً وآمناً لموسكو داخل سوريا ما بعد الحرب. المعروف أنه خلال الفترة النشطة للصراع المسلح، كانت المساعدات العسكرية للنظام السوري هي التي منحت موسكو نفوذاً داخل دمشق. لكن مع الانتقال إلى مرحلة ما بعد الحرب، تتراجع أهمية العامل العسكري باستمرار، ما يفسح الطريق أمام الجوانب المالية والاقتصادية للتعاون. ولا تزال هناك شكوك فيما إذا كان الاقتصاد الروسي المتداعي سيتمكن من إمداد موسكو بالموارد اللازمة لإطلاق عملية إعادة الإعمار. واللافت أن روسيا لم تبد في عجلة من أمرها بخصوص الإعلان عن استعدادها للمشاركة في عملية إعادة إعمار سوريا بعد الحرب. وجاءت زيارة روغوزين لدمشق فقط بعد محادثة هاتفية جرت بين الأسد ونظيره الإيراني حسن روحاني في 25 نوفمبر. وخلال لقائهما، شدد روحاني على أن إيران «على استعداد للمشاركة بنشاط في إعادة إعمار سوريا». وجعلت هذه التصريحات من زيارة روغوزين أمراً حتمياً، ذلك أنه كان من الضروري لموسكو أن تظهر أنها لن تتقهقر إلى موقع خلف طهران داخل سوريا ما بعد الحرب.
وبسبب محدودية مواردها، تحاول موسكو الحفاظ على أهميتها بالنسبة لدمشق عبر المسار الدبلوماسي من خلال الاضطلاع بدور نشط في صياغة العملية السياسية لتسوية الصراع. في الوقت الحالي، تركز موسكو جهودها الدبلوماسية على العمل مع الدول التي تملك نفوذاً على الأرض داخل سوريا.
وعليه جاءت الزيارة التاريخية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز إلى موسكو في أكتوبر (تشرين الأول) 2017؛ أكدت روسيا أهمية تشكيل جبهة معارضة موحدة لتمثيل القوى المناهضة للأسد خلال اجتماع جنيف التالي. وعليه، عقد لقاء لهذه الجبهة بالفعل داخل الرياض نهاية نوفمبر. وفي الوقت ذاته، كثف الكرملين مشاوراته مع طهران وأنقرة لمناقشة الوضع حول عفرين وإدلب ومستقبل مناطق خفض التصعيد. أيضاً، تولي موسكو اهتماماً منفصلاً لتهدئة المخاوف الإيرانية والتركية إزاء ولاء روسيا تجاه شريكيها. كان لقاء بوتين وترمب، والاجتماعات الروسية المتكررة مع مسؤولين إسرائيليين والصمت الروسي تجاه استفتاء الاستقلال داخل كردستان العراق قد أثاروا مخاوف من أن روسيا تتحرك نحو التخلي عن إيران داخل سوريا.
لذلك، أصدر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في نوفمبر 2017، بياناً حول شرعية الوجود العسكري الإيراني داخل سوريا، يحمل في طياته إشارات إلى تل أبيب مفادها أن الكرملين يولي اهتماماً لتعاونه مع إيران لا يقل عن اهتمامه بالتعاون مع إسرائيل. أيضاً، جمد الكرملين الاستعدادات الجارية لعقد مؤتمر الحوار الوطني السوري الذي شكل محاولة لتعزيز أهمية المعارضة شبه الرسمية ودمج الأكراد فيها، سعياً نهاية الأمر لتعزيز مواقف جماعات المعارضة الموالية لموسكو في جنيف. إلا أن الاجتماع أرجئ من أجل التخفيف من حدة المخاوف التركية إزاء مشاركة الأحزاب الكردية كقوى مستقلة.

التحديات القادمة
رغم ما سبق، ما تزال روسيا بعيدة تماماً عن إبقاء العملية السياسية في سوريا تحت سيطرتها الكاملة. ومع أنها قد تبدو جيدة على الورق، فإن بعض المبادرات الروسية لا يجري دوماً تنفيذها بنجاح على أرض الواقع. على سبيل المثال، كان من المفترض أن يساعد الاجتماع الثلاثي لرؤساء روسيا وإيران وسوريا في 22 نوفمبر 2017، الدول الثلاث، في الحد من التوترات القائمة بينها، والعمل على صياغة موقف مشترك إزاء مستقبل العملية السياسية في سوريا. ومع هذا، لم تتحقق هذه الأهداف على نحو كامل.
وبينت المشكلات التي تواجه روسيا أنه رغم الدور المحوري لها في عملية التفاوض بخصوص سوريا، فإنه من الواضح أن مواردها وقدراتها ليست على المستوى المطلوب. في المقابل، لا تبدو أي من إيران أو تركيا على استعداد للاضطلاع بدور ثانوي في عملية التفاوض، الأمر الذي اتضح خلال المحادثات رفيعة المستوى الأخيرة. وربما تتمثل النتيجة الأهم لهذه المحادثات في إرجاء عقد مؤتمر الشعب السوري في سوتشي، الذي كان مقرراً له بادئ الأمر مطلع ديسمبر (كانون الأول) 2017، لأجل غير مسمى. وفي تلك الأثناء، يبدو أن كل ما يربط الدول الثلاث مصالح ظرفية وتشابهات تكتيكية، وليس أهدافاً استراتيجية مشتركة. ويكشف هذا بدوره أن أي طرف سيسعى لصياغة العملية السياسية لتسوية الصراع السوري سيواجه تحديات خطيرة لن يكون من السهل التغلب عليها.
إضافة لذلك، ثمة مشكلة أخرى تواجه موسكو وتدفعها نحو العمل بسرعة ـ شعورها باليأس. بمرور الوقت، يبدو واضحاً على نحو متزايد أن الأسد نجح في البقاء في السلطة، ومن غير المحتمل أن تتمكن أي قوة من إجباره على الخروج من الرئاسة، ناهيك عن إقناع النظام «البعثي» بالمشاركة في حوار وطني بالمعنى الحقيقي.
من جانبهما، أعربت مستشارة رئيس النظام السوري بثينة شعبان ونائب وزير الخارجية فيصل المقداد بالفعل عن تشككهما إزاء جدوى عملية التفاوض تحت رعاية الأمم المتحدة. ويتمحور الموقف السوري الرسمي حول فكرة ضرورة عقد أي مفاوضات مع المعارضة فقط بعد «إنجاز نزع تسليح» الأخيرة وضمان «عدم تدخلها في الشؤون الداخلية للبلاد».
تبعاً لهذه الرؤية، فإن الحوار الوطني الشامل الذي ينبغي أن يرسم ملامح مستقبل الدولة السورية سيتحول إلى مفاوضات بين طرف منتصر وآخر مهزوم. أما موضوع التفاوض فيدور حول وضع تعريف لحدود دمج المعارضة في الكيانات الواقعة تحت سيطرة الحزب «البعثي»، شرط أن تلتزم بجميع مطالب دمشق. وتنظر القيادة الروسية لدورها هنا باعتبارها قوة وسيطة قادرة على التأثير على النظام السوري. وحتى التوصل لتسوية لا يعني بالضرورة بالنسبة للمعارضة السورية أن النظام لن يحاول معاقبة خصومه بعد إلقائهم السلاح.
وتكشف نتائج الصراع المسلح السوري أن النظام بمعاونة حلفائه نجح في الفوز في الحرب، لكنه عجز عن تحقيق السلام وتسوية المشكلات التي أدت لاشتعال الأزمة في المقام الأول عام 2011.
* نيكولاي كوزانوف ـ زميل باحث في «تشاتام هاوس» بلندن ومحاضر في الجامعة الأوروبية في سان بطرسبورغ
* ليونيد إيسايف ـ محاضر لدى المدرسة العليا للاقتصاد التابعة للجامعة الوطنية للبحوث، موسكو، روسيا
*خاص بـ«الشرق الأوسط»



محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.